الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السينما في الجزائر - 6

محمد عبيدو

2006 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


يشكل فيلم "أنشالله الأحد" (عام 2001) للمخرجة الجزائرية يمينة بن غيغي محاولة في السينما المغاربية لمعالجة موضوع المرأة من حيث أزمة الهوية والبحث عن الدور المستقل والقرار الحر.
بطلة الفيلم تهاجر إلى فرنسا مع أطفالها وحماتها للالتحاق بزوجها الذي يقيم ويعمل هناك. وفي باريس تجد نفسها تعيش في عمارة سكنية محاطة بجيران فرنسيين لا يتقبلونها ولا يتقبلون ضجيج أطفالها، محاصرة برقابة وهيمنة حماتها، لا يسمح لها بالخروج من المنزل إلا للتسوق من متجر قريب، في حين أن زوجها الصارم المحافظ لا يعود إلى المنزل إلا متعباً من العمل. غير أن الزوجة سرعان ما تبدأ بالتمرد وإقامة العلاقات مع جيرانها بعد مصادمات عديدة ومنها علاقة صداقة بريئة مع سائق حافلة فرنسي ومع جارة فرنسية شابة تشجعها على أخذ زمام المبادرة بيدها، والهروب من المنزل مع أطفالها للتنزه وإلخ. وفي النهاية تفرض حقها في الحياة الطبيعية وسط المجتمع الجديد على زوجها.
ووجها لوجه مع الإرهاب وأسئلته ينبني فيلم مرزاق علواش "العالم الآخر" المنتج بين الجزائر وفرنسا سنة 2001 على قصة ياسمينة المستوحاة عن يوميات فتاة من بولندا هاربة من المحرقة النازية؛ الموضوع مأساوي وعلى درجة عالية من الحساسية تنطلق ياسمينة الجزائرية المولودة والمقيمة بفرنسا في رحلة للبحث عن خطيبها رشيد الذي يقرر إثر نزوة طارئة، الالتحاق بصفوف الجيش رشيد ينخرط في الجيش الجزائري في التسعينيات من القرن الماضي، وهو ما يعني انخراطه لا محالة أيضا، في حملة مكافحة الإرهاب.. وفي إحدى المهام يسقط في كمين للإرهابيين لتنقطع أخباره عن ياسمينة، في خضم رحلة بحث ياسمينة عن خطيبها تنخرط هي أيضا في دهاليز متاهية تقودها إلى اكتشاف الكثير من الحقائق والآفات الاجتماعية والسياسية للجزائر وتعريتها من منظورين اثنين، منظورها هي كملاحظة من خارج ساحة الحرب وأطرافها المعنية بها، وهو الموقف الذي يعبر عن نفسه بواسطة أسئلة القلق الكثيرة والعارية عن أسباب هذه الحرب، عمن تكون أطرافها الحقيقية، والغاية من ورائها؟ ومنظور الواقع المر والعبثي أحيانا؛ الواقع الذي يدفع للحرب ونقيض الحرب في آن معا.. ما هي أسباب المد الأصولي في الجزائر؟ وما هي العوامل التي تقف وراء المسار الذي أخذته الأحداث.؟ وقبل ذلك وبعده: أين يكمن المشكل يا ترى في كل هذا الغموض المعتم، وكل هذا الوضوح الجلي؟! إنه السؤال الذي حرص المخرج مرزاق علواش ورغب في أن يظل مطروحا بالصوت والصورة لإثارة التفكير بجدية في الظاهرة قبل الإقدام على الخطوة الموالية، أي خطوة كانت، وفي أي اتجاه، مع بصيص من الأمل يتجسد من خلال اللقاء الحار وحميم بين ياسمينة ورشيد في نهاية الفيلم.
إذا كانت مشاكلنا النفسية والاجتماعية والعاطفية تعود إلي شئ فإنها تعود بالتأكيد لطفولة كان بها خلل ما، ولذلك فإن نقطة البداية دائما لمعرفة النفس والبحث عن الذات فإنها يجب أن تعود للجذور، وهذا هو ما فعله آلون بطل فيلم السنغال الصغيرة 2001.. آلون رغم إنه بلغ الخامسة والستين من العمر ويعمل مرشدا سياحيا.. إلا أنه يشعر بالحنين الدائم لمعرفة أسرته وأجداده الذين تم بيعهم في تجارة الرقيق إلي أمريكا في بدايات اكتشافها.. ومن أجل هذه الفكرة التي تسيطر عليه يقرر الرحيل إلي أمريكا.. ويذهب إلي حي هارلم حيث توجد جالية سنغالية تعيش كل التقاليد والحياة في بلدها.. ليكتشف بدايات عائلته والهوة السحيقة التي باتت تفصل ما بين الأفارقة في قارتهم وفي أمريكا وسببها الدولار الأخضر بالتأكيد..
ونرى في فيلم «بيت كلثوم» للمخرج الجزائري الاصل مهدي شريف، من انتاج فرنسي 2001 رحلة في الصحراء الجزائرية الافريقية حيث حاولت الفتاة الجميلة «راليا» ان تبحث عن والدتها كلثوم التي هجرتها وهي طفلة رحلت برفقة عمتها نجمة شبه المجنونة عبر فضاء معادي بلا رحمة ومحاصر بالعنف واليأس، الذي ولد ربما في بيئة فقيرة.
يثير الفيلم الجزائري «المشبوهون» للمخرج كمال رهان قضية من الذي استفاد من الثورة وانتصار حرب التحرير،. على خلفية قصة حب بين اخصائية نفسية جزائرية تعود الى الوطن لانجاز رسالتها حول الصدمات النفسية الناتجة عن حرب الجزائر، ومخترع فنان شاب يبحث عن الاعتراف بمواهبه.
يستأمنها صديق قديم للأسرة من المناضلين القدماء على شريط مسجل فيه ذكرياته، وآراءه في شخصيات أصبحت مرموقة، واستفادت من الثورة، يظل هو في الظل ويسعى من اجل الحقيقة التي تكلفه في النهاية حياته بطلقة رصاص ممن لا يريدون اظهار الحقيقة. يسقط وهو يقول «هكذا تمنيت أن أموت».
حين يبرز الفيلم صور التيار المتشدد من خلال الموقف العدائي ضد الفنان الشاب ومعرضه الذي ضم لوحات وجدوا انها خارجة عن افكارهم المتزمتة
أحرز فيلم (( رشيدة )) للمخرجة الجزائرية (( يمينة شويخ )) ست عشرة جائزة عبر مهرجانات السينما العالمية ، وتم انتقاؤه رسمياً لمهرجان (( كان )) فضلاً عن إمكانية ترشيحه لنيل جائزة الأوسكار عن سنة 2002 .
لم تكن / يمينة شويخ / بشك وهي تترك منضدتها جانباً كخبيرة بمونتاج الأفلام ، في أن المغامرة ستفضي إلى مثل هذا النجاح ، ولكن الأمور لم تجرِ على ما يرام ، عندما أنجزت سيناريو فيلمها ، فأخذت تدق كل الأبواب بحثاً عن التمويلات اللازمة لإخراج فيلمها الأول .
وإزاء رفض الهيئات الجزائرية ، لم تجد بداً من الالتفات إلى مصادر التمويل الأوربية ، عقب إنشائها مؤسساتها الإنتاجية ، وكانت النتيجة باهرةً .. إذ ما إن تم إخراج الفيلم حتى راح يحصد ويجني جائزة تلو الأخرى . اتخذت يمينة شويخ من عنف الإرهاب في بلادها موضوعاً ، يتناوله فيلم / رشيدة / حيث تقدم شهادة متميزة على طريقتها الخاصة عن المأساة التي عرفتها الجزائر لأكثر من عشرية من الزمن .
يستمد الفيلم قوته من تناوله صراع المرأة الجزائرية ومقاومتها الإرهاب خلال العشرية السوداء التي شهدت انتشار العنف والعمليات الإرهابية بشكل مخيف في الجزائر .. يتطرق الفيلم إلى ما يجري لمدرسة شابة تُدعى / رشيدة / تمثيل ( ابتسام جوادي ) ورفضها الرضوخ لمطالب جماعة إرهابية ، أرادتها مجندة في صفوفها بوضع قنبلة في مدرستها وهو ما كاد يكلفها حياتها ، حيث نجت بأعجوبة من محاولة اغتيال بشعة من الجماعة الإرهابية وبعد نجاتها وخروجها من المشفى ، تقرر مغادرة الجزائر العاصمة للاستقرار بمدينة داخلية بعيدة ، وهناك تتسلل كاميرا المخرجة إلى أعماق المجتمع الجزائري وظروف عيش السكان في تلك الفترة العصيبة .. لتختتم الدراما بمجزرة دموية أخرى تحصد رجالاً ونساءً وأطفالاً غداة عرس في تلك البلدة النائية .
وفي الصباح تخرج / رشيدة / ومحفظتها بيدها لاستقبال من نجا من تلاميذها ، أما درس الحصة فيحمل عنوان (( النهاية )) .
وعن الذي دفعها إلى إخراج فيلمها تقول يمينة شويخ :
(( إن ما دفعني إلى ذلك هو مشاعر الألم والغضب التي عشتها طوال تلك السنوات ، لقد أردت أن أعطي وجوهاً واضحة لألئك الآلاف من المجهولين ، الذين ماتوا خلال تلك العشرية الأليمة ، وقد كرهت أن أستمع إلى الناس وهم يتحدثون عنا كما لو كنّا كماً مهملاً من الأرقام المستخلصة من إحصائيات ... وكل واحد منهم يروي مأساة الجزائر حسب هواه ... وكنت أشعر بالحاجة إلى الحديث عن وطني الجزائر ، وأن أذكر على الخصوص تلك الحياة اليومية الشاقة التي يحياها أولئك الجزائريون والجزائريات الذين تحدوا الوحشية والظلامية .
ولا ترغب يمينة أن تعتبر فيلمها يتحدث عن النساء بل (( أنا أحكي عن مجتمع بكل شرائحه .. الفتى العاشق الذي يريد أن يبوح بعشقه والرجال أيضاً .. لم أتطرق ، ولكنها في المقدمة لأن المجتمع لدينا يدور حول المرأة .. حاولت أن أضيء في فيلمي / رشيدة / جزءاً من واقع الجزائر .. المواطنة الجزائرية التي شملتها زوبعة العنف ، ولا تنشد سوى العيش كأي امرأة عادية وهذا الذي يجعل منها امرأة خارقة للعادة ، وهي تحاول البقاء وصون حياتها وسط دوامة العنف .
يحكي فيلمي عن المجتمع والعلاقات بين الأشخاص والعنف ، وأثره بنقص الاتصال بين الناس في المجتمع الذي يلحق بعنفه الخاص ويغلبه على الحب .. وطبعاً الأطفال كيف تربوا حتى يصبحوا عنيفين؟ .. الفيلم يحكي عن الإرهاب وعن الإشكاليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أدت بالبلاد إلى ما وصلت إليه من خلال حكاية بسيطة )) .
فصل من كتاب
" السينما في المغرب العربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يكون قانون -الحريديم- في إسرائيل سببا في إنهاء الحرب؟ | ا


.. فيليب عرقتنجي ولينا أبيض: رحلة في ذكريات الحرب وأحلام الطفول




.. مصر: مشروع قانون الأحوال الشخصية.. الكلمة الأخيرة للمؤسسات ا


.. هآرتس: استعداد إسرائيل لحرب مع حزب الله بالون أكاذيب




.. إسرائيل تؤكد على خيار المواجهة مع حزب الله وواشنطن ترى أن ال