الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس لا يعرفها الا شعبها وأهل مكة أدرى بشعابها

عمار ابراهيم عزت

2021 / 7 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي سُوّق لنا جمال عبد الناصر زعيما عروبيا اوحدا، قاد مشروعا قوميا يسعى من خلاله الى وحدة الدول العربية التي آمنت حينها بهكذا مشاريع شوفينية اسهمت باقصاء الاخر واضطهاده، وقد اسهم الاعلام المؤدلج والمؤسسة التعليمية في ترسيخ هذه الصورة في اذهاننا فبتنا ننظر باعجاب لهذا الزعيم ونحلم بمخلص مثله ينتشل واقعنا العربي ويلملم شتاتنا.
في تلك الفترة كان العراق يعج بالمصريين القادمين طلبا للعمل بعدما عسكرت الدولة المجتمع وتوزع الرجال والشباب على جبهة القتال من الفاو حتى زاخو ابان حرب الخليج الاولى مع ايران، وما اكثر حروبنا.
اتذكر في تلك الايام حوارا دار بيني وبين مصري استاجر دكان والدي للخياطة بعدما التحق اخي الاكبر بجبهات القتال، ولم يعد هناك من يشغله، حينها كانت الحماسة للقومية في اوجها داخل صدورنا نحن الشباب، فالحقيقة التي نفهمها هي حقيقة منقوصة يروج لها ويتحكم بسرديتها حزب مؤدلج واحد يحكم قبضته عليه دكتاتور اوحد (ماكو منه).
في حواري مع المصري شتمت السادات فهو في نظري عميل لاسرائيل بحسب وصف السلطة والاعلام انذاك واطلقت بشكل مجاني ودون دليل واقعي كلمات الاعجاب والانبهار بالراحل جمال عبد الناصر، فما كان من الاخ المصري الا ان يرجوني بعدم شتم السادات وقال لي:( ليه يعم ليه بتشتم السادات لولاه احنه بنشحت دلوقتي)، لكني لم افهم كلامه حينها ولم استوعب مرارة التجربة المصرية مع المشروع القومي الناصري والخسارات التي تكبدها الشعب المصري ماديا ونفسيا بعد نكبة ١٩٦٧ ، وبدلا من محاولة تفهم موقفه استمر عنادي بافضلية عبد الناصر مقارنة بالسادات فما كان من المصري الا ان يتوقف عن الرد واتفهم موقفه حينها، فقد تحفظ لانه يعي انه مهاجر في بلد لا يرحم من يخالف سياسته، فتركني حتى انهي كلامي ليقول: ( انت مبتعرفش حاجة).
كان لهذه العبارة وقعها في نفسي لاحقا فقد اجتهدت لكي اعرف ما يقصده هذا المصري وهل حقا اننا في العراق لا نعي ما يحدث في مصر!
في التجربة العراقية يعد صدام حسين دكتاتورا ظالما، لكنه في الاعلام العربي سوّق بوصفه بطلا قوميا ومخلصا ومنقذا، لذا نجد صورة صدام عند العرب تختلف اخلافا جذريا عن صورته عند العراقيين حتى اللحظة، هم لا يعرفون عن صدام الا ما سوقته المؤسسة الايديولوجية البعثية التي انفقت اموالا هائلة لصناعة صورة البطل حتى صار صدام رمزا عند العرب. وكلما سعى العراقي الى اثبات العكس اتهم بالخيانة والعمالة والغدر فنحن في نظرهم امة تقتل رموزها الوطنيين، فمن منا على صواب انا ام المصري؟ نحن العراقيين ام العرب ؟
(انت متعرفش حاجة) كانت درسا بليغا تعلمته من اخي المصري لاستخدمه كثيرا في حواراتي مع العرب المدافعين عن صدام، ولكي اصل الى (مربط الفرس) اقول للعراقيين الذي تحمسوا للثورة او الانقلاب الذي حصل في تونس (انت متعرفش حاجة واهل تونس ادرى بشعابها).


كاتب عراقي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة