الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خربشات منقوشة على النيل

محمد عبد الحليم عليان
كاتب و مؤلف للقصة القصيرة

(Eng.mohamed Abdelhaleim Alyaan)

2021 / 7 / 13
الادب والفن


النيل رمز مصر حمل ماحمل من مشاكلها واوجاعها
لكنه ماء لايحفظ النقوش ولا الأسماء ،،،

* لم أكن وحدي في منطقتي الذي سلك ذلك الطريق
فالجميع حولي هكذا
المخدرات مصدر دخلهم و تجارتهم الرابحة في هذا الزمان
منذ الطفولة و أنا أرى حارتنا تعج بأشكال مختلفة
منهم من يأتي متسللا ليلا
و منهم من يأتي في وضح النهار
شباب و فتيات و رجال كبار
و لكل منهم مطلبه و كل مطالبهم متوفرة في حارتنا و ما حولها من حواري
بالمشاهدة عرفت التفرقة بين البودرة و البانجو و الاستروكس و الحشيش و بالطبع البرشام بأنواعه
بعدما سقط أبي في قبضة الشرطة تكفل المعلم الكبير بنفقاتنا أنا و أمي و إخوتي البنات و اضطررت للعمل معه في سني الصغير كناضورجي أتبصص قدوم الشرطة التي غالبا لا تأتي إلا عندما يغضبها أحد المعلمين أو يقصر في واجباته الدورية تجاههم فتجهز حملة تأديب و تفاجئنا بالنزول للحارة و القبض على بعض الباعة الصغار بما يحملونه من بضاعة المعلم كنوع من تذكيره أنهم يملكون رقبته و أنه لا فرار من طاعتهم و لا سبيل للتمرد عليهم
و غالبا بعد إرضائهم و تقديم المعلوم
تتبدل الأحراز و يفرج عن المقبوض عليهم
و في بعض الحالات يكون الضابط جديد
و لم يخضع للمعلمين بعد
فلا يستطيعوا إنقاذ صبيانهم من براثنه
و يدان بفعلته و يحكم عليه كوالدي بأحكام مختلفة
حسب نوع الحرز و كميته و طبيعة الضبطية
أو يكون المعلم غضب على صبيه و قرر تصفيته

بعد الحكم على أبي بشهر تقريبا زارنا المعلم الكبير
ليبلغنا بأن أبي إنتحر في السجن
و أن المعلم سيظل متكفلا بأمي و أختاي
و أنه سيظل يرعاني حتى يشتد عودي و أحل محل والدي
و رغم أن للمعلم ڤيلته الكبيرة في منطقة فاخرة بعيدة عن الحارة إلا أن شقته القديمة بالحارة كانت لا تزال موجودة
و إعتاد المعلم قضاء ليلة الخميس من كل أسبوع في منزلنا
كي لا تشعر أمي أو أي أخت من أختاي بغياب الأب
و كان في تلك الليلة يوكل إلي مراقبة الشارع طوال الليل مع باقي رجاله
حفاظا عليه من أي كمين للشرطة أو كمين من تاجر آخر بينه و بين المعلم ضغائن
فكثيرا ما كانت تنشب صراعات بين التجار و بعضهم و كنا نحن صبيانهم نتقاتل ليثبت كل فريق سيطرته و نفوذه الأكبر في المنطقة
و في صباح الجمعةيرحل المعلم عن منزلنا
تاركا وراءه خيرات كثيرة تكفينا باقي الأسبوع و تزيد
و كان دائما يمدح في طعام أمي و نظافته
كان أحيانا يستضيف في شقته بالحارة أثرياء خليجيين من عملاءه المميزين و يطلب من أمي و البنتين خدمتهم و إعداد الطعام لهم و توفير كل سبل الراحة و أحيانا أخرى يأخذهم عنده للڤيلا لتنظيفها و التنعم بخيراته هناك
كبرت مع الوقت و صرت أحد أذرع المعلم المقربين
و كان المعلم برغم قوته ذو قلب حنون
لا يستطيع رؤية سيدة من نساء الحارة حزينة أو تمر بأزمة إلا و تدخل و طلب مني او من أحد رجاله إستدعاءها إليه في شقته لتطييب خاطرها و حل مشكلتها و كلهن كان يخرجن على حال غير الذي كان وقت دخولهن عنده
كان حظ إخوتي البنات عثرا في زواجهن فقد تزوجت الأولى من أحد رجال المعلم و بعد الزواج بأسبوع نشبت مشاجرة كبيرة و كان المعلم يزورهما للمباركة فنزل زوج أختي مسرعا ليرى ما حدث فإذا بملثم لم نعلم هويته قط يغرز نصل حاد في صدره ممزقا قلبه ليسقط على الفور صريعا و تترمل أختي في أسبوع زفافها
و الثانية تزوجت بآخر و إذا به يختفي من المنطقة تماما بعد الزفاف بأيام و لا نعلم أين ذهب و لم يترك سوى صورة أرسلها لي على هاتفي لخروف ذو قرون ضخمة و كل من رأى الصورة سقط مغشيا عليه من الضحك و ظلت اختي هكذا معلقة
قرر المعلم تزويجى من فتاة جميلة اختارها هو لي
و هي ابنة احد مساعديه الكبار الذي يقضي عقوبته في السجن
و في ليلة الزفاف صمم المعلم أن يبقى معي بعد الزفاف ليقدم لي هدية العرس و كانت لفافة بها عدة أصناف مختلطة أمرني بإشعالها فورا حتى تكون ليلتي ملكية كليالي ألف ليلة و ليلة
شربتها و إذا بي أضحك بلا توقف و أمامي خيالات كثيرة و صوت صرخات و كأني أرى المعلم يحتضن عروستي و كأنهما معا على السرير إستفقت صباحا لاجدني نائما بجوارها متجردين من ملابسنا و بيننا منديل أبيض عليه بضع قطرات من الدماء فشعرت بالسعادة وأن الهلوسات التي كانت لم تمنعني من إنهاء ليلة الزفاف على أكمل وجه
و مرت الأيام بسعادة و كل يوم يقربني المعلم له أكثر و يرسلني لبعض التجار في محافظات أخرى و كان يهتم بزوجتي في غيابي و بجنينها الذي كان يقول عنه أن ابنك سيكون ابني كما كنت انت و أكثر و انكم جميعا في عيني
جرى المال في يدي و أغدق المعلم علينا بالكثير من الأموال و الهدايا
و تسلل إلي الشيطان و أغراني أن أشق طريقي الخاص و أصبح أنا أيضا معلم
لما لا أطلب من المعلم السماح لي بذلك فهو يعتبرني إبنه
في سهرة من سهراته بمنزلنا طلبت الحديث معه
و بحت له عما بداخلي من أحلام فإذا بقهقهات متتالية تتعالى بصوت يهز المنزل و فجأة تتوقف و يمسكني بقوة من رقبتي قائلا
أنت نسيت نفسك و لا إيه
معلم ايه اللي بتحلم تكونه
معلم ايه ده اللي مكسورة عينه
و عين أبوه قبليه و عين أمه و اخواته
و حماه و مراته انت يا بني خروف و هتفضل
طول عمرك خروف و كل يوم يعدي قرونك هتكبر اكتر اصحى يا ابني متخلنيش اغضب عليك
وقعت كلماته كالصاعقة علي و أظهرت علانية ما كنت ادعي تجاهله و أنكره لنفسي فغلى الدم في عروقي و بينما اسحب سكينا من جنبي لأغرزه بقلبه كان هو يضع سكينه على رقبتي و يسحبه فأضغط بكل قوة سكيني في صدره ليسيل دمي و دمه في نفس اللحظة و تتعالى صرخات زوجتي و بكاء إبني الصغير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟