الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إصلاح النظام السياسي العراقي ... إرادة وطنية

داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)

2021 / 7 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لعل خير ما نبدا به حديثنا عن إصلاح النظام السياسي الراهن في العراق , الآية الكريمة من سورة الرعد :
بسم الله الرحمن الرحيم
أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
صدق الله العظيم.
أي أن عملية تغيير النظام السياسي الراهن في العراق وإصلاحه , يجب أن تسبقها عملية تغييرشامل بنفوس العراقيين الذين أوصلوا هؤلاء الحكام إلى السلطة , بصرف النظر عن الوسائل والأسباب التي دعتهم لذلك في حينه , بعد أن ثبت للقاصي والداني وبإعتراف هؤلاء الحكام أنفسهم وكبارقادة أحزابهم وكتلهم السياسية التي أعلنوها عبر شاشات التلفاز مرارا وتكرارا , عبروا فيها عن فشلهم الذريع بإدارة مقاليد الحكم بصورة غير مسبوقة , وهدرهم للمال العام وعدم قدرتهم على توفير أبسط الخدمات للمواطنين , بحيث أصبح العراق يضرب به المثل كنموذج للحكومات الفاشلة , وبعضهم طلب العذر من الشعب العراقي , بأن يصفحوا عما بدر منه من ذنوب وإساءات بحق هذا الشعب المظلوم, ولكنه للأسف ما زال يتصدر المشهد السياسي العراقي حتى يومنا هذا, حيث يصول ويجول كما يحلو له .
وعلى الرغم من هذا الفشل الذريع لجميع الحكومات العراقية التي تعاقبت على السلطة منذ غزو العراق وإحتلاله عام 2003 وحتى يومنا هذا ,فإنهم ما زالوا متشبثين بالسلطة بكل قواهم ويمارسون أبشع الوسائل لشراء الذمم بالمال السحت الحرام من جهة , وبتكميم أفواه المعارضين لهم بقوة السلاح إن لزم الأمر ذلك من جهة أخرى . وبدلا من السعي لتكوين جبهة قوية متراصة من المتعلمين والمثقفين والمفكرين ممن يهمهم إنقاذ العراق مما آل إليه من فقر وجوع وجهل , ووضع حد لآلام شعبه وتضميد جراحه , ووضعه في المسار الصحيح لإرساء قواعد بناء حكومة مدنية رشيدة لعراق مزدهر ينعم فيه شعبه بالحياة الحرة الكريمة , نرى البعض يتوجه نحو أمور جانبية بالحديث عن إصلاح هذه المؤسسة أو تلك بمعزل عن إصلاح منظومة الحكم بمجملها , وكأن الخلل خللا إداريا يكمن بمؤسسة دون أخرى, وليس خللا سياسيا شاملا لمنظومة الحكم بأسرها .
وهنا تحضرني مقولة شائعة كان يرددها أهلنا كثيرا عند تعاملهم مع بعض الدوائر الحكومية , وبخاصة دوائر الشرطة والبلدية والتسجيل العقاري في العهد الملكي , التي يتفشى فيها الفساد حيث لا يمكن تمشية أية معاملة رسمية مهما كانت بسيطة , دون دفع رشوة , فيفوض الناس أمرهم إلى الله ويدفعون الرشى صاغرين , وهم يرددون مقولتهم ما العمل إذا كانت " السمجة خايسة من رأسها " , وهم يقصدون أن ليس في الأمر مفر ما دام الفساد مستشري في السلطة من رأسها إلى أخمص قدميها , فمن يحاسب من , والحالة هذه؟ , والمقصود "بالسمجة " هنا المفردة المتداولة شعبيا السمكة وكلمة "خايسة" تعني متعفنة فاسدة, فقطع الذنب لا يصلح حال السمكة الفاسد رأسها حيث سيسري الفساد فيها من راسها إلى ذنبها ما لم يتم إستئصال الرأس الفاسد مصدر العفن.
وهذا يدعوني إلى القول أن إصلاح حال العراق , يتطلب إصلاح نظامه السياسي برمته , كونه بالأساس نظام باطل, وما بني على باطل فهو باطل, فهو نظام سياسي إنبثق من رحم سلطة إحتلال غاشمة , لفظته في أرض العراق في ليلة دهماء ,وفرضته بقوة السلاح على شعبه الذي أتعبته الحروب وأثقل كاهله حصار ظالم إستمر سنيين طويلة , وأنهكه الجوع والمرض والخوف من المجهول القادم , ولم يكن له يومها حول ولا قوة , وعدوه زورا وبهتانا بالحرية والديمقراطية والعيش الكريم , ليحصد بعدها المزيد من القتل والإرهاب وإنعدام الأمن والآمان, والجوع والحرمان والمرض وسوء الخدمات, وكل أنواع الموبقات وأشكال الفساد وتفشي الجريمة وإنهيار القيم والأعراف بصورة لم يشهدها العراق من قبل.
وبعد أن طفح الكيل وبلغ السيل الزبى حتى لم يبق في قوس الصبر منزع , بات لزاما على كل الخيرين أن يشمروا عن سواعدهم وأن يشحذوا هممهم وفكرهم النير ,لإنقاذ العراق وشعبه الذي ذاق الأمرين من حكومات لا تكترث بشعبها ولا تقيم له وزنا, همها إستعباد الناس ونهب ثروات الشعب بكل الوسائل الشيطانية المتاحة لها , وإلهاء الناس بصراعات طائفية وأثنية يحترق فيها اليابس والأخضر , وفتحت عليهم بعض الدول الإقليمية والدولية أبواب جهنم التي لن تبقي ولا تذر من العراق العظيم , عراق التاريخ والحضارة. وتحضرني هنا مقولة خالدة لسيد البلغاء الإمام الخالد علي بن أبي طالب (ع) : "حين سكت أهل الحق , توهم أهل الباطل أنهم على حق".
وخلاصة القول هنا نقول أن إصلاح النظام السياسي في العراق , يتطلب إصلاح الذات أولا وقبل كل شيئ ,فكما يقول الكاتب اللبناني المعروف ميخائيل نعيمة : " قبل أن تفكروا بالتخلص من حاكم مستبد , تخلصوا مما يستبد بكم من عادات سيئة وتقاليد سوداء". وهذا يعني علينا الإبتعاد عن العادات الغريبة والمستهجنة التي أدخلها الغرباء لبلادنا , تحت مسميات مختلفة ما أنزل الله بها من سلطان , لإلهاء الناس وإبعادهم عن هموم حياتهم اليومية , والتي لم تقدم لهم شيئا نافعا , بل إغرقتهم بخرافات وغيبيات وخزعبلات وأوهام وشعوذة لا أساس لها من الصحة. بل يجب الإستنارة بنور العلم والإيمان والهداية الصحيحة المستندة إلى العقل والمنطق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر,كما يؤكد ذلك الرسول ألأعظم محمد بن عبد الله (ص) : " خير الناس أقرؤهم وأتقاهم لله , وأمرهم بالمعروف , وأنهاهم عن المنكر , وأوصلهم للرحم".
وإذا كان المجرب لا يجرب كما يقال , فهل يا ترى أن هناك حاجة لتجريب الفاسدين مرة أخرى .أن غدا لناظره قريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟