الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغة الصّمت

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 7 / 9
الادب والفن


تعلمت لغة الصّمت منذ ساعات،
طفل صغير أمامي لايكف عن الحديث،
لا يهتم لي إن سمعته أم لا، عندما أتـجاهله يلّح بالسؤال .
أسأل: لماذا فقدت الكلام؟
لم أفقد الكلام طواعية ، روحي مولعة بالحديث عن التّرهات ، عن الفرح، عن الهروب، عن الحياة ، لكنّهم يمنعونني. من هم؟ أنتم جميعاً !
أجبرني آبائي -لي الكثير من الآباء-أن أكون مستمعة فقط ، ولا زلت طفلة تبحث عن أمّ كي تنقذها من الجمع الغفير الذي يحيط بها، الذي يقدم لها النصيحة ، وطريق الخلاص . لديّ أم ترتجف من الخوف ، ليس من أجلي ، بل لآنها تخشى منهم ؟ من هم؟ أنتم الآباء!
أنطلق بحديثي الصامت ، لا أستمع للنّصيحة، فقط أسمع بين الحين و الآخر كلمة: الله. النّار، و العذاب .
أتجاهل ، أدير ظهري لمصدر الصوت ، ينطلق لساني بالشتائم بيني وبيني، لا أحد يسمع سواي ، تأتيني من الطرف الآخر أصوات : الوطن ، الخيانة ، القتل.
في البدء أردت أن أحدّث الله بيني وبينه دون أن يسمعني أحد. فتشت عنه دون جدوى ، ربما اختبأ.
فتّشت عن القائد كي أسأله عن معنى الوطن . كان مشغولاً يحاسب الخونة .
فتّشت عن الحبيب كي أسأله عن معنى الحب. جثى على ركبتيه ، قال لي : أنت حبيبتي . سألته :ما معنى الحبّ؟ أجابني: أن تضحيّ من أجلي كي أسعد بالحياة، صدّقته، سلمته نفسي ، وبعد أن تمتّع اختفى ، ترك لي رسالة : "أنت ساذحة ، ليس هناك شيء اسمه الحبّ ، بل هو مزاج الرّجل، و أنت اليوم خاطئة سوف ترجمين." ذهبت إلى أمّي، كانت على سجادة صلاتها تدعو الله أن يوفق إخوتي ، شرحت لها ما جرى معي، قالت لي تستحقين القتل. كيف سوف أحميك ؟
كل هذا جرى منذ ساعات قليلة ، جعلني أكفّ عن الكلام .
لو جاء آبائي إليّ الآن وطلبوا منّي أن أتوب،
لو أتى الله إلي ومشيت على السراط فسقطت في النّار،
لو أرسل لي القائد رسولاً كي يقتلني ،
ولو ركعت أمي على سجادة صلاتها تنتظر أن ينتهي آبائي من مهمّتهم .
ماذا سوف يكون مصيري؟
مصيري أنا من أقرّره ، أتعامل معهم بلغة الصمت ، أغدر بهم، أعيش حياتي.
منذ ساعات بدأت أتحدث بلغة الصمت . ساعات هي عمر، كنت خائفة فيه من الشمس و القمر، ومن الجنّ والبشر، من الحبّ، و الرّب.
أمارس اليوم لغة الصمت . . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاكرين القصيدة دى من فيلم عسكر في المعسكر؟ سليمان عيد حكال


.. حديث السوشال | 1.6 مليون شخص.. مادونا تحيي أضخم حفل في مسيرت




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص