الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيناريوهات الخيار الأخير لمصر والسودان اتجاه سد النهضة

علي الحباشنة

2021 / 7 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



العميد الدكتور عليّ الحباشنة


وُجِدَ على جدران المعابد الفرعونية أنه في حال تعرض مياه النيل للخطر فعلى الفرعون وجنوده أن يذهبوا إلى الحرب وقتل المعتدين.
***

يقع «سد النهضة» على النيل الأزرق على مسافة ٢٥ كم تقريباً من حدود السودان، وبارتفاع ٥٠٠ م فوق سطح البحر. ويبلغ أقصى ارتفاع لجدران السد ١٥٥م وبعرض ١٨٠٠م. وتوجد حوله مرتفعات عالية، ويشكل مساحة سطحية تقدر ١٨٧٤ كم، وقد بني سد صغير بالجنوب منه يعتبر مكملاً له. ويساهم سد النهضة بحجز كمية ضخمة من المياه تقدر بـ (173 مليار م).

ومن المعروف أن إثيوبيا تعتبر من أغنى دول العالم بالمياه؛ حيث أنَّ بحيرة «تانا» الإثيوبيّة تخزن لوحدها ١٧٥ مليار متر مياه على مدار العام. وهذا عدا عن العشرات من الأنهر دائمة الجريان.

ولذلك، فإثيوبيا لا تحتاج إلى مياه «سد النهضة» لتوليد الكهرباء، كما تدّعي؛ فلو كانت هذه هي غايتها حقاً، لأنشأت سداً حول بحيرة «تانا» وولَّدت الطاقة منه؛ ولكن هدفها الحقيقي هو تدمير الاقتصاد المصري والسوداني، لا بل تدمير الأمن القومي أيضاً والتحكم بمياه النيل لبيعها لمصر والسودان.

وبعد فشل كل المفاوضات السياسية في ضمان حقوق مصر والسودان العادلة في مياه النيل كما تنص عليه كل القوانين الدولية والإنسانية، فإن الخيار الأخير الاضطراري الذي فرضته إثيوبيا على الجميع هو خيار الحرب.
وبغض النظر عن ما يقال بأن إثيوبيا مدعومة من قوى خارجية، إلا أن الوضع الإقليمي والدولي هو في صالح مصر والسودان، ومن المستبعد تدخل قوات أجنبية في حال وقعت عمليات قتالية.
القوات العسكرية الإثيوبية تُعتَبر هزيلة بالمقارنة مع قوات مصر والسودان، سواء أكانت البرية أم البحرية أم الجوية؛ حيث أنَّ ميزان القوى يشير إلى تفوق كبير لصالح مصر والسودان بنسبه (١ الى 25).
وأما بالنسبة للتركيبة الدِّيمغرافية، فالشَّعبان المصري والسوداني تربطهم أواصر قومية وتراثية وتاريخية مشتركه، بعكس إثيوبيا التي تسمى دولة الفسيفساء أو (متحف الشعوب)؛ فهي ليست أمة واحدة، بل تتكون من العديد من القوميات، وينقسم سكّانها على ٨٠ مجموعه عرقية واثنية تختلف في اللغة والعادات والتقاليد والدين، كما تنقسم البلاد إلى عشر أقاليم يستقل كل منها بحكم ذاتي، وتتناحر العرقيات الكبيرة في ما بينها، وأهمها: الأمهرية والتيغراي وأرموا الصومالي، وسيدا ماغ، وكوراج، ومولاتي.
والاستنتاج هو أنَّ التركيبة الديمغرافية لإثيوبيا تعتبر رخوة، وأن أيّ حرب قد تقع ستشجع هذه العرقيات على الانفصال كما يحدث الآن في إقليم تيغراي الذي تمرَّد ويسعى إلى الاستقلال عن المركز، ويدين سكانه بالمسيحية حسب المذهب الأرثوذكسي.
وفي ظل هذه الواقع فإن من حق مصر والسودان أن تدافعا بكلّ السبل عن حقوقهما المشروعة في مياه النيل الذي يُعتبر شريان الحياة لكلٍ منهما.
لذلك متوقع أن تضطرّ القيادة المصرية والقيادة السودانية إلى اتخاذ القرار للقيام بعمليّات حربيّة محدودة لا تحدث أضراراً بالأرواح والممتلكات والبنية التحتية للأقاليم العرقية الإثيوبية، بل تتركز على سد النهضة، ويكون من أهدافها أيضاً ابطال إرادة القتال لدى الجيش الإثيوبي.
ومِنْ ضمن السناريوهات الحربية المتوقعة، ما يلي:
السيناريو الأول، شنّ غارات من البحر والجو على الأراضي الإثيوبية ضمن بنك أهداف محدد يشمل مواقع القيادات والاتصالات والمطارات العسكرية وطرق المواصلات النافذة إلى سد النهضة. كما يشمل ينك الأهداف تدمير السد الصغير الواقع جنوب جسم السد الرئيسي بمسافة ٦ كم، وتدمير المولدات الكهربائية للسد.
السيناريو الثاني، توجيه ضربة بالصواريخ الدقيقة أرض – أرض لتدمير طرق المواصلات وقواعد الدعم اللوجستي والمطارات للقوات الموجودة على الحدود السودانية وقوات حماية السد.
السيناريو الثالث، القيام بضربات جوية حول السد، ومن ثم الزج بقوات محمولة جواً بطائرات عامودية، ترافقها قوى من سلاح الهندسة تقوم بنسف مولدات الطاقة والنقاط المهمة التي يرتكز عليها السد ثمّ تغادر المنطقة.
السيناريو الرابع، القيام بعمليات برية، عبر الحدود السودانية الإثيوبية، مدعومة بقوت نار من الطيران والمدفعية؛ حيث أنَّ السد يبعد عن الحدود السودانية مسافة لا تزيد عن ٢٠ كم، وتحتل القوات السد وأكنافه، لتأمين محيطه بمساحة ١٥٠٠ كم (ويعتبر هذا السناريو الأكثر كلفة).
نتمنى أن لا تقع الحرب وأن توقف القيادة الإثيوبية حالة التحدي والاستفزاز والاستهتار بكل من مصر والسودان، وتعود إلى منطق العقل والانصاف.. بالتفاوض الهادئ والتفاهم على التقاسم العادل لمياه النيل. وبعكس ذلك، وضمن المعطيات التي ذكرتها، وفي حال وقوع الحرب، تكون القيادة الإثيوبية قد انجرَّت إلى مخاطرة كبيرة غير محسوبة، وارتكبت خطيئة لا تُغتفر بحق نفسها وبحق بشعوب إثيوبيا كلّها التي ستجد نفسها وقد وقعت في مستنقع حروبٍ أهليّة طاحنة في ما بينها. وهو ما سيجعل البلاد عرضة للتقسيم على أساس اثني، وربّما يقودها إلى التشرذم والتحول إلى كيانات صغيرة فاشلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العميد المتقاعد الدّكتور علي الحباشنة، رئيس اللجنة الوطنيّة العليا للمتقاعدين العسكريين في الأردن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائع
محمود ابراهيم ( 2021 / 7 / 14 - 09:15 )
مقال رائع سيادة العميد
وأتصور أن اثيوبيا لن تكف عن عمليات العداء والتهديد لمصر و السودان
ولكن أرى ان مصر والسودان قصرتا في هذه المسألة وبخاصة أن مياة النيل هي الحياة لكلا
:الدولتين
سمحت الدولتان بتطويل فترة التفاوض والمراوغة، عشر سنوات تقريبا من الكر والفر الاثيوبي دون طائل
ووقعت الدولتان على إعلان المبادئ وهذه خطوة خطيرة بنت عليها أثيوبيا كافة الخطوات الأخرى
لم تعلن الدولتان موقفاً واضحاً بصدد أن ما تفعله اثيوبيا يعد حرباً واعتداءاً ماديا جسيما وصريحا
.على الوجود المصري و السوداني
هناك سيناريو آخر: لماذا لا تحتل مصر والسودان الإقليم الذي يوجد به السد وتدير الدولتان هذا الإقليم وتشترط للخروج منه ملكية ثلاثية للسد بين اثيوبيا والسودان ومصر وبالوقت نفسه تبحث الدولتان عن الحقوق التاريخية لهما في كافة الموارد المائية والطبيعية.

اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع