الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دموع سقاية ...

عبد الرحيم الرزقي

2021 / 7 / 17
الادب والفن


ـــ دموع سقاية ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


تلزمني الإطلالة المتأنية كلما ناوشت زقاقات ـ زاوية لحضر ـ أو كنت قافلا من ـ أمصفح ـ أو قاصدا ـ ابن جعفر ـ .. تلزمني ـ قلت ـ تلك الإطلالة المتأنية لأنظر بحسرتي إلى ما آلت إليه السقاية ..
آه ويتأجج في قلبي الغضب .. كل الغضب على هته التفاصيل الفنية التي تتعرض يوما وراء غيره لكل صروف الإهمال.. وتلك النقوش التي توارت خجلى داخل أتربتها المتموضعة على تفاصيلها منذ عقود ــ أجيال .
... ويمرق با حمدان على هوائيته متأملا عالمه الخاص به .. مبتسما كعادته للعالم والناس .
توارى جانبا إذ ناديته .. وشذبنا أطراف الحديث الطيب الخالي من البلابل .. وبين الفينات كان يرمقني ولكأنه كان يفهم مقاصدي ..واتجاهات تعابيري .
أنا الآخر لم ألاق عسرا أو عرقلة في فهم إجاباته المضمرة خلف نضارة الفنان .. وكأنني به يقول لي :
ــ فعلنا ونفعل .. وسنفعل ما نستطيع .
دارت أحاديصنا على عواهنها ثم توادعنا .. تناول أحمد دربه .. بينما استدرت طواعية صوب السقاية .
ماء هذه السقاية زلال وراو وبارد يثلج الصدر .. وينثر على لوحة التذكر صورا للطفولة .. وحتى كل مراحل العمر .
... تقذف ــ ارجيلة ديور الصابون ــ بزبيدة الزحافة وهي تهرول حاملة خرقتها ومقتفية أثر طفلة ـ أغلب الظن أنها طفلتها ـ .
تبدو الطفلة كمقبلة على الصيام .. إذ أن بدانتها لم تخف نهديها اللتين استنفرتا صدرها .. الطفلة جسمانيا تحاكي أمها التي كبرت معي في نفس الحي .. ذاك جعلني أوقن أنها ابنتها .
ــ بلاتي عليك آ الجنية .. آ الروحانية حتى نشذك .
أوقفت زبيدة بعد أن شددت على الخرقة التي كانت داخل يدها .
ــ الرجوع لله آ زبيدة .. كان حتى كان الله .
ــ هذ الشي راه فات القياس آ السي بلفاطمي ... توقفت تنهج .. وبعد لحظات عاد إليها هدوءها .. وطفلتها تقترب .. أخذت طفلتها وودعتني .
حدث كل هذا لي منذ أزيد من عقد ونصف .. وأنا داخل السقاية أنظر إلى الصنبور .. أرمي بالمياه على وجهي وأطرافي واسترجع ما دسته الايام .. ودارته عني لاهيات الدهر .
في ــ البار الميكست ــ الذي تموقع غير بعيد عن علبة السهر .. كنت على ــ تابوري الكونتوار ــ أنخر عباب الأكواب الصفراء .. حين نزعت من بين أصابعي سيجارتي .. وعلى التابوري القريب مني تموضعت ... لم تكن سواها .. هند الزحافة ..لم تبلغ بعد العشرين .. وعلى مسار تفاصيل جسدأمها كانت
ــ اليوم جابتك الحصلة آالسي بلفاطمي .. اليوم س ... س ...
حل المساء علي وأنا على كرسي ابا عزوز أمام الحانوت المقابل للسقاية .
تتململ الذكريات واتململ معها ز حل المساء علي وعلى الناس الغادين الرائحين .ز وينطق بداخلي ذلك العشق الذي لايجد تفسيرا سور أسر عميق وامل في اندمال جرح الوقت ..
ذات يوم ستجد السقاية من يعتني بها .. قلت هذا على سبيل تطييب الخاظر .. وانجرفت كالمجريات .. كالذكريات .



ـــ نص قصصي : عبد الرحيم الرزقي
6 أكتوبر 2020 مراكش الحمراء .. المغرب


ــ مابين عارضتين أسماء لبعض احياء مراكش .
ــ السقاية هنا من أشهر سقايات مراكش المسماة سقاية اشرب وشف
سقاية شرب وشوف...

لعلها من أشهر سقايات مدينة مراكش إن لم تكن هي الأشهر على الإطلاق بالفعل، وتوجد بحومة أسول المرابطية على بعد أمتار معدودات من فندق الملحة الشهير بأمصفح ومن البويبة المؤدية إلى ديور الصابون، توجد اليوم في حالة مزرية على الرغم من بعض المحاولات المحتشمة لإعادة ترميمها في ما مضى...

يعود تاريخ إنشاء سقاية شرب وشوف إلى العصر السعدي، وهي تنفرد بخاصية معمارية فريدة تجعلها السقاية الوحيدة على مستوى العالم بأسره التي تم فيها نحت النقوش وزخرفتها على خشب جذوع النخل العصي على التعامل الفني معه، وفي هذا سر ترويه بعض كتب التاريخ؛ إذ أن ذلك تطلب حسب الخبراء زمنا طويلا ودربة خاصة، حيث عمد الصناع آنذاك إلى وضع جذوع النخيل المذكورة في صهاريج من الخل البلدي، لتتماسك أليافها ويسهل نحتها ووضع النقوش عليها...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصحيح
عبد الرحيم الرزقي ( 2021 / 7 / 17 - 20:58 )



من دارت احاديصنا
:والصحيح
دارت أحاديثنا









.

اخر الافلام

.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي


.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل




.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي