الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة أغتيال شيخ الصحافة الاستقصائية للجريمة الهولندي پيتر فان دي فريس

نهاد القاضي
كاتب

(Nihad Al Kadi)

2021 / 7 / 10
الصحافة والاعلام


متابعات دولية

منذ مساء يوم الثلاثاء 6 تموز 2021 تعيش هولندا في صدمة كبيرةعندما تعرض الصحفي الهولندي المشهور پيتر فان دي فريس، البالغ من العمر 64 عاما الى أربعة أطلاقات نارية في الصدر والخامسة في الرأس بعد انتهاء مشاركته في برنامج يومي مباشر على قناة RTL وفي أحد أزقة امستردام الحيوية امام أنظارعيون الناس، ليسقط على الارض ويتم نقله الى أقرب مستشفى وهو في حالة حرجة جدا ومايزال يصارع الموت. وتمكنت الشرطة الهولندية خلال بضعة ساعات من القبض على 3 متهمين من ارباب السوابق والعصابات، وماتزال التحقيقات جارية معهم.

كنت في 6 حزيران 2021 قد كتبت مقالة بعنوان ((* العنف والتهديد يطارد الصحفيين والاعلاميين في هولندا ))، مقالة اوجزت فيها قلق الصحفيين والاعلاميين الهولنديين لتعرض كل 8 صحفيين من عشرة صحفيين الى العنف والتهديد، وان حدث الساعة ومحاولة اغتيال الصحفي الهولندي المعروف پيتر فان دي فريس يؤكد ويثبت خطورة الموقف وما قدمناه من معلومات في المقال السابق، فالصحفي پيتر فان دي فريس من المشاهيرعالميا في الكشف والاستقصاء عن الجرائم والقضايا الجنائية المنظمة والمدروسة سواء، نفذت من قبل مجموعة او عصابة محددة او من اشخاص بصورة منفردة، تلك الجرائم التي صَعُبت على الشرطة الكشف عن الجناة فيها، وكذلك كثيرمن الجرائم والقضايا المنسية او المسجلة ضد مجهول وأكل وشرب عليها الدهر، ومن هذه الجرائم تمكن الصحفي پيتر فان دي فريس خلال 8 سنوات بجهوده الخاصة من إثبات براءة متهَمين في قضية قتل فناة بعمرالورد في منطقة putten حكم عليهما ب10 سنوات سجن ، لتتوصل الشرطة فيما بعد الى القاتل الحقيقي. هو من كشف عن مختطفي صاحب اكبر معامل البيرة العالمية شركة هينكين السيد فريدي هنيكين في 1983، واستمر في ملاحقة أحد المختطفين الذي يعتبر من أخطرمجرمي المافيا الهولندية هو المجرم هوليدرالذي يقبع في سجون هولندا منذ سنوات، ولكن مكر وقوة هذا المجرم تشيرالى ان أذرعه الأخطبوطية ما زالت تعمل، رغم مكر هذا المجرم ولكن پيتر فان دي فريس الشجاع استمر في التحدي وكشف الخبايا وأيصالها الى الجهات الامنية والقضائية، لذا كانت حياة السيد پيترمحفوفة بالمخاطر والمطاردات والمواجهات مع عصابات مافيوية على نطاق عالمي، لم تقتصر فقط على المملكة الهولندية كان دوره كبير في القبض على أخطر رئيس عصابة قتل واجرام وتبييض الاموال رضوان تاغي الهولندي من أصول مغربية والمتخفي في دبي لكن التحريات والتنسيق مع شرطة دبي تمكن القبض عليه وتسليمه الى هولندا، وماتزال ألمحاكمة مستمرة بحقه ليومنا هذا في امستردام.
ويرجح المتخصصون في الجريمة احتمال محاولة الاغتيال الفاشلة بحق الصحفي پيتر فان دي فريس من تخطيط المجرم رضوان تاغي، حيث سبق له ان قتل شقيق (نبيل ب) احد اهم شهود قضيته في سنة 2018 وقتل محامي الشاهد الاساسي (نبيل ب) في قضيته سنة 2019 أمام منزله.
عرف عن الصحفي پيتر فان دي فريس بخلقه الانساني وتعاطفه مع الضعفاء ودفاعه عن العرب والمسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر في امريكا، ومواقفه المبدئية بعدم شمل الجميع بتهم ومحاسبتهم على فعل قد قامت به فئة محددة، تتجسد في هذا الصحفي الانسانية بحبه وتعاطفه مع اللاجئين ويقف في الضد من الاحزاب اليمينية ولا يقبل الظلم. فهو شخص يبحث عن الدليل ليقطع به الشك ويكشف المستور، حبه للعمل النزيه ومساعدته للغير كثيرة لا تعرف الحدود وتجاوزت هولندا الى دول العالم، منها عندما عرف بقصة اختفاء فتاة امريكية في جزيرة أروبا في البحر الكاريبي عام 2005 واسمها ناتالي هولوي، حيث عجزت الشرطة في جزيرة اروبا في حينها من الكشف عن القاتل، وقيدت القضية ضد مجهول، لكن بجهوده الفردية وبذكائه الحاد تمكن من الكشف عن قاتلها وهو شاب هولندي أستطاع اخفاء جثتها برميها في البحر ويهرب الى بيرو ويتزوج من اخرى، توصل السيد پيتر فان دي فريس الى جمع كافة الادلة والاعترافات من خلال مواجهات ولقاءات مباشرة مع قاتلها الهولندي ليسلمه الى القضاء البيروي لينال عقابه. قدم قضاياه الجنائية عبر لقاءات وبرامج تلفزيونية عديدة بعضها من اعداده، غير ان قضية ناتالي هولوي كسبت شهرة واسعة لينال جائزة أيمي في 2008 وتتحول القضية الى فلم سينمائي، وألف كتاب عن عملية الكشف عن مختطفي رئيس شركة بيرة هينيكين وتم أخراج فلم سينمائي بعنوان اختطاف فريدي هينيكين أنتج سنة 2014
كل ما ورد كان بصددعرض نشاطات وجهود شخصية صحفية اعلامية ناجحة دوليا تمكنت من حل ألغاز الجرائم وتفسير الشفرات التي فيها، هذا شئ مهم وثمين، ولكن الذي يهمني اكثر في هذه المقالة المتواضعة ما تشعر به هولندا وكيف تفكر في حادث اغتيال شيخ الصحافة والاستقصاء الهولندي السيد پيتر فان دي فريس كيف تفكر الحكومة الهولندية بهذا الرجل البطل كيف يفكر شعب هولندا بأداء شخصية نذرت نفسها لانهاء الجريمة في الاراضي المنخفضة في مملكة هولندا المسالمة
• تصادف ان يكون جلالة ملك هولندا ڤ---يليم الكسندر اثناء وقوع الحادث في زيارة رسمية الى برلين في المانيا وعرف عن الملك انه لا يعلق على الحوادث الشخصية الفردية، ولكن هول الصدمة وألمها على جلالته جعلته يدين الجريمة قائلا (( اعتداء سافر على الديمقراطية واعتداء على الصحافة وهي احد ركائز سيادة القانون عندنا وهذا يعني انه اعتداء على نظامنا الدستوري ))
• رئيس الوزراء الهولندي السيد مارتن روته فقد صرح من خلال مؤتمر صحفي للحكومة في مدينة لاهاي الهولندية بصدد الحادث بأن((الهجوم على پيتر فان دي فريس مروّع ولا يمكن تصوّره. إنّه هجوم على صحفي شجاع، وهذا يعني انه هجوم على حرية الصحافة التي نجدها مهمة جدا لديمقراطيتنا ولدولتنا التي تحترم القانون )) و توجه السيد روته بصحبة وزير العدل الهولندي السيد فريديناند ڴ---رابرهاوس المقر الرئيسي لوكالة الامن الوطني ومكافحة الارهاب بغية متابعة تفاصيل التحقيق.
• السيدة فيمكي هالسيما رئيسة بلدية مستردام عاصمة هولندا مكان الحادث، قالت في مؤتمر صحفي ليلة الحادث والمرارة والحزن يأكلانها ان پيتر فان دي فريس يصارع الموت في المستشفى.
• دوليا غرد رئيس المجلس الاوروبي السيد شارل ميشيل في صفحته (( انها جريمة ضد الصحافة والصحفيين واعتداء سافر لقيم الديمقراطية وسيادة القانون التي نحترمها ونعتز بها
• قال رئيس البرلمان الاوروبي السيد ديفيد ساسولي ان الصحافة و وسائل الاعلام هي عماد الديمقراطية .
• الشعب الهولندي بادر بنثر الورود والشموع في الزقاق الذي حاول المجرم اغتيال الصحفي فيه،
فاضت عيون الهولنديين بالدموع حزنا على البطل ودعائهم بشفائه
• سارع اليوم 10 تموز اعضاء فريق نادي اياكس لكرة القدم بوضع تواقيعهم على تيشيرت ( فانيلة منتخب اياكس الرياضية) خاصة به وتحمل اسمه وارسالها له الى المستشفى اعتزازا منهم بهذه الشخصية الصحفية الانسانية ولكونه احد المتابعين للرياضة
• وفي نفس الوقت ازدادت وتنامت عند الجماهير الهولندية افكار محاربة الجريمة والمطالبة بالاسراع بايجاد القتلة وفك رموز تلك الشبكة الباغية في قتل الصحفي. و وجد الكثير من الهولنديين ان عملية الاغتيال هي عملية لكسر اقلام الحقيقة وطمر الجرائم ودفنها وزرع الرعب عند الصحفيين كي لا يزيدوا من متابعاتهم، ورفض الشعب هذا الاسلوب وادانه وطالب بانزال العقوبات الكافية بحق مرتكبي الجريمة.
• الجميل في الحدث ان الحكومة تواسي الصحفيين وتحثهم وتدعوهم الى الاستمرار في نقل الوقائع وكشف الحقائق، وعدم الاكتراث الى أساليب الترهيب والتخويف.

لقد تمعنا جيدا بالخبر اعلاه وردود الفعل ومواقف الملك والحكومة والشعب في هولندا، وفي نفس الوقت نظرنا بتمعن كافي الى ما يحدث من جرائم خطف وقتل واعتقال لصحفيي واعلاميي العراق والشرق الاوسط، وتابعنا الصمت الرهيب وعدم الاكتراث الصارخ للدولة والحكومة العراقية واحزابها وصمت الجهات الامنية، نجد ذلك فعلا مأساة كبيرة تعتري دولنا وانها فاجعة محزنة ان لا تكترث الدولة والحكومة لحرية الصحافة لا بل تحاربها بكل قوتها وتكتم الاصوات وتغتال الاقلام
نعم انه من الصعب ان نقارن بين الحكومتين العراقية والهولندية، فان هولندا تبحث عن تطبيق القانون واحترام السيادة وعلى عكسها العراق ينتهك القانون ويصمت على انتهاك السيادة
قصر الكلام و رباط الفرس --- ان ما حدث للصحفي بيتر هو محاولة اغتيال للسلطة الرابعة، السلطة الناقدة للسلبيات والمثمنة لايجابيات والمحفزة لتحسين اداء الحكومة والبرلمان الهولندي، السلطة الرابعة هي التي تدافع وتضمن للشعب الحريات والرفاهية والعدالة الاجتماعية.
فهل ننتظر من العراق ان يحترم السلطة الرابعة ويرعاها كي تضع له النقاط على الحروف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة