الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 1 )

آدم الحسن

2021 / 7 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


الحديث عن التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية و الصين صار يأخذ ابعادا واسعة حيث وصفته بعض مراكز البحوث الاستراتيجية الأمريكية من أن هذا التنافس سيكون أحد عوامل رسم صورة المشهد السياسي الدولي في السنين القادمة .

قبل الدخول في دراسة صورة المشهد السياسي الدولي القادم و سلوك الولايات المتحدة الأمريكية في الأصعدة المختلفة للتصدي للصين كقوة جديدة صاعدة تهدد الهيمنة الأمريكية على العالم و خصوصا الهيمنة على الاقتصاد العالمي و نظامه النقدي الحالي الغير عادل الذي من خلاله تقوم امريكا و البعض من حلفائها بأبشع أنواع الاستغلال الاستعماري للشعوب و ما سيقابل ذلك من ردود أفعال من الجانب الصيني لابد من التوقف عند ميزان المقارنة بين القوتين , امريكا و الصين .

في العموم , أرى أن لقوة كل دولة ستة اركان اساسية و هنالك اركان ثانوية عديدة اخرى و لأن كل واحدة من الأركان الأساسية فيها الكثير من التعقيدات و التشعبات لذا يمكن الاكتفاء بتناول سريع و مختصر لها لإعطاء اطار عام لكل ركن من اركان هذه القوة و التي هي :

اولا : قوة العلوم و التكنولوجية .
ثانيا : القوة الاقتصادية .
ثالثا : القوة العسكرية .
رابعا : قوة الدبلوماسية و التحالفات الخارجية .
خامسا : الحالة الحضارية و الثقافية للشعب .
سادسا : النظام السياسي و الحريات الشخصية .

عند تناول الركن الأول المتمثل بقوة العلوم و التكنولوجية و نضعه في ميزان المقارنة سنجد أن التنافس بين الصين و امريكا في هذا المجال متشعب و حاد جدا فمنذ سنة 2000 اصبح واضحا أن الصين قد بدأت تحقق نجاحات كبيرة و مهمة في مجالات متعددة من العلوم و التكنولوجية .

لم يكن تطور الصين هو المشكلة الخطيرة بالنسبة الى أمريكا و إنما سرعة هذا التطور هو مصدر القلق الأمريكي حيث إن السرعة العالية لتطور الصين في المجالات العلمية و التكنولوجية هي التي دقت جرس الإنذار لدى صانعي الاستراتيجيات الأمريكية فقد استفز هذا التطور المتسارع للصين الدولة العميقة في أمريكا و جعلها تعيد حساباتها و تضع الخطط و الاستراتيجيات لإيقاف هذا التطور ا...!
السؤال هو :
هل تستطيع امريكا النجاح و التغلب على الصين من خلال وقف تطورها و خصوصا في مجال العلوم و التكنولوجية ...؟
في زمن قياسي تمكنت الصين من تقليص الفجوة بينها و بين الدول الأكثر تطورا و منها امريكا فعند كل خطوة تخطوها امريكا الى الأمام في مسار التطور العلمي و التكنولوجي تخطو الصين عدة خطوات الى الأمام .... و اذا ما استمر الحال على ما هو عليه الأن ستكون امريكا في المستقبل القريب أمام العملاق الصيني الذي يتفوق عليها في كل المجالات العلمية و التكنولوجية و ستكون الصين قوة علمية و تكنولوجية عظمى رقم واحد في العالم , و سوف لن تستطيع أي دولة اللحاق بها لسبب مهم هو أن الصين سوف تمثل اكبر تكتل بشري علمي موحد و منظم مدعوم باقتصاد فائق القوة يعتمد على قدر كبير من العدالة الاجتماعية في بلد خالي الى حد ما من الأمراض المجتمعية الخطيرة كتفشي المخدرات و الجريمة المنظمة و غيرها .
فاذا اعتبرنا أن معدل الأبداع و الابتكار و الإنتاج الفكري لنفرد الواحد سيتساوى في امريكا و الصين مستقبلا و هذا الأمر مؤكد جدا فأن الكتلة الكلية للإبداع و الابتكار و الإنتاج الفكري في الصين سيعادل حوالي خمسة اضعاف الكتلة الكلية للإبداع و الابتكار و الإنتاج الفكري في امريكا , و بحكم أن العدالة الاجتماعية التي يوفرها النظام الاشتراكي ذو الخصائص الصينية تعزز من الانضباط و التعاون الاجتماعي و الذي بدوره يزيد من معدل الأبداع و الابتكار و الإنتاج الفكري لنفرد الواحد لذا ستكون المحصلة هي أن حجم الكتلة الكلية للتطور في الصين ليس خمسة اضعاف حجم الكتلة الكلية للتطور في امريكا بل اكثر من ذلك بكثير ... !
عندها ستصبح امريكا خلف الصين بمسافات و هذه المسافات التي تُعَبِرْ عن التخلف النسبي لأمريكا عن الصين ستزداد مع مرور الزمن ... !

أن اغرب شيء اكتشفه قادة امريكا هو أنهم كلما زادوا من حصارهم و ضغطهم لمنع الصين من التطور العلمي و التكنولوجي يحصل العكس فمثلا منعوا الصين من الاشتراك في المحطة الفضائية الدولية لحرمانها من التطور في مجال تكنولوجيا الفضاء فكانت النتيجة هي العكس حيث قامت الصين ببناء محطة فضائية خاصة بها و بذلك طورت الصين امكانياتها الذاتية في هذا المجال اكبر من ما لو اشتركت الصين في المحطة الفضائية الدولية لأن حرمانها من المشاركة زاد من إصرارها على تطوير قدراتها الذاتية ... !

لا شك أن العالم يعيش اليوم عصر العلم و التكنولوجية و ذلك لكون أن العلم و التكنولوجية هما المحرك الأساسي لتطور كافة انواع الصناعة و الزراعة و الاتصالات و تكنولوجيا الفضاء و التقنيات العسكرية و غيرها .
المتابع للإنجازات الصينية في المجالات العلمية و التقنية سيجد أن الصين قد تفوقت فعلا على امريكا في بعض فروع العلم و التكنولوجية و لازالت الصين متخلفة عن أمريكا في فروع أخرى و إن التنافس مستمر و حاد جدا في جميع المجالات العلمية و التكنولوجية لكن أبرز هذه المجالات التي يمكن اعتبارها كأعلى مراحل التطور الذي وصلت اليه البشرية في هذه المرحلة و التي سيكون لها تأثير كبير في تطور باقي مجالات العلوم و التكنولوجية في الزمن المنظور هي :
** البرمجيات فائقة التطور و الذكاء الصناعي .
** الاتصالات عبر الألياف الضوئية و تراسل البيانات عبر الهواتف الذكية و الكومبيوترات الشخصية .
** تكنولوجيا الفضاء .
** طاقة الاندماج النووي .
** الكومبيوتر الكمومي .
** النانو تكنولوجي .
** الوقود الأيوني .
** الهندسة الوراثية .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل