الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة الوطنية المحلومة 3

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2021 / 7 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


إن شبه الدولة هي خط دفاعي الغاية منه اعتراض حركة التحرير نحو الدولة الوطنية . بكلام آخر إن " الإستقلال " الممنوح من المستعمر ليس استقلالا حقيقيا ، بل هو أقرب إلى توكيل سلطة محلية ، ذاتية ،رديفة . أما وقد ألمحنا إلى العلامات التي تميز شبه الدولة فإن السؤال هو عما يمكن القيام به لاختراق هذا الخط و تحطيم انشاءاته لعلنا نحقق الحلم بالدولة الوطنية . ينبني عليه أن التصادم بشبه الدولة امر لا مفر منه . فمن البديهي أن العيش في دولة وطنية هو حاجة ضرورية و لازمة للناس و الدليل على ذلك نجده في إتجاه هجرة الممنوعين من التقدم في شبه الدول نحو الدولة الوطنية أينما وجدت

لا شك في أن الهجرة هي في جوهرها تعبير عن احتجاج و رفض ضد الأوضاع السائدة في شبه الدولة لا يقلان أهمية ووزنا عن التظاهرات الجماهيرية التي لا تتأثر بها عادة السلطة في شبه الدولة و لا تجد حرجا في قمعها أو في الإيقاع بها في حبائل التفرقة و الإغواء ، ما لم تكن هذه التظاهرات مغطاة من موكلي السلطة انفسهم ، عندما يحين موعد تبديل الوكلاء المحليين .

تحسن الملاحظة في هذا السياق إلى أن الدولة الوطنية في الإتحاد السوفياتي على سبيل المثال ، تراجعت خلال فترة تفكك الإتحاد إلى مرحلة شبه الدولة ، بينما لا نعرف تحولا في الإتجاه العكسي من شبه الدولة إلى الدولة الوطنية ، دون إلغاء و اقتلاع الأولى .

مجمل القول أنه لا يوجد حل أمام سكان البلاد الواقعة تحت سلطة شبة الدولة دون إسقاط هذه الأخيرة تمهيدا للوصول إلى الدولة الوطنية ، بما هي كيان ناظم للمشروع الوطني الذي يضطلع في فعالياته سكان البلاد على قدم ساق ، اي دون تمييز و دون إمتيازات .

من البديهي أن المسألة على درجة عالية من الأهمية على المستوى الفردي و الجماعي معا ، بمعنى أنه لا بد لهذه الجماعة الوطنية من أن تتشكل و من أن تتواجد لكي تحتضن الأفراد متجردين من عصبياتهم و مؤهلين للعمل في المشروع الوطني بما هو مشروع عام . إن مفهومية الفرد الوطني أنه هو الذي يمارس مؤهلاته في إطار هذا المشروع .

و لكن التسليم في هذا الزمان ، بعبثية و تفاهة العيش في شبه الدولة ، يضعنا ، افرادا و جماعة وطنية بالقوة ،أمام تحدي الإجابة عن كيفية بلوغ هدف الدولة الوطنية . هل نذهب إليها مشيا على الأقدام اوارتحالا إلى حيث هي قائمة ، بوسائل السفر المعروفة أو إبحارا على متن مراكب مخلّعة ، أم نتحد في جماعة من أجل بناء دولة وطنية محررة و مستقلة و مملوكة من الذين تطوعوا للعمل في مشروع بنائها ، المتضمن أيضا قوانين العيش فيها و اختيار المدراء للإشراف على تسيير مؤسساتها .

و أخيرا لا بد من التساؤل في حدود هذا الفصل عما إذا كانت إقامة الدول الوطنية في هذا العصر ممكنة و عقلانية ؟ لاسيما أننا نرى دولا عريقة في هذا العالم تتخلى عن مؤسساتها و صلاحياتها لحساب الراسمال . كيف يمكن اقتلاع شبه الدولة المرتبطة بدولة عظمى ؟ كيف تحاول اقناع أناس أنت تعرف أنهم لن ينصتوا إليك وأنهم لن يترددوا في اسكاتك عندما يُطلب منهم ذلك ، بأن حراسة شبه الدولة مقابل الاقتيات من فضلات سرقاتها هو تصرف غير أخلاقي ، عواقبه و خيمة على الجميع .

انا لا أقول أنه لا توجد إجابات على هذه الأسئلة . و لكن الإجابة في مجال العمل الوطني تتطلب نشاطا نضاليا جماعيا تحت قيادة منظمات شعبية عقائدية و نقابية قادرة على تحفيز تفاعل العقل و الفكر و البصيرة اللازمين و الضروريين للتوافق فيما بينها على القواسم المشتركة في الحد الممكن ، و لرسم الخطة الملائمة من أجل تعطيل الآلة القمعية لشبه الدولة يحيث تضطر الدولة العظمى الراعية إلى الكشف عن و جهها و التدخل مباشرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة