الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تموز

رضا آنسته

2021 / 7 / 19
الادب والفن


عدت من التسوق ناقعاً بعرقي، طبعا لم أكن ذاهباً للتسوق في شارع الشانزليزية أو تجريش ، بل تسوقاً ضرورياً وليس للموضة. وصلت محمّلا بأكياس أو أثقال، لاهثاً، أكاد أن أسقط من التعب ونوبة الحر والشرجي، هرعت إلى الحمام، حين انساب علي ماء الدوش البارد، شعرت بالانتعاش للحظات وكأني أنزلق فوق سطح بحر من المثلجات في حلم جميل، لكن لم يدم حلمي طويلاً، استفقت على جسمي يسبح في الدم، كان الدش يمطر دماً، نظرت إلى يدي المصبوغتين بالدم، تلمست جسدي لأرى منبع الدم، لعله يتدفق من جرحٍ ما... كان مشهداً سريالياً. ماء. دماء. ماء. دماء. دماء. دماء. دم........................................
فجأة انتبهت أنني منذ أحداث ليلة البارحة في "الخفاجية" كلما وضعت يدي تحت صنبور الماء أراه يصب دماً، أردت أن أستعمل كلمة "أتخيّل" لكنني حقاً أرى دماً وليس الكلام هنا على سبيل المجاز والاستعارة. وهل ينفع المجاز مع المجزرة!
أنا أعيش كابوساً، أشعر بعقدة الذنب مع كل قطرة، حتى الماء الذي أشربه دم، وكأنني مصّاص دماء، رغم أنني لست مذنباً ولا الجاني، والمجرم معروف! لكن عبء الفاجعة الثقيل يحطّمني ويطحنني، وكأنني تحت رحى ثقيلة أو مكنة رصف إسفلت. وضميري أو بقاياه ما يجعلني أشعر بالتقصير. وهو ما أشعر به دائماً حتى في أحسن حالاتي وإنجازاتي. ألم يكن بالإمكان أن أكون أجمل أو أقلّ قبحاً وسوءاً؟ لا أعتقد بعقدة الكمال-ففي النهاية وعمقها هي عقدة نقص وهي أو هو أكثر ما أعتقد به في هذه الحياة- رغم أنها موجودة ورغم ابتلائي ومرضي المازوخي اللذيذ بها. ألم يكن بالإمكان أن أكون في الساحة مع الشهداء؟ مع الشهداء العطاشى، عرفت الان أكثر من ذي قبل أنّ عبارة "ياليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً" لقلقة لسان وتصفيط "حَچي" من قبل المُلالي، وأنّها عبارة باهظة الحمل والثمن، أبت السماوات والأرض والإنسان الظلوم الجهول عن حملها، لكن حملها الإنسان الإنسان.
اليوم عيد ميلادي لكن كلّما باركني به أحد شعرت بأنّه يعزيني، الحمدلله بأنّ المعزّين قلائل جداً. والحمدلله أنني أكتب بالحاسوب وليس بالقلم، إذ لتحنّت الأوراق بالدم أيضاً. دمكم حبري أيها الشهداء، سامحوني على أنني لم أكتب به ما يليق به، إنسانيتي تستحي من حبركم.
ليس عبثاً، أنني سميت يومياتي "عذاباتي".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز


.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال




.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا