الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارض المتجوله

عدلي عبد القوي العبسي

2021 / 7 / 9
الادب والفن


الارض المتجوله عمل فني سينمائي صيني ضخم مأخوذ عن روايه الكاتب ليو تشي سين
اتى في لحظه تاريخيه اوشك فيها الصينيون على الوصول الى الصداره
عالميا في الاقتصاد والانتاج والقوه والابداع
ومع هذا العمل الفني الرائع الذي ظهر في العام 2019 واخرجه الشاب جوه فان تجدهم يقتحمون ابرز مجالات التفرد ورمز الابهه والهيبه الحضاريه
وهي السينما الاميركيه التي كانت احدى رموز الهيبه والابهه والابهار واحدى علامات التفوق الحضاري الاميركي
و قد اختار الصينيون البدايه من الخيال العلمي وعلى طريقه الاثاره الهوليوديه نفسها
استخدام تكنولوجيا التصوير والابهار البصري بما فيه الرقمي بمايصنعه من المؤثرات البصريه المدهشه
وقد حاز الفيلم على جوائز عالميه وايرادات ضخمه ومراتب متفوقه ونال استحسان الكثير من النقاد في الغرب والشرق وفي الداخل الصيني و في اوساط الصحافه الصينيه و النخبه المثقفه
لكنه ايضا لقي انتقادات منطقيه كثيره وتعرض ايضا لسوء النيه والتشويه المقصود في بعض الاوساط الاعلاميه والفنيه في الغرب ربما بدافع الغيره لا اكثر !!

كالعاده عند الصينيين يبدأ كل شئ بالتقليد
هذه المره فكروا ان يقلدوا في مجال سينما الخيال العلمي بانتاج فيلم يوازي ان لم يتفوق على افضل افلام الخيال العلمي الامريكيه
يطرح انتاج هذا الفيلم اسئله كثيره في اذهان مشاهديه
هل كان فيلم الارض المتجوله فيلما هوليووديا ولكن ليس من هوليوود ؟!
هل هو فيلم هوليوودي بنكهه صينيه ام هو فيلم صيني بنكهه هوليووديه ؟!!
اميل انا الى الرأي الاخير
فهو مشبع في رسائله وافكاره بالقيم الصينيه وينطلق من بيئه اجتماعيه صينيه متخيله في المستقبل
واراد ان يقدم رؤيه مضاده لنزعه الاميركو مركزيه التي كانت تصور اميركا على انها البلد نمبر ون الذي باستطاعته ان ينقذ البشريه من اي كوارث كونيه مهدده للحياه او على الاقل يأخذ زمام المبادره في قياده معركه البقاء ومواجهه الكوارث والتخفيف من اثارها سواء كانت كوارث طبيعيه ناتجه عن تغير المناخ او كويكب مدمر قادم او اوبئه او مخلوقات فضائيه او ارهاب عالمي او حرب عالميه مدمره او تمرد الروبوتات اوغيرها من الثيمات السائده في ادب الخيال العلمي وفي فن سينما الخيال العلمي
كيف فعل الفيلم ذلك !؟
من خلال تقديم فكره التفوق الصيني التكنولوجي القادم في المستقبل ومن خلال الاشاره الى ان زمام المبادره في التصدي للمهمات الكونيه الصعبه سينتقل الى ايدي الصينيين عما قريب
فهم القاده المستقبليون لكوكب الارض بحكم تفوقهم الحضاري القادم لامحاله
وهو التفوق الذي يبدأ الان والذي نلمسه في مطلع العام
2020
فما يفعله الصينيون على ارض الواقع في كل المجالات في عصرنا هذا هو اقرب الى ما نشاهده في هوليود من ملاحم اسطوريه سينمائيه
يشدد الفيلم على فكره ان الصين هي منقذ الارض وليس اميركا
من خلال مجموعه من الابطال الصينيين المبدعين والشجعان
رأيي الخاص هنا انه في هذا الجانب ينزلق للاسف الى نوع من المبالغه في دور الفرد والمجموعه القليله كما يفعل المؤلفون الاميركيون الرجعيون
بما يناقض حقيقه البطوله الشعبيه والانجاز الجماهيري للبروليتاريا وهي الحقيقه الموجوده في الواقع الصيني والثقافه الصينيه التقدميه الحديثه
فالشعب الصيني بمجموع قواه وامكانياته الهائله هو من يصنع المعجزات وهذا ما اكدته مآثر تاريخيه راهنه كالانطلاقه الاقتصاديه الضخمه و الزحف الطويل وجائحه كورونا
ولكن نقول انه فيلم صيني من خلال التأكيد في احداث قصه الفيلم ومشاهده على الالتزام الجماعي من قبل القاده الابطال وجموع الناس واظهارهم احترام صارم لقرارات ( الحكومه العالميه الموحده )
وهنا تأكيد على تمسك الصينيين بالديموقراطيه الكونيه والنزعه الانسانيه الحقيقيه بعيدا عن الاكاذيب الاميركيه التي تدعي النهج نفسه !
والفكره هنا في الفيلم ارى انها تنتمي الى الاشتراكيه العلميه وليست من بنات افكار ايديولوجيا متخلفه لحركه رجعيه تهدف الى انشاء حكومه عالميه تعكس تسلط القله الثريه المتفوقه عرقيا !! على شعوب العالم او لمدرسه فكريه سياسيه لا ترى عيبا في حكم الطبقه البورجوازيه الامبرياليه للعالم وان هذا العيب ينتفي بمجرد ان ترتدي نخبه هذه الطبقه ثوب الانسانيه البراق !!
ايضا نرى جانبا اخر من الفيلم هو اظهار الجوانب الانسانيه الشخصيه في ثنايا الاحداث والتركيز على بقاء قيم العائله وهي النكهات او البهارات التي اعتاد الاميركييون على اضافتها الى افلامهم الضخمه لابعاد المشاهد عن الملل والرتابه باسلوب الاثاره العاطفيه ولتحقيق غرض اخر ايضا هو تقديم الاميركي كمواطن على انه مفعم بالانسانيه والايمان ومتمسك بقيم العائله ومحب لوطنه وشهم وشجاع
في مقابل الاخر الذي يفتقد الى هذه الصفات
فالصينييون هنا ارادوا الرد واخراس لسان جماعه هوليوود مؤلفين ومخرجين
وتذكيرهم بشجاعه الشرقي خصوصا الصيني و تمسكه بالقيم وتماسك مجتمعاته وامتلاكه انبل الصفات عل عكس ما تزعمه
التصورات العرقيه اليمينيه التافهه لجهابذه السينما الاميركيه التي تستبطن خرابيط الاورو مركزيه وادبيات الاستعمار وخرافات الرجل الابيض و تخاريف كتبهم المقدسه المحرفه ونظرتها العرقيه العنصريه عن الاخر التي تجعل من تلك القيم المزعومه فارغه المحتوى وزائفه وعباره عن قشره خارجيه براقه

هكذا ارى هذا الجانب في الفيلم ولا ارى انه جاء من قبيل التقليد مجرد التقليد واضافه البهارات والاثاره لزوم الترويج في السوق وجذب المشاهدين على غرار ما يفعله الاميركيون كما قد يظن المشاهد
يبقى الشئ الاخير الذي اود تناوله هو ان فكره خياليه مثل فكره تحريك كوكب الارض بمحركات دافعه جباره ونقله عبر مسافات شاسعه تقارب 4.5 سنه ضوئيه الى خارج منظومته الشمسيه انقاذا له من تمدد الشمس المتوسعه التي ستقوم بابتلاعه وابتلاع مداره خلال مائه عام !!

هي فكره مبالغه في الشطط حد البلاهه
وغريبه كل الغرابه !!!
ولست ادري من اين اتت فكره ان الشمس ستبدأ رحله التحول الى عملاق احمر بعد عقود قليله من الزمن !!
رغم ان مصيرا فيزيائيا كهذا يتوقع العلماء حدوثه في غضون خمسه مليار عام ولا يعرف الى الان متى يبدأ استنفاد الشمس لوقودها الهيدروجيني حتى تبدأ في هذه العمليه طويله الاجل !!

ثم ما هي هذه التقنيات الجباره التي ستكون موجوده في العام 2060 والتي سيكون بمستطاعها البشر قادرين على تحريك كوكب باكمله كما لو كان سفينه فضاء عملاقه !!
هذا بعيد كل البعد عن توقعات علم المستقبليات الذي يضع حدودا معقوله للتوقع في قدرات السيطره التكنولوجيه للبشر وقدرتهم على ترويض الطبيعه وتطويعها واخضاعها
لا شك ان وضع مثل هذه الحدود المنطقيه مهم من اجل تجنب الشطط والشطح
من اجل هذا ارى ان هذا العمل قد لا يكون هو الممثل الحقيقي للخيال العلمي الصيني
في بلد المنهج العلمي و الابداع و التفكير الراقي
او نقول لعلها البدايه وهكذا هي عاده البدايات دائما ما تأتي بلهاء !
لكن عموما العمل يستحق الاعجاب و الاشاده لانه احدى العلامات البارزه على دخولنا في عصر جديد
تتموضع فيه الصين كدوله عظيمه قائده لمسيره البشريه نحو الحضاره الحقه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا