الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- سلطات الامر الواقع - صناعة - أسدية -

صلاح بدرالدين

2021 / 7 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


هل كان دفع الأمور نحو إقامة " جزر " سلطوية هنا وهناك متمردة على الثورة أو معادية لها ، أو بين بين ، او متقمصة زورا لاهداف الثورة ، أحد أسلحة النظام لمواجهة الثورة السورية عبر الاحتواء ، والاجهاض ، والتشويه ؟
ولماذا اقتصر امتداد " سلطات الامر الواقع "على الأراضي المحررة ، أو المناطق الصديقة للثورة والمعارضة ؟
وهل أدت تلك – السلطات – التي تسترت بلبوس الدين ، والقومية ، والمناطقية ، وظيفتها المنوطة بها ؟
وهل آن الأوان لعودة البقية الباقية منها ، الى حضن النظام ، وتبديل وظائفها ؟
أسئلة مازالت دون إجابات حاسمة ، ولابد من محاولة التصدي لها ، والبحث عن سبل لتسليط الضوء بكل شفافية ، وموضوعية .

سلطات الامر الواقع : منشؤها ، وظيفتها ، مآلها

بداية لابد من التنويه بان العديد من مثقفي ، ومناضلي معارضة نظام الاستبداد ، ومنذ الأيام الأولى للانتفاضة الوطنية السلمية في سوريا ، قد حذروا من خطورة سيطرة الإسلام السياسي ، وإظهار الحراك الثوري تحت شعارات دينية وطائفية ، ليس لان ذلك يخالف واقع حجم الإسلاميين في الاصطفاف الوطني فحسب ، بل انه استفزاز لمشاعر الوطنيين السوريين في بلد متعدد الاقوام ، والديانات ، والمذاهب ، ومناقض لاهداف الثورة على النظام من اجل التغيير الديموقراطي ، والخلاص من منظومة اللون الواحد ، وإزالة الاضطهاد عن كاهل كل المكونات السورية القومية منها خصوصا ، واطلاق الحريات العامة ، وصولا الى سوريا جديدة تعددية ، تشاركية ، بدستور حضاري ، علماني ، حداثي ، يثبت مبدأ : الدين لله ، والوطن للجميع .

لقد قدم الإسلام السياسي عندما واصل عن سابق إصرار بزعامة – الاخوان المسلمين – السيطرة على المقدرات ، والتسلل الى كل مواقع القرار في الثورة ، والمعارضة ، خصوصا في مرحلة إقامة ( المجلس الوطني السوري ) السيئ الصيت ، وبالرغم من كل التحذيرات ، هدية كبرى الى نظام الأسد ، لم يكن ليحلم به ، عندما بدأ بالتحرك على المستوى الخارجي ( عربيا – ودوليا ) ليقدم نفسه حاميا للدولة السورية الوطنية ! من مخاطر دعوات الاسلمة ، وموجة الإرهاب الاسلاموي التي تهب على دول المنطقة .

لم يكتفي النظام بذلك بل مضى قدما في رسم استراتيجية جديدة بدعم من خبراء الامن ، والثورة المضادة ، من حلفائه الروس ، والإيرانيين ، والميليشيات الشيعية ، خصوصا اللبنانية ، والعراقية ، تقضي بغمر المناطق الملتهبة بسيل من الموجات الإسلامية المتطرفة من جهة ، واثارة الحروب والمواجهات البينية ، المحلية في تلك المناطق وفي عقر دار الثوار ، عبر وكلاء محليين ( حروب داخلية بين الفصائل المسلحة ) وفي الساحة الكردية إعادة تطبيق مخطط ( تكريد الصراع ) .

وقد كان من مهام خلية الازمة التي تعرضت للانفجار ( تموز ٢٠١٢ ) بعد انجاز مهامها ، ( وقد توجهت أصابع الاتهام الى رأس النظام ومحيطه الأقرب بغية إزالة أي اثر لمنفذي الاستراتيجية تلك ) العمل على عدة مستويات ، منها اطلاق سراح عدد من السجناء الإسلاميين ، مثل : زهران علوش ، والجولاني وآخرين ،شرط ان يقوموا بتشكيل فصائل مسلحة ، وبشعارات متطرفة تزاود على شعارات الاخوان المسلمين ، والمناضلون الوطنييون السورييون اللذين قارعوا النظام لعقود خلت ، وتعرضوا للاعتقال ، والتعذيب على علم ودراية باساليب ومخططات أجهزة الامن السورية بهذا المجال ، كما ان بعض الأحزاب السورية وبينها حزب كردي معروف ( الاتحاد الشعبي الكردي ) تعرض للانشقاق بشكل مدروس ، وباشراف ضباط من المخابرات ، وقام المنشقون برفع شعارات مزاودة على القيادات الشرعية ، بما في ذلك التهجم على النظام بشدة ، ورفع وتيرة المطالب الكردية ولكن كل ذلك باشراف ، وضبط إيقاع ، من جانب الأجهزة الأمنية المعنية .

وهكذا وبعد عدة أعوام من نشوب الثورة السورية ظهرت سلطات أمر واقع محلية عسكرية شبه مستقلة ، في مناطق محررة ، او محسوبة على الثورة ، أو صديقة لها ، ومن بينها : منطقة نفوذ أو سلطة – جيش الإسلام – في ريف دمشق بزعامة زهران علوش ، وامارة الجولاني " القاعدية " أو " جبهة النصرة " في ادلب ، وريفها ، ودولة الخلافة الاسلامية لابي بكر البغدادي في شرق سوريا ، والذي اطلق سراحه أيضا من سجنه ببغداد من جانب الحكومة الموالية لإيران ، مع مناطق نفوذ فصائلية اسلاموية في مناطق أخرى ، ومايشبه ذلك ولكن بطرق مختلفة في جنوب البلاد ( منطقة حوران ) ، هذا الى جانب مايطلق عليها بالمناطق المحررة بقيادة فصائل مايسمى بالجيش الوطني التابعة اسميا الى – الائتلاف – والتي تحصل فيها ممارسات إجرامية خارج القيم الإنسانية يستفيد منها نظام الاستبداد في ماكينته الإعلامية .

لاشك ان " سلطة الامر الواقع " التي تدار باسم الإدارة الذاتية ، وقسد ، في بعض المناطق الكردية ، والتي ( ومن المفارقات البليغة ) قامت بالبداية بعد اتفاق – صفقة مثل النظام صهر الأسد ورئيس جهاز المخابرات العسكرية اللواء - آصف شوكت - ومنظومة ب ك ك - مراد قرايلان - ، بوساطة كل من الرئيس العراقي الأسبق جلال الطالباني وقائد فيلق القدس قاسم سليماني ، ثم توسعت بدعم امريكي عسكري ، ومادي ، واعلامي لتغطي معظم مناطق محافظات الحسكة ، ودير الزور ، والرقة وهي من اكبر تلك السلطات الامر واقعية ، وأكثرها نفوذا وامكانيات ، تشمل آبار النفط ، ومحطات الغاز ، ومصادر المياه .

كل هذه " السلطات " كانت معاركها الأساسية عمليا وعلى ارض الواقع ليست ضد النظام بقدر ماكانت في مواجهة الثورة ، وخلق العراقيل امام تمددها الشعبي ، وحتى عندما كانت تحاول بعضها ولو في سبيل – التكتيك – ان تظهر وانها تدافع عن الثورة الا ان النتائج كانت حصرا لمصلحة النظام وبالضد من مصالح الثورة والمعارضة ، كما انها هي من نسقت مع النظام ، ونفذت باسم سماسرة وامراء الحرب مصالحات ، وصفقات " خفض التصعيد " في اكثر من منطقة ومحافظة ، وتنفيذ عمليات الانتقال عبر " الباصات الخضراء " ، وارسال النفط والمواد التموينية ، الى مناطق النظام لكسر الحصار عليه ، واختراق قانون – قيصر – ( كمافعلت الإدارة الذاتية لسلطة ب ي د ) وبالاخير الاستعداد للانخراط في قوات جيش وامن وشرطة نظام الاستبداد ، تحت ستار مزيف باسم الحوار ، والمطالبات بالاعتراف الشكلي ، أي بمعنى التغطية على انحرافاتها ، وجرائمها بحق الشعب ، والوطن ، والقضية .
استثمر نظام الأسد سلطة - ب ي د – في عدة مجالات ، واناط بها وظائف عدة لخدمة مشروعه ، فاذا كانت للسلطات الأخرى ذات الطابع الديني وظائف واضحة ، فان دوائر النظام استخدمت هذه السلطة لعدة أغراض ، فبالاضافة الى حروبها العسكرية الميدانية ضد الثورة والمعارضة ، استخدمتها أيضا في تقويض وحدة الصف الوطني الكردي السوري ، وكذلك لأغراض عنصرية في اثارة الفرقة والانقسام بين الكرد ، والعرب ، والكرد والتركمان في اكثر من مناسبة ومنطقة ، وكل ذلك خلق إشكاليات في العمل الوطني ، وعراقيل امام وحدة المعارضين السوريين خصوصا بين الكرد والعرب ، والثورة هي من دفعت ثمن ذلك ، كما لوحت بها كجماعة انفصالية تهدد الامن القومي العربي ، حتى تظهر نظام الأسد كحامي عروبة سوريا !! .

هذه الحقيقة تدحض بشكل قاطع كل اتهامات النظام اللفظية ، ومن يدور في فلكه تلك السلطات الامر واقعية أو بعضها ، بالانفصالية ، أو التبعية لجهات خارجية ، لان النظام وبكل بساطة عبر أجهزته الأمنية العميقة ، وخبرات حلفائه اللامحدودة ، هو صانع تلك السلطات ، وداعمها ، باعتبارها في خط دفاعه الأول ، وفي الصفوف الأولى لمواجهة أية معارضة جادة ، وحتى ان وجدت جهة خارجية ما تتعامل مع احدى تلك السلطات ، فانها تدفعها بالوقت ذاته نحو حضن النظام سرا وعلنا .

ان الجماعات ، والمنظمات السياسية ، والعسكرية التي تدعي معارضة النظام ، وحمل المبادئ الوطنية والقومية ، تسقط عنها هذه الصفات عندما تحاول التقرب من هذه " السلطات الامر واقعية " التي جئنا على ذكرها أعلاه ، بغية المشاركة معها في سلطاتها ، واداراتها ، ومصادرها المالية ، ومؤسساتها ، على أساس المحاصصات ، بل تصبح شريكة في تحمل مسؤوليات مااقترفه القائمون على تلك السلطات من أعمال ، وممارسات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مين اعترف بالحب قبل.. بيسان أو محمود؟ ????


.. العراق.. اهتمام شعبي لافت بالجرحى الفلسطينيين القادمين من غز




.. الانتخابات الأوروبية: انتكاسة مريرة للخضر بعد معجزة 2019.. م


.. أغذية فاسدة أو ملوثة، سلع مستوردة مجهولة المصدر.. كيف نضمن ج




.. هنا تم احتجازهم وهكذا تم تحريرهم.. مراسل سكاي نيوز عربية من