الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجماهير ، الثورات ، النخب العاجزة و الطامحة ، سقوط الشعارات و الايديولوجيات

مازن كم الماز

2021 / 7 / 9
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


نظرتنا تجاه الغرب عن جد غريبة ، غير متوازنة بالمرة ، و بشكل من الأشكال إشكالية و فهمها مو صعب لكن هذا الفهم على سهولته مربك بل و مزعج … إننا نطالب الغرب بما لا نطالب به لا آباءنا و لا الهتنا حتى أن الإسلاميين وكلاء الله الحصريين على الأرض يطالبون الغرب بما لا يطالبون به الله الذي خلقنا و وكلهم أمورنا و الذي سيعاقبنا جميعًا و أولنا الغرب على كفرنا و إلحادنا بالههم ، لا تتوقف القصة عند مطالبتنا المستمرة للغرب بحل مشاكلنا كلها ، بكل أنواعها ، سياسية اقتصادية اجتماعية إلى التخلص من خصومنا الذين نعجز عن مواجهتهم أو التخلص منهم و أخيرًا و ليس آخرا إطعامنا ، إننا نشعر بأن هذا حق لنا على الغرب و أولنا إسلاميونا و قوميونا جماعة الأمة الخالدة إياها و التي يتسولون اليوم باسمها ، هذا كله بينما نواصل في نفس الوقت التعبير المستمر عن الكره و الحسد و الحقد تجاه هذا "الأب" ، كره و حقد لا نمارسه تجاه آباءنا الحقيقيين الذين لا نطالبهم بعشر ما نطالب به أبانا الذي في الغرب … إننا نقدم أنفسنا للعالم أي للغرب ككائنات عاجزة لا تملك أية قدرة على الفعل و متحررة تمامًا من أية مسؤولية عن حاضرها و مستقبلها ، نقدم أنفسنا فقط كمشاكل على العالم ان يحلها ، لكننا نصر و بشدة في نفس الوقت على تمسكنا بأوهام و اهلاسات شخص عاش قبل ألف و خمسمية عام في مواجهة هذا ألعالم أو هذا الأب الذي نكرهه و نكاد نعبده في نفس الوقت ، في الحقيقة لا يوجد أي منطق في هذا التمسك بهلوسات محمد غير خوائنا المطلق الذي نضطر لنملأه بأي شيء مهما كان سخيفًا و غبيا ، خاصة إذا كان سخيفًا و غبيا …… كيف يمكن أن يكون هذا ، كيف لنا مثل هذا ؛ أن نكون في مثل هذا الحضيض دون أدنى رغبة حتى في الخروج منه … أكيد أن الغرب بمزاعم سياسييه و مفكريه خاصة تلك السائدة و الرسمية بعد الحرب العالمية الثانية هو مسؤول جزئيًا عن هذه الأوهام التي ننسبها إليه و عن تلك النظرة الشاذة له و لأنفسنا ، إن رغبة هذا الغرب ، بالتحديد نخبته السياسية و الفكرية و الاقتصادية و المالية في استمرار "قيادة" العالم و التحكم بمقاديره و خطاب هذه النخب القائم على شعارات و مزاعم حقوق الإنسان ، مسؤول بلا شك عن أوهامنا تلك و عن ما يرافقها من اجترارنا لعجزنا و تفاهتنا ، أكيد أنه ليس غبيا أن تستفيد نخبنا و حتى ما تسمى بالجماهير من فرصة كهذه في الحصول على حياة سهلة و مريحة دون أي تضحيات أو حتى نقطة عرق ، في أن تحاول النخب السياسية و الثقافية العربية و الإسلامية أو المسلمة الاستفادة من هذا الواقع لصالحها ، لهذا ليس غريبًا أن تجد أن أكثر من ينتقد الغرب اليوم و يهيل عليه التراب صباح مساء يعيش في أحضان هذا الغرب و يعتاش على دعم من إحدى مؤسساته بل و يتنافس على هذا الدعم مع خصومه من أبناء بلده و غيرهم من أبناء البلدان المتخلفة التي تصبح مع كل يوم عبئًا على العالم او الغرب … لكن هذا لا يعفينا من عجزنا و بالتأكيد لا يعفينا من هبلنا ، لم تعد النخب المثقفة و السياسية خاصة المعارضة و تلك التي تنادي بالتغيير ، تخاطب شعوبنا أو مجتمعاتنا أو جماهيرنا ، إن جمهورها الفعلي اليوم هو النخبة الليبرالية الأكاديمية و المؤسساتية في الغرب و من ورائها الحكومات و النخب الحاكمة في الغرب ، إن ما تطمح إليه نخبنا هو التنافس على دعم هذه المؤسسات المخصص لها و لأمثالها في أنحاء العالم و من ثم أن تفوز بتمثيل "شعوبها" أمام هذه المؤسسات و الحكومات … تذكرنا نخبنا هذه و يذكرنا ناشطو هذه الأيام بأعضاء اللجان المركزية للأحزاب الشيوعية الستالينية و نصف الستالينية العربية و العالمثالثية و هم ينعمون بضيافة "الشقيق الأكبر أو الأخ الأكبر" على حساب بروليتاريا تلك البلاد ، لقد حل ناشطو هذه الأيام مكان أولئك القادة الثوريين و هم يؤدون اليوم نفس الدور الذي لعبه قادة و كوادر و مثقفو تلك الأحزاب في الماضي القريب … صحيح أن العلاقة مع "الأخ الأكبر" اليوم تتميز بهامش أكبر للنقد و المناورة لكننا أمام نفس المضمون و نفس الدور ، أمام نفس الإرث "النضالي" … هذا يشير بكل أسف أيضًا الى أن أفق التغيير أو حتى التقدم مسدود فعلًا في بلادنا ، لا أحد يتحدث اليوم عن أي تغيير أو تقدم ، فقط عن الوصول إلى السلطة بمساعدة داعم خارجي قوي ، سلطة ستبقى معتمدة دومًا في استمرارها على ذلك الداعم … إن نظام طالبان الذي يستقتل القطريون و الباكستانيون لفرضه اليوم على الأفغان لا يمكنه حكم الأفغان و لا إطعامهم و لا إطعام عسكره أنفسهم بدون دعم مستمر و هائل من قطر و باكستان ، إنه في هذا لا يختلف عن نظام نجيب الله الذي لم يكن قادرًا على الاستمرار للحظة بدون الدعم السوفيتي غير المحدود و الذي سقط بسقوطه … إن سلطة من يسمون أنفسهم معارضين للأسد في ادلب و قبلها في أكثر من نصف الأراضي السورية لا تختلف في هذا أيضًا عن نظام الأسد ، كلاهما يعتمد تمامًا على الدعم الخارجي و كلاهما أكثر فسادًا من الاخر ، كلاهما اختطف الناس الذين يحكمهم كرهائن و أسرى ليحصل على دعم ما خارجي يمنحه القدرة على الاستمرار … و على ذلك قس أيضًا حكومة حماس في غزة مع سلطة فتح في رام الله ، 8 و 14 آذار في لبنان ، الخ الخ … كل القضية هي في النجاح في الفوز بدعم طرف خارجي قوي و خدمة أغراضه الإستراتيجية … أما الحديث عن الجماهير هنا فهو ذو شجون ، فلكل حزب و لكل تيار و لكل مثقف و سياسي أو إعلامي معروف و منتشر "جماهيره" , الماركسيون ، القوميون ، الإسلاميون ، الليبراليون ، الجميع ، جميعهم يقصدون "جماهيرهم" هم فقط في كل مرة يذكرون فيها كلمة جماهير ، و على الفور يبدؤون بالتحدث باسمها، يريدون "توعيتها بمصالحها" ، و يستعدون لقيادتها , و بالمقابل لا تضم هذه "الجماهير" كل المهمشين ، إطلاقًا ، إنها تضم فقط من يطمح هؤلاء ليكونوا قاعدة نظامهم القادم و شبيحته و حماته ، لا يحتاج احد إلى أكثر من ذلك القدر الضروري من الجماهير ، و بالتالي فإنهم يعاملون كل المهمشين الموجودين خارج "جماهيرهم" تمامًا كما يعامل النظام الأسدي الخارجين عليه … ليس هذا فحسب ، لقد كنت أعتقد أني على الأقل واحد من الجماهير ، صحيح أني لست من جماهير أي تيار أو حزب أو أي مثقف أو أي سياسي معروف لكني أكره الطغاة و أحلم بعالم بلا سجون و عندما كان علي الاختيار لم أختر الطغاة بل حاربتهم بما استطعت كما أزعم ، لكن بمجرد أن تبدأ بالتفكير بشكل مستقل أو مختلف حتى تجد "الجماهير" نفسها و كل من يتحدث باسمها و كل من يتشدق بالحرية و قد أخذ يشتمك ، يكفرك ، يخونك ، و يطالب برأسك ، أي نفس ما يفعله الطغاة عمليًا … إحدى أسوأ مفاجآت الثورات العربية هو انهيار أو حتى السقوط الحر لمعظم إن ليس لكل المثقفين و المعارضين ، إن السرعة التي انحط بها هؤلاء إلى خطاب انتهازي يتمسك بأي شيء فقط من أجل الظفر بالسلطة و تنكرهم لكل الشعارات التي رفعوها سابقًا و قدرتهم الغريبة على تزييف كل شيء ليوافق مصالحهم هم تحديدًا ، مهارتهم في فعل ذلك و انحطاطهم إلى مستوى الأنظمة التي كانوا ينتقدوها مثيرة للدهشة ، لكن للحقيقة لم يكن هؤلاء أفضل ممن سبقهم و لن يكونوا أسوأ ممن سيأتي بعدهم ، كانت أية سلطة يحوزون عليها مهما كانت تافهة و في أي مجال ، كانت تحولهم بسرعة إلى جلادين و قضاة و سجانين و إلى مشعوذين و منافقين تمامًا مثل من يبرر استبداد الأنظمة التي يريدون الحلول مكانها … إن جزءا كبيرًا من نجاح الثورات المضادة يعود لأن المعارضات العربية عجزت عن أن تقدم أي نموذج أفضل من الأنظمة التي كانت تعارضها و انتهت إلى خطاب خشبي جدانوفي ( نسبة للرفيق جدانوف منظر الواقعية الاشتراكية و الذي أعطى الخطاب الخشبي الغوبلزي الستاليني شكله النهائي ) … ليس هذا فحسب ، بل إن قراءة متأنية لتاريخ الثورات تكشف أنها كانت وليدة سوء فهم أو إشاعات أو حوادث و مبادرات فردية تتكرر كل يوم لكنها في لحظة ما عرت عجز السلطة و عقمها و عجز أجهزة قمعها و أدت إلى إنهيارها بأقل قدر من الجهود و الضحايا قبل أن يستفز ذلك صراعًا مريرًا على العرش الشاغر بانتظار صدفة غريبة قادمة و لحظة عابرة أخرى … خلافًا للأسطورة السائدة ليست الثورات نتيجة نهوض عام ، إنها انفجارات تصنعها ظروف أو حتى صدف غبية و تافهة في معظم الأحيان … من المشكوك فيه حتى اليوم أن ينجح البشر في إبداع حالة تقوم على الحرية فعلًا أو على درجات متقدمة من الديمقراطية المباشرة ، إن السلطة أقدر من الخمر على اللعب بأكبر الرؤوس و قدرتها لا تقاوم على تحويل أي إنسان إلى طاغية بلمح البصر ، بعد أن ملأ المعارضون السوريون الأكثر ليبرالية الدنيا ضجيجًا عن المجالس المحلية و إبداعات الجماهير المتمردة سرعان ما تجاوزوا كل ذلك إلى الحديث عن دولة مركزية و عن هوية جامعة تقوم عليها سلطة قادمة بكل ما تعنيه كلمة سلطة ، هوية إلزامية ، إلزامية بكل ما تعنيه الكلمة من إكراه و قمع و تهميش ، و لم يمر وقت طويل حتى بدأ من يتخيل أنهم الجماهير بممارسة قمع لا يقل سطوة و همجية عن قمع المستبدين السابقين … باقية و تتمدد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟