الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذات المقهوره والرضوخ المازوخي للمتسلط

قاسم محمد الياسري
كاتب وباحث

(Qasim-mahmad - Alyesri)

2021 / 7 / 16
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


د-قاسم محمد الياسري
للأسف كثيرا ما نلاحظ هذه الايام في مجتمعنا ظاهرة ارتفاع نسبة شتم الذات العراقية في صورة سلبية من صور بخس الذات وعدم تقبل الآخرين وبعضنا وصل به الأمر الى كره الذات واحتقارها في نظرة سلبية للذات وهذا التدني في احتقارالذات الشائع السلبي التشائمي الذي يعم مجتمعنا اليوم هو واحد من نتائج المعاناة التي تسمى (اضطرابات الشخصية المازوخية)أو إضطراب الشخصية المحبطة للذات او اضطراب الشخصية المهزومه ذاتيا ذات الأفكارالغريبة المكبوتة والتي ترتقي لتكون شاذة وهذا هو إنحراف نفسي وتشوه حيث يتميز المصاب بهذا المرض بالخضوع والاستمتاع بالاضطهاد والاذلال والإهانات مصحوبا بالألم النفسي ويصل الامرالى الإستمتاع بالألم الجسدي والذي قد يؤدي بالفرد الى الموت أحيانا .فالذات الانسانية يمكن تقسيمها الى قسمين وهي الذات المزيفة السلبية التي نمارسها في علاقاتنا اليومية بالاخرين بالنفاق والتزييف والخضوع والخنوع والذلة لكل مايطلبه منا المتسلط سواء كان رب السرة او رئيس الدائرة المستبد او رئيس الجماعة او رئيس الحزب او الدولة اما الثانية التي تمثل صورة الأنا الداخلية التي ترافق الاحاسيس والمشاعر الصادقة من الطموحات وهاتان الصورتان في النفس دائمتا الصراع بينهما..ففي المجتمعات المقهورة يساهم وينظم رجل الدين ورجل السياسة لمجموعة المتسلطين في خلق انسان مستلب مقهور ينظر الى ذاته نظرة تشائمية تحت يافطة مايراه من شعارات مزيفة شكلية وفق سلوك مايريده فيتحول احيانا الى عدواني نتيجة معاناته الداخلية او شتم ذاته وبهذا سلوك الشتم يمكنه التغلب على انانيته او ذاته الداخلية وثقته بنفسه تتحول الى الاضطراب فينتج مجتمع مقهورمضطرب أفراده يستلذون بتعذيب أنفسهم ويقدسون جلاديهم .يقول عالم النفس الأمريكي تيموثي جاي في كتابه الشتم رغم ان الشتم حالة سلبية وخصوصا عندما تهدف للإستهانة بالاخرين إلا أنها تلعب دوراً مهماً في تخفيف الضغوط النفسية ونوبات الغضب والقلق وبعكسه سيلجأ المرء الى الاعتداء والعدوانية واستعمال العنف والايذاء الجسدي ومن يعتاد إستخدام الشتم في سلوكه هي إشارة لوجود مشكلة تجذب الإنتباه نتيجة لمعاناة الفرد من الإضطرابات لم تظهر في سلوكه سابقا مما يجلب انتباه الآخرين نحوه وهذا الشتم يعني نوع من اللغة المستخدمة للتعبير أو إنعكاس للمعانات والمشاعر الداخلية المكبوتة في نفسية الأفراد ..ومن خلال ما يتعرض له الناس في مجتمعنا من ظغوط واضطهاد وترهيب وهذا السلوك هو واحد من الاسباب التي تسببت بارتفاع نسبة شتم الذات في مجتمعنا نتيجة لمعانات المجتمع من المتسلطين المرضى في الاسرة والمجتمع ..فنحن اليوم في وطن فوق قبورمجتمعه تبرم الصفقات وأسفل أقدام المتحكمين بمصيره يموت الفقراء المقهورين السذج.. فاصبح اضطهاد المجتمع وسيلة لديمومة التسلط والتحكم بمجتمعنا وفق مبدأ المدرسة الصهيونية الثابت(الدين كوسيلة فعالة للسيطرة على الشعوب)..لذالك فقد المجتمع الثقة حتى بدينه وفقد التمييزالأهم بين إنقاذ نفسه وتنفيذ العدالة ومن هنا يتضح سلوك المتسلط بالدفع الى التخلف الاجتماعي وايصال المجتمع الى تحقير وبخس ذاته والشعورالاضطهادي الذي يفتش عن المخطئ كي يحمله وزرعدوانيتة المتراكمة داخله وكي يوصل الانسان المضطهد الى مرحلة لا يستطيع ان يكتفي بادانة الوطن وذاته وشتمها فقط وتشيرالدراسات إلى أن المتسلط يحرص ويسعى على أن يغرس في نفسية المجتمع مشاعر الإثم والدونية كي يوصله الى التخلف والى الخجل من ذاته ويفضل الهرب من مواجهة ذاته وبعدة وسائل فينحرف بعض الافراد ويتحول البعض الى العدواني او تعاطي المخدرات التي يساعد في نشرها المتسلط او يتجه البعض الى ان يلوم نفسه ويكيل النعوت السيئة لنفسه متهما نفسه بالتقصير والتخاذل والجبن وينهاراحترامه لذاته ومن ثم يضخم تقديره العالي للمتسلط ويرى فيه نوعا من الإنسان الرائع الذي له حق مقدس في السيادة والتمتع بكل الامتيازات وهذه هي علاقة الرضوخ من خلال التبعية للمتسلط في العائلة او المجتمع لفرض تسلطه ومن هنا تبرز حالة الاستلاب والتقرب من المتسلط سواء كان رب او ربة الاسرة أو مسؤولا او رئيس دائرة او زعيم جماعة او رئيس عشيرة ..فتنغرس وتترسخ في ذهن الفرد أفكارا بأنه لا مناص من الخروج من هذا المأزق الوجودي سوى التقرب من المتسلط المسؤل او رئيس الدائرة المتسلط او رب الاسرة المتنمر والتنكر الشامل لانتماءات الذات الاجتماعية والتاريخية مما يولد حالة من الرضوخ السوداوي للقدرالمكتوب واتخاذ الدفاعية ضد التغيير..فتعم المجتمع النظرة التشائمية لذاتهم فتجعل الفرد تابع مسلوب الارادة فاقد لإرادته وهذا الأمر لا يختلف إذا انتقلنا للحديث عن علاقة المقهوربرب الدائرة المتسلط او برب العمل او رب الاسرة او برب الجماعة إنها علاقة تبني على الطاعة المطلقة وأمام كل هذا الاستعباد فإن الإنسان المقهور ينتقم من ذاته أما بالكسل واللامبالات أوالتخريب وتعاطي المخدرات أوالسخرية من نفسه وشتمها وشتم الوطن ما يخلق ازدواجية في العلاقات المجتمعية ورضوخا ظاهريا في حين هناك عدوانية خفية في الإنسان المقهورفيلجأ هذا الذي يبخس ذاته الى مخاطبة المتسلط بلغته نفسها من الكذب والخداع والتضليل اي بنفس لغة المتسلط من الوعود المعسولة والتضليل تحت شعارات مخادعة بالوعود الإصلاحية والخطط الإنمائية كلها هراء وغش اعتادعليها المجتمع الذي بدوره انتهج نفس الخداع والتضليل حين يدعي الولاء ويتظاهر بالتبعية لهذا المتسلط إن حياة الإنسان المقهور حسب الدراسات لا تخلو من عقدة النقص والعار مع اضطراب واصطباغ التجربة الوجودية بالسوداوية وهذه جميعها تدفع الإنسان المقهور نحو الاتكالية والنكوص والاستسلام للقدر وطغيان الخرافة على تفكيره فعوضا من تحكيم العقل والتفكير السليم والعمل على تغيير وضعيته يلجأ المقهور إلى التحايل ويستمتع بحياة العبودية وتجسد الإدارة نموذجا لعلاقة الإنسان المقهور بالمتسلط ..فالموظف يتعالى على من هم دونه ويقابلهم أحيانا بالصد والتعالي والنبذ الصريح وهذا ما ورد أيضا في بعض الدراسات لعلاقة المقهور بالإدارة فالموظف ما أن يقم بعمل للمقهور فإنه يعتبر ذلك منة علية لأنه صاحب حاجة وليس واجب الموظف الذي تمليه عليه وظيفته وامانته وهو في ذلك يكرر موقف رئيس الدائرة منه وهذا الاخير يكرر موقف المسؤول الأعلى منه وهكذا ليتخذ الأمر في النهاية علاقة استعلائية استعبادية وليست علاقة تراتبية تحكمها الواجبات والحقوق وتضمن الحقوق لكل المواطنين..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في