الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الامازيغ في صراع نظامي المغرب والجزائر

صلاح بدرالدين

2021 / 7 / 19
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


الكثير من أنظمة المشرق ، والشرق الأوسط عموما ، تعجز او لاترغب بحكم طبيعتها الدكتاتورية والشوفينية ، في إيجاد الحلول لقضايا القوميات المضطهدة المحرومة ، حتى تستخدمها ذريعة لاثارة الفتنة على أسس عنصرية ، ومن ثم الإبقاء على الاحكام العرفية ، على حساب الحريات العامة ، والتطور الديموقراطي ، وتثبيت حكم العسكر والمخابرات ، تحت حجة الدفاع عن الامن القومي المهدد ، والحفاظ على وحدة البلاد من الانفصاليين !! وكما يبدو فان الظاهرة لاتقتصر على بلدان المشرق فحسب بل ، تفعل فعلها في بلدان الشمال الافريقي أيضا .
وعندما تصل أصوات تلك الشعوب المطالبة بالتضامن معها الى مسامع المجتمع الدولي ، والقوى الديموقراطية ، ومنظمات حقوق الانسان ، وعندما تستجيب اطراف دولية ، وتبدي العطف تجاه محنة تلك الشعوب ماتلبث السلطات الحاكمة الدكتاتورية الظالمة ان تتهم حركات تلك الشعوب بالخيانة ، والانفصالية ، وتوجه أصابع الاتهام الى أي طرف متعاطف بالتدخل في الشؤون الداخلية ، وخرق القانون الدولي ، والأعراف الدبلوماسية .
لم يكن النظامان الحاكمان في البلدين بحاجة الى سبب جديد لتسعير خلافاتهما المتأصلة بالأساس منذ عقود ، حتى تضاف مادة جديدة للقضايا الخلافية المتراكمة بين البلدين ، عندما قام مندوب المغرب لدى الأمم المتحدة بتوزيع وثيقة رسمية باسم دولته معززة بالقرائن تعلم فيها جميع الدول الأعضاء بالمنظمة الدولية عن معاناة الشعب القبائلي " الامازيغي " بالجزائر من الاضطهاد ، والحرمان من الحقوق ، داعية الى نصرة هذا الشعب لانتزاع حقه في تقرير المصير ، وقد حظيت الخطوة الدبلوماسية هذه بالاهتمام الكبير ، ومازالت تتفاعل بين أوساط المهتمين بقضايا الشعوب ، ومسائل حقوق الانسان ، ولذلك كان وقعها شديدا ، ومفاجئا ، بل صادما ، للنظام الجزائري ، والرئيس المنتخب حديثا ، وحكومته الجديدة .
الامازيغ في شمال افريقيا
يعتبر الامازيغ من أقدم شعوب المنطقة ، ومن سكانها الأصليين قبل الفتوحات الإسلامية ، وتوزعوا بين الدول التي استقلت مثل المغرب ، الجزائر ، ليبيا ، تونس ، مصر ، وحرموا بذلك من تقرير مصيرهم ، وانشاء دولتهم المستقلة الخاصة بهم ، بل قاموا بالدور البارز في معارك التحرر الوطني ، والاستقلال ، في جميع تلك الدول ، وبرز من بينهم شخصيات شهيرة في الفروسية والشجاعة ، والعلوم ، لعبت أدوارا في المراحل التاريخية الساحقة ، وقد تعرضت حقائق تاريخ هذا الشعب الى التزييف ، والتعتيم من جانب أوساط حاكمة شوفينية بتلك البلدان بعد مرحلة الاستقلال .
لقد شاركت شخصيا في مناسبات حول الامازيغ وكان من ابرزها المؤتمر الذي دعت اليه المؤسسة الامازيغية الثقافية المعروفة بالمغرب " مركز الذاكرة المشتركة من اجل الديموقراطية والسلم " الذي يديرها المفكر الامازيغي المغربي الصديق – عبد السلام بو طيب - وكنت مكلفا بتقديم ورقة حول القضية الكردية ، ومقارنتها بالقضية الامازيغية ، وتعرفت هناك على مؤرخين ، وعلماء ، ودعاة حقوق الانسان ، واكاديميين أمازيغ ، وبمشاركة مثقفين وناشطين سياسيين من معظم البلدان العربية ، وكذلك من تركيا ، وتكلم بالمؤتمر مندوبا عن الملك المغربي .
معظم ان لم يكن كل الأوراق والمداخلات ، التي قدمت من جانب المؤرخين ، والاكاديميين الامازيغ أجمعت على أن نسبة هذا الشعب بكل تفرعاته تربو على ٦٠٪ في المغرب و اكثر من ٥٠٪ بالجزائر ، ونسب اقل في ليبيا ، وتونس ، ومصر ، وقد لاحظت وجود تيارين سياسيين بمنتهى العقلانية في الوسط الثقافي الامازيغي المشارك يتفقان على العموميات ، ويختلفان حول الاجتهادات السياسية . واحد يرى بالحقوق المعترفة بها رسميا تلبية لارادة الغالبية ، وآخر يرى تلك المكتسبات هامة جدا ولكنها غير كافية الا بالارتقاء الى تحقيق إرادة الامازيغ عبر الاستفتاء ليقرر مصيره بحرية .
أحوال الامازيغ في بلدان الشمال الافريقي
كان المغرب سباقا في الاعتراف الدستوري ، والقانوني ، بالامازيغ كمكون قومي ، وبثقافته ، وادراج لغته كلغة رسمية ، ولهم الان مدارس بلغتهم الام ، ومديريات بكافة انحاء البلاد تشرف على تطوير ثقافتهم ، وهناك صحف يومية ، ومجلات ، تصدر بلغتهم القومية ، وقد لاحظت خلال انتقالي بالسيارة من مطار الدار البيضاء ، الى مكان المؤتمر بالشمال الذي يبعد نحو ماءة وخمسين كيلومتر ، وجود يافطات واشارات مرور باللغتين العربية والامازيغية ، على طول الطريق السريع .
في الجزائر يختلف الوضع كليا ، وهناك موقف صارم من – العروبيين المتشددين - ضد حقوق الامازيغ من السلطات الحاكمة ( الجيش و المخابرات والحكومات التي تتعين وأصحاب المصالح ) الى درجة ان الجيش منع رفع العلم الامازيغي الى جانب الجزائري خلال المسيرات الاحتجاجية ضد نظام بوتفليقة والتي شارك فيها الامازيغ بقوة ، بل ان المخابرات أقدمت على اعتقال العشرات من النشطاء الشباب الامازيغ وزجت بهم بالسجون بتهمتين : القيام بتظاهر غير قانوني ، ورفع علم اجنبي !! ممنوع ، ومازال هناك معتقلون لم يطلق سراحهم .
الجناح العروبي المتشدد بالجزائر والذي يشبه بتركيبته الأيديولوجية حزب البعث بسوريا والعراق ، نشط ونما في ظل رئاسة – هواري بو مدين – الذي لم يتورع بالتدخل بشؤون العراق ، والتآمر على شعب كردستان ، عبر توسطه بين صدام حسين وشاه ايران عام ١٩٧٥ ، وابرام اتفاقية الجزائر السيئة الصيت التي أودت بالثورة الكردية ، وبالسيادة العراقية على جزء من شط العرب لمصلحة ايران ، وكان الأهم للعقلية الشوفينية الحاقدة التخلص من الكرد .
مايقال ويتردد عن دعم الجزائر لحق تقرير مصير شعب – الصحراء الغربية بقيادة منظمة البوليساريو ، ليس دقيقا فالصحراوييون بالساقية الحمراء ووادي الذهب هم مغاربة وغالبيتهم الساحقة من العرب ، وليسوا شعبا آخر متميزا تاريخيا وثقافيا ، مثل الامازيغ ، والسلطات الجزائرية تلعب بتلك الورقة وتستخدمها لمآربها الخاصة ، ومن اجل غض النظر عن ازماتها ، ومشاكلها الداخلية كسلطة دكتاتورية ، يقودها الجيش والجنرالات من وراء الستار ، وبالمناسبة علاقات السلطات الجزائرية قائمة ومتطورة مع نظام الاستبداد ببلادنا ، بل ان تلك السلطات تضايق على كل سوري مقيم بالجزائ يعادي نظام الأسد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لايوجد سبب معقول لعداء النظام الجزائري للمغرب
منير كريم ( 2021 / 7 / 19 - 06:48 )
تحية للاستاذ الكاتب
قرات كثيرا حول الخلاف بين المغرب والجزائر ولم اجد سببا معقولا على اصرار الجزائر الدائم في عداء المغرب
المغرب ساعدت الجزائر في حرب الاستقلال وقابلت الجزائر الاحسان بالاساءة فصادرت اراض مغربية حدودية وشنت حربا عسكرية ضد المغرب في الستينات وهي تناصب العداء للمغرب بدون سبب مقنع
الذي لديه تفسير لهذا السلوك العدواني للنظام الجزائري ضد المغرب فليتفضل ويوضحه
شكرا


2 - استفسار
أنور نور ( 2021 / 7 / 19 - 08:56 )
جاء في المقال : الأمازيغ من أقدم شعوب المنطقة ، ومن سكانها الأصليين قبل الفتوحات الإسلامية
السؤال : هل تقصد قبل الاعتداءات الاسلامية ؟
فالعدوانات والاحتلالات الاسلامية العربية هي من أضاع الهوية الأمازيغية كما أضاع هوية مصر وباقي الدول المنكوبة بالاسلام والعروبة
سوف يحصل الأمازيع علي حقوقهم عندما يكُفّ المثقفون عن القول- الفتوحات الاسلامية - ويستخدموا التعبير الصحيح : العدوان الاسلامي , والاستعمار العربي / وليس الفتح
مع الشكر


3 - النظام الملكي الوراثي بالجزائر
صلاح الدين محسن ( 2021 / 7 / 19 - 10:23 )
الجزائر نظام ملكي حزبي وراثي لمن يسمون ب جبهة التحرير
والمغرب نظام ملكي وراثي عائلي
لعل هذا الاختلاف - الملكي الوراثي - هو سبب كراهية النظام الملكي الجزائري للنظام الملكي المغربي
الأنظمة الملكية الوراثية ليست قاصرة علي ملكية عائلات
فهناك ملكية حزبية وراثية . يكون الحكم وراثة بين أعضاء حزب واحد كحزب البعث , أو حزب جبهة التحرير الجزائرية / تحت اسم : جمهورية
وهناك نظام ملكي عسكري وراثي . يتداول الحكم فيه ضباط جيش - كما ضباط 23 يوليو 1952 - عبد الناصر وزملاؤه وخلفاؤهم وفي ظل وتحت شعار - جمهورية - ! وبانتخابات نتائجها مرسومة ومعروفة مقدماً ! - حكموا حتي الآن 70 سنة ! - والبقية لا نعرف حتي متي ؟
وكلهم : عروبة واسلام .. واسلام وعروبة = شعوب مسحوقة , منهوبة , مفقورة , و مغلوبة
سلام وتحية

اخر الافلام

.. هل سيؤدي تعليق شحنة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل للضغط على نتن


.. الشرطة الهولندية تفض اعتصام طلاب مؤيدين لغزة بجامعة أمستردام




.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا


.. طالبة تلاحق رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق وتطالبها بالاستقا




.. بايدن يقول إنه لن يزود إسرائيل بأسلحة لاجتياح رفح.. ما دلالة