الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أولمرت بيرتس وحسابات اليوم التالي للحرب

محمد السهلي

2006 / 8 / 11
الارهاب, الحرب والسلام


يبدو أن أسئلة اليوم التالي للحرب بدأت تطل بعلامات استفهامها الكبيرة أمام أنظار الحكومة الإسرائيلية ومؤسستها الأمنية، وعلى نحو خاص رئيس الحكومة أيهود أولمرت، الذي كان قبل 12/7، مندفعاً في سعيه المحموم للانعتاق من ظل شارون وتقديم نفسه زعيماً قادراً في مرحلة ما بعد «الرجل القوي»، وإذ به يصرخ مشيراً إلى صورة سلفه «أنا.. هو».
وطيلة فترة العدوان على لبنان، كان أولمرت يضرب أخماساً بأسداس قبل الموافقة على اقتراحات الثنائي أحادي الخبرة العسكرية (بيرتس ـ حالوتس) بتوسيع العمليات العسكرية البرية، والتسريع بتنفيذ مراحلها المتتالية كما وضعتها هيئة الأركان، وبدا الانقسام واضحاً في الرأي بين أولمرت والثنائي المذكور الذي يكبت إلى الآن ملاحظات سجلها على رئيس الحكومة.
فبيرتس يلاحظ باستياء بالغ لجوء أولمرت إلى مشورة وزير الاتصالات الحالي ووزير الدفاع السابق، شاؤول موفاز ويقدم اقتراحاته على رأي وزير الدفاع الحالي. وحالوتس يعاني من مؤشرات منافسة قوية من قبل جابي أشكنازي، الذي تم تعيينه مؤخراً مديراً لوزارة الدفاع، وهو كان خاض منافسة قوية أمام حالوتس في محاولة فاشلة لانتزاع منصب هيئة الأركان الذي نجح الأخير بالوصول إليه.
المأزق الرئيس الذي تعانيه الحكومة الإسرائيلية يكمن في الوضع المتناقض الذي تمثله ثنائية متقابلة يشكلها المشهد القائم: أهداف سياسية كبرى ومن رزمة واحدة من جهة، وفشل عسكري في الميدان أجمله محللون عسكريون في النقاط الآتية.
1- استمرار قصف الكاتيوشا على مدن شمال إسرائيل والتهديد الجاثم إلى الآن بقصف تل أبيب.
2- عدم إنهاء المرحلة الأولى من العملية العسكرية، والتي ربما لن تنتهي حتى ولو تمت السيطرة على «قطاع أمني» في الجنوب اللبناني.
3- تفاقم الخلافات بين الأجهزة المختلفة حول تقييم سير العملية العسكرية والوقت المخصص لها، في ظل المساعي الدبلوماسية النشطة للإعلان عن وقف إطلاق النار.
أمام هذا الوضع المعقد، حاولت هيئة رئاسة الأركان في الجيش الإسرائيلية تدارك الوضع من خلال تكليف نائبها موشيه كابلينسكي بالإشراف العملياتي على الجبهة الشمالية «في محاولة أخيرة لضبط الجبهة هناك» كما يستخلص محللون عسكريون إسرائيليون.
العسكريون الذين تقلدوا حقائب مدنية في حكومة أولمرت يراقبون تطورات الوضع القائم بفم مغلق وعيون مفتوحة، وإلى أن يحين وقت الكلام مع انقضاء «الوقت العصيب» تكون جعبتهم قد امتلأت بسهام النقد اللاذع، ويبدو أن معظم الفواتير المطلوب تسديدها، إنما توجه إلى عنواني أولمرت وبيرتس دون أن ينجوا منها بالطبع رجال المؤسسة العسكرية المهددون فعلياً «بنزع نياشينهم».
وقبل طرح ضرورة تعديل المشروع الفرنسي ـ الأميركي حول لبنان، كان الحديث في الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية يتركز على ضرورة مواجهة «الوضع العصيب» لكن بعد طرح التعديل من غير جهة دولية مؤثرة، برز الحديث عن استحقاقات اليوم التالي للحرب. وبدأت تبرز قراءات مختلفة للخسائر التي تكبدتها إسرائيل. وفي ظل غياب «الانتصار المنشود» فإن المحاسبة ستكون عنواناً بارزاً في المعادلة السياسية والحزبية الإسرائيلية التي تتميز أطرافها بانتهازية عالية.
الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحاكم يحظى بثقة سبعين نائباً في الكنيست من أصل 120، واعتبرت في حينها أغلبية مريحة، وهذا صحيح في الأوضاع العادية، لكنها الأغلبية الأدنى التي تحظى بها حكومات تخوض حروباً. ففي العالم 1967 شكلت حكومة نالت ثقة 111 نائباً. وعلى الرغم من عدم دقة المقارنة بين الحالتين، لكن الملاحظ أن الأغلبية المريحة لحكومة أولمرت كانت تواجه احتمالات تقلصها في الشهرين الأولين لتشكيلها، وعلى خلفية الخلاف على قضايا برنامجية داخلية. مثل قانون الخدمات الاجتماعية، وقانون الضرائب وغيرهما.. ومن المنطقي التفكير بأن هذه الأغلبية معرضة ربما للانهيار أمام مواجهة استحقاقات الخسائر الاجتماعية والعسكرية والاقتصادية لحرب نشبت مع تنظيم مقاوم أتقن إدارة الحرب مع «الجيش الذكي» وأثخنه هنا.
هنا يلحظ دور واشنطن التي راهنت على قطاف ثمار نصر إسرائيلي لتجد نفسها أمام دور الحامي والمغطي على الهزيمة الإسرائيلية قياساً بالأهداف المعلنة للحرب على لبنان. ويتوقع المتابعون أن يتعاظم الدور الأميركي على الصعيد السياسي والدبلوماسي من أجل الحصول على مكاسب سياسية من خلال الضغط والتهديد، وربما الترغيب، على أطراف دولية تفكر جدياً بالإلتفات إلى المصالح اللبنانية على ضوء ما تبدى من توافق سياسي لبناني واتساق عربي مع البنود السبعة التي تضمنتها خطة الحكومة اللبنانية، وعلى ضوء نجاح المقاومة اللبنانية في إلغاء المعادلات التي حكمت الحروب التي شنتها إسرائيل على امتداد العقود السابقة.
أولمرت ـ بيرتس، ثنائية واهنة تجلس على منصة إدارة المؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية في ظروف بالغة التعقيد، ثنائية وصفت من قبل أوساط سياسية إسرائيلية بـ«الفم الكبير» الذي يطلق التصريحات النارية التي تتحدث عن إنجازات يأتي اليوم التالي ليؤكد عدم تحقيقها. بعض المراقبين يشبه هذه الثنائية بأخرى مثل (باراك ـ بيريس) التي أطاح بها شارون تحت شعار «دعوا الجيش ينتصر».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق.. رقصة تحيل أربعة عسكريين إلى التحقيق • فرانس 24


.. -افعل ما يحلو لك أيام الجمعة-.. لماذا حولت هذه الشركة أسبوع




.. طفلة صمّاء تتمكن من السمع بعد علاج جيني يجرّب لأول مرة


.. القسام: استهداف ناقلة جند ومبنى تحصن فيه جنود عند مسجد الدعو




.. حزب الله: مقاتلونا استهدفوا آليات إسرائيلية لدى وصولها لموقع