الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إتساع النظرة الإنسانية خارج إطار الدين هل غير العالم ؟

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

(Magdy Abdel Hamid Elsayed)

2021 / 7 / 24
العولمة وتطورات العالم المعاصر


منذ حوالى قرنين اتسعت نظرة الإنسان لتتجاوز النظرة الدينية – وحتى النظرة الفلسفية الكلاسيكية- لتصل إلى نظرة جديدة عالمية عبر العلم والتقدم العلمى ثم التكنولوجى ، وقد تضمنت تلك النظرة المكونات الصغيرة التى يتكون منها الإنسان والكون كله من خلال ما يزيد عن مئة نوع من الذرات الصغيرة تشكل ذلك الكون وكذلك المكونات الكبيرة التى تجعل كوكب الأرض نفسه نقطة فى الكون ، ومع اتساع تلك النظرة بدأت ولأول مرة ملامح فصل الدين عن العلم بصورة تامة منذ حوالى مائة وخمسين عاما على يد أمثال العالم داروين ثم العالم الكبير ماكس بلانك الذى اعتبر أن طريقى العلم والدين طريقان متوازيان لن يلتقيا أبدا مع بقاء كل منهما لدى الإنسان حتى وإن علا طريق العلم وظهرت إنجازاته .
أما النظرة التى اتسعت كثيرا مع العولمة الثقافية والاجتماعية خلال الثلاثين عاما الماضية فقد وصلت إلى البشر أنفسهم ليتعرف الإنسان على أخيه الإنسان الموجود فى بلد أخرى ويعتنق دينا آخر وثقافة أخرى وعادات وتقاليد أخرى ، وبالتالى تفاعل الإنسان ولأول مرة فى التاريخ مع أخيه الإنسان الموجود على سطح الأرض بلا حدود قومية أو لغوية أو عرقية أو دينية بعد أن كان الإنسان معزولا داخل حدود قوميته وديانته ولغته وموقعه الجغرافى . لقد وسعت العولمة الثقافية النظرة الإنسانية لتتجاوز تلك الحدود التى كان يصعب تجاوزها على مستوى العامة فى معظم بلدان العالم ، فيستطيع كل منا الآن ترجمة كل ما يكتبه الآخر بأى لغة عبر ترجمة جوجل مثلا ، بل ويستطيع الانتقال والعمل فى بلد أخرى لإنه درس الطب أو الهندسة أو الزراعة التى لها نفس النظريات والتطبيقات المتشابهة حول العالم وأصبحت تدرس عالميا بلغة واحدة تقريبا هى الإنجليزية ، بل يستطيع الانسان مشاهدة إنسان آخر فى بلد أخرى فى نفس الوقت ويتحدث معه بصورة شخصية صوت وصورة بل ويشاهد صوره ويتعرف على أسرته وأفكاره ومعتقداته وعاداته الاجتماعية وكل منهما شخص عادى وليس شخصا مشهورا .
إذن وسع العلم ووسعت التكنولوجيا نظرة الإنسان خارج إطار الدين على مدار قرنين تقريبا أدرك خلالهما الإنسان أن هذا الكون كبير جدا وأكبر مما كان يتخيل جدوده منذ مائتى عام وأنه على بداية طريق استطاع من خلاله فهم تطورات علم الأمراض فازداد متوسط عمره من أربعين عاما منذ عصر الجدود إلى ما فوق الثمانين الآن ، واستطاع الوصول إلى القمر والسير عليه واستطاع الوصول إلى المريخ والسير عليه بالمركبات المسيرة وكان ذلك ضمن الأحلام المستحيلة لجدوده ، بل إنه استطاع أن يصل إلى أصغر مكون فى جزء صغير من الذرة لا يرى بالعين المجردة ويتشابه فى الكون حتى أن مجرد فك روابط تلك الأجزاء الصغيرة نتج عنه طاقة نووية هائلة استخدمها على الأرض فى توليد الكهرباء – وفى قتل أخيه الإنسان - وأدرك أنها موجودة فى النجوم بعد أن تعرف خلال القرنين السابقين على الطاقة الكهربية والمغناطيسية على الأرض فتحركت الآلات الجامدة بطريقة آلية لو شاهدها الجدود لظنوها سحرا فاستضاءت الأرض ولأول مرة بالمصابيح الكهربية وسارت الطائرات والسيارات والقطارات والحاويات لتجوب العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا على مدار الساعة وبلا توقف.
إن تلك النظرة التى اتسعت قد أفادت البشر بالفعل فى تطويرهم وإخراجهم من حالة الانغلاق الشخصى والمجتمعى إلى حالة أرحب وأوسع من فهم الآخر ، خاصة عندما علم الإنسان أنه ضمن 7.8 مليار شخص مثله حول العالم يدينون بأديان مختلفة بل إنه حوله مليارات الكائنات من حيوانات وأسماك وطيور وكائنات دقيقة كلها لها سمات ومميزات وعوالم أخرى على الأرض غير عالمه ، بل إن الأرض نفسها هى مجرد ذرة فى كون متسع جدا لم يتم اكتشاف نهايته يتكون من الكواكب والنجوم والمجرات الغير متناهية العدد ، حتى أن عمر الإنسان نفسه وهو فى حدود ثمانين عاما هو مجرد خيط رفيع فى ثوب كبير يمتد عبر مليارات السنين السابقة تغيرت فيها معتقداته وعاداته الاجتماعية وربما يمتد عمر الإنسان إلى مليارات السنين القادمة التى سيحيا فيها الإنسان على الأرض أو على كوكب المريخ أو على سطح أى كوكب آخر فى مجموعة شمسية أخرى وبالطبع سيحمل معتقدات أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يكثف غاراته على مدينة رفح


.. مظاهرات في القدس وتل أبيب وحيفا عقب إعلان حركة حماس الموافقة




.. مراسل الجزيرة: شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي على منازل لعدد


.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟




.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة