الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميزان الصداقة

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 7 / 19
الادب والفن


"الأصدقاء المزيفون يشبهون الظلال تجدهم دائما بالقرب منك في ألمع لحظاتك ، ولكن لا يمكن رؤيتهم في أي مكان في أحلك ساعاتك. الأصدقاء الحقيقيون مثل النجوم ، لا تراهم دائماً ولكنّهم موجودون دائماً."
حبيب اكندي كاتب بريطاني نيجيري
هو كلام عاطفي عن الصداقة يقدمه الكاتب ، يختصر فيه تلك العلاقة الطوعية بين شخصين، أو مجموعة أشخاص ، لكن ذلك يندرج تحت إطار واسع ، و لو أعدنا النّظر في م ايدعى قائمة الأصدقاء الحقيقيين لرأينا صداقات جعلتنا نحترق دون أن نكشف عن الصديق الجيد و السيء. علينا أن نعرف أن شخصاً ما ليس صديقاً للأسباب الصحيحة حتى لو كان ضمن قائمة الأصدقاء . عواطفك لا تكذب . يجب أن يجعلك الأصدقاء تشعر بالرضا .
تُعتبر الصداقة علاقة تطوعية تتضمن مجموعة متنوعة من الأنشطة ، قد
تساهم بشكل كبير في الرفاه الشخصي العام . الأصدقاء هم شبكة تتمحور حول الأنا ، لكن طرأ تغيير كبير على مفهوم الصداقة اليوم ، وقد أصبحت على شكل شبكات اجتماعية لها نفس التوجه العملي، أو الاجتماعي ربما تتشارك في رحلة ترفيه، أو رحلة علمية .
تلك الصداقة، أو العلاقات الاجتماعية التي نشأنا عليها كانت خاطئة، فنحن نقيم علاقات نعتبرها صداقة بينما هي نوع من الهراء ، حيث تستنجد بتلك العلاقات للقضاء على الفراغ الذي تعيشه . اكتشفت ذلك مبكّراً فمنذ العشرين من عمري كنت عندما أقوم بزيارة لصديقة ما أشعر أنّني أجلس عل نار. لغة جسدي ترفض الاستمرار ، أعود إلى البيت ، وتكون زيارتي قد استغرقت نصف ساعة ، ثم ألغيت تلك الزّيارات ، وتركت الباب مفتوحاً لمن يرغب بزيارتي ، فرأيت أصدقائي يزدادون ، وهم مرحون ، يحاولون أن يضفوا جواً من الفرح ، لكنّني حددت مدة الزيارة بطريقة غير مباشرة .
على الجانب الآخر ، عندما كنت أعمل في السياسة ، وبخاصة في رابطة النساء السوريات لحماية الطفولة و الأمومة كانت صداقة حقيقية حتى تمت الانشقاقات الحزبية ، وبقي شيء من المودة بيننا ، وتلك الرابطة يديرها الرجال في الحزب الشيوعي.
لم تعد الصداقة اليوم تعتمد على الزيارات المنزلية ، بل أصبح المنزل مكاناً خاصاً لا يجوز انتهاك حرمته ، لذا فإن أغلب اللقاءات تكون خارج المنزل.
عندما ذهبت إلى عند ابنتي في كندا اكلت طعاماً شهياً سألتها: هل أنت من صنعه ؟ أعرف أنها تشبهني وتقوم بالطبخ كي تملآ بطون أبنائها ، أجابت لا. إنها صديقتي.أتت صديقتها لزيارتها دون موعد وبقيت حتى الحادية عشر مساء ، وكنت قد أرهقت من الجلوس فتركت الجلسة في الساعة الثامنة إلى القبو ، وهو المكان الذي خصصته لي ابنتي. في اليوم التالي قلت لها: العلاقة غير متوازنة. قالت لي : صحيح، لكنني أخجل من الانسحاب .
في زيارتي الثانية كانت قد تركت جميع أصدقاءها، قالت لي كلما اجتمعنا أشعر أنهم يتقصدون إهانتي، وفي مرة ذهبت بدعوة إلى عائلة ، ارتاحت بالجلوس معهم، لكن فيما بعد تجاهلوها. قرّرت اليوم أن لا تلبي دعوة أحد في منزله ، بخاصة لو كان من بني جلدتنا.
لا يمكننا العيش دون تواصل اجتماعي، لكن أدواته موجودة، هناك طبيبة سورية لم تعدّل شهادتها ، تعيش في كندا، لديها موقع، وتقوم بنشاطات للسوريين شريطة أن يكونوا عوائل، أي أن يوجد الزوج و الزوجة، ويكون النشاط عبارة عن اشتراك بالتساوي سواء كان رحلة ، أو غيرها، وقد نجح تجمعها ، أصبحوا أصدقاء من خلالها.
على عكس ما نعتقد ، هناك في الغرب صداقة عائلات حيث تقارب بين عمر الأطفال، ويقومون بنشاطات مشتركة ليس من بينها الزيارات البيتية، لكن ماذا تفعل إن كنت تعيش في سورية، وليس لديك المال ولا التجمع؟
لا أعرف الإجابة على هذا السّؤال. فقط من يعيش الحالة يعرفها، لكنني أعرف مثلاً أنه في المدينة التي أقيم فيها هناك أنشطة يومية للمسنين، هناك ناد، و هناك حفل حفل راقص مرة في الأسبوع. كان ذلك قبل الكورونا.
من خلال تجاربي وتجارب من حولي عرفت أن التقارب الشديد يولد النفور ، لذا لا بد من وجود مسافة أمان حتى بين الأصدقاء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة


.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا




.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم


.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا




.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07