الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النكبة بين تجريف الذاكرة وذكريات الألوان (9)

زاهر بولس

2021 / 7 / 16
الادب والفن


(9)
يتنقَّل النّص زمانيًّا من أطياف بدايات ما قبل النكبة إلى ما بعد اتفاقيات اوسلو، ويتنقّل مكانيًا في أشلاء الوطن، المُحتَل، المُمزق بين يافا والقدس والناصرة، بين قطاع غزّة والضفّة الغربيّة والارض المحتلة عام 48، راسمًا بريشة ناعمة جرائم العصر، وبأسلوب مميّز، ضمن تقنيّة اللوحة- النَّص، أو النَّص- اللوحة، له ما له وعليه ما عليه من نقد ممكن.

ويتساءل البعض، أو يتّهمنا بالاعتقاد بنظريّة المؤامرة، وهل هنالك مؤامرة كونيّة؟! وهل هنالك تزوير وأعماق تزوير؟! أم أنّه من نسج أفكارنا! وهل نبالغ في تخوّفنا وتصويرنا!

"لم يكن ونستون يعرف ما الذي يجري في تلك المتاهة غير المرئيّة.. وبمجرّد ما يتم إجراء التصحيحات التي تكون لازمة على أي عدد من أعداد التايمز حتّى تُعاد طباعته مع إتلاف النسخة الأصليّة لتحل مكانها النسخة المصحّحة في الملفّات المحفوظة، ولم يكن اجراء التعديل مقصورًا على الصحف وإنّما على الكتب أيضًا ومختلف أنواع الدوريات والنشرات والملصقات والمنشورات والأفلام والتسجيلات الصوتيّة وأفلام الصور المتحرّكة والصور الفوتوغرافيّة، وهذا يعني أنها تُجرى على أي نوع من أنواع الأدبيّات والوثائق ذات الأهميّة السياسيّة أو الأيديولوجيّة، وهكذا يومًا بعد يوم، بل دقيقة بعد دقيقة تقريبًا. لقد كان تحديث الماضي يجري بشكل مستمر.. وبذلك يتم تصحيح كلّ تنبُّؤ للحزب (الحاكم- زاهر) بالدليل الوثائقي فلم يكن يُسمح أن تظلّ في السجلّات أي خبر أو رأي قد يتعارض مع ما يحدث في اللحظة الراهنة، حتّى التاريخ كان يُمسح ويُكتب من جديد، ثم يُمحى وتُعاد كتابته كلّما دعت الضرورة إلى ذلك، وبالتالي لا يمكن إثبات أي تزوير فيما بعد.".

هذا ما كتبه جورج اورويل في روايته الشهيرة �׳ وكأنها تروي إلى حدٍّ ما ما حصل في معركة التوثيق والكم الهائل من التزوير الذي قامت به الحركة الصهيونيّة وأذرعها العسكريّة عن نكبة العام �׳، وطبعًا تشابه الأرقام مصادفة، لكن من شأنه أن يرفع من يقظتنا حول هذا الأمر.

وهذا الاقتباس، وإن كان أدبيًا، فإنّه لا يخلو من الحقيقة، لذا تبقى أهميّة إعادة نشر توثيق المرحلة بأَشكاله وإِشكاله، ويبقى دومًا متّسع لرفد هذا التوثيق عن النكبة المستمرّة، شريطة عدم التكرار الممل، وولوج الساحة بأدوات جديدة. ويبقى العصب الأساسي الذي يقود مواجهة التزوير وفضحه على المستوى العالمي ما يقوم به المفكّر العراقي د. فاضل الربيعي، وأعماله أشبه ببنية تحتيّة تحمل على أكتافها مجمل ما نشيّده من بنية فوقيّة حضاريّة. "وعندما ينسى الناس عمليّة التزوير" يصبح وجود أي شخص وهمي مُتخَيَّل "يماثل وجود كلّ من شارلمان أو يوليوس قيصر في صحّته وثبوته" (1984/اورويل).
(زاهر بولس/ يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا


.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07




.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب


.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج




.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت