الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا والعراق بعد قمم بايدن الاخيرة (الجزء الثاني)

سامي عبدالقادر ريكاني

2021 / 7 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


واقع العراق واقليم كوردستان بعد القمتين

اكثر الاحتمالات ان الملف العراقي سيكون لايران دور كبير فيه وبموافقة امريكية خاصة اذا ما قبلت بالمفاوضات حول ملفها النووي، والتزمت بالمحافظة على المصالح الامريكية واخذت بتوجهاتها في قضايا عدة بعين الاعتبار، ومع قناعتنا بانه حتى اذا لم يتفقا فانه لن يكون هناك اي استهداف عسكري امريكي لايران خاصة ان الاتفاق على النووي الايراني لاينظر اليها ادارة بايدن سوى كونه كسبا سياسيا داخليا للديمقراطيين ولادارته وكونها ذريعة لارغامها لتلتزم بتوجهاتها، ومع ان التوصل الى اتفاق هذه المرة ستكون صعبة الا انها ستتحقق في نهاية المطاف.
ولكن لحين التوصل الى ذلك الاتفاق ستتعرض المنطقة والعراق بالاخص الى حالة خاصة من عدم الاستقرار، وافراز نوع اخر من الصراعات بسبب استراتيجية ادارة بايدن الجديدة، ونيتها اعطاء دور لايران ايضا في المنطقة مقابل صفقات بعضها سرية واخرى علنية، كما تفعلها مع تركيا وتريد ان تفعلها مع المجموعة العربية مستقبلا ايضا وكما هي الحال ايضا مع روسيا التي تريد ان تتفق معها على بعض النقاط الهامة وتفسح لها المجال لتدير جوانب من الصراع الدائر لمصلحتها مقابل التنازل عن بعض النقاط الجوهرية التي تمس المصلحة الامريكية بصورة مباشرة او غير مباشرة .
وحسب رؤيتي للواقع الدولي والاقليمي واخيرا العراقي، بعد قمم بايدن الاخيرة فان الحرب بالوكالة عبر الايديولوجيات الدينية باعطاء قياداتها ادوارا مهمة في ادارة منطقة ومستوى معين من الصراع هي الابرز والاكثر وضوحا، وستكون انجح سياسة لترويض الجميع بعد ازتنزاف طاقاتهم المادية والبشرية،ركضا وراء اغراءات المشاركة مع امريكا في كسب المصالح، واغواءهم بفسح المجال لخيالهم بان تشعر بان حلمهم الامبراطوري بدا يتحقق وبانهم على وشك استرجاع امجادهم القديمة، والتي هي ليست سوى سراب في اخر الطريق، وفي النهاية سيكون الرابح الاكبر امريكا والصين اولا وثم وروسيا والاتحاد الاوروبي ثانيا، الذين سيتفقون في النهاية على اخر الية لادارة الاقتصاد العالمي.
وخلافا لما يتصوره البعض حول العداء الايراني الامريكي، فاننا نرى بان امريكا مهتمة بدور ايران الى حد بعيد، فعدى اهمية مكانتها الاقتصادية لامريكا فانها ايضا تستفيد من قدراتها وخصوصيتها العرقية والدينية في ضبط التوازنات في المنطقة بين المحاور الايديولوجية الاخرى التركية والعربية، بل انها استعانت بها منذ البداية في ادارة دفة الحكم في العراق قبل وبعد 2003، ومن ثم سلمت زمام الاموراليها نهائيا في 2011، ومن ثم تعاونت معها لتشريع قانون الحشد في العراق وقدمت منحة مالية شهرية ودعما عسكريا لهذه الفصائل لدحر داعش بعد ان وصل الاخيرالى اسوار بغداد.
اضافة الى ذلك فلامريكا مخاوفها من التقرب الايراني الروسي من جهة وكذلك من تعاونها الاخير مع الصين لايصال مشروعها "خط الحرير" من اسيا الوسطى الى افغانستان وايران ومن ثم تمريرها عبر العراق لتصل الى سوريا على سواحل البحر الابيض المتوسط، كما لها طمع ومخاوف من نفوذها في اسيا الوسطى لما لها من اهمية في تغيير المعادلات التي ربما سيحتاج اليها امريكا في مواجهة المد الروسي والصيني او في ضبط التوازنات بين القوى الفاعلة هناك، كما اعطت دورا لتركيا هناك وفي اوروبا ايضا، فبالمقابل انها تنوي فسح المجال لايران ايضا لتدير كحليف او منافس لبقية حلفائه جزءا من خبوط هذا الصراع المستقبلي، وذلك لنفس الاسباب اعلاه و للضغط على روسيا في المفاوضات حول مستقبل المنطقة ومنعها من التقرب الى الصين.
كما ان نفوذ ايران في المنطقة وخاصة في العراق وسوريا واليمن والخليج ولبنان وافغانستان واسيا الوسطى عموما ذات ركيزة عقائدية عابرة للقوميات والوطنيات، وكلها تاتمر باوامرها تقريبا، فالتعاطي مع هكذا دولة او مرجعية يعطي ضمانات اكيدة لانجاح اي اتفاق معها، كما ان محاولة ترويضها عبر القوة الناعمة او العصا والجزرة ستكون اكثر اهمية من اعلان الحرب عليها، كما ان لامريكا حاجة اليها في ادارة الصراعات التي بدات تحصل في اسيا الوسطى.
ومن ثم فان امريكا لا تعتبر العراق من اولوياتها بل لها عقدة الشعور بالخطا حين غزتها في 2003 لانها خسرت فيها ترليونات من الدولارات ولم تستفد منها حتى الان، وانها تريد الاهتمام بها كورقة ضغط على الاطراف لمتصارعة ولترتب بها اوراق اخرى في المنطقة، فكل ما اعتقد بانها ستفعله في العراق هي ضرب القوات المنفلته للردع فقط، حتى لا تتمادى في استهداف قواتها في المنطقة، والا فانها غير عازمة على انهاء دورها بل ستترك ذلك للشعب العراقي وسياسييها ودول المحور كايران تركيا ودول الخليج والاحزاب الداخلية لتقرر مصيرها.
بل النقطة الاخطر الذي اشعر بانه سيحصل مستقبلا في اللقاء المرتقب للكاظمي في واشنطن بان من الملفات التي سيتباحثون حولها هي مصير القوات الامريكية المتواجدة في العراق بدل التباحث حول النفوذ الايراني في العراق، واعتقد بانهم سيتكلمون عن ايجاد مخرج والية لسحب القوات الامريكية من العراق مع الابقاء على التعاون والمساعدة والدعم في المجالات الاخرى ومنها المشورة الامنية والعسكرية وليس مستبعدا بان يتفقوا في هذا اللقاء على سحب جزء من هذه القوات كخطوة اولية ، مع وضع تسلسل زمني للانسحاب الكامل لهذه القوات في المستقبل، وهذا يشير الى ان الادارة الحالية عازمة على سحب يدها من العراق وتركها لحلفائها، وهكذا ستخرج منها بدون وصف انسحابها بالهروب وهذا اقصى ما يهم الادارة الجديدة وهي النصر السياسي اما حل مشكلة العراق فلم تبقى من اولوياتها .
ولكن الى ان يتفق الامريكيون مع القيادات الايرانية، فلابد من وضع بعض الترتيبات على الارض تحسبا لاي تحول غير متوقع في خارطة القوى المتواجدة على الارض بحيث تمنع اي تمكين لنفوذ ايران في المنطقة وضمان سيطرتها على زمام الامور بصورة منفردة وتخرج الامور من بين ايديها وتصعب الامر عليها قبل تحقيق مرادها في اجبارها للدخول في المفاوضات معها، وتحسبا لمنع هكذا احتمال فكان على امريكا ارخاء الحبل لتركيا لتتدخل اكثر في المنطقة لمواجهة النفوذ الايراني باسم عضوية حلف الناتو كما انها تحاول دفع تركيا للتفاوض مع الاطراف العربية لايجاد ارضية مناسبة لارجاع السنة الى العملية السياسة عبر مساعدة ودعم اطرافها الفاعلة داخل العملية السياسية العراقية حتى تاخذ بزمام امورها في المناطق التي تعتبر تابعة لها في العراق وكذلك في سوريا، كما دفعت بالاطراف الاوروبية ايضا للتواصل مع تركيا لتوحيد صفوفها في مواجهة خطر اكبر على مستقبل الناتو ومصالح دولها امام الغزو الاقتصادي الصيني والاحتكار الروسي لمصادرالطاقة واسواقها ومنها الغازية على وجه الخصوص وطرق نقلها ومصادر اخراجها.
اذا مالذي نتوقعه للعراق في الايام المقبلة ؟
اكثر الاحتمالات ان البقاء في اللعبة باي ثمن هو الهاجس الذي يشغل الاحزاب العراقية وقياداتها بعد ان فقدت بوصلتها في التعاطي مع الادارة الامريكية الجديدة التي لم توضح لحد الان برنامجها بخصوص العراق، فالاحزاب العراقية وقعت في حيص بيصة ولا تدري ماذا تفعل، فتتسائل هل ان ادارة الجديدة ستتخذ خطوات حقيقية ضد ايران والجماعات التابعة لها في العراق ام ستعيد الكرة مرة اخرى بان تسلم ملفها اليها كما فعلت في 2011 في عهد اوباما؟، وتتسائل هل حقا امريكا تتعامل مع ايران كعدو ام هذا مجرد وهم في عقول البسطاء؟،وهل ان امريكا ستبقى في العراق ام انها عازمة على المغادرة بمجرد ايجاد الفرصة السانحة كما فعلتها في افغانستان؟.
وفق هذه الضبابية القاتمة لمستقبل العراق وقرب موعد الانتخابات فان جميع الاحزاب العراقية ستلجا الى تبني الاستراتيجية الحمائية للبقاء في السلطة عبر الدخول في تحالفات عابرة للمسميات التي كانت تحتمي خلفها من قبيل المصلحة القومية اوالوطنية اوالطائفة بل المصلحة الحزبية وحتى الشخصية هي فوق كل الاعتبارات وفوق كل المصالح والقيم الاخرى وهذا التفكير هو الذي يفرض وجوده في عقول وخطط واستراتيجيات تلك الاحزاب في المرحلة الحالية، وفي نظرهم هي اضمن وسيلة للبقاء في اللعبة والاحتفاظ بمكانتهم في السلطة.
وفي هذه الحالة فان ادارة اللعبة في العراق ستكون في نطاق الفاعلين الرئيسيين من الاحزاب العراقية الكبيرة ، عربا وكوردا، شيعة وسنة، ولا مكان للاحزاب الصغيرة لتلعب دور المعارضة بل ان ضمان بقائها هي الدخول في احدى هذه التحالفات والرضا بالفتات الذي سيرمى اليهم من قبل الكبار، لذلك سنرى ونراه الان بان هناك تحركات جادة من قبل الاحزاب الكبيرة لتشكل التكتلات العابرة لهذه المسميات سواء للتعويل عليها قبل الانتخابات او بعد الانتخابات ، فمثلا نرى حوارات ولقاءات تجري بين الاحزاب الكوردية والشيعية والسنية لتشكيل التكتل الاكبر للاستحواذ على المناصب الرئيسية في العراق وبما يضمن لهم البقاء محتفظين بمكانتهم في صنع القرار السياسي العراقي، فمثلا هناك تقارب ومفاوضات جارية بين جماعة الصدريين من الشيعة والنجيفي من السنة والديمقراطي الكوردستاني لتشكل كتلة كبيرة موحدة ومن المحتمل دخول جماعات من الشيعة الموالين للمرجعية العراقية وممن يسمون با(لمرجعيون) اليهم، اما المحور الاخر فيحاول تشكيل كتلة اكبر يضم كل من الاتحاد الكوردستاني وجماعة العامري من الشيعة وجماعة خميس الخنجر من السنة، وينظر الى انه ربما ستنضم اليهم الشيعة الموالون لايران والذين يسمون با(لولائيين).
ومن المهم الاشارة الى ان اي من هذه التحالفات ليست بالضرورة ان تكون هي الصيغة النهائية بل هي في طور المباحثات وربما تتغير في اي لحظة، ولكن ذكرنا لهذا الحديث هي من باب تسليط الضوء على قتامة الموقف الذي يمر به الاحزاب العراقية جراء ضبابية الموقف الامريكي من الملف العراقي.
وبالنتيجة فان تنشيط التحركات العسكرية على الارض من قبل الفئات المنفلتة كجماعة الولائيين من الشيعة وخلايا داعش على مستوى العراق اضافة الى استمرار عمل حزب العمال الكوردستاني في المناطق المتنازع عليها وفي شنكال واقليم كوردستان ستزداد في المرحلة القادمة ولا احد سيحسم امرها مما ستسبب بمزيد من التوترات الامنية والتخريب في مجالات عدة وستتبعها تعميق الخلافات بين الاحزاب العراقية وتدخلات اقليمية اكثر في الشان العراقي من النواحي السياسية والامنية والاقتصادية، مما سيؤدي الى مزيد من الفساد والتدهور الاقتصادي واستحالة الاصلاح.
والذي سينهي هذا الوضع هي احدى النتيجيتين: اما اتفاق امريكي ايراني حول الصيغة التي ستدار العراق من خلالها او اتفاق اقليمي برضى دولي حول نفس النتيجة ، وفي كلا الحالتين فان الحكومة المقبلة لن تكون الا بصيغة توافقية لان بدونها لايحصل اي توافق يرضي جميع الاطراف الاقليمية والدولية وبالنتيجة معناها اعادة توزيع الادوار بين نفس الفاعلين الرئيسيين من الاحزاب العراقية وبالنتيجة بقاء الوضع على ماهو عليه خاصة القضايا المتعلقة بالمصلحة الوطنية والمواطنين والاقتصاد وتوفير الخدمات العامةوتغليب المصلحة الشخصية والحزبية على اي مصلحة اخرى، وبقاء العراق في دوامتها بدون اي اصلاح مرتقب لاي شان من شؤنها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا