الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الحرب لعبــة ؟ مهزلة سقوط صدّام !!

عبد الفتاح مرتضى

2003 / 5 / 10
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


                                                     هل الحرب لعبــة ؟     1                   مهزلة سقوط صدّام !!  

كل التحليلات العسكرية والميدانية تؤكّد ان قوة صدّام في ألوية الحرس الجمهوري والالوية الخاصة .وكعراقي أعلم أنَّ قوّته في بعض هذه الالوية التي تعتبر العصب الرئيسي لحماية نظامه كاللواء 17 المدرَّع الذي يعتبر أفضل لواء مدرَّع في الشرق ألأوسط  . .ومعلوماتي مُستندة الى بعض الجنود الذين تحدَّثوا عن أنواع التدريبات الخاصة والمستمرة يومياً وبمعدّل دورة تدريبية جديدة كلَّ شهر على وسائل القتال بمختلف أنواعه وظروفه وبمعدّات متطوِّرة جداً معتمدين على خِبرات أجنبية في التدريبات وخطط القتال  . . .ألخ .
فاذا علمنا أنّه في الثمانينات قد أصبح عدد ألوية ألحرس ألجمهوري ثلاثون لواءً ، ولنفترض أنه تم تقليصه في التسعينات إلى الثلث، أي أصبح عشرة ألوية فقط ، وتم توزيع بمعدَّل لواء لكل محافظة في الجنوب والشمال وهي البصرة والناصرية والنجف وكربلاء والموصل وكركوك ، فهذا يعني أنّه ترك (4) ألوية في بغداد لحمايتها . .هذا عن الحرس الجمهوري العادي ، فماذا عن الحرس الجمهوري الخاص ؟!! ماذا عن الدبّابات والمدَّرعات والآليات وألأسلحة الخاصة المتطوّرة ألأخرى ؟
وإذا إفترضنا أن ألحرس ألجمهوري العادي قد ترك ملابسه العسكرية ليرتدي ملابس مدنية ويهرب ، لكنّ في حالة الحرس الجمهوري الخاص فانه مستعد للقتال حتى آخر نفس لسببين اولهما واجبهم العسكري وثانيهما حبِّهم لصدّام!
فأين هذه ألألوية الخاصة ومعدّاتها ؟!!
لقد عرفت أميركا أنها ستخسر الكثير في هذه الحرب ، وأنَّها ستدخل في أوحال فيتنام عراقية جديدة ، وبدلاً من الوصول الى بغداد في ثلاثة ايام فقد وصلوها في ثلاثة أسابيع ، ومن الواضح أنّهم ( أي الجانب ألأميركي ) قاموا بعملية تبادل مع نظام صدّام بوساطة بعض الدول ( روسيا وفرنسا خصوصاً ) ، هذا التبادل يكمن بأن يرحل صدّام  مع أركان نظامه المهزوم وألإرهابي مقابل إعلان نصر قوات التحالف . .وبذلك تسجِّل أميركا إنتصاراُ وهمياً كاذباً تدّعي فيه ألإنتصار مقابل تحالف مخادع وإشتراك في جريمة أخرى هي والدول التي تحالفت معها في إنقاذ صدّام ونظامه . .هذه الجريمة هي إشتراكها بالسر والعلن في إنقاذ مجرم إرهابي مطلوب وطنياً(عراقياً) ثم دولياً  . .
وإذا صحَّ هذا ألإستنتاج ، فمن حق الشعب ألعراقي فضح هذه ألإتفاقية الخديعة وتعرية الحقائق وتقديم كلَّ من ساهم بها الى محكمة الجزاء الدولية ،فمن غير المعقول أن تترك القاتل يهرب بل وتفتح له الطريق لذلك . .
أمّا عن نظام صدّام وأين يُمكن أن يختفي فليس لدينا سوى دليل واحد واضح . .فقد طلبت روسيا بعد بدء الغزو ألأميركي للعراق بأن تمنحها بعض الوقت للضغط على صدّام بالرحيل ولتتوقف الحرب، وفي ألأسبوع الثالث للحرب يرحل سفير روسيا في موكب كبير الى سوريا ويتعرض الموكب لإطلاق النار ويصاب عدد من الوفد بضمنهم السفير الروسي نفسه  . .
وإذا علمنا أنَّ عائلة صدّام وبعض المقرَّبين له قد رحلوا الى دول غربية في فترة سابقة للحرب،فهل لحق بهم صدّام أيضاً ؟
إذا صحَّ هذا ألإستنتاج فإنّه يعني إشتراك كل من روسيا وفرنسا وأميركا وبريطانيا في إنتشال إرهابي ومجرم مطلوب عراقياً ودولياً في سبيل مصالحهم الخاصة  . .ألأموال لروسيا وفرنسا وألإنتصار الكاذب لأميركا وبريطانيا
فأين هي الحقيقة ؟!!

د .عبد ألفتّاح مرتضى
هاميلتون- كنــدا
1- نيسان – 2 003

************************************

                         هل الحرب لعبة؟    2   
                       مهزلة سقوط بغداد

قلنا سابقاً أنَّ سقوط بغداد كان بإتفاق بين أطراف عديدة تستفيد من هذه اللعبة .لعبة الحرب!! أو القطّ والفأر . .صدّام وعائلته بأموالهم للخارج وإنتصار أميركا الوهمي . . وهو ليس دليل فقط على أن أميركا لم تنتصر بل لأنّها لم ترغب في إطالة أمد الحرب والخسائر الكبيرة التي ستمنى بها في حال حصول ذلك ، خصوصاً إذا علمنا مدى إستعداد الحرس الجمهوري والخاص وفدائيّو صدّام للموت دفاعاً عن مبادئهم مقابل عدم إستعداد الجندي ألأميركي للموت بل للعيش بعد الحرب للإستفادة ممّا تكسبه الحرب من نتائج مادية في معظمها . .
لذلك فإنَّ ألإنتصار ألأميركي وهم ومهزلة وضحك على ذقون شعوب بكاملها أوّلها الشعب ألأميركي . .
مهما كان ألإتفاق السري بين أميركا والدول ألأخرى بضمنها دولاً مجاورة للعراق على خروج صدّام وعائلته مقابل ألإعلان للإنتصار الوهمي،فإنَّ أميركا لابد وأن تتراجع عن إتّفاقها السرّي هذا ولسبب واحد لا غير،أنّها لا تريد فضح خططها السابقة والمستقبلية في العراق والشرق ألأوسط التي أدّاها صدّام ونظامه المقبور بأمانة،لذلك ستسعى جاهدة لإغتيال هذه العائلة المقيتة واحداً تلو ألآخر معلّلين ذلك بأساليب وقصص إستخباراتية عالية الجودة والحبكة وكأنَّ ألأمر مجرّد حوادث عابرة لا علاقة لها بخطط ألإدارة ألأميركية . .
وما يسجّل على غباء صدّام ثلاث مواقف:أوّلهما حربه مع إيران وماكان يعتقده بعد ألإشارة من أميركا بأنَّ حربه معها لن تدوم إلاّ لأيّام ، وفي هذا يثبت غباءه وطاعته العمياء لتنفيذ ألأوامر الصادرة إليه من ألإدارة ألأميركية دون تمحيص ، وثانيهما غزوه للكويت بعد ألإشارة ألأميركية بعدم التدخّل ، وثالثهما ألإتّفاق ألأخير لرحيله بدون ضجيج إعلامي ممّا يجعل الخطط ألأميركية قابلة للتعديل طالما لا تعرف الشعوب عنها شيئاً . .
لقد أكّدت ألإدارة ألأميركية قبل الغزو ألأخير أنّها ستلاحقه حتّى وإن رحل ، وهذا يعني صدق النوايا ألأميركية بتصفية كل عملائها في المنطقة حتّى وإن إتّفقت سرّاً معهم خوفاً من إفتضاح خططها وكشفها للرأي العام . .
فالمعارك كانت تدور حول بغداد وأطرافها وبالذات في منطقة الدورة والمطار وأبو غريب ، مقابل عدم وجود معلومات واضحة عن المعارك في الجنوب الشرقي ، وفجأة نجد القوات ألأميركية في مركز بغداد ( ساحة الفردوس- الجندي المجهول سابقاً )وتُسقط تمثالاً لصدّام معلنة سقوطه مقابل إختفاء كل أنواع المقاومة وأركان نظامه بالكامل بشكل مفاجيء !!!!  ماذا حصل ؟!! كيف إستطاعت هذه القوّات تجاوز كل تلك المسافة من جنوب شرق بغداد الى مركز العاصمة دون مقاومة تذكر ؟!!!
وجود دبّابتان على جسر الجمهورية تقصف مواقع حكومية في جانب الكرخ . .ماذا حصل بعدها ؟؟!! أين إختفت كل قوّات الحرس الجمهوري الخاص وفدائيّو صدّام وأعضاء حزب البعث وألأجهزة ألأمنية والمخابراتية والشرطة ؟!! من أصدر أوامره للإنسحاب فوراً ؟ ولماذا ؟
هناك سرّ حصل ليلة التاسع من نيسان . .وإفتضاح أمر هذا ألإتّفاق السرّي هو في قيام القوّات ألأميركية بإسقاط تمثال صدّام صباح التاسع من نيسان وفي منتصف بغداد تحديداً !!وكأنّها تعلن بشكل نهائي سقوط النظام!!كيف علمت بذلك ؟ ومن قرّر هذا ألأمر؟ وماهي المبرّرات والدلائل؟؟ هل أعلن صدّام تنازله عن السلطة أم سلّم نفسه أم أعلن رسمياً عن إلقاء القبض عليه أو إعلان مقتله؟
كلّ هذا لم يحصل . .والذي حصل هو فيلم هوليوودي عرض لجميع أنحاء العالم بإسقاط تمثال لصدّام معلنين سقوط صدّام ( تمثالياً ) !!!وهذا يدعو لمناقشة أنّ سقوط التمثال ليس كسقوط صاحبه . .وهو عمل إستعراضي يتمثّل بسقوط صورة-شخص رئيس النظام وليس الشخص نفسه  . . .وهو عرض فنّي أكثر منه حقيقي . .
فاللعبة – الفيلم إنتهى . .لكنّ بطل اللعبة – الفيلم مايزال حيّاً . .لكنه ( كأيّ ممثل ) يختفي عن الجمهور(المتفرجين)وتظل الصورة – التمثال في ذاكرة الجمهور فقط . .وإذا عرفنا ما لهوليوود من براعة في صياغة ( حبكة ) أفلامها ،فلا نستغرب إن شارك بعض أعضاء المخابرات ألأميركية في صياغة هكذا قصّة . .
إنّ هذا ألإختفاء المفاجيء للنظام وجيشه الخاص وحرسه ومسؤوليه وأجهزته القمعية بكل أنواعها في ليلة واحدة يعني أنَّ اللعبة قد تمّت في الليل أو عند الفجر يليها فيلم سقوط التمثال . .
وبشكل عام ، فنحن كعراقيين مسرورين جدّاً لسقوط صدّام ونظامه ألإرهابي الدموي ،لكن في المقابل فإنّ هكذا لعبة درامية تعني أنّ قوّات الغزو ماتزال تلعب لعبتها في العراق وإنّ المستقبل لن يكون كما يطمح إليه الشعب العراقي ، بل وفق مصالح وأهواء وإملاءات أميركية إجبارية لأيّ حكومة قادمة . .وألأيّام القادمة ستكون خطيرة جدّاً فيما يخصّ الشعب العراقي ، فأميركا ستفرض قوانينها وقراراتها على مجمل الحياة العامة في العراق ، بضمنها رموزها التي ستفرضهم على المدن العراقية بألإكراه ، وما ألإنفلات في بعض المدن من قبل أشخاص لم تقرّهم أميركا مدعاة لصراعها القادم ضدّ أيّ رمز وطني مستقلّ غير مرتبط بألأوامرألأميركية  . .وهي – أي ألإدارة ألأميركية – تتحاشى التصادم مع هذه الرموز المستقلّة لأنّها تعني تشويه صورة نصرها الموهوم المزيّف أوّلاً ، وثانياً أنّها ستواجه مقاومة حقيقية هذه المرّة ، أي أنّها ستدخل في وحل فيتنام عراقية حقيقية ، وهذا ما لا تريده ألإدارة ألأميركية أبداً . .فهي حينما تتغافل عمّا يحصل في بعض المدن العراقية لا يعني أنّها غافلة عمّا يحصل أو قابلة به ، وإنّما لا تريد سرقة ألأضواء على نصرها المزيّف لتدخل في حرب حقيقية هذه المرّة . .
وهذا يوصلنا الى أمر واحد مهم وهو أنّ أميركا مهما بلغت قوّتها العسكرية وألإقتصادية والتكنولوجية إلآّ أنّها غير مستعدّة لأن تخسر . .فهي تستطيع أن تشتري كلَّ شيء بما فيه الرؤساء والملوك والنصر العسكري أيضاً ، فهو تأريخ أميركا في موضوع البيع والشراء لكلّ شيء حتّى الدول والحكومات . .فلا نستغرب أنّها قامت بشراء نصرها في العراق مقابل بيعها لنظام صدّام لمن يرغب .!!ولا ندري كيف ستكون خططها للنظام الجديد ، ولو أنّنا لا نستبعد أنّها ستفرض مَن تريد وتُبعد من لا ترغب به بأيّ وسيلة من مثل مساندة ألإرهاب أو أيّ تسمية مهما كانت ، فالمهم هو في فرض نظام حكم تابع لها لا يختلف كثيراً عمّن سبقه ، عدا تغيير الوجوه وبعض ألأساليب لا غير . . .

 

د .عبد الفتاح مرتضى
هاميلتون – كندا
22/4/2003

************************************
هل الحرب لعبة ؟             3
                                 أميركا
               من الديكتاتوريات الى الديمقراطيات !!!

لا يخفى على احد ان كل القادة العرب بلا إستثناء هم من جيل فترة الديكتاتوريات التي بنتها الولايات المتحدةفي منطقة الشرق الاوسط وهم بالتالي تابعين لها فيما لو إستثنينا حالات نادرة جداً كسوريا مثلاً التي لا تتبع النظام الاميركي لكنها تتحكم بها الديكتاتورية بدون إستثناء عن باقي الدول العربية .وهذا يعني ايضا ان الشعوب العربية لم تتنفس الديمقراطية طوال حياتها السابقة سواء في فترة الحكم العثماني او الاحتلال المباشر او الاستعمار غير المباشر والمقصود به انظمة حكم عربية الوجه وغربية الصنع  .سؤالنا هو ماالذي جعل الولايات المتحدة الاميركية تخضع الشعوب العربية لقادة ديكتاتوريين ولفترة  طويلة تصل الى نصف قرن تقريبا؟
السبب الرئيسي ان هناك عدة اسباب اوّلها واهمها الصراع السابق بين الكتلتين الجبارتين في العالم وهما الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق ،وكلاهما كانا يتصارعان في سبيل االسيطرة على منطقة الشرق الاوسط ومحاولة وضع نفوذ لهما باي شكل او بآخر وموطيء قدم ثابتة راسخة في المنطقة  .وكانت الحرب بين هذين الجبارين تتوزع على مناطق العالم كله بلا استثناء . وحاولت اميركا دس عملائها ومنحهم نفوذ كبير للسيطرة على مقاليد الحكم في كثير من دول العالم ومن ضمنها المنطقة العربية، بينما كان السوفييت يحاولون اختراق هذه المناطق من خلال منافسة السوق الاميركي في السلاح سواء بالاسعار او النوعية او بمعاداة تلك المنطقة لاميركا او من خلال احزابها التي تشكلت في المنطقة العربية او المناطق الاخرى وهي الاحزاب الشيوعية والتي تتبع بشكل اعمى مايصدر من موسكو من تعليمات وقرارات وتوجيهات ليتم تنفيذها من قبل هذه الاحزاب في دولهم .
وبشكل خاص في المنطقة العربية التي ينتشر فيها الدين الاسلامي بشكل خاص اضافة الى التقاليد القديمة والعريقة الثابتة والراسخة في المجتمعات العربية من ناحية المفاهيم الاخلاقية والسلوكية للمجتمعات المحافظة وهو مايتنافى مع توجهات الاحزاب الشيوعية هذه التي اقرت عدم ايمانها بوجود اله وهو مايتعارض مع معظم الاديان بلا استثناء وبذلك وجدت الولايات المتحدة ثغرة تستطيع من خلالها النفاذ في الطعن بمصداقية الاتحاد السوفيتي في هذه المنطقة بالذات وفي المناطق التي تمثل فيها الاكثرية المسلمة في شتى بقاع العالم  . ومن خلال هذه النقطة بالذات استطاعت الولايات المتحدة وحلفائها من التغلغل الى داخل الجسد الروسي  نفسه وهي نقطة الايمان بالله من خلال شعارها محاربة الالحاد والكفر الذي يمثله الاتحاد السوفيتي .
 بالمقابل ثمة عوامل سوفيتية كانت برفض عوامل الرفاه وهو مايتعارض مع النفس التوّاقة للسلوك البشري بشكل عام ،بالمقابل فقد كانت المغريات سواء في اميركا او اوروبا الغربية فيما يخص الرفاهية لمواطنيها تجعل الشعوب الاخرى تبتعد عن افكار الاتحاد السوفيتي وتقترب اكثر من نمط الحياة الغربية  .
وبشكل عام فان القوتان بلا استثناء سواء الاميركية(الغربية) والسوفيتية لم تخلق غير الديكتاتوريات في المناطق التي استطاعت السيطرة عليها، وبهذا تكون كل الشعوب التي سقطت تحت ايديهما قد حكمها نظام ديكتاتوري تابع وذليل لاسياده سواء للغرب او للشرق ،وبالتالي التحكم بكل مقدرات شعوبهم واستخدام العنف والقمع والارهاب ضد ابناء شعوبهم بلا استثناء .
في المنطقة العربية قد تختلف او لا تختلف  عن باقي المناطق في العالم لكون هذه المنطقة تتكلم بلغة واحدة ودينهم بشكل عام هو الاسلام، والاسلام جاء بنفس لغتهم كما ان كل الانبياء ظهروا في هذه المنطقة ايضا مما يجعل التواصل بين هذه الشعوب وتاريخها واديانها وانبياؤها ورسلها والهها في وحدة متماسكة قوية ليس من السهولة النفاذ اليها او اختراقها او تدميرها ،ولهذا السبب وجدت الولايات المتحدة وحلفاءها خير معين لها موجود بالفعل في هذه المنطقة في محاربة الاتحاد السوفيتي وما عليها الا تحريك النار الموجودة تحت هذا الجمر المتوقد المتهيء للوثوب في اي لحظة ضد من يخالفه وبالذات في معتقده الديني ،ولهذا السبب هناك الكثير من علامات الاستفهام حول بعض الاحزاب والحركات الدينية التي ظهرت في المنطقة العربية خلال الثلاثينات والاربعينات والخمسينات، كذلك حول الكثير من الحركات السياسية التي طالبت بالقومية كنقيض للاممية التي تطالب بها الاحزاب الشيوعية وهذه الاحزاب القومية اخذت وجه الواقع العربي من الخارج ولم تستطيع التغلغل الى الداخل فانشا الغرب حكومات لا علاقة لها بالواقع العربي الا من حيث الاعلان والادعاء بينما هي في الحقيقة تكرس واقع التجزئة والتمزق والتشرذم بين اجزاء الدول العربية خالقة اقاليم متنافرة فيما بين شعوبها غايتها الشعار الازلي المشهور "فرق تسد "واستطاعت هذه الفكرة ان تدخل في صميم الشعوب العربية فهي في دعواها الظاهرية واحدة شعب واحد لكن في واقع الامر هي شعوب متناقضة كل يدعي ان له القدوة على التسلط والترؤس على الشعوب الاخرى، وهذا مازاد في تمزق الشعوب العربية وتشتتها  .
ان هذا التمزق والتشتت قد خدم الجانب الغربي وعملاؤهم في المنطقة العربية الى عدة نقاط اولها السيطرة بشكل مباشر اوغير مباشر على هذه المنطقة وشعوبها وتنفيذ كل مخططاتهم في المنطقة  .وحين يجد الجد بين هذه الشعوب وقائدها يتم تغيير الوجوه فقط لتعيد الكرة نفسها مرة اخرى وكان شيئا لم يكن  .ومن الجانب الثاني كان هذا التناقض بين الشعوب وعدم التوحد هو في ضرب كل القوى الوطنية بلا استثناء في هذه المنطقة لا لسبب الا لكونها ترفض السيطرة والهيمنة الغربية او الاجنبية عليها والاحزاب الشيوعية جميعا ترفض الهيمنة الغربية والاحزاب القومية او الاسلامية او المستقلين يرفضون اي هيمنة كانت غربية او شرقية وكلاهما محسوبين من المعارضين للسلطة ولا حل للقضاء عليها الا بوسائل الارهاب والقمع!!
 وقد وصلت الشعوب العربية بشكل عام في نهاية القرن الماضي الى درجة من الفقر والتشرذم مما حدا بهم الى التوجه للانتماء الى الحركات والاحزاب الاسلامية والتي من ضمن اهدافها ان الانسان قيمة عليا وفي الاخرة لكم جنات وحياة بعد حين، لذا فان الحياة الدنيا زائلة ووقتية والحياة الاخرة دائمة ومزهرة ،وبما ان الانسان لا يملك شيئا من هذه الحياة ولن يملك شيئا في المستقبل المنظور ،فان موته في سبيل مبادئه تجعله يتخلص من هذه الدنيا البائسة وضمان حياة رغيدة وهنيئة ورضوان الرب عليه بعد فعله في صد اوجه الكفر والالحاد والاجرام .
 وتحولت كثير من الشعوب العربية الى التوجه الديني فهي لن تخسر شيئا طالما لا تملك شيئا، وهذا مانراه في السنوات الاخيرة من عمليات استشهادية ذلك ان هؤلاء الشباب لم يعودوا قادرين على مواجهة السلطة او اركانها ولا يملكون شيئا في هذه الحياة الدنيا واصبحت الشهادة بالنسبة لهم ضد العدو هو احسن كسب في الدنيا الزائلة وللحياة الاخرة وهذا ما ارعب اميركا بشكل خاص بعد تفردها بالسيطرة على العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991 ،ذلك ان مثل هذه العمليات لن تستطيع التنبؤ بها بسهولة سواء بخططها او بقوتها او اماكن تنفيذها او وسائلها او اساليبها كما حدث في سبتمبر 11  .وهذا ماحدا بالولايات المتحدة وحلفاؤها الى تغيير خططهم في المنطقة العربية بشكل خاص في التحول من الديكتاتورية الى الديمقراطية  .هذا التحول ليس لانها تؤمن بالديمقراطية او لانها تألمت لما حصل او يحصل لهذه الشعوب او لانها تطمح لان تبني الديمقراطية لشعوب العالم بلا استثناء، بل دعواها الى الديمقراطية لا تختلف كثيرا عن عملها السابق في بناء الديكتاتوريات في هذه المنطقة وهو ضمان مصالحها وامنها الاستراتيجي، ومصالحها كما هو  معروف بالذات النفط الموجود في هذه المنطقة زائدا السوق الكبيرة التي يتم الاستفادة منها، لذلك عندما تعلن الولايات المتحدة بان الديمقراطية يجب ان تسود في هذه المنطقة هذا لا يعني انها قد آمنت بان الديمقراطية هي الطريق الصحيح لسلوك الشعوب بل لضمان عدم تحول هذه الشعوب الى محاربة اميركا وتهديد مصالحها سواء في المنطقة او المناطق الاخرى في العالم والتي كانت احداث11 ايلول اكبر ضربة للاستراتيجية الاميركية وان الهجوم في عقر دارها كانت في الحجم والنوع اكبر من اي حرب اخرى يمكن ان تقودها اي دولة ضد الولايات المتحدة او العكس  .
ان ماحصل للعراق واضح تماما لهذه السياسة الجديدة التي ستتبعها الولايات المتحدة في الشرق الاوسط بشكل خاص وفي مناطق اخرى من العالم توجتها بشن حرب على العراق بدون تفويض من المنظمة الدولية وهذا يعني انها تستطيع ان تشن اي حرب في كل بقاع الارض دون الرجوع للمنظمة الدولية وهي سابقة خطيرة تعلن من خلالها فشل المنظمة الدولية في ضبط الامن في هذا العالم ويفسح المجال لدول اخرى بالتصرف واستخدام نفس الاسلوب في التعامل مع الدول التي تجاورها بدعوى مكافحة الارهاب الذي يتهددها من هذه الدول  .
ان ماحصل في العراق يحتاج الى وقفة تأمل مهمة من قبل الشعب العراقي بكل فئاته بلا استثناء وهو استغلال هذه الفرصة التاريخية للتحول من الديكتاتورية الى الديمقراطية مستغلين هذا الاعلان الاميركي بكل مايملكون من قوة ذلك ان الفرصة سانحة لهم الان لذلك وجب عليهم معرفة تفاصيل الديمقراطية سواء الموجودة في شعوب اوروبا الغربية او اميركا نفسها مع مراعاة خصائص الشعب العراقي بكل فئاته وبناء نموذج ديمقراطي تضمن الحياة الحرة الكريمة للمواطن ومايجعل المجتمع مستقرا هو بالتالي لا يشكل تهديدا للولايات المتحدة او المنطقة وهذا ماتريده اميركا بشكل خاص .
 ولكن تحول بعض الجماعات وبتوجيهات مغرضة مجهولة المصدر كالمطالبة بطرد القوات الاميركية والمتحالفة معها قد تشترك اميركا نفسها بهذه التظاهرات حيث من الممكن ان تكون بتوجيه مباشر منها لكي تغير قرارها بالتحول من اعلان الديمقراطية الى عودة الديكتاتورية للقضاء على اي جيوب مقاومة لها ،لذا يجب ان ننتبه جيدا لرفض هذه الدعوات لانها ليست في صالح الشعب العراقي بل علينا ان نستثمر هذه الفرصة التاريخية لبناء مؤسسات المجتمع المدني وتعميق مفاهيمها لدى الفرد العراقي وجعلها اسلوبا يوميا للتخلص من اثار التحكم الديكتاتوري لمئات السنين ليكون بامكان المواطن العراقي ان يطالب بتكريس مباديء الديمقرطية في كل تفاصيل حياته رغم ان التركة ثقيلة والبداية صعبة الا ان الخطوة الاولى ضرورية جدا وهي الان فرصة سانحة للشعب العراقي لكي يمارس حياته بكل حرية .
 ان الطليعة الواعية من الشعب العراقي سواء في الداخل او الخارج عليها ان تتفهم  هذا الجانب وتمارس عملها بشكل واع في سبيل ارساء مباديء المجتمع المدني الذي يرسي بدوره دعائم الديمقراطية في العراق  . .

 

د .عبد الفتاح مرتضى
أيار – 7 - ‏2003
كنـدا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ