الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعلّم الحريّة

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 7 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


كل الكلمات المتداولة حول الحرية لا تعنيني ، و لا أعرف معناها ، و بخاصة بعد أن أصبح يتداولها الآباء و الأبناء معاً ، ربما انتهى صراع الأجيال ، وبدأت موجة من تجحيش الأجيال-مع الاعتذار من الجحش كونه كائن حيّ.
كيف يمكنك أن تكون حرّاً بينما تنتمي لعائلة لا تؤمن بحريتك، ولم تدرّبك على الحرية؟
أرى الحرية في سلوك أبي و أمي ، وليس في النصائح التي يقدمانها لي ، هي تربية مصاحبة يكتسبها الأطفال ويطورونها لأن الحياة تتطور وحاجات الجيل الممقبل تختلف عن حاجات الجيل السابق.
ترى اليوم شخصاً كان من ضمن النّطام مثلاً ، ومن كثرة إيمانه " بالثورة السّورية العظيمة" -على حد وصفه -، فإنّه يحق له أن ينصحنا نحن الدراويش ، أو أن يتنمّر علينا ، فيقول لنا مثلاً : قلت لكم! أفيقوا من غفلتكم ! . . . إلخ
أصبحت الثورة شجرة لبلاب ، وخرج من ضمنها المقتولين ، و الساكنين في خيم تلعب بها الطبيعة كما تشاء. عقدة التّفوق الآن هي أكثر من أيّ وقت مضى. نعتقد أنّ العالم معجب بنا ، فنحن نضفي على أسمائنا رائحة الياسمين ، مع أننا في ذهابنا وعودتنا عن طريق البرامكة لم نشمّ إلا رائحة بول البالغين على جدران قريبة من الجامعة . نحن شعب مدمن ربما، وليس الإدمان هو إدمان الكحول ، أو المخدرات فقط ، بل إدمان الدين السياسي الذي يكون مفعوله مثل مفعول الكحول تماماً . في العالم اليوم حملة ضد الكحول و التدخين و المخدرات ، لكنّ الإدمان موجود، وبكثرة. العلماء و الأطباء الذين يقدمون لنا المعلومات لا يظهرون وبيدهم السيجارة ، و أمامهم كأس كحول، ويتمايلون كما شاكيرا. ينظمون عباراتهم بإيقاع سريع يشدنا.
إذا كان إدمان الكحول ، و المخدرات هو أحد أسباب العنف العائلي -وفق الدراسات -فكيف يمكن لي أن أشاهد لك بثاً مباشراً وشفتك العليا ترتجف لأنك احتسيت الكحول، وسيجارتك بيدك ، وكونك عصري فإن الطرب يرافقك . لقد هربت منك قبل أن أهرب من النّظام، كما هرب منك أولادك وزوجتك بطريقة ، أو بأخرى ، هنا أتحدث عن الرجال ، لأن من يبث على الهواء من النساء قلة . أغلبهن يقدمن أفكاراً مدروسة، وربما مسروقة، لكنّها هامة.
أما عن الدين السياسي، و الذي هو قطعاً غير الإيمان ، فالإيمان أمر داخلي معقد ، أما الدين السياسي فهو استبداد تحت اسم الدين. رأيت مفارقات كثيرة حول ذلك :
أثناء موجة اللجوء إلى الغرب . حمل بعض الأفراد معهم وثيقة تقول أنهم من الطائفة الاسماعيلية، أو العلوية، أو طائفة الموحدين ، هم يتباهون بطوائفهم أنها متمدنة وعلمانية ، لكنّهم كانوا يجهلون أن الغرب يمنح الإقامة فوراً لأصحاب الأديان غير السمواوية فقط كالإيزيديين مثلاً. هذا لا ينفي حق الإنسان أن ينتمي لدين أو طائفة ، هذه هي حريته الشخصية، ومن حقّه أن يفخر بذلك دون أن يفرض قناعته على العالم ، وهنا أرغب أن أذكر بعض الأشياء حول النساء من الأقليات و التي يكون التمييز ضد المرأة أكبر منه عند الأكثرية ، حيث أنّ الرغبة الجنسية عند النساء هي عيب لا بد منه عند الأقليات على سبيل المثال، بينما معترف بها عند الأغلبية ، حق الوراثة أيضاً يعتبر من العيب أن ترث المرأة حتى لو لم يوجد نص ديني بذلك.بغض النّظر أن الأفكار الداعشية عند الأقلية و الأغلبية واحدة، فلو طلب منا زعيم روحي أن نقتل سوف نقتل.
كنّا مجموعة تنظمها بلدية المنطقة لتعلم اللغة ، كان معنا شخص من البيرو ، خلال التعارف سألني من أين أنت؟ قلت من سورية . جلب الخارطة ، وطلب مني أن أحدد أين تقع فهو لم يسمع بها، لكنّنا نصرّ من خلال الدبكة في شوارع الغرب أن نقوّلهم مالم يقولونه، و أن قلوبهم ذابت عندما رأوا تميزنا ، هم ينظرون ويمرون، علماً بأنهم يتحاشون التقرب منا إلا من خلال التجمعات التي تنظمها الدولة، لكن لا يظهرون التمييز كون قانونهم يعاقب على التمييز . لقد عملوا متاحف يشرحون فيها معاناة الغجر ، يشرحون لك عندما تزورها، لكنك كغجري تبقى غجرياً ، وجميع اللاجئين ربما هم نوع من الغجر.
نحن مهمشون في بلدنا ، لجأ بعضنا للغرب ، لن نكون غربيين إلى مابعد أجيال، وبعض التجمعات لم تتغير منذ مئة عام ، لكن ما يثير الاهتمام أن البعض منا أصبح يعتقد أنه فرنسي، أو ألماني ، مع أنه رسمياً يقال : " ألماني من خلفية أفغانية" ، وحتى رئيسة حزب اليسار في السويد و التي ولدت في السويد يشار لها بسويدية من أصول مهاجرة .
أرى أنه يلزمنا الكثير كي نتعلم التواضع ، وننسى أن السّوريين قد علموا العالم الأبجدية، نترك للعالم نفسه أن يقول هذا. قليلاً من الواقعية، و العودة عن جنون العظمة سوف يمنحنا الحرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جهود مصرية لتحقيق الهدنة ووقف التصعيد في رفح الفلسطينية | #م


.. فصائل فلسطينية تؤكد رفضها لفرض أي وصاية على معبر رفح




.. دمار واسع في أغلب مدن غزة بعد 7 أشهر من الحرب


.. مخصصة لغوث أهالي غزة.. إبحار سفينة تركية قطرية من ميناء مرسي




.. الجيش الإسرائيلي يستهدف الطوابق العلوية للمباني السكنية بمدي