الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواجس تحت النار 3 في الأدب والمقاومة

محمد علاء الدين عبد المولى

2006 / 8 / 12
الادب والفن


في أزمنةِ الصّراعِ الّتي يخوضُها شَعبٌ من الشّعوبِ مع العدو، تستنفر الأسئلة المتكررة من مثل: ما دور الأدب والثقافة في هذا الصّراع؟ يمكنُني تقديم إجابتين هنا متناقضتين شكلاً ولكنّهما في العمقِ تكملُ إحداهُما الأخْرى.
فمن الجهة الأولى لا أرى دورا مباشرا وسريعاً للأدب والثقافة في الصراع. لأن الجهة التي تقاتل وتستشهد وتخوض غمار الموت والدم ليست هي الجهة التي تحدد طبيعة اللغة الأدبية وطبيعة الخطابِ الجمالي للنص الأدبي. لأنها مشغولة بتحقيق خطابها الحياتي، وإنجاز نصها الذي لن يرقى إليه نصّي الأدبيّ. ثمّ إنّ العدوّ في لحظةِ الصّراعِ المباشرِ لن يهزمَ بالقصيدة. مع أن القصيدة ستهزمُه على المدى البعيد.
إن الكتابةَ عن الثورةِ والحربِ بشكلٍ سياسيّ وتبشيريّ سوف يقلّصُ من خياراتِ النصّ الأدبي، ولا سيّما الشعر، ونحن نعرفُ كم كتب عن الحروب والانتفاضة والثورات من آلاف القصائد التي اندثرت ولم تكتسب سمة البقاء. وأنا لستُ مع كتابةِ شعرٍ رديء بحجّة دعم المقاومة والانتفاضة كما دعا أحدُ الشعراء الراحلين. لأن الكتابة من منطلق المساعدة والدعم والتحريض والتّثوير ستقلّ حمولتُها الجمالية بطبيعة الحال. لهذا ومن هذه الزاوية فلا دور كبير للأدب والثقافة في لحظة الصراع. هذا لا يعني الدعوةَ إلى عدمِ الكتابة والدعم المعنوي والوجداني، ولكن هذه الغايات يحققها النص الصحفي والمقالة الواضحة العاطفية والخطبة السياسية والأغنية المناضلة، وهذا ما يمكن القول إنه يقوم بالدور المطلوب أكثر من القصيدة والنص الأدبي المخلص لجمالياته ورؤيته. وهو ما يحصلُ بطبيعةِ الحالِ على أرضِ الواقعِ.
ولكن من جهة ثانية: يكمنُ الدورُ الأبرزُ والاستراتيجيّ للأدبِ والثقافةِ في أنّ كلاّ منهما يعملُ ضمنَ حقلِه الخاصّ في المقاومةِ والممانعةِ، من خلال طرحِ الأسئلةِ المختلفةِ ونشرِ ثقافة الأمل والتجديد والتغيير في روحِ المتلقّي من أجلِ تأهيلِه للحظةِ المواجهة الحقيقية بحيث يكون مستعدا لخوض صراعه وهو مشبعٌ بالأمل وبالإرادة.ومن المطلوب في لحظات الصراع كالتي تخوضها الآن المقاومة اللبنانية ألا نزرعَ لغةَ الإحباطِ وأن نكفّ قليلاً عن النّدبِ والرثّاء واللطم وأن نرى كأدباء ومثقفين أن المقاومة تطرَح علينا آفاقا جديدة في سؤالنا وأداتنا ورؤيتنا. أي أن السؤال يصبح معكوسا: ما هو دور المقاومة في الأدب؟ وأنا أرى أن لها دورا يجب أن يكون استراتيجيا لا مباشرا من خلال استنهاض روح الكائن وأخذه نحو الأمل، وتخليصه من طقوس الجنازة. بحيثُ لا يجوزُ للمثقّف والأديبِ أن يغفلَ عن الإنجاز الأكبر للمقاومة اللبنانية في هذه اللحظة الفارقة في حياتنا، فهي مقاومة تصيبنا شئنا أم أبينا بارتفاعِ منسوبِ الحياةِ والقوةِ الرّمزيةِ والرّوحيةِ وتجعلنا أقلّ بكاءً وأكثر انتظاراً للأمل وأكثر شهوة للغناء من أجلِ مجدِ الحياة. ولأعترف أخيرا بأنني كشاعرٍ يبحث عن الأملِ والفرح الحقيقيّ، لم أشعرْ بذلك إلا مرّتينِ: الأولى بعدَ أن حررت المقاومة اللبنانية الجنوب، والمرة الثانية هي في هذه الملحمة الرائعة التي تكتبها المقاومة نفسها في المكان نفسه...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخرجة الفيلم الفلسطيني -شكرا لأنك تحلم معنا- بحلق المسافة صف


.. كامل الباشا: أحضر لـ فيلم جديد عن الأسرى الفلسطينيين




.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص


.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة




.. صُناع الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معانا» يكشفون كواليس