الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-كيف تصبح طاغية- مسلسل يسخر من الديكتاتورية ومن الطغاة

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2021 / 7 / 27
الادب والفن


How to Become a Tyrant

علي المسعود

الجزء الثاني

في الجزء الاول من المقال عن مسلسل " كيف تكون طاغية " الذي عرضته شبكة نيتفلكس في 09 تموز الجاري ، عرضت الحلقتين الاولى والثانية وكان محورهما الطاغية (أدولف هتلر) والطاغية العراقي (صدام حسين) في الجزء الاول ، في هذه المقالة سيكون الحديث عن الحلقة الثالثة من المسلسل والتي تحمل العنوان (الحكم من خلال الارهاب) وتناولت هذه الحلقة الطاغية ألاوغندي (عيدي أمين) ، في البداية يطرح المسلسل سؤال ميكافيلي " هل من الافضل أن يخاف الشعب من الحاكم الطاغية أم يحبه ؟ "، والجواب هو أن تعتمد على الخوف ، لانه عندما يخاف الانسان من الطاغية ، فسوف يسهل التحكم به وبالاضافة الى أن الرعب من الحاكم الديكتاتور قد يجلب منافع غير متوقعة الا وهي كسب محبة الشعب وان كانت مخادعة ، ومثال على ذالك الطاغية الاسطوري "عيدي أمين دادا " طاغية أوغندا للفترة من 1971 ولغاية عام 1979 ، كان أسلوب عيدي أمين في الحفاظ على حكمه هو جعل العنف والارهاب مبادئ أساسية في توجيه نظامه ، و حسب حديثه في لقاء تلفزيوني " التشدد والقوة شيئان ضروريان ، لان الناس تحترمك "، ولذا تاخذ هذه الحلقة التي تتناول سيرة حياة الطاغية عيدى أمين العنوان" الحكم من خلال الارهاب". خلال فترة حكم "عيدي امين" والتي دامت 8 سنوات أختفى أو قتل أكثر من 300 الف أوغندي وغالبا باوامر مباشرة و صادرة منه ، بعد أن حول هذه الدولة الافريقية الى مسلخ بشري، وعن كيفية صعود "عيدي امين" واستلامه السلطة ، في البداية ، كان "عيدي امين" جنديا وحاصل على عدد من الاوسمة والنياشين من الاستعمار البريطاني الذي كانت اوغندا تحت احتلالها. وأنضم الى ما كان يسمى "السلاح الملك الافريقي " والذي كان يستخدم لقمع الثورات والتمرد في البلدان الافريقية ، وكان متورطا بالكثير من حالات العنف ، وبدل أن يعاقب على أفعاله واستخدام القوة المفرطة ، بل العكس تمت ترقيته . القاعدة التي أعتمدها عيدي أمين في فرض سلطته هي إستخدام الجيش في بناء قاعدة لدعمه ، حيث تمكن من تجنيد أشخاص قريبين و مخلصين له ، وبدأ بتجنيد الكثير من الناس ومن مجموعته الاثنية " كاكوا" من جنوب غرب أوغندا ، وعينه الرئيس (ميلتون أوبوتي) أمين قائدا لجيشه وبالرغم من تحذير الحاكم السابق للرئيس أوبوتي من هذه الخطوة ووصف( أمين) بالرجل الخطير ، بعدها بفترة قصيرة وفي عام 1971 أطاح" عيدي امين" بالرئيس" مليتون أوبوتي" وأستولى على السلطة بانقلاب عسكري، وهكذا بدأت حقبة جديدة مليئة بالوعود ، في أب اغسطس من 1971 أي بعد ستة إشهر من استلامه السلطة وتولي الدكتاتور "عيدي امين" سدة الحكم ، قام العملاق اللطيف ل" أوغندا" بتنفيذ خططه ، وبدا بتفيذ عمليات القتل والتصفية لاعداءه وبعد وقت قصير من استلامه السلطة . حيث ظهرت دلائل عن مذابح ومجازر في الثكنات العسكرية ، وخاصة الجنود الذين كانوا من مجاميع عرقية والقريبة من الرئيس السابق (ميلتون اوبوتي)، وبدات اخبار المذابح تنتشر ، لذا قرر الصحفي الامريكي " نيكولاس ستروه " التوجه الى أوغندا والتحقيق من الامر مع صديقه الاستاذ الجامعي (روبرت سيدل) أتجه سترو وسيدل بالسيارة الى مسرح الجريمة في ثكنة عسكرية ريفيه وعلى بعد 270 كم جنوب غرب العاصمة كمبالا وبعد يومين اختفى الرجلان ، ومرت اسابيع دون اي اثر لكليهما ، بعدها التقي الطاغية "عيدي أمين" بزوجة الصحفي سترو ووعدها بانه سيجري تحقيقا شاملا عن ملابسات الحادث والكشف عن الجناة ولم يكشف عن الامر الا بعد هروب ضابط أوغندي الى تنزانيا والذي كشف المصير المأساوي للصحفي وصديقة ، وروى قصة وحشية حين أخبر الشرطة ان الامريكيين تعرضا للتعذيب من قبل ضباط (عيدي امين ) وتم قتلهما بوحشية وحرق جثتهما ورميهما في النهر ، وحولت تلك الفضيحة نظام عيدي امين من الشائعات الى عناوين الاخبار تتصدر كبريات الصحف والمجلات العالمية والتي وضعت الوصف" وحشي" لنظام الطاغية (عيدي امين) ، وللخروج من المأزق عمل النظام على ايجاد" كبش الفداء" ، وهو احد اكثر الاساليب فعالية في تثبيت نظام الطاغية ، وكانت نية الرئيس الاوغندي هي محاولة إرضاء الجماهير التي تعاني من الوضع الاقتصادي المتدهور وإيجاد مجموعة جديد لاستهدافهم وكان الهدف هم الاسيويين ، حيث يتواجد هناك حوالي 100 الف أوغندي من أصول أسيوية ومعظمهم هنود ومن شبه القارة الهندية الذين أحضرهم البريطانيون خلال الحقبة الاستعمارية وفي الغالب لبناء السكك الحديدية والذين بقوا في أوغندا ولم يعودوا الى موطنهم ، يمتلك المجتمع الاسيوي والذي يبلغ 100 الف من أصل 10 مليون كل المتاجر والمحلات والاعمال الكبيرة ، وهذا ما اثار حنق بعض الاوغندين الذي ارادوا ان يديروا الافارقة تلك النشاطات التجارية بدلا من الاسيوين ، وبعد 9 اشهر من تولي عيدي امين السلطة وفي نهاية عام 1971 عقد عيد أمين مؤتمرا صحفيأ وصف فيه المجتمع الاسيوي بالمعادي للسود الأوغندين وأعتبرهم أقل تحضرأ ، وفي ديسمبر من عام 1971 عقد الطاغية اجتماعا مع قادة المجتمع الاسيوي في أوغندا لتوضيح اي سوء تفاهم وبحضور شخصيات اوغندية كبيرة المستوى اضافة الى وسائل الاعلام ، في هذا الاجتماع بدأ بالتهجم على المجتمع الاسيوي، واتهمهم بالتهرب الضريبي وتهريب الاموال الى الخارج والتفرقة ضد السود الاوغندين في مجال الاعمال ، بمعنى أخر اتهم المجتمع الاسيوى بالخيانة الاقتصادية والحضارية ، أجج خطاب الكراهية للطاغية" عيدي أمين" روح العداء للاسيويين ، عمل الطاغية (عيدي أمين) على تمزيق روابط الثقة بين مكونات الشعب الاوغندي ، وتمكن من السيطرة على الحكومة وعلى ادارة الدولة ، ولكن الموؤسسة الوحيدة التي لم يتمكن عيدي امين من إختراقها هي السلطة القضائية ، لذا قام بتعليق جزء من الدستور ، واعطى لنفسه السلطة في تمرير العديد من القرارات لتحقيق مايريد ، في 5 اغسطس من عام 1972 وبعد 18 شهر من استلام الديكتاتور (أمين) للسلطة ، ذات صباح وأثناء زيارته لمدينة (سوروتي) شرقي اوغندا ، استيقظ امين في الفجر وقاد سيارته الى مبنى الاذاعة المحلية ، ومن هناك القى خطابا مهما الى الامة ، قال فيه" ليلة أمس ، راودني حلم أن الاسيوين يحلبون البقرة و لكنهم لايطعمونها ، ولذا يجب علينا التخلص من جميع الاسيويين ، واريد أن ارى شوارع كامبالا خالية من الهنود ، ويجب الى يذهبوا الى بلادهم الاصلية" ومنح المجتمع الاسيوي مهلة 3 اشهر لتصفية اعمالهم و مغادرة البلاد وهذا يعني ان يبيعوا جميع ممتلكاتهم . وبعد تم زعزعة استقرار" كبش الفداء" من الاسيوين في أوغندا واجبارهم على مغادرة اوغندا ، وبعد طرد الاسيويين واستيلاء الاوغندين على المتاجر والمحلات التي كان يملكونها ، وبسبب عدم امتلاكهم الخبرة الاقتصادية في ادارة الشركات حدثت ازمة اقتصادية ، ونقص في السلع والمواد أدى ذالك الى تضخم كبير ، وانهارت اجزاء كبيرة من الاقتصاد ، في عام 1973 وبعد عامين من تولي الطاغية ( عيدي أمين ) للسلطة ، ونتيجة للطرد الاسيويين ، سادت في تلك الفترة عمليات التهريب و الفوضى الاقتصادية ، لذا استخدم عيدي امين عملاءه ولأسكات أي معارضة أو رفض لسياسته الاقتصادية و السياسية ، وكانوا يرتدون زيهم الخاص وهي السراويل العريضة و القمصان المزكرشة والنظارات السوداء ، كما كان سائدا في سبعينيات القرن الماضي ، قد يسجبون الناس من الشوارع أو من المطاعم الجالسين فيه، ويضعونهم في صندوق السيارة ، ويتم أخذهم بعيدا(وراء الشمس) ، ولن تراهم مجدداُ ، كان لدى الديكتاتور (عيدي أمين) عدد كبير من غرف التعذيب ، اكثرها شهرة (مركز مباحث الدولة ) في وسط كمبالا ، وكان بالجوار من السفارة الفرنسية ، وقال العاملون في السفارة أنهم سمعوا في الكثير من الاوقات صرخات المعتقلين . كان مبنى (أس. أر .بي ) السئ الصيت ، مشهوراً بالاعمال الفضيعة التي تحدث للمعتقلين من تعذيب وقتل ، لكن الطاغية وأتباعه كانوا دائما يحرصون على السماح لشخصين في الهروب من أجل رواية قصص الرعب التي ترهب الاعداء ، وكان "عيدي امين" حريصا على نشر الشائعات وبطريقة تبقى الخوف داخل الناس بشكل مستديم ، لذا النتيجة هي فقدان المواطن العادي الثقة بالاخرين . "جاناني لووم "رئيس اساقفة أوغند و زائير رواوندي وبوروندي ، وأحد أقوى المسيحين في افريقيا و يحظى باحترام الجميع ، وخلال فترة رعايته المطرانية ، أصبح مضطرا للحديث عن العنف الحاصل في اوغندا ، و بعد 6 سنوات من تولي الديكتاتور ( امين ) السلطة ، كتب "جاناني لووم " رسالة إستنكار للعنف، وكانت الرسالة كافية لجعل الرئيس " امين " في وضع المطران موضع العدو وإعتباره تهديداً له ، وبدأ الطاغية" عيدي امين" بالهجوم على المطران ، بعدها أتهم الديكتاتور ( عيدي أمين ) المطران ووزيرين أخرين في حكومته بالتأمر للاطاحة بالحكومة ، وزعم الطاغية أن الاسقف كان يخزن الاسلحة تحسبا لثور انجليكية ، في اليوم التالي تم العثور على الوزيرين والمطران في سيارة محطمة ، ظاهر القصة حادث سيارة لكن حقيقة الامر عملية إغتيال الثلاثة بأوامر من الطاغية، وسبق تصفية المطران دعي لووم وزوجته لحضور اجتماعا في منزل الرئيس أمين ، وعندما طلب امين الانفراد بالمطران في اجتماع خاص ، عندها أمر"عيدي أمين" المطران التوقيع على الاقرار بالخيانة ، وعندما رفض المطران لووم التوقيع ـ تم حجزه في مركز مباحث الدولة وتعرض المطران لووم للضرب بوحشية وتهديده بالاسوأ مالم يوقع على أعترافه بارتكاب جرائم ضد النطام ، لكن المطران لووم لم يستسلم او يضعف ، وفي تلك الليلة وفي زنزانته ، أستقبل المطران لووم زائراً وهو الرئيس عيدي امين وطلب منه ان يعيد النظر بموقفه ، لكن المطران صلى طالبا من الله أن يرحم أوغندا وقادتها ، لكن الرحمة لم تكن خيارا ل ( عيدي أمين ) ، دفنت جثة المطران في اليوم التالي ، جريمة قتل المطران رسخت المشاعر على ان حكومة الطاغية يجب ان ترحل وتزول معها كل التجاوزات جرائمه الوحشية ، لكن الديكتاتور أراد أن يمتص غضب الجماهير الغاضبة ، فراح يفتعل الازمات وأختار الحرب طريقا لنجاته ولذا شن حربا على جيرانه ، فالحرب لها فوائد للطاغية وخصوصا حين يمر نظامه بمأزق، ودائما مايلجأ الطغاة الى الحروب عندما يكون الدعم الداخلي هشاً ، كما كان عليه الحال مع نظام عيدي امين ، في أكتوبر من عام 1978 ، بعد سبع سنوات من تولي الديكتاتورعيدي امين السلطة ، عبرت وحدات من الجيش الاوغندي الحدود من الجنوب وقامت بغزو جارتها تنزانيا ، لم يكن لدى الطاغية( أمين ) أي سبب لغزو تنزانيا فقط لغرض الهاء الشعب وكذالك لمعاقبة تنزانيا لانها حافظت على علاقتها الطيبة مع الرئيس السابق ( ميلتون أوبوتي ) طوال تلك السنوات ، لكن الجيش الاوغندي انهار وانهزم بالرغم من ترسانه الاسلحة المتطورة التي يملكها ، وهرب الطاغية عيدي امين الى السعودية ، وعاش في المنفى لبقية حياته .
في الحلقة الرابعة التي تحمل عنوان" السيطرة على الحقيقة " والتي تتناولت سيرة (جوزيف ستالين ) ونظامه الديكتاتوري . كماهو معروف ، العديد من الطغاة شنوا الحرب على الحقيقة بلا هوادة وأحد هؤلاء" جوزيف ستالين "الذي استخدم الدعاية والتضليل وحيل ذكية أخرى للحفاظ و السيطرة على الاتحاد السوفيتي الكبير المترامي الاطراف ، لم يسيطر ستالين على حياة شعبه فقط ، بل صادر حريته ولم يعد هناك مايعرف ( حرية الشخص)، لقد سيطر على عقولهم . خلال حكم ستالين الذي دام 3 عقود على الاتحاد السوفيتي ، حطم كل المؤسسات التي تجرأت على تحدي سلطة الدولة ، ولمعرفة كيف فعل ذالك ، لابد أن نعرف بعض الحقائق عن الرجل نفسه ، (الحقيقة رقم 1 ) ، ولد ستالين في جورجيا ولم يكن اسمه ستالين في الحقيقة ، حيث ولد ستالين وهويحمل أسم ( يوسيب جوغاشفيلي) ، وفي فترة لاحقة من حياته قرر ان يستعمل اسم ستالين ، وأسم ستالين يأتي من الكلمة الروسية ( ستال) والتي تعني فولاذ ، في بداية العشرينات من عمره أنضم ستالين الى البلشفية ، وكانت ستالين قائدا لمجموعة ثورية ، والقي القبض على ستالين عدة مرات وتم نفيه الى سيبيريا وفي كل مرة يهرب ويعود للعمل الثوري ، لفت جوزيف ستالين أنظار" فلاديمير لينين" في سرعة إنجازه للمهات التي يكلف بها ، و بعد ان استولى البلاشفة على السلطة في عام 1917 ونجاح ثورتهم ، قام لينين بتعين ستالين بوظيفة مهمة في وزارة الخارجية ، وفي عام 1922 عين ستالين أميناً عاماً للحزب الشيوعي السوفياتي ، عامله البعض بازدراء ولم يرونه مؤهلا لهذه المركز المهم ، وهكذا وضع ستالين نفسه في مركز قوة ونفوذ ، وكي يرتقي الى مرتبة الطاغية ، عليه أن يتفوق على منافسية ويزيحهم من طريقه ، وكذالك ينسى ماضية ، قال أحدهم " من يتحكم بالماضي ، يتحكم بالمستقبل" ، عمل ستالين على أسلوب ( إعادة كتابة التاريخ) ، كان ستالين طالباً يدرس التاريخ وانه يدرك لايمكنه الجلوس وينتظر نجاح خططه بل يجب فرضها ، موسكو في عام 1923 ، 6 سنوات قبل تولي الديكتاتور ستالين للسلطة ، وبحلول هذه السنة بدأت صحة لينين بالتدهور . في هذه الاثناء بدأ ستالين في التخطيط لحركته القادمة ، وكان على ستالين ان يثبت انه الوريث للقائد لينين وانهما يتشاركان في الرؤيا ، ولكن كان لدية مشكلة صغيرة ، وكان لينين في أيامه الاخيرة مرتابا في تصرفات وتحركات ستالين . وقال عنه " أن ستالين رجل فظ ، وأنه متعصب جداً" ، إن سمح بالاستمرار في صعوده يخشى أنه سيقسم الحزب الشيوعي وتحدث انشقاقات بين رفاقة في الحزب ، في يناير 1924 ، حين كان لينين مستلق على فراش الموت ، بدا ستالين منح علاقتهما دور اكبرمن أجل ايهام الجماهير انه الاقرب الى القائد لينين ومصدر ثقته ، بعد وفاة لينين تولى ستالين المسئولية فورا في التخطيط لجنازته ، وقرر بناء ضريح لينين في وسط الساحة الحمراء ، ولاثبات قربه من لينين وعمق علاقته الشخصية به ، نشر ستالين صورا وبوسترات مع لينين ، ولكنه قام أولاً بتكبير صورته لينحسر حجم القائد العظيم ( لينين) في الصورة الى جانب وريثه ، أثمرت جهود ستالين العديدة في تحسين صورته لاعادة تشكيل علاقته ب( لينين ) ، وبعد رحيل (فلاديمير لينين )عام 1924 تألّفت حكومة ثلاثية من ستالين وزملاءه المسؤولين (ليف كامنيف ) و( غريغوري زينوفيف ) لحكم البلاد لكنه سرعان ما انقلب عليهم وأصبح القائد الأوحد في عام1928 ، بدا ستالين بالقاء المحاضرات وصار المنظر للحزب ، على مدى السنوات الخمس القادمة عمل ستالين بتقويه مركزه وسلطته بحيث اصبح القائد الاوحد للاتحاد السوفيتي ، منذ ذالك الناريخ بدأ ستالين ينسج تاريخه الخاص ، وأستخدم أسلوب " اخضع كل شئ تحت المراقبة " ، أحد اقوى الادوات التي يملكها أي طاغية هي التحكم والسيطرة على الاعلام ، عندها تمكن الطاغية (ستالين) في إغلاق القنوات والسيطرة على الصحافة وأحكم قبضته عليها وفرض رقابة صارمة على المطبوعات ، وأصبح في عهد الديكتاتور ستالين الحديث عن ارتفاع الاسعار والدخل الشهري ممنوع ، وكذالك عن المجاعة التي ضربت بعض مدن الاتحاد السوفيتي ممنوع التصريح بها ، البطالة والتشرد والاجرام وأنتشارها هي الاخرى لايمكن الحديث منها ، و الحديث عن السلع الاجنبية وحتى أبنية الكرملين من المحرمات . في عهد ستالين قامت المكتبات في إتلاف العديد من الكتب لكتاب أختلفوا مع طريقة ستالين في ادارة الدولة و الحزب وتم حظر كتبهم وحتى منعهم من السفر ، وكي يبقى العقول السوفيتية محمية وبأمان حسب إعتقاد الحاكم ستالين . منع الطاغية كتبا مثل قصص "أرسين لوبين"، لانه له أراءه الخاصة والتي لاتناسب الفكر الستاليني الجماعي وكذالك قصص "روبنسون كروزو " لانه بطل رأسمالي ، هذا على صعيد الكتب والصحف والمطبوعات ، ولكن السؤال حين تحدث أزمة ماذا يفعل الطاغبة؟ ، في أواخر العشرينيات ومطلع الثلاثينيات من القرن الماضي ومن أجل زيادة عائدات الدولة بدا ستالين بحملة كبيرة في الاصلاح الزراعي لأنعاش الزراعة في الاتحاد السوفيتي وإدخال الناس تجربة المزارع الجماعية ، لذا استولى جوزيف ستالين على الأراضي الزراعية من الفلاحين ، واستبدل نظام الزراعة البلشفية بنظام الزراعة التعاونية مما أعاد الفلاحين إلى العبودية، مثلما كان حالهم خلال الحكم الملكي . اعتقد ستالين أن الزراعة التعاونية ستُعَجِّل وتيرة إنتاج الغذاء، ولكن استاء الفلاحون من خسارة أراضيهم والعمل لصالح الدولة حيث قُتِلَ الملايين نتيجة للعمل بالسُّخْرَة أو بسبب الجوع خلال المجاعة التي اجتاحت البلاد فيما بعد ، في أوكرانيا عام 1931 وبعد سنتين من تولي الديكتاتور ستالين للسلطة كان الملايين من الناس يموتون من الجوع حتى تحولوا الى أكلي لحوم البشر من شد الجوع الذي ضربهم ، لم يتم نشر أي خبر عن تلك المأساة في الصحافة ومنع الطاغية حتى مجرد الحديث بها ، بحيث لم تكن للناس في مكان اخر من الاتحاد السوفيتي فكرة عما يحدث في أوكرانيا ، وبدلا من الاعتراف بالخطأ في التخطيط الذي راح ضحيته الملايين من الارواح ، عمل الطاغية " ستالين" على عزل أوكرانيا عن العالم ، لكن في النهاية استطاعت الصحافة العالمية أن تكشف ماساة اوكرانيا وحقيقة ماجرى فيها ، لذا عمل الطاغية وكعادة كل الطغاة في الازمان وفي كل مكان من العالم ، عمل ستالين على أجهاض الحقيقة ، وقام ستالين على إغراء الصحفيين الاجانب ، وكان الكثير من الناس في الغرب من اليساريين والليبراليين كانوا يظنون إن الحياة في الاتحاد السوفيتي تحت نظام ستالين هي البديل للكساد المالي والاقتصادي الذي كان يعم العالم لذا لم يصدقوا تلك الاكاذيب والاساءات اتجاه سلطة ستالين وانتقاص من طريقة ادارته للدولة ، حاول الطاغية إستغلال الحلفاء وإستغلال أي نقطة ضعف لديهم والعمل على أغراءهم بالمال لتحسين صورته والاتفاق مع روايته لاي كارثة او حادث مما يضفي شرعيه لنظامه ، بالمناسبة ليس الطاغية ستالين الوحيد الذي استخدم تلك الوسيلة لتلميع صورته ، كان لهتلر مؤيدون بارزون تمثل في دوق ودوقة (وندزر) و" تشارلز ليند بيرغ " الذين ساعدوا على تحسين صورته كسياسي ، وكذالك الطاغية صدام حسين الذي كان كريم العطايا للكثير من الصحفين العرب وكذالك الشعراء العرب واقامة المهرجانات الشعرية لاطلاق العنان لهم للمدح والتبجيل، ووجد ديكتاتور كوريا الشمالية ( كيم جونغ أون) نجم كرة السلة الامريكي " دينيس رودمان" داعما له . زاد الطاغية ستالين من حدة اساليبه ودعا مجموعة من الكتاب والمفَكرين اليساريين ، مثل جورج برنادشو ، أج .جي .ويلز ، وجان بول سارتر وغيرهم للاطلاع ورؤية المثالية الاشتراكية بنفسهم ، وكي يروج ستالين لسلطته فقد استخدم صوت سلطوي موثوق به ، وهو " والتر دورانتي "رئيس مكتب نيويورك تايمز في موسكو وكان دورانتي أهم صحفي غربي في موسكو منذ عام 1922 ، ولكن من بين زملائه الصحفيين معروفا بكون زير نساء وليس رجلاً صاحب مبادئ وصلت سمعة "دورانتي " وأخلاقياته الى الكرملين ، وجد فيه ستالين المراسل الذي سوف يساعدة في جذب الانتباه بعيدا عن المجاعة في اوكرانيا ، عرض الطاغية ستالين على الصحفي الامريكي "دورانتي" مقابلة حصرية في الكرملين . بعدها كتب دورانتي مقالات عديدة لتلميه صورته ودعا الصحفي (دورانتي) لزيارة اوكرانيا التي كانت محظورعلى معظم المراسلين الاجانب ، أخذوه الى مناطق منتقاة ، ولكن عندما وصل الى المناطق الريفية ، ظهر الواقع المرير الذي لايمكن انكاره ، ولكن هل قام الصحفي (دورانتي) في نقل الحقيقة؟؟؟ ، والجواب هو لا ، بل ظل يزعم أن التقارير عن مجاعة اوكرانيا هي مضللة وظل يواصل تقاريره الغير حقيقية عن واقع الحياة وقسوتها تحت سلطة الطاغية "جوزيف ستالين" ، والشئ الغريب و المفاجئ هو حصول الصحفي (دورانتي)، على جائزة البوليترز عن تقاريره الاخبارية المزيفة . يستذكر مسلسل"كيف تكون طاغية" حكاية الفتى (بافليك موروزوف) البالغ من العمر 13عشرعاما ، الذي يعيش في قرية صغيرة في إعماق جبال الاورال ، كان طالبا نموذجياُ وشيوعياً متحمساُ ، في أحد الايام وفي ايام المجاعة تم اختبار ولاءه للسلطة ، عندما اكتشف ان والده يخزن الحبوب ويبعها من اجل الربح ، فقام الصبي بأبلاغ السلطات عن والده واخبر الشرطة السرية عن جرائم أبيه ، بعدها تم اعتقال الاب وسط دهشة عمه وجده وأبن عمه وأستهجانهم لفعلته الشنيعة ، قاموا بعد فترة بمباغة ( بافليك) وهو في الغابة وقتله ورمي جثه في الغابة ، تم اعتقال اقرباء بافليك ونفذ حكم الاعدام بهم ، بعد نشر الجريمة في الصحف السوفيتية أصبح الصبي بافليك بطلا شعبيا لأنه قام بعمل (وطني وبطولي) ، وحرص ستالين على ان تخلد قصة بافليك في الرواية وفي الاغاني والكتب في حفلات الاوبرا . حتى العلم لم يسلم من سطوة الطاغية ، حيث اغلقت مختبرات عديدة بعد منع نظريات علم الوراثة واستبعاد الاساتذة من مناصبهم واغلقت المختبرات ، واي شخص يرفض هذه الاجراءات أو يحتج يتم التخلص منه . وبدات الحرب على العلوم السوفيتية وعلى وجه الخصوص علم الاحياء ، في منتصف ثلاثينيات من القرن العشرين ، بدأ عالم الهندسة الزراعية "تروفيم ليسينكو" حملة ضد علم الوراثة وأيده بها ستالين ، وصور ستالين واعلامه ليسنيكو عبقري ، لكن في الواقع فشلت نظريات (ليسينكو ) فشلا ذريعا ، مما أدى الى المزيد من الجوع والمعاناة والموت بين الشعب السوفيتي . رغم ذالك بقى ليسينكو في منصبه حتى عام 1964 . الطاغية ستالين أعجب في قدرة ليسينكو على تغير الحقائق بشكل منضبط وهذا الانضباط تعبير عن الولاء ، وبالنسبة الى ستالين كان هذا التعبير عن الولاء أهم من الحقيقة العلمية نفسها!!. بعد تكذيب العلم وانحراف الحقيقة و السيطرة على الاعلام ، بعد كل هذه الافعال ، عمل ستالين في خلق اسلوب ( القضاء على الثقة) ، وظاهرة انعدام الثقة بين الاصدقاء والرفاق هي أداة قوية وأستثنائية يستخدمها الديكتاتور في تثبيت سلطته ، موسكو في عام 1934 بعد 5 سنوات من تولي الديكتاتور(ستالين) للسلطة ، في ذالك الوقت لم لكن ستالين قد أحكم قبضته على السلطة ، ولاتزال هناك مشاكل تواجه الطاغية في تثبيت أركان حكمه ، ومن خلال المحكمة الاستعراضية في موسكو ـ تم محاكمة الشخصيات البارزة في الحزب الشيوعي بشكل علني وبتهمة الانتماء الى جهات معادية ، والاشتراك في مؤامرة معادية للاتحاد السوفيتي ، وكان تطهير الحزب من المهمات الضرورية لتطهير الحزب و الحكومة من (الخونة)، وهذا نفس الفعل قام به الطاغية صدام حسين برفاقه بعد 45 عاما من قيام ستالين بهذا العمل الوحشي ، وخلال الفترة من 1936- 1938 التي اطلق عليها ( الرعب العظيم ) ، خلال سنوات الرعب العظيم قتل اكثر من 750 الف شخص ، حافظ ستالين على السلطة لثلاث عقود تقريباً ، البعض أعتبره ديكتاتورا ولكن أخرون كانوا يقدسونه ويعتبروه قائدا ثوريا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان هاني شاكر في لقاء سابق لا يعجبني الكلام الهابط في الم


.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي




.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع


.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي




.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل