الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهمة الوطنيين الأولى دحر العدوان وبناء الدولة

فريد حداد

2006 / 8 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


مرة أخرى , تُثبت اسرائيل , بأن وظيفتها الأولى في المنطقة العربية , هي حماية التخلف والأستبداد . فصورة العربي كما يريدها الطامعين في ثرواته , يجب أن تبقى بنظر العالم , اما ارهابي ملتحٍ ويقتل الأبرياء , أو جاهل ممتطٍ لناقته ويبحث عن متعه الحسية , واما ديكتاتورا عسكريا يجلس على جماجم ابناء شعبه ليشّيد أمجاده الشخصية . أما العربي , كمتحضر, وديمقراطي , ومتمدن , وقابل للآخر الديني والأثني , ومتعايش معه . فلا يجوز ان يكون له وجود . وهنا سر الكراهية والحقد على لبنان .

يجب ان لايفوتنا بان العملية العسكرية لحزب الله , ضد الجيش الأسرائيلي المحتل , لم تكن من حيث انها السبب المباشر لبدء القتال , أكثر من الضربة التي تلقاها الرسول الفرنسي الى الجزائر , بكشاشة الذباب عام 1830 , والتي كانت العذر الذي تذرع به الفرنسيون لغزو الجزائر واحتلالها لمدة 130 عاماً .

ان النزعة التدميرية المتوحشة التي ظهرت عند الأمريكان _ الأسرائيليين في لبنان وفلسطين , يُظهر ان مايبيتوه لهذان البلدان العربيان كما للعراق وللمنطقة باسرها , هو ابعد بكثير من رد فعل على عملية اختطاف تهدف الى تحرير جنودهم الأسرى , في لبنان او فلسطين . انها سياسة واعية ومدروسة ومتفق عليها سابقاً بين قطبي الأعتداء على لبنان وفلسطين ( أمريكا واسرائيل ) , وتهدف الى تدمير كل نفس مقاوم للهيمنة الأستعمارية الأمريكية الصهيونية , ابتداءً من البندقية المقاومة , مروراً بالأعلام الحر , والكلمة الحرة الواعية , والمجتمع المدني المتحضر , والأقتصاد النشط المستقطب للأستثمارات العالمية , والتعايش السلمي للطوائف المختلفة ومسعاها للأنصهار في بوتقة الدولة الوطنية التي تمثل كل ابنائها, وليس انتهاءً بتغيير التركيبة الديموغرافية للمناطق العربية المحيطة بفلسطين ان اقتضت الحاجة , وجنوب لبنان أولها, وغزة لو كانت متعددة الطوائف ثانيتها . وفوق ذلك كله , منع وصول الحاكم العربي الى سدة الحكم عبر تكليفه من الشعب , وليس عبر صفقة بينه وبينهم تعقد في الظلام . ألا يفضح هجومهم على بلدان عربيان فيهما حكومتان منتخبتان من شعبيهما أدعاءات بوش ومن لفه لفه بسعيهم لبناء الديمقراطية في الشرق الأوسط ؟ هل هناك دليل اسطع من سلوكهم تجاه هاتين الحكومتين , على عدائهم للديمقراطية في بلادنا ؟ ...

لذلك كان هذا التدمير المريع للبنية التحتية للدولة اللبنانية والفلسطينية , ووضع لبنان كدولة برمته في مهب الريح , كما هي فلسطين وحكومتها. ومن يدري ان كان هذا التدمير كله مجرد مقدمة لأعادة رمي لبنان في براثن الأستبداد الشقيق من جديد ؟ ولايجاد استبداد آخر شقيق أيضا يكون وصيا على غزة والضفة .

ان مقاومة الأحتلال الأجنبي لأراضٍ من أرض الوطن هو عمل مشروع بكل المقاييس , ولكن المقاومة التي تعتمد على طائفة واحدة من الشعب وحزب , او احزاب طائفية من لون واحد , تضع الآخرين في موقع طرح التساؤلات . وتضع نفسها في موقع ضعف وعزلة ليس لمصلحتها . ومن التساؤلات التي تخطر على بال اي شخص هي : لماذا انتم فقط الوطنيين المقاومين ؟ وعندما تصبح المقاومة من لون واحد فقط , تصبح التساؤلات حول الغاية من تحركاتها كثيرة ومشروعة . لماذا تحرير الأسرى في اسرائيل فقط وهم لا يتجاوزون عدد اصابع اليد الواحدة او اليدين , وتناسي مئات المفقودين , اي مجهولي المصير في سجون الشقيقة الحليفة ؟
لماذا كان سلاح الأحزاب الأخرى سلاح للأقتتال الطائفي فقط ؟ حيث وجب جمعه . ولماذا سلاحكم هو السلاح الوطني والمقاوم الوحيد ؟
كيف يمكن لحزب مقاوم ان يعلن ولائه وتحالفه مع أنظمة طاغية وتعادي شعوبها , لغاية تحرير الأرض ؟ في الوقت الذي تكبل فيه تلك الأنظمة الحليفة حتى شعرائها من نظم قصيدة شعرية لاتنسجم مع مزاج رئيسها ؟






ان الخطيئة الكبرى لحزب الله في لبنان على الرغم من طهارة مقاتليه الوطنية , هي بالدرجة الأولى , خطيئة غالبية الأحزاب السياسية الأخرى في لبنان , كونها أحزاباً طائفية وليست أحزاباً جامعة وموحدة للطوائف . والخطيئة الأخرى هي وضع نفسه خارج دائرة الدولة مميزاً نفسه عن باقي مكوناتها , بدعم من قوى اقليمية او حتى شقيقة , على الرغم من مشاركته بحكومتها كطرف يملك حق الفيتو حيث لايملكه الآخرون . اي انه على استعداد دائم ليكون ندا للدولة , وليس عنصرا مكونا لها مع عناصر أخرى . بالأضافة الى تمييز طائفته عن باقي الطوائف الأخرى , والأغداق عليها من نعيم مساعدات خارجية , يُفترض لهذه المساعدات ان تدخل الخزينة العامة , وتوزع بعدها على الجميع بالتساوي . حيث ما من دولة في هذا العالم , تجيز لأي تجمع من ابنائها مهما كانت صفتهم , بقبض أموال من دول أجنبية , دون التصريح بها , وتوضيح مجالات صرفها , بما يتفق مع القوانين السائدة , الا لبنان .

انني أعتقد بان هذه التركيبة السياسية الغير صحية للدولة اللبنانية , والتي هي في أحد جوانبها نتيجة طبيعية للوصاية السورية الطويلة الأمد , حيث دأبت تلك الوصاية على خلق الأدوات المناسبة لها داخل مؤسسات الدولة والمجتمع اللبناني ,لتساعدها على التحرش والتدخل في شؤون لبنان عندما تقتضي الظروف , أو في أحسن الأحوال , تساعدها على بناء سلطة لبنانية استبدادية طائفية لها شكل ومضمون سلطتها في سورية . هذه التركيبة اللبنانية المفككة والمتعددة الولاء للخارج هي التي سمحت لأسرائيل وساعدتها على ايجاد مبرراتها امام المجتمع الدولي لهذا الغزو الهمجي . لهذا فانني ارى بان المهمة الأولى التي تقع على عاتق كل وطني لبناني حالياً, هي التصدي للعدوان الأسرائيلي ودحره , والعمل على بناء الدولة الديمقراطية اللبنانية التي يخضع فيها الجميع لسلطة القانون , ويحتكم فيها الجميع لصندوق الأنتخابات
لم يعد خافياً على أحد , الأهتراء المريع للوضع العربي برمته , وانتقال الوضع الرسمي العربي , من المتستر والصامت على الأجرام الأسرائيلي ضد الشعب العربي , الى موقع الداعم والمبارك لأعمال اسرائيل الساعية الى اعادة صياغة الوضع العربي , مما يعني استحالة الأستمرار بالصراع مع العدو الصهيوني بالوسائل التقليدية المتبعة حتى الآن ومنذ عام 1948 . كما بهذه البنى القائمة , السياسية والأقتصادية والأجتماعية , التي أوصلنا اليها الأستبداد العربي المتحالف موضوعياً مع أمريكا , والمحمي من اسرائيل . فلبنان , أو اي بلد عربي آخر , حر وسيد وديمقراطي , هو أقدر على خدمة فلسطين وشعب فلسطين من لبنان الحالي , الذي يدفعه المقامرون وتجار الوطنية , ليكون فلسطين أخرى أو عراقاً آخر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - عالم المؤثرين المطورين بالذكاء الاصطناعي يطار


.. أضاءت سماء الليل.. شاهد رد فعل السكان لحظة تحليق شظية مذنب ف




.. إيران تشييع رئيسي على وقع خطوات لملء الشغور الرئاسي | #رادا


.. المستشفى الإماراتي العائم في العريش يجري عمليات جراحية بالغة




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة