الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- العلم و الدين في رواية أولاد حارتنا - الزجاجة و النبوت -

نادر عمر عبد العزيز حسن
كاتب و باحث و أكاديمي و طبيب

(Nader Hassan)

2021 / 7 / 19
الادب والفن


تعتبر رواية ((أولاد حارتنا)) لنجيب محفوظ من حيث المضمون، الرواية الأكثر تطرفًا في عدائها للأوساط المتدينة والمحافظة، وأكثرها تناولا للذات الإلهية منذ الفترة الاعتزالية وحتى يومنا هذا.. حيث اعتبر المعنزلة الله منزهاً من الأخطاء وعطلت صفاته فأطلقوا عليهم اسم ((المعطلة)). وهذه الرواية تسرد لنا حياة الأنبياء كما رآها محفوظ من وجهة نظره. ففيها يحاول الكاتب أن يصوّر للقراء مدى الظلم الإلهي الذي حلّ بالبشر وخصوصًا الضعفاء، منذ أن طرد الله آدم من الجنة وحتى اليوم، بل وترك الله الذي أصبح عجوزًا لا يقوى على شيء، الأشرار يعيثون في الأرض فسادًا وينزلون أشد العقوبات بالضعفاء.. كما أنه نسي وتناسى أن يعطي الفقراء نصيبهم من هذه الدنيا.. ولعله يبدأ هذه الرواية بقصة شخص يدعى الجبلاوي – وهو الله – ولعله استقى الاسم من كلمتين: الأولى جلّ جلاله والثانية من الجبل الذي يدل يرمز إلى العلو والشموخ. كثير الحريم يسكن في بيت كبير فيه حديقة جميلة، ثم ينجب الجبلاوي أولادًا أكبرهم ((إدريس)) – وهو إبليس- لا حظ التشابه في الأسماء، الذي اعترض وإخوته على قرار والدهم في اختيار أخيهم أدهم – وهو آدم - ليدير الوقف تحت إشرافه.. وجاء اعتراض إدريس لهذا القرار:
أولا: لكونه أكبر الإخوة سنًا وله حقوق ينبغي أن لا تهضم..
وثانيًا: لأنه وإخوته من أبناء هانم من خيرة النساء، أما أدهم فهو ابن جارية سوداء.
أما الأخوة عباس وجليل ورضوان الضعفاء فلم يستطيعوا الصمود أمام صلابة أبيهم فوافقوا على مضض. ثم نعتهم إدريس بأنهم جبناء ولم يتوقع منهم الهزيمة المزرية.. وبسبب جبنهم سوف يتحكم فيهم ابن الجارية.. وواصل إدريس اعتراضه وصياحه حتى أغضب والده فطرده من البيت الكبير إلى الأبد ليخرج إلى الأرض الواسعة. ((ما أهون الأبوة عليك، خلقت فتوة جبارا فلم تعرف إلا أن تكون جبارًا، ونحن أبناؤك تعاملنا كما تعامل ضحاياك العديدين..)) (1)
أما أدهم فقد أخذ يمارس عمله بهمة ونشاط حيث يقوم في تحصيل أجور الأحكار وتوزيع أنصبة المستحقين وتقديم الحساب إلى أبيه.. وكان أدهم قد أحب الجلوس في الحديقة – وهي الجنة- حيث سكانها المغردون، والماء، والسماء، ونفسه النشوى.. ثم يجلس فيها كل مساء ينفخ في نايه ألحانه الجميلة. ثم يتزوج من جارية قريبة لأمه تدعى ((أميمة)) – وهي حواء..
وفي أحد الأيام ينفجر الأب غضبًا حين اكتشف أن الخادمة نرجس قد ظهرت عليها أعراض الحمل فاستجوبت حتى اعترفت بأن إدريس اعتدى عليها قبل طرده.. فقام الجبلاوي بطردها وغادرت البيت الكبير وهي تصيح وتلطم خديها. فعثر عليها إدريس وألحقها بركابه وبنى لها كوخًا صغيرًا قرب البيت الكبير.
تسلل إدريس ذات يوم إلى إدارة الوقف حين وقف مستأجرو الأحكار الجدد ، الذين يستقبلهم أدهم، في طابور كبير .. ثم وقف أمام أدهم وطلب منه بلهجة فيها من الكثير الرقة والأدب أن يعرف إن كان أبوهم قد حرمه حقه في الميراث عن طريق الوصول إلى الحجة المكونة من مجلد ضخم – في القرآن : الشجرة- موجود في غرفة متصلة بمخدع والدهم ولها باب صغير في نهاية الجدار الأيسر ومفتاحه فضي صغير موجود في درج الحوامة القريب من الفراش.. وعند عودة أهدم إلى البيت حدّث زوجته بما حصل له مع إدريس فدبت الحيوية في وجهها وأخذت تلح على زوجها من أجل المغامرة والوصول إلى المجلد.. وعند الفجر تسللا إلى حجرة الأب التي غادرها إلى الحديقة كعادته، لكن الجبلاوي فاجأهما حين عاد إلى حجرته وأمر بطردهما من البيت الكبير مثلما فعل قبل ذلك بإدريس ونرجس ليعيشا في الخلاء. بنى أدهم له كوخًا قريبًا من كوخ أخيه إدريس وأخذ يعمل في بيع الخيار في الأحياء القريبة.. ومع مرور الزمن أنجبت زوجته أولادًا أكبرهم ((قدري)) -وهو قابيل- والثاني يسمى ((همام))- وهو هابيل- يعملان في رعي الأغنام التي اشتراها أبوهما بعد سنوات طويلة من العمل.. وكان الجبلاوي قد بعث البواب ويدعى العم كريم إلى عائلة أدهم ودعا همام إلى مقابلة جده الكبير الذي لا يعرفه من أجل أن يعيش في لبيت وأن يتزوج ويبدأ حياة جديدة فيه.. لكن الغيرة قد دبت في قلب قدري بعد عودة همام من المقابلة.
وذات يوم بينما كان الأخوان يرعيان الأغنام نشبت مشادة كلامية بينهما فالتقط قدري حجرًا وقذف به أخاه فقتله- وقتل قابيل هابيل- وركبه الخوف فحفر بعصاه بين الجبل والصخرة الكبيرة حفرة دفنه فيها. ولما عاد بالأغنام إلى الحظيرة ادعى أن أدهم غادره منذ الظهر دون أن يخبره أين هو ذاهب. ولكن عندما شاهد أدهم الدم على كم قدري أدرك أن همام قد قتل ولم يكن هناك مفر من أن يقول القاتل الحقيقة. وخرج الوالد في الليل مع ابنه القاتل إلى حيث ووري التراب وأخرجا الجثة. ((تحول أدهم ووضع يديه تحت إبطي همام، وانحنى قدري واضعًا يديه تحت الساقين. رفعا الجثة معًا ، وسارا في بطء نحو خلاء الدراسة)) (2) ثم دفن أدهم في مقبرة تابعة للوقف.
ثم ينتقل محفوظ بنا ن قصة آدم إلى قصة موسى فأطلق عليه اسم جبل وفي اعتقادي أن اختياره لهذا الاسم يعود إلى الجبل الذي وقف عليه موسى ((وكلم الله موسى تكليما)). حيث بدأت معالم الحارة تظهر من خلال إقامة بيوت في خطين متقابلين يبدءان من خط يقع أمام البيت الكبير ويمتدان في اتجاه الجمالية. (( كان البيت الكبير قد أغلق أبوابه على صاحبه وخدمه المقربين. ومات أبناء الجبلاوي مبكرين)) (3)
ويصف محفوظ أهل الحارة (أهل الأرض) بأن ((منهم البائع الجوال، ومنهم صاحب الدكان أو القهوة، وكثير يتسولون، وثمة تجارة مشتركة يعمل فيها كل قادر هي تجارة المخدرات وبخاصة الحشيش والأفيون والمدافع)) (4) وأخذ الأقوياء من أهل الحارة يعتدون على الضعفاء ويأخذون منهم الأتاوات.. في حين بقي الأب حيًّا مغلقًا بابه معتزلا الدنيا. أما آل حمدان (بني اسرائيل) فقد أقاموا حول البقعة التي بنى أدهم فيها كوخه. وكان هناك بيت للناظر الأفندي– والمقصود هنا فرعون- تجمهر أمامه جمع كثير من آل حمدان القريب من بيت الجبلاوي، يطالبون حقهم في الوقففما كان منه إلا أن صاح فيهم: ((هذا وقف أبي وجدي ما لكم به صلة، إنكم تتناقلون الحكايات الخرافية وتصدقونها، وما لديكم دليل أو حجة)) (5). ولما خرجت لهم زوجة الناظر وحدثتهم ألقوا باللائمة على الجبلاوي قائلين: ((الحق على جدنا الذي أغلق على نفسه الأبواب. تعال يا جبلاوي شف حالنا، تركتنا تحت رحمة من لا رحمة لهم)) .(6)
أما جبل (موسى) فقد تربى في بيت الناظر ويعتبره ابنه ولا يعرف آل حمدان ولا يعرفونه وكان يعمل في تسجيل عقود الإيجار ومراجعة الحسابات آخر الشهر. ثم عقد اجتماع طاريء حضره جبل الذي بقي صامتًا واتفق الجميع على تأديبهم.. وكانت هدى هانم منذ عشرين عامًا قد رأت طفلا عاريًا يستحم في حفرة مملوءة بمياه الأمطار فمال قلبها الذي حرمه العقم من نعم الأامومة إليه.. فأرسلت من حمله إليها وتحرّت عنه فعلمت أنه طفل يتيم ترعاه بياعة دجاج فلما استدعتها طلبت منها أن تتنازل عن الطفل.. وهكذا تربى الطفل في بيت الناظر وأدخل الكتّاب وتعلّم القراءة والكتابة، ولما بلغ رشده ولاه الأفندي إدارة الوقف. وخرج جبل في أحد الأيام عندما فرض نظام منع التجول على آل حمدان فشاهد أحدهم قد اخترق هذا النظام ويدعى “دعبس” وعلم به أحد العاملين لدى الناظر وأخذ يطارده حتى أمسك به فتدخل جبل وقتله واشترك دعبس معه في دفنه. (لاحظ التشابه في القصص التي وردت في القرآن الكريم)..
ثم عقد اجتماع طاريء للتحقيق في اختفاء((قِدره)).. اشترك فيه جبل واتهم أبناء حمدان بقتله واتفقوا على معاقبتهم مما دفع جبل على الاعتراض فطرد من المنظرة والحديقة التي كان يعيش فيها. ولما افتضح دعبس الأمر فرّ جبل هاربًا إلى سفح جبل المقطم ثم إلى سوق المقطم فرأى عند حافة الخلاء كوخًا من الصفائح وإلى جانبه كشك حنفية مياه عمومية، يتزاحم الناس أمامها ليملأوا أوعيتهم بالماء (لاحظ قصة موسى مع بنات شعيب مع التغيير البسيط) وبين الزحام فتاتان تراجعتا بصفيحتين فارغتين.. أخذ منهما الصفيحتين وملأها بالماء. استدعاه أبوهما المسن ويدعى ((البلقيطي)) (اعتقد أن اختيار الاسم هنا كان عشوائيًا لا قصد فيه) فأسكه في بيته وزوجه ابنته الصغرى بعد أن قص عليه قصته مع الناظر. ثم علمه البلقيطي كيف يكون (حاويًا ) يستطيع معاشرة الثعابين. كما علمه كيف يخفي بيضة في جيب متفرج ويستخرجها من جيب شخص آخر في الصف الذي يقابله ثم يرقّص الحيّة. وفي أحد الأيام يمضي جبل في الظلام ثم يوشك أن يصطدم بشبح هائل وقال له: ((قف يا جبل ولا تخف أنا جدك الجبلاوي وأنت ممن يركن إليهم وما أسرتك إلا أسرتي وهم لهم في وقفي وبالقوة تهزمون البغي وتأخذون الحق وتحيون الحياة الطيبة وسيكون النجاح حليفك)).(7) ثم عاد جبل إلى الحارة وتحدثوا عن مهنته الجديدة وألاعيبه السحرية. فاستدعاه الناظر وزوجته وأخبره عن عفوه عن آل حمدان. فطالبه جبل بحقوق آل حمدان في الوقف وقص عليه قصته مع الجبلاوي إلا أن الناظر رفض طلبه. ثم جرت في الحارة أحداث غريبة حين قامت الثعابين بغزو البيوت وكانوا يستدعون جبلا ثم يقف عاريًا فيتحدث بلغته السرية التي يخاطب بها الثعبان فيجيئه طائعًا. ثم ظهر ثعبان ضخم في بيت الناظر وركب الخوف الهانم والناظر حتى فكرت في مغادرة البيت واستدعي جبل فاشترط على الناظر احترام آل حمدان في كرامتهم وإعطاءهم حقهم في الوقف. فأعطاه كلمة الشرف وطلب منه تطهير الحارة من الثعابين وبدأ عمله. فازدادت شعبية جبل والتف حوله أناس كثيرون.. ولكن الناظر أخلف وعده فأعد جبل خطة احتشد رجال حمدان مدججين بالنبابيت (السيوف) ومقاطف الطوب وتوزعت النساء في الحجرات وفوق السطح.. ولما دخل الفتوات وهم (أعوان الناظر وساعده الأيمن) حي آل حمدان انهالوا عليهم ضربًا وأوقعوا منهم الكثيرين. ثم انطلقت الجموع نحو بيت الناظر واتجه البعض إلى البيت الكبير جدهم الجبلاوي أن يخرج من عزلته ليعالج ما فسد من أمورهم وأمور حارتهم . ومضى جبل إلى بيت الناظر فسمح له بالدخول فأعطي آل حمدان حقهم بالكامل.
ثم ينتقل نجيب محفوظ من قصة موسى إلى قصة عيسى الذي أطلق عليه اسم ((رفاعة)) واختار الاسم لأن الله رفعه إلى السماء.
1) أولاد حارتنا ص 15
2) أولاد حارتنا ص 103
3) أولاد حارتنا ص 115
4) نفس الصفحة
5) أولاد حارتنا ص125
6) أولاد حارتنا ص 126
7) أولاد حارتنا ص178
في رواية أولاد حارتنا، يرسم الكاتب صورة قاتمة للمجتمع المصريّ وربما العربيّ أو حتّى المجتمعات الإنسانيّة بشكل عام، فهو مجتمع قذر منحطّ، فيه مجموعة من السكارى والحشاشين والأغبياء الذين لا ينقادون إلا بالعصا، وتنعدم فيه الفضيلة والخلق الحسن، ويندر فيه الخير ويكاد يكون معدوما. صورة قاتمة جدا يندى لها جبين الإنسانيّة ويرفضها أي عاقل لشعبه أو لأمّته، فمهما بلغت الأمة من التخلّف والضعف والهوان والجهل لا تصل إلا الحدّ الذي صوّرة الكاتب، فهو امتهان لمعاني الإنسانيّة وكرامة الإنسان. وكلما ظهر مصلح في هذا المجتمع وحاول إحقاق العدل وفرض النظام والاحترام، لا يدوم عدله طويلا، بل ينتكس المجتمع ويعود عصر العبودية والإرهاب والظلم، وكأنّ هذا المجتمع يرفض أن ينقاد إلا لعصا الجبابرة وتسلّطهم، وكأن هذا المجتمع قد ألف العبودية واستعذب طعم السياط على ظهره ويرفض الحياة دونها.
هل هذا التوصيف لهذا المجتمع، المتمثّل في حارة الجبلاوي والظلم الطويل الذي حاق بهم، هو دعوة لتغيير هذا الوضع والنهوض من الأوضاع القاتمة التي كان وما زال يعيشها الشعب المصري والعربي؟ أم أنّه تبرير للدكتاتورية، ودعوة لمواصلة الخضوع والخنوع، لأنه لا سبيل إلى الإصلاح في مجتمع فسدت سريرته وخبث طبعه، واستطاب سياط الفتوّات والجلّادين؟ تساؤل يجول في نفس القارئ كلما قلب صفحة من صفحات الكتاب، وتطلّع ليرى الحق يسود أو يشع نور للعدل يضيء هذه الظلمة ولو لبرهة من الزمن، فلا يجده ولا يرى إلا الصورة نفسها تتكرر مرة بعد مرة لمجموعات السكارى المخمورين والحشاشين الأذلاء.

ويشدو الشعراء في كل مقهى تاريخ حارة الجبلاوي، ويسرد الرواة سيرة الماضين، ويعزف أرباب الربابة مرّة بعد مرّة، ثمّ لا نلحظ دورا لهذه الربابة وتلك الأشعار في إشعال روح المقاومة لدى هذا الشعب المقهور، بل يطرب لها الأذلاء ويرددونها، مكرّسة روح الخنوع والضعف لديهم. وما هذه الأشعار وتلك الحكايات إلا أداة مهمّة في أيدي الفتوّات ومن خلفهم ناظر الوقف لإخماد أي صوت يمكن أن ينهض لمعارضتهم، ويبقي الشعب، في حارة الجبلاوي، متلهيّا في هذه التراهات التي تتكرر على مسامعه مرّة بعد مرّة حتى يصدّقها ويظنها جزءا من ناموس هذا الكون، لا تتغير ولا تتبدّل.
أليس هذا هو دور وسائل الإعلام، ليس فقط في مصر أو في العالم العربيّ فحسب، بل حتّى في المجتمعات التي تتفاخر بالحريّة والعدالة؟ فوسائل الإعلام ما زالت تصنع أصناما من العجوة وتشكّلها كما تريد، وتسوق العبيد إلى عبادتها وتقديسها، ولا يفطنون لأكلها مهما بلغ منهم الجوع مداه. أعتقد أن الكاتب تنبه لهذا الأمر في وقت مبكّر وكان لهذا التكرار في الحكايات التي يكررها الحكواتي وصاحب الربابة في المقهى مغزى وهدف. فالكاتب نفسه عاصر حقبة الملكية في مصر وخضوع مصر للمستعمر، ثمّ توهم كما اعتقد كثيرون غيره أن الأمور ستتغير بعد "ثورة" عام 1952، لكنه اكتشف أن صنما هدم ليُبنى صنم آخر أكبر وأكثر شراسة منه، وأن وسائل الإعلام التي كانت تسبّح بحمد الصنم الهالك هي ذاتها من تبني الصنم الجديد وتبارك عبادته. وتوقع، ولم يخب ظنّه، أن الأمور ستؤول إلى أسوء مما كانت، وسيكون لوسائل الإعلام الدور الأكبر في ذلك.

وصف الكاتب المكان الذي تدور فيه أحداث روايته بدقة متناهية، لكنّه لم يحدد الزمان الذي تدور به الأحداث وجعله مبهما، ربما لأنه يريد أن يوحي أن هذا هو ديدن الشعوب الضعيفة الجاهلة في كل زمان. لكن عدم تحديد الزمان يخلق إرباكا شديدا لدى القارئ الذي يدعوه سياق الرواية لتخيّل أحداثا موغلة في القدم، ثم يرى نفسه أمام أحداث ربما تدور في الوقت الحاضر. أعتقد أنّ هذا إرباك مخلّ، وكان لا بد للكاتب من تحديد زمان الرواية كما حدّد مكانها. والرواية، في أجزائها الخمسة، أشبه بالحكايات الشعبية؛ فتسلسل الأحداث غير مقنع بتاتا في ظل تداخل الزمن الذي يقتل عنصر الخيال لدى القارئ الذي يرغب أن يعيش القصة ويتخيّل شخصياتها بزيهم وهيأتهم التي تتوافق مع المكان وتفاصيله.
إذن، فنجيب محفوظ أراد أن يقول لنا أنّ مجتمعاتنا متخلفة تهوى الذل والهوان والعبودية ولا تتوق للخلاص منها، وأن أي حالات تمرّد ومحاولات للانعتاق ما هي إلا حوادث نادرة، لا تلبث أن تذهب ويتلاشى أثرها ولا يبقى منها إلا الحديث في المقاهي والحارات. فكرة تستحق الكتابة، سواء اتفقنا معها أم خالفناها.

لكنّ الكاتب اختار أن يعبّر عن هذه الفكرة بطريقة غير مألوفة؛ فقد عمد إلى القصص الدينيّة، التي هي جزء من عقيدة الشعب العربيّ وغيره من الشعوب، واستعار أحداثا من تلك القصص وعكسها على شخصيّاته، واختار شخصيّات دينيّة تحظى بالتقديس في نفوس الناس، وأنطقها بعد أن أطلق عليها أسماء أخرى اختارها بعناية لا تدع مجالا للشك أو التمويه، فهي مشتقّة من الاسم الحقيقي في العقائد الدينية أو من صفة من صفات تلك الشخصيّة. فشخصية إدريس مثلا تمثّل شخصية إبليس، وأدهم هو آدم، أما جبل فهو موسى الذي كلم الله على طور أي جبل سيناء، ورفاعة يمثل شخصية عيسى الذي رفعه الله إليه، وأما قاسم فقد انتحلت شخصيّته من سيرة أبي القاسم محمد عليه الصلاة والسلام. ومعظم الأحداث في الرواية مستقاة من قصص الكتب المقدّسة، بعد أن انتزع منها طابع القدسيّة والإعجاز وأُلبست لباسا واقعيا ساذجا أحيانا. فموسى الذي حباه الله بمعجزة تحويل العصا لأفعى، يصبح (جبل) الحاوي الذي يروّض الأفاعي، وعيسى الذي أكرمه الله بمعجزة شفاء المرضى، يصبح رفاعة الذي يطارد العفاريت!

.
ربما أراد الكاتب أن يعرّض من خلال عمله هذا أن الفهم الخاطئ للدين قد يؤدي أحيانا إلى التراجع إلى العبودية والذل بعد أن يغيب صاحب الرسالة. لكن، هل هذا هو الأسلوب الصحيح في إيصال هذه الفكرة؟ هل مهاجمة الدين نفسه والانتقاص منه، والاستهزاء بمسلّماته، ستؤدي هذا الدور، أم ستدفع أصحاب هذا الدين لمزيد من التشدد انتصارا لدينهم وعقيدتهم؟ وهذا من طبيعة النفس البشرية. ثم إن المتتبّع لتاريخ العرب والمسلمين في العصر الحديث يجد أن جميع الحكومات العربية التي نشأت بعد مرحلة الاستعمار، تدور في فلكه، وهي حكومات علمانيّة لا دينيّة تحمل عصا الإرهاب في محاربة الدين وتقوم بدور الفتوّات التي ما فتئ الكاتب يذكرهم في روايته، وأن الإرهاب الذي يوصم به الإسلام مثلا ما هو إلا صنيعة وسائل الإعلام الكاذبة أو من دسائس المستعمر الذي يكيد ليل نهار، أو ردة فعل عنيفة على الاضطهاد والظلم والإرهاب الذي تمارسة الحكومات العلمانيّة التي حكمت وما تزال تحكم عالمنا العربيّ. كان الأجدر بالكاتب أن يشير إلى مكمن المشكلة في هذا الخضوع واستعذاب العبودية التي وصف، ألا وهو الجهل والأميّة، والتي لم يشر إليها الكاتب في روايته الطويلة!
وهل أراد الكاتب من خلال شخصيّة الجبلاوي أن ينسف حقيقة الألوهية وأنّ يدعي أنّ الربّ غائب لا يُعنى بما يدور في هذه الدنيا من أحداث؟ وأن دور الدين قد انتهى من هذه الحياة، تماما كما مات الجبلاوي في نهاية الرواية؟ إن هذا ليس إبداعا، فلطالما وُجد على مدار تاريخ البشرية من يناهض الدين ويدعو إلى الإلحاد، منذ اليوم الذي طرد فيه إبليس إلى هذه الأرض، أو لنقل "إدريس" كما أراد لنا الكاتب. محاولة نقض الدين وزعزعة الإيمان في نفوس الناس هي محاولة تنمّ عن عدم فهم لطبيعة النفس البشريّة التي فُطرت على التعلّق بخالقها، وجُبلت على الإيمان بالغيب.

يُنهي الكاتب روايته بحكاية "عرفة" الساحر، والذي رمز به الكاتب للعلم الذي أتى ليحل محل الدين، وأصبحت قوة العلم هي الوسيلة الذي يُستذلّ بها الشعب بدل من نبّوت الفتوّة، وأصبحت قنابل عرفة هي وسيلة السيطرة. لا أعتقد أن الكاتب وفّق في هذا، فتشبيه العلم بالسحر بعيد عن الصواب. فالعلم، وإن استغل كثيرا لاستعباد البشريّة، فقد أسعد البشرية أيضا ووفر لها كل ما يلزمها.

يموت عرفة في نهاية الرواية، ولا يبقى من علمه إلى تلك الزجاجات التي يسيطر بها الناظر على الحارة البائسة. لماذا لم يُبقِ الكاتب أملا لهذه الحارة للاتعتاق والتحرر؟ لماذا لم يجعل العلم هو البلسم الشافي والطريق القويم التي على هذه الحارة أن تنتهجه لتنهض من كبوتها؟ إذا كان الدين، كما نستشفّ من الرواية، هو السبب الأزليّ في شقاء هذه الأمّة، وإذا كان العلم هو أيضا سببا لشقائها، فبماذا ستنهض؟ هل قدرها أن تسير في فلك الحكام الظلمة وتخضع لنبابيت الفتوّات أو زجاجات عرفة القاتلة؟ فالكاتب وصف الداء، وأخفق في معرفة سببه، وشخصّه بعيدا عن الواقع وعن أحداث التاريخ، وفشل في وصف الدواء، بل أوحى، من خلال روايته هذه، أن الشرّ متأصّل في هذه الأمّة وأن الذل والخنوع هو قدرها الأزليّ الذي لا تستطيع أن تخرج منه. فليمعن الحكام بغيّهم وتماديهم، وليُخرجوا نبابيتهم وأسلحتهم الفتّاكة، وليجلدوا بها ظهر هذا الشعب الذي لا أمل أن يستفيق من كبوته، وليمعنوا في هدم أركان دينه وحضارته وثقافته، فهو كالجسد الميّت، الذي لا يُرجى شفاؤه.

هذه هي الرسالة السلبيّة التي حملتها رواية أولاد حارتنا. أم آن الأوان لأولاد هذه الحارة أن يعرفوا سر ضعفهم وخنوعهم، وأن يثوروا لكرامتهم وكبريائهم، وأن يلقوا بالتخلف والجهل والانقياد والعبوديّة بعيدا. هذه الروح، التي لم تبثّها هذه الرواية بتاتا، يجب عليها أن تشتعل من جديد. فالعلم، الذي شبهه الكاتب بالسحر، هو البلسم الشافي الذي ينير العقول ويجعل العبد ينفض آثار العبوديّة عن كاهله. إنّه العلم الذي ينبع من عقيدة الأمّة وثقافتها وليس الذي ينهض على أنقاضها.



عرفة و الخلاص بالعلم ( الزجاجه و التخلص من النبوت )
وعادت الحاره كعادتها الى السقوط من جديد بعد محاولة قاسم التي كان يعلن أنها أخر المحاولات و الباقيه الى الأبد العدل للجميع و المساواهبين الناس . عادت الحاره تحت امرة الفتوات يوسف فتوة حي جبل و عجاج فتوة حي رفاعه و السنطوري فتوة حي قاسم ، و تجتمع السلطتان الدينية و السياسيه و التشريعية و التنفيذيه و لا توجد سلطة قضائيه الا في النبوت . انتهي عهد قاسم بحكم صادق ثم حسن . و بدأ ال جبل و ال رفاعه يرجعون إلا طوائفهم و أحبائهم . تحولت النبوة إلى خلافه ثم إنقلبت الخلافه إلى ملك عضوض . قتل الناظر في إحدى المعارك و جاء الناظر قدري و هو نفس إسم قاتل همام ، من ذرية االشر . و كان سعد الله فتو ة الحارة كلها بكل ما يحتويه اسم سعد الله من تناقض . بدأ الناظر بتوزيع الريع بالأمانه . و يستأنف التعمير و التجديد . ثم طمع مع الفتوات إستاثر النصف و الفتوات الأربع النصف الآخر . فرض الإتاوات على الجميع فعم الدمار و الهلاك . و لم يعد جبل ولا رفاعه و لا قاسم إلا أسماء و أغاني ينشدها الشعراء في المقاهي للمسطولين ، الدنيا غرزة . و المواويل حزينة من الخيبة و الفقر و الذل الكل يتمنى الموت أو الغيبة في السكر و الحشيش ، الأغنيات فاجرة داعرة و القضاء و القدر يخيم على الجميع فالمكتوب مكتوب الحارة تزدجر بالعجلات و القطط و القاذورات و الكلاب و الحشرات و طفل عار يلعب بفأر ميت ، لقد إنقلبت كل تجربة لضدها قوة جبل إلى ضعف حب رفاعة إلى كراهية عدل قاسم إلى ظلم الحارة مشؤومه عليها لعنة دائمة ، تسلط الناظر و الفتوة و نفاق الناس و جبنهم .
و تغنى الرباب كالعادة بذكريات الماضي أدهم و بحكايات جبل و رفاعة و قاسم انتهت التجارب و بقت الذكريات في الحكايات عن طريق الخيال ينافق الشاعر الجميع فوقة صورة عجاج ممتطيا جواده و صوره اخرى للناظر و صورة ثالثه لجثة رفاعة بين يدي الجبلاوي و هو يرفعها . يؤكد الشاعر أن رفاعه مات في سبيل الحب و السعادة مع ذلك الناس تعساء و يغني عن صراع أدهم و إدريس و لكن متى تكف الحارة عن هذه الحكايات ؟ وماذا أفادت منها ؟ . يظن الناس أن الحارة قلب الدنيا و ما هي إلا حارة للبلطجية و المتسولين كانت في البدء مرتعا قفرا للحشرات حتى حل بها الجد الواقف . غنى كل شاعر لفتوة حية و استعمل الناظر الرباب و أوحى إلى الشعراء أن يتغنوا بمجده و عدله .
و هنا ظهر عرفه مشتق من نفس اسم رفاعه رفاعة إلى أعلى إلى السماء و عرفة إلى الأسفل قدم مع أخيه حنش إلى حارة الجبلاوب للسكن بحثا عن حجرة مجهوله , أتى للانتقام لأمه ثم الإنتقام من الفتوات كلهم يغري الأطفال بالنعناع لتحقيق مطالبة العاجله مما يكشف عن طابعه العملي المنفعي . أحب منذ الوهله الأولى و قبل أن يكشف عن شخصه أتى الى الحاره يافعا و لا تعرف له طفوله مثل رفاعه و قاسم .
وجد في الشعر في الحارة كعادته يقوم بتخدير الناس و أن الرباب و الحكايات تسلب عقولهم . يقول شاعر ال قاسم أن قاسم قد استغل الوقف لتلبية مطالبه فيستغنى عن العمل و يفرغ للسعادة و الغناء التي حلم بها أدهم و هل الغناء هو الهدف الأخير ؟ الأجمل هو الاستغناء عن العمل لصنع الأعاجيب بشئ هو كالسحر و ليس سحرا . هو العلم الذي يشارك عرفه في اشتقاق الأسم . يتحدث الأباء عن قاسم ، و يتحدث عن الجد سماعا ولكن الناس لا ترى إلا الناظر قدري و الفتوات سعد الله و عجاج و السنطوري و يوسف . الماضي شئ و الواقع شئ آخر الناس في غيبوبه تتسلى بالأحاديث و لا تهتدي لشئ . أما العلم هذا السحر الجديد فقد تمكن يوما من القضاء على الفتوات أنفسهم و تشيييد المباني و توفير الرزق لكافة أولاد الحارة . و يمكن أن يحدث ذلك قبل يوم القيامه لا بعدها كما تعد الحكايات لو تحول الناس جميعا إلى علماء أي سحرة جدد هناك أدلة على وجود الفتوات بالنبوت لكن لا توجد أدلة على وجود جبل و رفاعه و قاسم الا بالحكايات و الشعر خيال نفاقا و تبريرا الكل مغلوب على أمره يصيح كما صاح أبناء الجبلاوي " يا جبلاوي " كيف لا يرى الأبناء الجد الواقف و هم يعيشون حول بيته المغلق هل يوجد و اقف يعبث العابثون بوقفه على هذا النحو و هو لا يحرك ساكنا ؟ هل هو الكبر كبر سنه كما يرى شكرون و الد عواطف زوجة عرفة ؟ واذا كان الله قادرا على كل شئ فكذلك هذا السحر الجديد يبدأ الدين بنداء باطني و هاتف داخلي في حين يبدأ هذا السحر الجديد بملاحظات خارجية و إكتشاف قوانين الكون و الطبيعه . يحقق قاسم رغبة جده أما عرفة فيقوم بأعمل حاسمة ما يكدر و ما يكدر صفوة الحارة . و ما يؤمنه يؤمنها صحيح أن عرفة ليس فتوة ولا رجلا من رجال الجبلاوي و لكنه يمتلك الأعاجيب و عنده قوة ليست عند جبل ولا رفاعه ولا قاسم ، بدأعرفة في ممارسة سحرة الجديد العلم فيما يبدو تحقيقا لمطالب الناس و تلبية لحاجاتهم و لكنه لم يتلق إلا الإساءة بدأ بالعلاج كرفاعة ثم بالسلاح للمقاومة كما نشأ العلم في الحضارة الإسلامية قديما و ليست علوم الرياضيات و النبات و الحيوان علوم من أجل إطالة العمر و القوة و السيطرة علوم الفرد و المجتمع و هو العلم في مجتمع الجنس و الحشيش . ولا يتعلم العلم شفاها من عالم أو شيخ بل من الطبيعه و تجاربها من خلال الزجاجه . و كان الرجل الوحيد في الحارة الذي لم يقبل على الحشيش لحاجته للإنتباه و التركيز عنده ما ليس عند الجبلاوي عنده العلم الساحر الذي يستطيع أن يحقق للحارة ما عجز عنه جبل و رفاعه و قاسم و لن يترك الحارة حتى يقضي على الفتوات و يطهر النفوس و يمزق النبوت صحيح أن قاسم قد حقق العدل في لتحققت العدالة بتنفيذ شروط الواقف لكن صحيح أيضا أن العدالة لا تبقى إلا إذا توفر هذا العلم السحري فإذا كان هذا الحال لماذا لا يذهب عرفة إلى البيت الكبير بدل أن يأتي صاحبة إليه الدين يأتي إلى الإنسان في حين أن الإنسان يذهب إلى العلم الأول هبه و الثاني كسب الأول حال و الثاني مقام كما يقول الصوفية و قرر عرفة الذهاب إلى البيت الكبير و الذهاب إلى السر دون إنتظار قدومه و ما العجب في وجود حفيد داخل بيت جده ؟ . وقع العلم سجينا في أيدي السلطة السياسية و لم يستطع التحرر منها بل وقضت عليه السلطة السياسية و إنتصرت عليه في حين أن الدين إنتصر على القوة السياسية في كل مرحلة و عم العدل و السعادة بين الناس و أصبح العلم في يد السلطة السياسية بعد موت عرفة و إنقلب مثل الدين إلا عكس ما بدأ منه و التحرر الى القهر و من الوقوف في وجه سلطة إلى التبعية لها كانت الحارة تستطيع أن تقف في مواجهة النبوت و بعد ظهور العلم و إمتلاك الناظر له لا تستطيع أن تقف الحارة في مواجهة سلطتين معا الدين و العلم بعد إتحاد الصالح بينهما .
"تحول العلم إلى مطلق مثل الدين و طريق أوحد للخلاص و يوتوبا يحلم بها الناس ، لذلك إحتاج العلم إلى دين من جديد ليعيطه نسقا من القيم لأن العلم لا قيمه له إذا أراد عرفة إحياء الجبلاوي من جديد بل لم يكن يقصد قتله أو إرثه بل مجرد الإطلاع على كتابه السري اللوح المحفوظ الذي أودعت فيه كل الأسرار ورث العلم الدين و لكنه تحول إلى دين جديد بكل سمات الدين القديم الأحادية الأطلاقية الطوباوية "(1)و بكل عقائده على عكس شروط الوقف العشرة أو كراسة عرفه التي دونها التي عثر عليها حنش و التي أصبحت طريق الخلاص في المستقبل ,فإذا كان الدين قد حول الله إلى إنسان في التشبيه الجبلاوي و خليفته حنش و السلاح و النصان سر لا يمكن قراءته أو معرفته كلاهما مخبئان و يتحولان إلى كهنوت و سلطة و هنا تبدو الحلقة مفرغة بين الدين و العلم العلم يقضي على الدين و الدين يحيى العلم العلم يرث الدين ثم الدين يرث العلم و كلاهما و اجهتان للمطلق في المجتمع و في إيماء البسطاء ، الخلاص بالدين وقتي بكل و سائلة القوة و الرحمة و العدل يبدأ كي ينتهي و يقوم كي يقعد في حين أن الخلاص بالعلم دائم لا ينتكس و الحقيقه أن التقابل إنما يعبر عن إجهاد المجتمعات الدينية و ضيقها من كثرة تجارب الفشل.
(1) هموم الفكر و الوطن حسن حنفي ص 642








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح