الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصين و أمريكا في ميزان المقارنة ( 7 )

آدم الحسن

2021 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


قوة العلوم و التكنولوجية و قوة الاقتصاد بالإضافة الى القوة العسكرية هي الأركان الثلاثة الأساسية للدولة الحديثة و هنالك ثلاث اركان أخرى مكملة تعزز قدرات و قوة الدولة و هي :
** الدبلوماسية و التحالفات الخارجية .
** الحالة الحضارية و الثقافية للشعب .
** النظام السياسي و الحريات الشخصية .
قوة الدبلوماسية و التحالفات الخارجية للصين و أمريكا في ميزان المقارنة :
اولا : الصين ليست طرفا في أي تحالف عسكري بين الدول و لا تنوي و لا تريد أن يكون لها وجود في أي تحالف عسكري .
ثانيا : بعد أن استطاعت الصين استعادة أراضي صينية واقعة ضمن الخارطة التاريخية للإمبراطورية الصينية القديمة لم يبقى سوى جزيرة تايوان خارج اطار الدولة الصينية و قد وضعت الصين لها هدفا هو استعادة تايوان و ضمها للدولة الصينية بشتى السبل لكنها تفضل الطرق السلمية و ضمن مبدأ نظامين في دولة واحدة .
الصين لا تقبل أي شكل من أشكال المساومة على موضوع استعادة تايوان حيث أن الصين تعتبر هذا الأمر شأنا صينيا داخليا و معظم دول العالم و من ضمنهم امريكا و بريطانية و دول الاتحاد الأوربي لا تعترف بتايوان كدولة فعدد الدول التي نعترف بتايوان كدولة هو 13 دولة و كلها دول صغيرة و بعضها صغير جدا و هذا العدد في تناقص مع مرور الزمن .
امريكا لا تعترض على استعادة الصين لتايوان و إنما تطالب في أن تكون العودة طوعية و بطرق سلمية لكنها في نفس الوقت تضع عراقيل أمام الطرق السلمية للعودة التي تتم من خلال توسيع التبادل التجاري و المصالح المشتركة و الاستثمارات المتبادلة و غيرها بين الصين و تايوان . و القيادة الصينية تعتقد أنه من الممكن تطوير المصالح المشتركة مع تايوان للوصول الى مرحلة يجد فيها التايوانيون أن مصلحتهم في أن يكونوا جزءا من الصين اكبر بكثير من مصلحتهم و هم خارج دولة الصين .

ثالثا : الميزة الأساسية لدبلوماسية الدولة الصينية و تحالفاتها هي أن السياسة الصينية تعتمد على البرغماتية و الحيادية و أن لا تكون الصين طرفا في أي نزاع بين الدول و أقامه علاقة تجارية و اقتصادية و تعاون مع جميع دول العالم دون استثناء و بأكبر قدر ممكن من المجالات بغض النظر عن طبيعة الأنظمة السياسية للدول الأخرى و تطبق مبدأ عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول الأخرى بشكل حقيقي و كامل و يمكن تناول بعض الأمثلة على ذلك :
** للصين علاقات تجارية و اقتصادي واسعة مع ايران و في نفس الوقت نجد أن حجم تبادلها التجاري مع السعودية و دول خليجية أخرى في تصاعد مستمر ايضا .
** للصين علاقة متينة مع اسرائيل تشمل الاستثمارات و التبادل التجاري و التعاون في مجالات عديدة لغرض تبادل المعرفة في العلوم و التكنولوجية و في نفس الوقت ترتبط الصين بعلاقة جيدة مع الشعب الفلسطيني و السلطة الفلسطينية و منظمة التحرير الفلسطينية كما إن الصين تدعم دبلوماسيا الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية لغرض حصوله على حقوقه وفق قوانين الشرعية الدولية .
** الشريك الأول لأمريكا في التبادل التجاري هي الصين و كذلك الحال بالنسبة للاتحاد الأوربي فالصين تمكنت من ازاحة امريكا و أن تحل محلها لتصبحت هي الشريك الأول للاتحاد الأوربي و في نفس الوقت نجد أن حجم التبادل التجاري بين الصين و روسيا حاليا بحدود 107 مليار دولار سنويا لكنه يتجه نحو الصعود الى 200 مليار دولار سنويا في السنين القريبة القادمة و يزداد اعتماد الصين على مصادر الطاقة من روسيا و خصوصا الغاز الروسي حيث تم أنجاز مشروع نقل الغاز الروسي بسعة 38 مليار متر مكعب سنويا الى الصين كمرحلة أولى و سيتضاعف حجم الغاز الذي ستصدره روسيا الى الصين في السنين القادمة .
** نجحت الصين في جمع ثمانية دول في تحالف اقتصادي تجاري و لتبادل الخبرات في مجالات عديدة و يسمى هذا التحالف ب (( منظمة شنغهاي للتعاون )) و الدول الثمانية هي الصين و روسيا و الهند و باكستان و اوزبكستان و طاجكستان و قرغيزستان و تركمانستان .
أن التعاون و التبادل التجاري بين دول هذه المنظمة في نمو مستمر حيث تخطط الصين لأن تكون هذه المنظمة نواة لأتحاد أسيوي على غرار الاتحاد الأوربي .
أيران تطمح بالدخول لهذه المنظمة إلا أن مشكلة الملف النووي الإيراني و العقوبات الأمريكية عليها و على من يتعامل معها حالت دون دخولها كعضو في هذه المنظمة و لكنها تحضر بعض اجتماعات هذه المنظمة بصفة مراقب .
أما بالنسبة لتركيا التي تطمح بالانضمام ايضا لهذه المنظمة فعليها الانسحاب من حلف الناتو و سحب طلبها للانضمام للاتحاد الأوربي فأي دولة غير اسيوية لا تقبل بهذه المنظمة حيث سبق و تم رفض طلب بلاروسيا للانضمام لهذه المنظمة بالرغم من علاقتها الجيدة جدا مع الصين و روسيا و السبب هو أن بلاروسيا دولة أوربية .
** تجاوز عدد الدول المشاركة بمشروع طريق الحرير الجديد الذي تقيمه و تموله الصين الستين دولة و هذا المشروع وسع كثيرا علاقات الصين الدبلوماسية مع دول القارات الثلاثة اسيا و اوربا و أفريقية .

أما في الكفة الأخرى من ميزان المقارنة و هي علاقات أمريكا الدبلوماسية و تحالفاتها فيمكن وضع المؤشرات التالية :
اولا : تراجعت علاقات امريكا بحلفائها كثيرا في زمن الرئيس السابق ترامب و باشر الرئيس بايدن بترميم هذه العلاقات .
ثانيا : أمريكا ليس عضوا في حلف الناتو العسكري فقط بل هي قائدة لهذا الحلف و هي بعكس الصين تعتمد على التحالفات العسكرية أكثر من اعتمادها على التحالفات الاقتصادية .
ثالثا : امريكا بعكس الصين حيث تجدها طرفا في معظم النزاعات المنتشرة في العالم و تستخدم قدراتها العسكرية و نفوذها للعب دور اكبر في تحديد مسار تلك النزاعات .
رابعا : بعكس الصين , أمريكا لا تستطيع اتخاذ موقف محايد في الكثير من الصراعات في العالم و لازالت لدى أمريكا الرغبة في ممارسة دور الشرطي على العالم و قد كانت قمة تدخلاتها الخارجية بعد الحرب البارة هي في احتلالها لأفغانستان ثم العراق حين رفعت شعار من ليس معنا فهو ضدنا .

و عليه يمكن القول أن القوة التي تكسبها الصين من علاقاتها الدبلوماسية هي اكبر بكثير من تلك القوة التي لدى امريكا , فعلاقات الصين الدبلوماسية مدعومة بالمصالح و المنافع المشتركة مع الدول الأخرى أما قوة امريكا الدبلوماسية فتعتمد على القوة العسكرية و الحصار و العقوبات و غيرها من هذه الوسائل التي سترتد عليها لا محال .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس


.. قتلوها وهي نائمة.. غضب في العراق بعد مقتل التيكتوكر -فيروز أ




.. دخول أول دفعة من المساعدات الإنسانية إلى خانيونس جنوبي قطاع


.. على وقع التصعيد مع إسرائيل .. طهران تراجع عقيدتها النووية |#




.. هل تتخلى حركة حماس عن سلاحها والتبعية لطهران وتلتحق بمعسكر ا