الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
إسرائيل ملاذ آمن لجرائم التكنولوجيا
نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)
2021 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية
تلقي فضيحة تقنيات التجسس التي تنتجها شركة التقنية الاسرائيلية ان. اس. او NSO وهي المنتجة لبرنامج التجسس المعروف بيجاسوس، مزيدا من الاضواء على الدور الوظيفي القذر الذي تلعبه دولة اسرائيل ومؤسساتها العامة والخاصة وشركاتها، ودوائرها الأمنية في خدمة المصالح الاستعمارية الكونية للشركات الاحتكارية متعددة الجنسيات والتي غالبا ما تنبثق عن شركات اميركية كبرى.
برنامج التجسس على الأفراد وخصوصياتهم ليس أمرا جديدا، فقد ذاع صيته واشتهر بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في شهر تشرين الأول اكتوبر 2018، حيث انتشرت في حينه انباء عن استخدام برنامج التجسس من انتاج الشركة الاسرائيلية، وذكر أن الشركة باعت برامج للحكومة السعودية واجهزتها الاستخبارية بقيمة 55 مليون دولار. كما انتشرت انباء مشابهة عن التجسس على الشخصية الاماراتية المعارضة المهندس أحمد منصور بحيث ساعدت برامج التجسس هذه على اعتقاله وتوجيه الاتهامات له، ثم توالت الأنباء تباعا عن استخدام برامج التجسس الاسرائيلية لمتابعة آلاف الهواتف والحسابات الشخصية لمعارضين من مختلف الدول، وصحفيين وناشطي حقوق انسان، وحتى ناشطين في مجالات مدنية مثل الدفاع عن البيئة والتغذية الصحية. كما أن شركات التكنولوجيا العملاقة في الولايات المتحدة وخاصة فيسبوك مالكة تطبيق الواتساب، ثم ميكروسوفت وغوغل رفعت دعاوى قضائية ضد الشركة الإسرائيلية بسبب انتهاكاتها لخصوصية المستخدمين، وبالتالي تأثيرها البالغ الضرر على الشركات العملاقة، وقد كسبت فيسبوك دعوة كهذه ضد NSOفي إحدى محاكم كاليفورنيا ما أجبر الشركة الإسرائيلية على التوقف عن استخدام ثغرة في تطبيق واتساب تتيح النفاذ إلى خصوصيات المستخدم العادي.
الفضيحة تحولت إلى فضيحة عالمية كبرى بعد سلسلة من التحقيقات الاستقصائية التي اجرتها عدد من وسائل الإعلام العالمية بحيث كشف النقاب أن هذه البرامج استخدمت للتجسس على عدد من زعماء الدول ومن بينهم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والعاهل المغربي محمد السادس والرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء العراقي وغيرهم كثيرون، ما يوحي ببساطة ان منتجات هذه الشركات متاحة لمن يدفع، وأنها أدوات ابتزاز، ووسائل غير مشروعة في التاثير على سياسات الدول والحكومات، وأنها محل استخدام واسع من قبل أجهزة استخبارات كثيرة.
الشركة الاسرائيلية ادعت أنها إنما تبيع تطبيقات امنية للحكومات والدول بهدف محاربة الجريمة والإرهاب، لكن هذه الحجة رفضت بعد انكشاف عمليات التجسس الواسعة على المعارضين والأفراد العاديين الذين قد تعرضهم هذه التطبيقات لابتزاز جهات مختلفة، كما قد تعرض سلامتهم وحياتهم للخطر.
لدى التدقيق في أوضاع هذه الشركة، يتبين أن من اسسها هم ثلاثة افراد اسرائيليين من خريجي الجيش الاسرائيلي هم نيف كارمي، عومري لافي وَشاليف هوليو، وهي تتخذ من مدينة هرتسليا شمال تل ابيب مقرا لها ويعمل بها اكثر من 500 موظف، وقد حظيت الشركة عند تاسيسها بدعم مالي وتقني من قبل جهاز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية (أمان)، وتضاعفت قيمتها السوقية منذ تاسيسها في العام 2010 حتى الآن عشرات المرات، بحيث وصلت إلى اكثر من مليار دولا حاليا، وخاصة بعد أن استقبلت استثمارات اميركية كبيرة بحيث باتت جزءا من مجموعة فرانسيسكو الأميركية.
الجنرال الاسرائيلي المعروف افيغدور بن جال (1936-2016) كان رئيسا لمجلس إدارة هذه الشركة، وتخضع عملياتها البيعية لمصادقة وزارة الدفاع الإسرائيلية ما يكشف بوضوح حالة التكامل والتعاضد بين الدوائر الأمنية والعسكرية الإسرائيلية وشركات القطاع الخاص الإسرائيلية العاملة في المجال الأمني وخاصة شركات إنتاج السلاح والتقنيات الحديثة المرتبطة بالسلاح والعمل الأمني والاستخباري، والغريب أن حكومات إسرائيل في العقود الأخيرة كلها دعمت عمليات الخصخصة، لكنها أبقت الصناعات العسكرية والأمنية تحت سيطرة الدولة واجهزتها الأمنية.
كما تكشف هذه العمليات العلاقة العضوية المميزة التي تربط الصناعات العسكرية والأمنية الإسرائيلية بحاضنتها الأميركية، حيث تعتبر الاولى امتدادا للثانية، بل إن دولة الاحتلال الإسرائيلي باتت تمثل ملاذا آمنا يمكن هذه الشركات من التهرب من كافة اشكال القيود المفروضة على المؤسسات خشية انتهاكها لحقوق الأفراد ولخصوصياتهم، أو بسبب تعاون هذه الشركات وتجارتها مع أنظمة قمعية ومستبدة وعنصرية، حيث تفرض القوانين الأميركية والغربية بعض القيود في التعامل مع هذه الأنظمة، بينما يحظى العمل الأمني والعسكري الإسرائيلية بحرية مطلقة بدعم من الحكومة وبمعزل عن رقابة الصحافة ومؤسسات حقوق الإنسان.
قضية NSO وفضيحة التجسس على الأفراد بما في ذلك الشخصيات القيادية العامة لابتزازها ليست إلا نموذجا للتعاون الوثيق بين الدوائر الأميركية الرسمية التي يديرها (الأخ الأكبر) اي المخابرات الأميركية ومثيلتها وامتدادها في إسرائيل، وهي أعمال تجتمع فيها كل عناصر الجريمة من مخالفات للقوانين والمواثيق الدولية، وانتهاكات لحقوق الانسان، وتعاون مع أنظمة قمعية ومستبدة، وجني ارباح طائلة من وراء عذابات الشعوب المقهورة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مقهى في أربيل يتيح للزبائن فرصة اللعب مع القطط
.. فيتو روسي ينهي النظام الأممي لمراقبة العقوبات على كوريا الشم
.. وضع -كارثي ومرعب- في هايتي مع تواصل تدفق الأسلحة إلى البلاد
.. المرصد: 42 قتيلا بقصف إسرائيلي على حلب بينهم عناصر من حزب ال
.. -بوليتيكو-: محادثات أميركية لإنشاء قوة حفظ سلام في غزة | #ال