الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوشخرا زعيم عصابة مناعي الخير

الحسان عشاق
روائي وكاتب صحفي

2021 / 7 / 21
الادب والفن


خرج بوشخرا من العدم يختفي بين العيون المعمشة والضيقة ، فاشلة هي النبرات وخجولة ومرتبكة حد السفه، لابد للحياة من تغيير الجلود المهترئة القديمة، تفتح النوافذ والعيون للزمان والمكان والتطور والتنمية المستحبة ، لم يبق للغد سوى زفير الشهقات العميقة، والفضاء فسيح عاري و بشر المدينة غارق في الاستعطاء ، لا حاجة لأعادة الحديث المر للواجهات ، لاشيء يمنح العزاء والأمل سوى الجرأة على منافسة قطاع الطرق ولصوص الشعب على الكراسي ، القبض على جمرة المسؤولية وحدها قادرة على استقبال الشروق المطل عبر الطرقات الوعرة ، حان الوقت ليرفع الستار عن المشاهد الأخيرة من مسرحية الاستعباد والاستنزاف الشقي، بوشخرا ينشد الزعامة ويحلم بالبطولات والأمجاد وإعادة البكارة للمدينة المغتصبة، يمتشق هاتف محمول أنيق آخر الصيحات ، يطل من وراء البحار يقدم الوعود السمان والعراض، تتحلب الأفواه وينساب الإذعان في الخلايا كضوء في الظلمة ، ينقش في الأبدان زهورا و وحقولا من الرياحين ، تندلق الأماني المشتهاة تنزلق وتستقر في الخلايا الحافية ، تدب في الحوباء الليالي الملاح القادمة على جناح الافتراء من بلاد العجم ، يفرك الانف اكثر من مرة، حركة لا إرادية، الأرنبة تحمر، حركة مشفرة لا يفهمها سوى من يتعاطون الممنوعات الصلبة، هيروين وكوكايين وما جاورهما من الموبقات ، التكنولوجيا اللعينة تقرب المسافات ، بيننا تنتشر التفاهات وتصبح القاعدة ، الفكرة مبهمة بلا يقين مثل الحياة غامضة، مثل اصل الكون ، تضيع المعنى في غمرة الزحام والتدافع والتراشق والتنابز ، تخونه التعابير يتلعثم، يشتم، يلقي بالكلام الخادش للحياء، يندلق مثل كلب البحر عند الحركات، ثدياه يتأرجحان كثدي الكواعب المحررة من الحمالات ، ما لا يأتي بالإقناع و المعرفة والفكر يأتي قطعا بالسباب والشتائم والتحقير والتخوين، أصوات ثغاء وطقطقات ونقر على الألواح بلا طائل، تدوينات كثيرة لا تزيل غشاوة العقل المطحلب والمتكلس، في الليل كان الحضور كثيفا ومتنوعا لبقايا أدمغة مستعملة و منخورة ، شاب يتلو بطريقة ببغائية ما كتب في ورقة مهلهلة ، على غفلة من الاندفاع الأهوج يشتهون وصلات البوح والتفريغ طمعا في الطبطبات، تعليقات، أفكار مهزوزة متضاربة في حجم حبات السمسم، الكل جريء وحر من وراء الشاشات الصغيرة الملونة، قل ما شئت وانتقد من شئت، نفس عن الغضب ، الكبت ، الحرمان، لا شرطة تراقب ولا عون سلطة ، لا فرامل ولا قيود ، فلا تتجاوز الخطوط الحمراء ، ممنوع المس بالمقدسات وأهل الحل والعقد، قدم فروض الطاعة و الولاء لألهه الأرض والسماء، شقشقات أشبه بالكوابيس وفرقعات مفاجئة، والظمأ القديم في الكلام المعاتب، والانتفاض مدفون في اللامرئي، في الأقبية التي جافتها أشعة الشمس لسنوات طوال، في الأقبية المنسية من المخيلات، والحنين المتخثر في الكلمات البائسة المضطربة، الشعلة تزداد اشتعالا بالدواخل كلما ارتفعت الإعجابات، خمسة ، ستة ، سبعة...عشرة .. عشرون.. ، الإعجابات ميزان نجاح الخطة وانطلاء الحيلة على المغفلين، توقد شموع الرغبة الملحة والجامحة في ركوب ظهور الأغبياء أشباه الموتى ، صعد مقصورة الغباء والاستغباء ، تنبث له أسنان وأظافر وبدا في خمش المناوئين، يهدد ، يتوعد، يصدر الأوامر لسحق الجرذان التي تقضم الحلم ، منه الجلاد والقاضي والسجان ، يخطب في الاتباع كل ليلة حين فطن لحشرجة الجوعى، رعشة الاستعطاء تحبو في العظام،ينشطر الازدراء والمكابرة ويكبر العسف، يتربع في حضن الأهمية يبصق على مدينة الضياع، والخوف ما زال جاثما في أضرحة الأزقة والأحياء، يأتيه الولاء اكثر بوحا وفوحا وابتهالات الأنين ، خطابات مهزوزة أشبه بهرطقات مشروخة، كل الجمل تنتهي بالشتم والسب ، لم اسمعه يوما ينزل في أول محطة للاعتذار ، يشتاق رؤية الجثث تتساقط مثل أوراق الخريف، ديكتاتور حقيقي في دولة افريقية، يتمدد فوق السرير في ركن معزول ينقر فوق اللوح ، تخرج الحروف والكلمات متناثرة، متنافرة، يمنع الاتباع من تنفس أوكسجين الحقيقة ، لا تحالفات مع أشعة الشمس والنور، تجحظ العيون من وراء نظارات سميكة ، القول ما قالت حذام، كل الأماني والمطالب الشقية مكدسة في حقائب السفر، يركب سيارة ويصور اشرطه فيديو ويلتقط السيلفيات، يتأوه الاتباع ويصفق البيدق أوغلاط صاحب المقهى الشعبية بحرارة ، يضحك فيندلق البصاق من فمه الواسع، يشيع الزبناء بنظرات متفحصة ، الاستجابة فوق المتوقع، يشير بالأصبع معلقا ابتسامة بلهاء إلى الشاشة الموصولة بخراطيم والمشدودة إلى هاتف محمول، التكنولوجيا اللعينة تخدر العقول، تيقن أن الحفاة والعراة في المدينة ينساقون وراء كل جديد.

- شوفو مزيان وعقلو على بوشخرا ...هذا هو الزعيم لي غينقد المدينة انه المستقبل

- كيفاش غيدير لها واش عندو عصا سحرية غيضرب لبحر ويتقسم

- لا عندو الكلمة

- الكلمة ما كتشبعش الجيعان ولا كتداوي لمريض ولا تعمر الجيب

- كلامك صحيح ولكن نعطيوه فرصة

- الفرصة...

هم هكذا المرتزقة والمبرنقون، ينصبون الافخاخ بالكلام المعسول، يختارون السدج بعناية فائقة ، يطاردون الابرياء الذين تربع فيهم الأسى والخراب، يبرمون الصفقة تلو الصفقة على ظهورهم المحدودبة بالفطرة، يبدلون الخطابات ويلبسون أقنعة لكل مناسبة، يلتفون على أوجاع الآخرين ، حين يكتشف أمرهم يستبدلون قطع الغيار، أطلت شابة كسيحة أشبه بالقوقعة فوق كرسي اسود متحرك، تكاد تغوص فيه، تشكر الله والملائكة على وجود أمثال بوشخرا ، بكت بحرقة والم لأنها لا تجد ما تأكل، عاطلة عن العمل مند سنوات، تقاطرت جمل التضامن وادانه مسؤولي الدولة عديمي الأخلاق والضمير ،الفضاء الأزرق يلد الشجعان والفرسان، من وراء السور الكل عنترة بن شداد، جمعيهم أشبه بدون كيشوط يحاربون الأشباح الساكنة في المخيلات، حتما فالشمس ستصحو من الغيوبة الطويلة في مدينة المغتصبة والمستباحة ثرواتها، أقفال الحرية الصداة ستتكسر، الكلمات القوية تنفض غبار الصمت عن الرؤوس المدجنة، والطائر المقرور لم يعد عاجزا عن التغريد، اضمحلت كدودة ، تنفست الصعداء لم تعد تحتمي بصقيع الوحدة القاتلة ، صور من القران والأحاديث النبوية للدعم والتقوية ، الحنان والعطف يقطر في الفضاء الأزرق، الكفرة يتوبون أمام مشاهد الاستعطاف والمسكنة خصوصا من شابة تعرض عاهتها،( يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)) دون احدهم في حسابه الفيسبوكي الذي تطل منه صورة شخص ملتحي، لربما ينتمي لجماعات سلفية تصطاد الرؤوس الضائعة والهشة والمكسورة الخواطر ، استبدلت الإعجابات الزرقاء بكلمة (‘ صدق الله العظيم) الجميع مؤمنون حد القسوة، لكن الصوت لا يتجاوز الحنجرة ، لا يمس طبلة الأذن بتاتا ، عيون مخضبة بعلامات الاستفهام تتابع فصول عملية التفريغ المدثرة بغبار المذلة، انتهت حفلة البكاء والنحيب، مسحت الدموع بكم القميص،نفخت في الانف وأفرغته من المخاط ، في السابق أقامت اعتصاما أمام مقر العمالة بالكرسي المتحرك ، رفعت لافتة خطت عليها عبارة ( إما الشغل أو الموت)، ناشدت المسؤولين لتوفير شغل لأنها تعاني من الجوع، انهالت عليها الإعانات من الداخل والخارج، جمعت مبلغا محترما، بدل أن تنشا مشروعا سافرت إلى وجهات متعددة، ارتبطت بعلاقة غرامية مع مدمن مخدرات، شاركت صورا من المدن والشواطئ التي زارتها ، تتناول الغداء في طنجة والعشاء في العرائش، تبيت في أفخم الفنادق في أكادير، لم تعد تستحمل زفير الآخرين ، ترددا على النوادي الليلة وافخر المطاعم، لازمها الشاب ليل نهار، في آخر الليل وتحت وقع الشهقات تتذكر الأماني المشتهاة وتطلب من الله أن يديم عليها نعمة القبل والإيلاج واللمس ، حين أصيبت الجيوب بالثقوب، تركها تنهش ما تبقى من زمنها المهدور الشبيه ببحيرة التف حولها التصحر، لم يعد يرافق الجثة سوى ظل الكرسي،كل يوم تصفعها رياح الليالي الملاح، رفعت اليد إلى الشعر، هرشت الرأس وتمردت خصلات شعر اسود فاحم مضمخة بدهان لماع ، والحنجرة هاجرها الفرح لكن ما عادت متوترة تبكي حين جاء الوعد بالإعانة، يطل وجه امرأة شهوانية حنطتها الكاميرا تضع احمر شفاه، عدلت حاملة النهود ، القت على المسامع بضعة كلمات لربما تدربت عليها لساعات، نفذت الكلمات المعلوفة واختلطت العامية باللغة العربية الركيكة ، تهرب نحو الاستدراج وما تحت الحزام ، تلعق شفتاها اكثر من مرة والرغبة تعوي منتظرة اله الغيم والمطر والعواصف، تتقوس ويطل الجرابان من فتحة القميص، اثداء عجفاء متهدلة أشبه بفار نافق معلق من الذيل، امرأة تخون الزوج في واضحة النهار، تتحرش بالشباب الأصغر سنا وتحاضر في العفة ويوم القيامة، تلعن الزانيات وتدعو عليهن بالخراب والدمار، تبتسم في ساحة مكتظة بالخزعبلات، تعدل حمالات النهود، تلوح رقصة الاشتهاء على وقع نقرات الحروف، الفضاء الأزرق فضاء للتعارف ونصب الشباك ، بوشخرا ما زال مكفوف الخيار يئن ويتكوع ، يوزع الأدوار حسب قيمة المداخلات، لا رابط بين المواضيع، تناوبت على الأدمغة أمطار من الذكريات، استحضرت أسماء الأزقة والشوارع والساحات ، ترددت عبارة ( الماضي الجميل)، لم يكن للمدينة في يوما ما ماضي جميل ولن يكون لها لا حاضر ولا مستقبل، المدينة صاخبة بالفقراء والدجالين والقوادين، أحلامها شحطات من الواهمين والمنتفعين، يكح وتضبب الشاشة الملونة، يأتيه الصمت المطبق من الجيش المتكئ على فرصة الأيام ، سطر في غرابة الحكايات الصامتة، الزمان غريب والكل يهذي بالعجافة وقلة الحيلة ، لا يملكون قوت اليوم ولا مزايا ، انهم ضحايا منظومة سياسية متهالكة، لعن الساسة الفاسدين والمتواطئين، ارتفعت نبضات الإعجابات ، خمسة، ستة، سبعة، ثمانية، تسعة….

- غادي نحررو لبلاد من الشفارة والقمارة

- لي ما بغاش يخدم ندخلوه للحبس

يلوح وجه مخربش مليء بالثقوب وندوب تشطره إلى نصفين، أوشام لربما من مخلفات معارك التفاهة، قدم نفسه للمتابعين على انه مناضل حقوقي وفاعل جمعوي، تحدث بدون انقطاع لكنه لم يقل شيئا، بين الحروف والكلمات تلوح المسكنة والشحاذة، المتمرسون في الشحاذة والتسول يعرفون توقيت قبض الثور من قرنيه وتكبيله،ينشر معاناته على الهواء، يتأوه تغرورق عيناه بالدموع، حوار تافه يتحول إلى جنازة، الكل يبكي ويشتكي من ضيق ذات اليد ، الحياة مجحفة معه إلي حد الجنون، لا طحين ولا زيت ولا سكر ولا شاي، صعوبة في تسديد السومة الكرائية، فواتير الماء والكهرباء تتراكم قريبا سيأخذون العدادات، تشتري العداد وتدفع لمن يربط بمواد الشركة بالمنزل، عند الانقطاع عن الدفع يفصلون العداد ويحملونه معهم كانه ليس ملكية خاصة دفعت تكلفته مسبقا، افرغ في ليلة التشكي والبكاء الحمولة من على الظهر أمام سماسرة الجنس وتجار المخدرات، لم يبال لشراسة الألسن، الجوع كافر أيها البصاصون والهمازون والمشاؤون ، لديه دزينة أولاد فاغرة الأفواه يتضورون جوعا، دون احد الحسابات انه مرتزق ونصاب تم طرده من جمعية حقوقية، اشبك يديه ونظر الى السقف ينتظر ملاك الخلاص والتوبة، طأطأ الرأس الأشعت ينتظر مرور العاصفة ، زم الشفتين السوداوين ، نفخ الدخان من منخريه وظل ساهما يستقبل مواكب الرجم، ارتجفت الكلمات وارتعدت الفرائص، تسلق العرق الجبهة المخربشة، علق آخر انه هارب من مدينة أخرى وانه متسول محترف، انهالت اللعنات ورصاصات الشجب والإدانة ، الكل يتنافس ويستعرض مهارته في فنون التزلف والتقرب من الشجرة بحثا عن الظل الوارف والفاكهة الطازجة السهلة القطاف، التحليق فوق الظروف الصعبة ، والمسكنة المرمية على شبكات التواصل لا تزال تنفخ في الرئات أملا عريضا هربا من نعال الهزيمة ، كلهم يلهثون في الفضاء الأزرق ينزفون وجعا ويئنون رعونة وضجيجا، والساحة تعوي في الشرايين وعباءة الولاء المغشوش تفضح الحربائيين.
في الاجتماع الأول في مكتب جمعية مناعي الخير وقع الشرخ والضرب تحت الحزام، الأعين مصوبة على من سيمسك الصندوق الأسود لجمع التربعات القادمة من وراء البحار ، انبرى بائع الخمور في تحريض الأغبياء وشحنهم بالترهات والأباطيل، تحت سحابة ممتلئة الأوداج بالطمع والانتظار الأجرب ، أملا في حصاد وفير من ثمار الاستعطاء ، احتدم النقاش وتصاعد الضجيج وخرج من النوافذ إلى الزقاق والمقاهي المجاورة التي بدأت تفتح الأبواب لاستقبال الزبناء ، اشرأبت رؤوس المارة وشيعت مصدر الضجيج، اغلب المارة يتوجهون لصلاة الفجر وبعض التجار الى سوق الخضر والفواكه ، اليافطة المعلقة حديثا فوق باب المنزل يحركها الهواء العليل ، دخان السجائر ينزلق من النوافذ، والاتباع مكدسون في باحة الانتظار، ينتظرون بوشخرا لتعيين من سيكلف بالمال، يا الآهي ليس هناك مال ووقع الضجيج والتدافع، هناك فكرة ، فكرة فقط لإنشاء صندوق وارتفع اللغط، ماذا لو امتلأ الصندوق بالدولار أو الاورو..،
 دعوة صريحة للإبحار 
في قوارب التخوين والرجم، في قطارات الخسة والدناءة والعار والدمار ، وضع الحقوقي المزور لفافة حشيش في فمه، سحب الدخان بقوة شديدة، نثره في الهواء، كحت بعض النسوة المحجبات، لم يعتذر وواصل الثرثرة.

- حنا هنا خمسة ساعات ومازال كناقشو شكون لي غيكون أمين الصندوق

- طبيعي ما كاينش توافق

- مكايناش الثقة كل واحد شاك في الأحر

- امر طبيعي القضية فيها لفلوس

- فين هما هاد لفلوس الله يهديك

دون احد الشباب مستنكرا السب والشتم ، تدخلت المعاوي الموظفة في قطاع عمومي، تتفرس الحارضين بشبق واشتهاء، غرست نظراتها على شاب في العقد الثاني، كم تشتهي هذا الحصان يصلح للركوب والخوض في سباق المسافات الطويلة، على صهيل أفراح الرعشات ، تنام في الهواء ولن تستفيق من الأحلام الدافئة، تنهدت وأطلقت آهات وعادت من التأملات المسافرة عازفة ألحان الخيبات السحيقة، غمزت بالعين وفترت شفتيها عن بسمة لها اكثر من دلالة، اقترحت أسناد أمر الصندوق إلى امرأة لأدارته، الفكرة لم تكتب لها بشارة النصر، تعالت الصيحات والضرب على الطاولات، المعركة احتدمت وارتفع اللغط اكثر، لم ترفع القبعات في قاعة الهزائم بعد ، وسكب التذمر في محبرة التشرذم المطل من بعيد، انبرى الحقوقي المزور في إرسال إشارات للتهدئة وتقديم تنازلات لتشحيم العجلة ، استمر في اللغو والحشرجات، ضحك ضحكات عالية وانطلقت تلميحات احصنه النكاح، تعالت الصيحات ورميت كمشة التأفف، بدأت النساء في الانسحاب واحدة تلوى الأخري، الرابعة صباحا فشل الاجتماع الأول في خلق الإجماع، صندوق جمع الدعم عمق الهوة والشرخ، الكل يجلس الأخر على تخوم الهزيمة، تهامس كهنة بوشخرا طويلا ووضعوا السيناريوهات للقبض على مفاتيح الصندوق الوهم، اطل الرجال من النافذة وشاهدوا سرب النساء بتفرقن في الطرقات والأزقة بخطوات وئيدة،حتما لديهن الأجوبة لأسباب الغياب والعودة في ساعات متأخرة من الليل، كيف للحثالة أن تنتصر للتنمية والحقوق، من اخبر بوشخرا أن المهزومين ونفايات المجتمع يصنعون الغد، بهذه الكائنات لن تصحو الشمس ابدأ من الغيبوبة، بهذه الوجوه تصدا أقفال الحرية وتعتقل الحقيقة، لن تنفض غبار الصمت عن الجماجم والحناجر المقموعة، في هذه المدينة العاهرة كلنا يحمل منفاه في داخله يمضغ أحزانه ويمضي يعد الأيام وأسماء المسؤولين التافهين والساسة الفاسدين، الماضي والحاضر والمستقبل بأيدي قطاع الطرق ، والثابت أن الزمن موبوء بالأكاذيب والنفاق ، الاتباع يراقبون بعناية الحساد يدسون السم الزعاف في التدوينات ، يرفعون تقارير يومية لسيدهم ، الجالس على كنز سليمان في المهجر، تأتي الردود في اشرطه صوتية تحمل القذارة والانحطاط الأخلاقي، لم يستثن أحدا من حفلة الحط من الكرامة الإنسانية، عجبا كيف يعيش هذا المريض السادي وسط العلوج٠

-سير عندك هداك الكلب قولو لو الا ما سد فمو سنغتصبه

- هجمو عليه في الدار شي واحد اذبحو من العنق ولا يدير لو عاهة مستدامة

يسحب قارورة صغيرة، يستنشق مسحوقا ابيضا، يفرك الانف اكثر من مرة، تحمر الأرنبة ، في عينيه القاحلة كالاغتراب، ثمّة زمن ثقيل يكبس عليه، في الصغر كان طفلا خجولا ومرعوبا وخائفا، لم يكن تلميذا نجيبا كما يدعي، اصبح هدفا سهلا للراشدين يجربون فيه فحولتهم ، حين علمت العائلة نقلته إلى مدرسة أخرى، لاحقه السر فكان لابد من فصله عن الدراسة في المستوى الإعدادي، لقد اصبح وعاء للتفريغ بقوة العنف والضرب المبرح، اختفى عن الأنظار لسنوات ودخل في طي النسيان ، يأتي إلى الوطن على عجل ويرحل على عجل، لكنه سيرته انفتحت دفعة واحدة حين اطل من شبكات التواصل الاجتماعي ينشر القذارة والخسة، يرتعد الجسد المضطرب الإيماءات ، يخشى أن يسرقه الفشل في لحظة سهو، فالرجل يتكأ على أفكار متضاربة قاصرة محدودبة المعاني، كل مرة يصطدم بألف علامة استفهام، ويسقط في بركة المفاهيم العكرة ، قاب قوسين أو أدنى من حافة الانسحاب، الاتباع ينفخون فيه بكير الأهمية والقيمة ليسمتر تدفق العليق، الأحمق من يفرط في حاتم الطائي زمانه مصاب بجنون العظمة ويرقص في مواكب العظمة ، الشابة المطلقة الصغيرة الحجم، راودته عن نفسها في أول زيارة للوطن، أقامت له حفلا في مدينة شاطئية، خمر وعاهرات وهرويين، حنطت الحفل بكاميرا، تركته للحاجة، عندما لم يعد يرسل حوالات مالية هددته بإفشاء السر الموثق بالأدلة، ارتبك و خاف من الفضيحة، تبعثر الحلم على جانب الطريق، تتساقط الكلمات بدون معنى مليئة بالبثور والندوب ، بالأمس لعب دور القناص اليوم تحول إلى فريسة مطاردة، المرأة العارية دائما ضربت فأوجعت ، قضمت ما تبقى من العنجهية المفرطة ، أرغمته على المضي قدما في البحث عن معنى الزعامة والقيادة، الغوص عميقا في منحنيات و متاهات وجوده، يمشي عاريا في محافل الشامتين، ينتظر الكأس القاصمة لظهر السكير ويرحل في غيبوبة، اطل من شبكات التواصل الاجتماعي، يفرك الانف اكثر من مرة، تحمر الأرنبة، عيناه اختفت وراء الزجاج السميك، يضرب الأخماس في الأسداس، يتحاشى العزف على أوتار التهديد، المرأة العارية اغتالت بكلمة عابرة للفضيحة التصرفات النزقة والطائشة٠

- تلك السيدة شاركنا معاها الطعام والأسرار والآن كتهددني٠٠٠٠كتبتزني حنا بغينا نديرو الخير في لبلاد ولينا اعداء كلشي ولا ضدنا

الفضاء الأزرق ممتلئ بعناقيد الصمت، والاتباع يشتكون من غموض الأجوبة الفضفاضة ، هل فعلا صورته يتعاطى الهيروين ويعاشر العاهرات، أم هناك شيئ اخطر فحركاته اكثر أنوثة، أم طريقة من طرق الابتزاز التي أصبحت وسيلة من وسائل التكسب، كم من ضحية استدرج ليتعرى أمام الكاميرات وتعرض للابتزاز، هناك من دفعوا الملايين للتستر على الفضيحة، وهناك شجعان طرقوا أبواب القضاء وتم اعتقال الجناة٠
بوشخرا وعد بانتشال القطيع الذي أدركته السنوات العجاف بالمشاريع العملاقة ، تتدفأ بالوعود الأدمغة الحالمة ، يحتمي بظله المغتصبون والمنبوذون ، القوادون والأوباش وأحواض حطب العهر والمجون والعربدة، اغلب الملتحقين يلبسون أقنعه، متمرسون في أفراغ جيوب الآخرين بالخداع والمكر، يكبر الحلم تتوسع دائرة المنافقين والمرتزقة ينتظرون الربيع ليولدوا من جديد، يمثلون دور مقاومة الحقارة والدناءة في المدينة ، اسماك القرش تموت إن خرجت من البشاعة والحقيقة ، حقيقتها في أنها ملطخة بالعار والخسة، أحجار الوعي والإدراك تلقى في البركة الراكدة تطلع الروائح المغثية ، والرصاصات الطائشة تفتت البناء الوهمي ويكثر النباح ونقيق الفجيعة٠

قبل اشهر شكل مجموعة فيسبوكية مع بعض المهاجرين الابقين من الفقر والجوع، يحلمون بقبض كرسي المسؤولية، لا يهم التوجه السياسي ولا المرجعية الفكرية ، الأهم الترشح باسم حزب الحمير أو البغال أو الشياطين ، السياسة بدون بوصلة لدى أحزاب مستهلكة لا تعترف بالكفاءات وتقرب أصحاب الشكارة وتجار المخدرات، جميع الإطارات السياسية تهتم بالأرقام لا بالأشخاص والقيمة المضافة، الأرقام وحدها تفاوض المناصب المتقدمة في أجهزة الحكم ، لا قيمة للفكر والمعرفة أمام الأرقام ، تشكيل الحكومة يحتاج إلى عدد المقاعد المحصل عليها في البرلمان، التحالفات مع من لا يهم إطلاقا أن تكون ذا مرجعية سياسية تقدمية وكونية وحضارية أو سلفية منغلقة أو عدمية الأهم أن تكون في تشكيلة السلطة.

- الحزب لي حصل على بزاف نتاع المقاعد مطلوب

- هي لي عندو شي اربعة نواب ولا خمسة حتى واحد ما يسول فيه

- هداك يمشي للمعارضة الا لقا مع من يديرها

- ما بقاتش المعارضة في المغرب سنوات هدي

- صحيح

يطل بوشخرا بجسمه الثخين والنظارة السميكة التي تشبه قيعان الكؤوس، يرفع قبضته في وجه الريح ويصرخ في وجه الاتباع عبر شبكات التواصل الاجتماعي، سيكتسح المجالس والبرلمان ، يستفزه شخص عبر تقنيات التواصل المرئي أن حلمه صعب المنال، موقف اربك الحلم في المخيلات المتجلطة ، اطلق العنان للكلام النابي جدف على الله، لا مكان للمندسين والخونة و المتمردين بين العصابة ، الرضوخ والانبطاح وحدهما الكفيلان بحجز جواز المرور إلي الجنة الموعودة ، عاش مغمورا مهملا متشردا في أحلام الثراء، صفعته بعد سنوات من التيهان فكرة الانتخاب، المدينة تباع في سوق النخاسة من الغرباء،يموت أبناءها تحت حوافر اللوطيين والقوادين، بوشخرا يوزع الوعود يمينا وشمالا، جمع أموالا طائلة في المهجر من بيع الوجبات السريعة، وقيل انه يتاجر في الممنوعات الصلبة والتجارة في البشر، ارسل بضعة حوالات إلى الشحاذين والقوادين ومحترفي الكلام في المقاهي، انتشر الخبر في أرجاء المدينة، التحقت بالجوقة نساء متزوجات ،مطلقات ، شابات ، عاهرات كلهن يحلمن بالارتواء من كنز سليمان ، المال مزمار من مزامير الشيطان ، لا احد يصمد أمام الإغراءات، بوشخرا يفتح صناديق الاوراق و أسس قضية على اللاشي ء، الأمور تبدو في وعيه المخروم متساوية، متعادلة، متجانسة ، متماثلة ، لا مجال لاستخدام العقل لفك شيفرة المعاملات، وحده القادر على إيحاد الحلول، وحده القادر على تخليص الساكنة من الفقر والجوع والفساد والكساد، في لحظة الإذعان ازداد قسوة، صرخ أن لديه شعبا يعد بالآلاف،طارق بن زياد يخطب في الجيوش خطبته الشهيرة،"أيها الناس، أين المفر٠٠٠؟! البحر من ورائكم والعدو أمامكم، فليس لكم والله! الا الصدق والصبر، واعلموا أنكم فى هذه الجزيرة أضيع من الأيتام فى مآدب اللئام٠٠٠" لكن ليس طارق الغازي للأندلس بل بوشخرا الطامح في السلطة والحكم، سلاحه هاتف خلوي وفم قذر، تداعبه الإعجابات ويزداد قسوة ، والتفاهة تتقيأ حكايات حثيثة على مسامع العلاجيم، على رؤوس شبه نائمة على شاشات العرض، لا نقرات إعجاب ولا تنهدات ، التفاهة صاح صديقي الحميم تصنع التاريخ ، و العقل في وطني الكئيب يلد مسوخا، نشرت المرأة العارية تدوينة كلها غمز ولمز، أرفقتها بصورة مع أعداء الأمس، دخنت سيجارة شقراء بشراهة في المقهى، الصورة إشارة قوية بانها ترفع التحدي ومستعدة للمعارك، معارك المكاشفة والحقيقة، كما أن الصورة الملتقطة حديثا مع الأعداء دعوة مبطنة للمصالحة و إرجاع صنبور الدعم للارتواء فلا زالت عطشى، توالت الأشرطة الصوتية المهددة بالقتل والاغتصاب والاختطاف، لا احد يعرف من سربها وكيف وصلت إلى أشخاص بعينهم، بوشخرا في وضع لا يحسد عليه ، انقلب عليه اقرب المقربين على مقربة من عيد الأضحى، لم يتوصلوا بثمن الكبش كما وعد، توالت الضربات تباعا، تزكية الحزب آلت إلى مستشار سابق، سقط حلم الاكتساح وقبض جمرة المسؤولية في البركة الآسنة، الديك المنفوخ الريش يضمحل، يصغر، يضيق به الحال ولا حلول ، السرعة المفرطة والاستهانة بالآخرين ضيعته في جرة قلم، الأخوون هو الجحيم كما قال سارتر، الأحكام المسبقة هدمت المعبد من الأساس وفتتت قطعان الاستعطاء، دعاوى قضائية في المحكمة، وحديث عن أشرطة صوتية تسيء إلى قضاة ورموز الدولة ، الشفاه المزمومة تناست ومضة الابتسام ، اكتفى بتكرار الكلام البائس مرتشفا خمرة الانهزام المر٠
في صباح اليوم التالي اعلن بوشخرا انسحابه من الترشح للانتخابات ، وتسائل الاتباع عن مصير الصندوق الأسود أن كان سيمتلأ بالاورو ام الدولار ٠٠٠ضحكت المرأة العارية ضحكات عالية مستفزة اهتز لها الصدر، أما الموظفة منهمكة في ملاحقة شاب وسيم يصغرها بعشرين سنة ، وانزوى اوغلاط القهوجي في مسح الموائد والكراسي في انتظار زبائن امطرهم بالخير العميم القادم من وراء البحار، اختفى الحقوقي المزور من شبكات التواصل وشوهد يلاحق محسنا ليمكنه من خروف العيد، أقسمت الزوجة إن لم يحضر الخروف لن ينام في البيت ، لاحقته شتائمها القاسية والمتهكمة إلى آخر الزقاق، ضحك بعض أبناء الحي على المشهد المألوف لرجل مغلوب على أمره، يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان لكنه مهضوم الحقوق في بيته،بائع الخمور من وقع الصدمة دخل اول خمارة وظل يكرع كؤوس الراح الى ان غاب عن الوعي، توقفت عقارب النقر والتدوين عن الكلام المباح، مكتفية بإلقاء نظرة وداع و اشمئزاز على فتوحات زعيم الغفلة بين عشية وضحاها، الباحث عن كينونة مشتراة في مزادات طقوس الفوضى والاستغباء٠

انتهت 21-7-2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع