الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازرع الورد حتى لو كان جارك يزرع الشوْك...

احمد جمعة
روائي

(A.juma)

2021 / 7 / 10
الادب والفن


اعتَرف هنا وللمرّة الأولي بأنّني ارْتكبتُ بعض الأخطاء في حياتي وأفْتري لو قلت عكس ذلك، حتى الأنبياء أخطئوا، لا مفرَّ من الأخطاء، كمّا هناك بعض الوقائع المُعَقدة علّقَت معي، تعَلمتُ منها السياسة والثقافة والحياة عامة، لم أندم على شيءٍ بحياتي، قدْرَ ندمي على الأحداث التي تعرَّضتُ لها بسبّب عدم تقديري للمظاهر الأولى الخاطِئة والتي اعْتقدتُ في وقتها بأنّها الصواب بعينه، من هذه الأمور اعتقادي بأن الثورة هي الخلاص الإنساني للشعوب، حتى رأيتُ واكْتشَفت أن أغلب الثورات تأكُّل أبنائها قبل أن تسْفك دماء شعوبها. وهناك من الأمور المعقدة التي لا تفسير لها سوى أنها رافقَت المرحلة العمريّة، كأن تحلم بامرأة لا وجود لها أو تتخيَّل حياة رسَمْتَها لا غِنى عنها فتضيع سنوات من عمرك محاط بهذا الاعتقاد حتى تُدرك في مرحلة متقدمِة بأن ذلك كان خيالٌ نسَجُه العقل الباطن الذي غذى صورٌ خارجية التقطها العقل الخارجي أو الظاهري وأجَّج بواسِّطتها العقل الداخلي، وهكذا نجري وراء سراب صوّر ومظاهر وأشباح متخيّلين بأنّها حقائق حتى نُدرك ما هي إلا مجرَّد ساحَة فارِغة تمّ ملؤها عبْر الخيال بصوَّرٍ وهم، كالحب والثورة والعزلة والنجاح والفشل، الحزن والقلق والوحدة، ليست كلّها سوى مظاهر زائفة لطريقة تفكيرنا، تعلمتُ الكثير من التأمُّل واليوغا، فهمت الظواهر المرْتبِطة بالأفكار والمشاعر، ليست سِوى غطاء خارجي لطريقة تفكيرنا، لقد عاوَنَّني هذا الفهم منذ بداية وعيّ له، وأنا ببداية الأربعينات من عمري على محاولة شرحَهُ وتفصيله لمن حولي ووجدتُ ابنتي شروق لديها القابليّة والاستعداد لعبور هذا الطريق الشائِك المؤلم لكنه المُّمتع أيضًا للوصول لفهم الأفكار والمشاعر وتفسير الحزن والفرح واكتشاف الذات الحقيقية بداخلنا حتى وصَلتُ أخيرًا لقناعةٍ بأن شروق بلغت ميناء السلام بالمعرفة الداخلية، وأمَّلتُ لو توصِّلها بدورها لمن حولِها.
كيف ولَدَت معي الحياة؟ ليس بالسؤال المُهم الذي يشغل البعض منا، لكن منذ وعيَّتُ على الحياة واكتشفت بداية الخطوات في كلِّ شيءٍ من حولي، كان ذلك إعلان بالتفاعل مع الحياة في كلِّ مرَّة، فعند بدء معرفتي بالحب حاوَلت سبْر غوْره حتى أدركتُ بأنهُ موجودٌ فقط ونحن من نخترعه مثله مثل أي شيءٍ آخر كالوحدة، موجودة لو سمحنا لها بالتسلُّل في أعماقنا، لكن الوقائع تختلف، مثل السياسة على سبيل المثال بحياتي، كان دخولها عالمي بالصدفة ولكن خروجي منها أمرٌ مستحيل، لأنها وُجِدَت كسلوكٍ واقعي يتحوَّل مع الوقت سيرك للعلب، وهناك الأدب والثقافة هما أيضًا، دخلا حياتي واستوْليا على المساحة هناك وأصبحا واقعاً يستحيل الانفصال عنه لكونهِ مكَوِّن من مكوِّنات الذات الخارجية أما الذات الداخلية فهي تبقى الجوهرة الكاملة للوجود الحيّ لي ولأي إنسان يُدرك كيف تُخْلق الأشياء وتخرج منها بهذه الكينونة التي نعيشها. تعلمتُ من والدتي لروحها السكينة الحب الذي بدوري زرَعتهُ في أبنائي فبقَدرِ ما احتوَتني الأم بالحب نقلتهُ في قلبي لأولادي، تعلمتُ من البحر الصبر والانتظار وإزاحة الخوف من داخلي، تعلمتُ من الكتابة عدم الوقوع في الوحدة، وتعلمتُ من الناس حولي كيف استفيد من أخطائهم وتعلمتُ من أبنائي كتْمان الغضب وتعلمتُ من زوجتي شريكة حياتي لأكثر من أربعين سنة حتى كتابة هذه السطور القدْرة على التحَمُل، فقد تحملتني بما فيه الكفاية وبرغم نزواتي التي لابد عادة منها لأمثالنا لكنها وللحق غضَّت الطرف عن الكثير وهذا بحدِّ ذاته شجاعة منها وكرَم... تعلمتُ من الأصدقاء تجاوز غدْر بعضهم والسعادة بصحبة بعضهم، تعلمتُ الكثير من كلِّ ما يحيط بيّ... لكن تجربتي وتعلُميُ الأول والأخير من ذاتي التي لم تخْذُلني يوما ما، فأنا مدينٌ لهذه الذات بحياتي ذاتها!
مقطع من سيرة ذاتية بعنوان (ثلوج يوليو)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان