الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناديق الاقتراع

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 7 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


عندما أسمع أن الديموقراطية تعني صندوق الاقتراع تصيبني غيبوبة مؤقتة أبحث من خلالها عن الاقتراع ، وصندوقه. يستشهد السّوريين بالفترة" الدّيموقراطية" حيث كانت تجري انتخابات حقيقية، ولم يكن يومها في خمسينيات القرن الماضي قوة للإخوان المسلمين ، لكن بنفس الوقت لم يكن هناك شركات وبنية تحتية عدا الشركة الخماسية و بعض الشركات الأخرى ، ومن كان ينجح هم رؤساء العشائر، ورؤساء الطوائف حتى أن أحدهم كان يرسم بطة خلال اجتماع مجلس النّواب .
أزعم أنّني أعرف بعض الأمور عن تلك الفترة ، أهم تلك الأمور هي الفقر المدقع، الذي قادنا إلى ثورة البعث ، ثم ثورة إسلامية، و الحبل على الجرّار، و الجرّار يسير باتجاه الخلف.
خلال قراءاتي القليلة -وأنا كلّ قراءاتي كانت بين سن العاشرة و السادسة عشرة، ولم تتجاوز كتابات إحسان عبد القدوس ومكسيم غوركي ، و غيرها-رأيت أنّ الفتاة السعودية على سبيل المثال تتجرّأ على الهروب من واقعها و اللجوء إلى الغرب ، رغم أنها تعيش في قلق طوال الوقت من أن يصلها قاتل مأجور، تتخلى عن العائلة، و الوطن، وتبدأ من جديد، لكن ، ورغم أن الكثير من النساء السوريات دخلن السجن ، و الكثير منهن يقتلن على يد أحد الأقارب، ولم تستطع المرأة السورية أن تهرب من عائلتها مثلاً ، حتى أن إحداهن فضّلت أن تطلق على نفسها شائعة أن جنيّ تزوجها كي تهرب من الواقع.
المقدمات تقود إلى النتائج ، و الظلم الذي وقع على -الفلاحين مثلاً -كان من أسباب تأسيس حزب البعث الذي اعتبر معركته مع الإقطاع ، لكن كونه عربي، و إشترامكي فقد كان يعبّ من الفكر الشّوفيني القومي، وعندما نقول فكر البعث لا نعني الشعب السوري الذي أرغم تحت ضغط الحاجة للرغيف أن يكون بعثياً، بل هي مجموعة لا تتجاوز العشرة أسست لفكر قومي شوفيني، وعلى رأسها ميشيل عفلق الذي كان يعتز بالثقافة العروبية الإسلامية .الإضاءة على التّاريخ هامة، وقد تابعت برامج إنكليزية حول الأندلس، يمكنك من خلالها احترام الجهد المبذول من أجل الفن بكل أشكاله ، و السعي للتقدم رغم النواقص، لكن عندما تقرأ عنتريات عن الأندلس للعرب تدير ظهرك ساخراً.
نعود إلى صناديق الاقتراع وهو الموضوع الرئيسي، وقد لا يكون موضوعاً على الإطلاق، ففي دولة مثل سورية هل هناك قيمة لصندوق الاقتراع؟
لا أتحدث عن استفتاء الأسد ، بل أتحدث عن اقتراع حقيقي بإشراف دولي، و أراهن أنكم تعرفون من سوف ينجح في مناطقكم منذ اليوم . من يصل إلى البرلمان لن يكون شخصاً ذا خبرة ، بل رجل دين، رجل عشيرة، ورجل حزب شعبوي ، ورجل يملك المال . سوف ينجح الإسلاميون ، و الذين صوّتوا للأسد اليوم سوف يصوتون لهم غداً. ألم يصوت الحزب الشيوعي الإيراني لصالح " الثورة الإسلامية". ماذا جرى له بعد ذلك؟ سحقته تلك الثورة، وهذا ماسوف يجري في سورية، لكن هل نقبل بالأسد لأن القادم غير محزور؟ طبعاً القبول بالأسد يعني القبول بكل الجرائم التي ارتكبها بما فيها أسلمة " الشعب" حيث تعاطف الجميع مع المدن السّنية التي تعرضت للإبادة -عدا فئة ما يدعى شبيحة النظام ، فهؤلاء لم يتلقوا تربية إنسانية-
أعتقد أن الوضع السليم ، وقبل الاقتراع بخمسين عام على الأقل يجب أن تربى الأجيال القادمة تربية إنسانية . أن تعين حكومة سورية من قبل قوة كبرى كأمريكا مثلاً ، و أن لايكون في الحكومة سياسيين، بل خبراء في إعادة التربية ، وفي تشكيل البنية التحتية، وفي الآمراض النفسية، ومختلف الاختاصات الأخرى كي تشفى أمراضنا قبل الاقتراع بعد خمسين عاماً ، وهي مدة ليست طويلة، يتربى خمسة أجيال خلالها، شريطة أن يكون للخبراء إنجازات في مجال عملهم، و أن لا يكونوا عرباً ، و أن يكونوا متطوعين . طبعاً لن يحصل هذا. لم يحصل في أفغانستان ولا في العراق ، وتبقى الديموقراطية رهناً بصندوق الاقتراع العربي المملوء بالدبس حيث يغف عليه النمل والحشرات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استئناف مفاوضات -الفرصة الأخيرة- في القاهرة بشأن هدنة في غزة


.. التقرير السنوي لـ-مراسلون بلا حدود-: الإعلام يئن تحت وطأة ال




.. مصدر إسرائيلي: إسرائيل لا ترى أي مؤشر على تحقيق تقدم في مسار


.. الرئيس الصيني يلتقي نظيره الصربي في بلغراد ضمن جولة أوروبية




.. جدل بشأن هدف إنشاء اتحاد -القبائل العربية- في سيناء | #رادار