الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المُبيضة نزعة مُضادة للمفهوم

عباس داخل حبيب
كاتب وناقد

(Abbas Habib)

2021 / 7 / 22
الادب والفن


المُبيّضة نزعة مضادة للمفهوم.

في المُسوّدة المسرحية: المُبيّضة مساحة مُجاورة دائما تحتاج تأويل لتحديد المعاني بقراءة الحروف على الورق. المُسوّدة منطلق مفهوم ونقطة لكتابة الخطوط بقلم رصاص مُظلل أو مُضاء بحبر مُلوّن سمته السواد. والتأويل رجوع للأوليات المخطوطة أي النظر للحروف على أنها خطوط أولية معروفة بداهة بالحقيقة الظاهرة وليس الرجوع لأولويات الكتابة الحرفية لأن الأولويات هي ميل ابتدائي ومصالح مُختلفة غامضة تأخذ سمة ابتدائية أو تدّعي المبدئية كعامل غير قابل للنقاش وما الحرف فيه إلا تمثيل مارسته اللغة لتحريف دور الخط في الكتابة لصالح الصوت العالي غير المفهوم بسبب غموض مُحدداته السياقية المُعيّنة حسب تعدد أهواء الأشخاص (أو الشخصيات) من غير أن تعبأ لدلالة الإشارة المرئية في مفهوم الخط ودوره غير الموجود حرفيا في السياق والذي يسعى خلال حياته لإنتاج رأي له صوت مسموع وعالي على أساس الفهم لا على أساس معنى غير مفهوم يأخذنا بصياح عالٍ.

الحرف ممثل بارع ناطق

أن كُل معنى حرفي منطوق في الحوار المكتوب يشكل ثنائية (حرف – خط) لا تقرر المفهوم بسبب تداخل واقع الحرف المرئي بسبب نزوح ساكت من الخط يعْبرُ لروح الإضاءة المسرحية لـِيُعبّر عن النطق بصوت شفاهي غير مرئي يلبيه المسموع يحدثُ صدعا ابتدائيا في المعنى يحتاج تأويل عادة بالرجوع للأولويات المُباشرة في الخطوط الفكرية الساكتة المُدعمة عند الأشخاص أو في دوافعهم الثقافية. بمعنى النظر في اختلاف الترتيبات التي وجّهت القضية نحو التعقيد. مثل صوت كُرسي لا يدلّ على خطوط كُرسي مكان للجلوس فحسب تحت مُلاحظة ثقافية. لابد أن نسأل الشخص الذي صوّت للكُرسي ماذا يعني في ذلك؟ فإذا قال: غير ذلك ، فأن مقصودا ما قد حضر ليدلّ على معنى يُناقض الصورة المُتخيلة الأولى للكُرسي الحاضرة بالذاكرة صورة وصوت بأنه مكان يصلح للجلوس. مما يترتبُ على ذلك التناقض تعقيدا ما في المعنى يثير توتر ما ربما يؤدي إلى انبثاق كينونة درامية تُقام على أساس نزاع ربما غير مطلوب ينتهي بفاجعة أو تنازل هزيل عن الحقوق. وغالبا ما يبدو هذا الصدع صغيرا بحجم انبثاقه ويكبر من المَشاهِد إلى فصول شخصيات تتصارع نُسميها مسرحية عادة تقليدية تُثير الصداع.

آليات الصوت والإلقاء في التمثيل غير التقليدي
المكتوب حسب الأجنة الدرامية المُسوّدة مسرحيا:

المنطوق: حدود ذهنية للمكتوب تسبق اللفظ تمثلُ السؤال على سياق مُبهم. وحدٍ أولي للصوت في مادة التمثيل.
اللفظ: هو الجواب المادي المُتشكل بالفم والشفاه. هو الإلقاء وحدٍ ثانٍ للصوت في مادة التمثيل.
الصوت: تردد بين حديّ النطق واللفظ. هو أداة لغوية للحرف المقروء.
الحرف: مادة تحويل من المكتوب الذهني للشفاه من أجل القراءة.
الخط: مادة تحويل من ألشفاهي للمكتوب من أجل الكتابة.

المُسوّدة:

هي حركة فعلية لمكتوب ظاهر بلون أسود على ورقة بيضاء. يعتمد على الخطوط ومجمل ألوان مُحرَّفة لأصواتٍ ملفوظة على نطاق فكري واسع كحركة لحساب قيمة المفاهيم غير المُحدّدة وتقويمها من جديد بالتدريج لإنتاج القيمة النقدية المطلوبة في المنطوق دفعة واحدة (أي في السؤال) في محل تأجيل الجواب على ذمة نقاش آتٍ يخوضه المُتخاصمون بالاحتكام على خفاء مُتعذر الظهور للشعور بالثقل نتيجة المواربة في التداخل والخلط. وكم من قيمة مُزيفة باتت بيننا ردحا من الزمن كقيمة جليلة مُكررة ترسم لنا أفقا غامضا باستمرار.

الخط ممثل بارع صامت:

أن كُلّ مفهوم يظهرُ بشكلٍ غير مُعتاد على محورٍ صامت يحتاج تأويل على نطاق واسع لابد أن يرجع لحقيقة أوليات المُخطط الفكري الموجود ضمن حيز ذهني. بمعنى النظر في ترتيب الاختلافات التي تستطيع توجيه القضية لحل العُقّدة من البداية أو التنبؤ فيها. مثل صوت كُرسي لا يدلُّ على أنه مكان الجلوس دائما بل أنه يدلُّ على التربع على عرش الحُكم أحيانا كثيرة لوضوح أمر الخطوط الأولى المُستنتجة من المنطلقات الفكرية في تحديد ذلك في السياق فيما لو حدث ذلك رغم عدم حضور كلمة "عرش أو حكم" مثلا منذ منابع المعرفة الحسيّة في الصوت والصورة (مثل: ليس على النجار مسؤولية الحفاظ على الكُرسي بقدر ما على ابني) فلا نحتاج أن نسأل الشخص الذي صوّت لمسؤولية الكُرسي وإن لم يكن ملكا. مما يترتبُ على ذلك تقعيد فهم ما يثير حماسة ربما تؤدي إلى انبثاق كينونة لتوقعات درامية تُقام على أساس نوايا مطلوبة لفض النزاع أو على الأقل عدم الاتفاق عليه من دون خسارة الحق أو التنازل فيه. وغالبا ما تصبح هذه التوقعات على هذه النيّة المُزدوجة التي تبدو صغيرة بحجم ضمير قابل لنمو ينبثق وحدود إستراتيجية ترى أبعد من المَشاهِد والفصول لكنها مُقتصرة على ما أسميها الأجنة دراميا. وعملية التحويل المُتناوبة المُزدوجة بين مفهوم المعاني غير الموجودة في السياق والمعاني غير المفهومة رغم وجودها من جهة. والتناوب الحاصل من جهة أخرى بين الحروف والخطوط لإنتاج كتابة مقرية نصا خلال منصة ذا صوت مرئي ورأي مسموع هي ما أسميها المُسوّدة المسرحية.

وضوح الهدف عند الكاتب وغموض التقنيات

وبهذا يكون قد تحدد المفهوم من عدمه ببساطة عن طريق وضع ترتيبات جديدة (لا تعتمد على "سولافة" لحبكة تقليدية سالفة مهما كان نوعها وتقنياتها) تخدم هذه التحويلات والتغيرات التي نجريها على النص التقليدي (المُبيّضة) لإنقاذه عمليا من براثن جموده الشكلي والفكري المنتفعة من تعقيد تقنيات القيم الدرامية المُعتادة خلال جعل الكاتب يركز على وضوح الخطوط الفكرية لمفاهيمه الخاصة مثلما لا يهجر المعاني المُخاتلة الغامضة التي تصلح مَطيّة لتخليق تقنيات جديدة لها بالنتيجة مرام إنسانية أو لصالح الإنسان بعيدا عن الكوميديا الساخرة ومبكى التراجيديات السافرة.

اختلاف الترتيبات هو المُشكلة:

ولأن للإنسان مصالح جمة مُختلفة لابد من تركيز النظر في ترتيب الاختلافات (الحل) على أساس المصالح القابلة بطبيعتها للنقاش لأننا كُلُنا بطبيعتنا مُختلفون. وجعل اختلاف الترتيبات (المُشكلة) محورا على أساس الحقائق المحوّرة للتقنيات الفكرية السمعية والمرئية ألتي سيقام عليها لاحقا تحوير المعاني وتعديلها لجديد قابل للتغير لصالح الإنسان المتساوي معنا لأننا بالحقيقة مُتساوون على الأقل في فهمنا للاختلافات لذا لا خلاف على إننا مختلفون.

المُسوّدة تناوب النص والمنصة على واقع غير مكتوب

ولأن ظروف التجربة المسرحية في المُسوّدة تختلف عن غيرها من التجارب المعروفة في المسارح التاريخية في النظر للمسرح العالمي الموجود في النظريات والمسرحيات العالمية بأكملها لذا من الطبيعي أن تختلف تقنيات كتابة النص المسرحي في عيّنات الأجنة ضمن نموذج المُسوّدة وأدوات تقديمها عن غيرها أيضا. لذا أن المسوّدة تنظر للمسرح خلال واقع مسرحي استراتيجي غير مكتوب بات يتشكل بيننا بمكر ودهاء ويسلك طريقا مضللا وأكثر عنفا من ممثلي الواقع الطبيعي المعكوس في الكتابة التقليدية سواء كانوا مُجرمين ، خونة ، جواسيس أو شعراء فنانين أو أناس عاديون. وبِمُناسبة اختلاف الظروف ما بين المأخوذ والمُعطى من الأدب العالمي المكتوب والأدب الواقعي غير المكتوب لابد أن أستبق الإشارة للمنظومة المنطقية التي تبين لنا فهم المُصطلحات الفنية واللغوية التي لها قابلية فرز ما تأخذ وما تدع.

تعديل المُصطلحات النقدية الأدبية والفنية في النظرية أو تقويمها

ولأن كاتب هذا المقال ولد ضمن خليط عراقي للغة العربية (الفصحى ولهجاتها) لذا تُبنى مصطلحات المسرح الجديدة له على ذات المرتكزات المنطقية اللغوية للعربية ولهجاتها أيضا لا لأنها الأجدر بين اللغات واللهجات بل لأنها اللغة الأولى (للمؤلف) لذا لا بديل عنها في النقل والتسديد والتحريف والتحوير. كما أعتذر بدوري للمسرح نيابة عن اللغة العربية العريقة لأنها بقيت لا تعرف المسرح إلا عن طريق استعمال المُصطلحات الأجنبية على طول خط استيراده من اليونان وتبعيته للآلة المسرحية الغربية بدون أي مُعطى لغوي يؤكد استرداد تلك الحقوق المأخوذة منه في المُدّة الطويلة المُزمعة.

إنتاج الرأي المسموع هدف الجنين الدرامي

وأول ما قمت فيه على صعيد الدراما - والبقيّة تأت – لتحقيق الهدف أنني أحاول تقعيد الفعل الدرامي نقديّا على منطقية في اللغة العربية مفادها نزعة تميل لتغليب وضع الفعل في خانة من الترتيبات تتجاوز السمات الوصفيّة والاسمية التي هي أقرب للفعل الدرامي من غيرها تليق في توصيف المنطلقات الأولى للمسرحية القصيرة جدا الذي يأخذ عندي شكل ضمير "جنين" ومن هذا المُنطلق الفعلي المحصور في انبثاقه تصبح النزعة التجريدية لها أدوات وتقنيات في الاختزال والتكثيف الأدبي ذو نزعة فكرية تقشفية لمسرح عائلي ينظر في العائلة لا من رغبة اشتراكية فيها اليسار ضعيف أو إيمان بيمين ديمقراطي غني بالنزاعات التي تنتهي بعشم ستانسلافسكي وبريخت أو كروتوفسكي وما بينهما آرتو أو بروك وغيرهم بالجملة كثير من المُقلدين بل لأن التقشف طريق بلاغي ثقافي عند الناس العاديين ينمو ضمن مُحيط عائلي كجنين فيحتاجُه المختصون ولا يستغن الباحثون عنه لأنه طريق التأملات الفطرية البسيطة المُختصرة لإنتاج الرأي عن طريق الكتابة في عالم واسع وإن كانت بتعقيد أفعال مُختلطة يصعب فصلها وفصالها.

الترتيبات المُختلفة هي الحل.

ضمن تقديم اقتراح تقنيات تصلح مقدمة أو عنوان لـ (جنين درامي) كمدخل فعلي يسعى لتوافق تشكيلي سمعي للحروف بواسطة الصوت كشكل من أشكال الطاقة الفنية تتبناها العائلة اللغوية الناطق الرسمي للحوارات خلال فن المؤثرات الصوتية على مشارف الاستجابة لإيقاعات خلفية موسيقية على الواقع نتوقع خلالها نداءات الضمير المُختلفة فنسمعها ، وتشكيلة مرئية لزخرفةٍ مُلاحظة لمسرح صامت خلال الإيماءات بديكور ومناظر خلابة تحت أضواء فن الإنارة المسرحية كشكل من أشكال الطاقة تتبناها الكتابة في الخطوط لإضاءة الضمير فنراه. وتكتمل عندي المنظومة السمعية والمرئية لإنتاج الرأي المسموع تقنيا وتناوبهما المُستمر فكريا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة