الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يلا حجية

سلمى الخوري

2021 / 7 / 19
الادب والفن


صور من الحياة

كانت حصة الدرس في يوم من أيام الجامعة تبدأ الساعة الواحدة بعد الظهر ،
وكنت أنا وزميلتي نعيش في نفس المبنى المخصص لإقامة الطالبات اللواتي هن
من خارج مدينة بغداد ، تأهبنا للوصول الى موقف الباص المخصص لتلك المنطقة
والتي كانت منطقة حديثة في أبنيتها وكانت هذه المنطقة محاطة ببعض الأراضي
الزراعية والتي يسكنها أناس يعتمدون على تربية المواشي حيث يعيشون من عمل
الألبان لبيعها وكذلك الحليب . كان هذا قبل خمسة قرون من الذكريات الجميلة .
كنا في الوقت المناسب لركوب الباص الى الجامعة حسب الوقت الذي تستغرقه
الرحلة لوصولنا الى الجامعة ، ولما استقلينا الباص كانت كل المقاعد قد شغرت
براكبيها وكنا اربعة أشخاص كان علينا أن نمسك بالعامود المعدني لكي نسند
انفسنا من السقوط لمّا يميل الباص يميناً أو شمالاً ، وكنا نقف قرب المساحة
المربعة المسطحة قريب نهاية الباص من الداخل والتي خصصت هذه المساحة
لوقوف الركاب في حالة شغور كل المقاعد ، ثم تساعد الركاب اذا كان معهم
حوائج ثقيلة سيكون لهم مساحة لوضعها على ارض الباص.
جاء الموقف التالي للباص وصعدت للباص إمرأة مرتدية زيها الشعبي فستان
طويل وغطاء الرأس الملفوف حول رأسها ، وعباءتها السوداء ، وكانت تحمل
معها طشت نحاسي (وهو إناء ذا سعة مناسبة كان يستعمله الناس لغسل الملابس
وغيرها من الأستعمالات ) ، وما ان صعدت الباص وضعت الطشت على أرض
الباص ثم جلست بداخله ، وكان معاون سائق الباص ويطلق عليه الجابي الذي
مهمته المرورعلى الركاب حال أخذ مواقعهم في الباص لكي يدفعوا للجابي أجرة
ركوبهم الباص ليصلوا الى أماكنهم ، وكان عليه أن يراقب من صعد الى الباص
أخيراً ولم يشترِ بطاقة أجور النقل ، فيتقدم لهم بكل ادب ويقول بطاقة الباص
أخي ، أو أختي للإناث ، ووصل الى المرأة والتي كانت منكفئة على نفسها
داخل الطشت ، فابتدأ يلعب بخردة النقود المعدنية الموجودة داخل محفظة جلدية
معلقة بكتفه ، ويصدر منها صوت كأنه للتنبيه ، ثم قال لها ،
- " يلا حجية " باللهجة البغدادية - حركي إيدج - أي بمعنى ناوليني سعر البطاقة ،
فردت عليه :
- الويش أحركها ؟
- رد عليها ، أجرة الباص ،
- ردت عليه ، ليش آني راكبة بالباص لو بالطشت مالتي ؟
وابتسم الجابي وأبتدأ كرشه يهتز من ضحكه الداخلي ،
وكان يشاركه الضحك والأبتسام بقية الركاب القريبين من هذا النقاش ، رد عليها
الجابي
- زين الطشت وين كاعد ؟؟ مو كاعد بالباص ؟؟ لازم تدفعين أجرة كعدته بالباص .
ردت عليه
- ليش هذولة كل الكاعدين بالباص دفعوا أجرة على غراضهم أللي وياهم (أي التي
معهم ) ؟؟
خاب أمل الجابي من الحصول على شيء من هذه المرأة ، ووصلنا الى المحطة
الأخرى والتي هي هدفنا ، وتركنا الباص والجابي ذهب بين الركاب الجدد لكي
يجمع منهم الأجرة لركوبهم الباص .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز


.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال




.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا