الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة يوليو - 1952 - الحلم والمأساة

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2021 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


فى23 يوليو من كل عام تحل ذكرى ثورة 1952 ، هو تاريخ محدد وثابت ولكن يبدأ الشعور به اعتبار من حلول الشهر.

ولكن ما ان تبدأ تباشير الذكرى حتى تنهش المواطن المصرى " خاصة لو كان مهموما بقضايا الوطن " كل الافكار والذكريات.

تبدو سعيدا بذكرى ثورة حققت قفزات اجتماعية هائلة فى فترة وجيزة ، وغيرت اوضاع الشعب المصرى فى مجمله ، وفئة الفلاحيين بصفة خاصة والتى قال عنها هنرى كوريل فى مقال له نشر فى الاربعينات " حال الحمار فى مصر افضل من حال الفلاح كثيرا "

ثم ينتابك الالم عندما تتذكر المظالم الاجتماعية الهائلة، والاقصاء التى تعرض لها البعض من افراد شعبنا، بتهم ما انزل الله بها من سلطان .

تشعر بالزهو انك من الطبقة الاجتماعية التى لم تكن تحلم بالتعليم ، وكان مصيرك ان ترث مهنة والدك ، ولكن حدث واتيح لك التعليم وساد عهد طال السنوات العشرين كان المعيار هو التعليم والعلم .

وتحزن ان هذا التعليم لم يتم تنظيمه بالشكل الذى يحافظ على زخمه واستمراره ، فتحول فى مرحلة لاحقة ، الى تعليم شكلى لا يتجاوز جدران المدارس ، وما لبث ان هجر التعليم المدارس ذاتها، وصار شهادات لا قيمة لها ، ولا اى فائدة حقيقية من ورائها ، وصار الدكتور قد يعمل سباك او تاجر ، والمهندس مندوب مبيعات ، والمحامى سائق توكتوك .

.صنعت الثورة جيش قوى وحدثت اسلحته ونوعتها ، ولكنها غرست قياداته فى الحياة المدنية ، فسقط فى اول اختبار عام 1956 فى العدوان الثلاثى ، ولم يفق من غفوته حتى سقط فى حرب 1967 ، سقوطا مدويا بنفس الطريقه.

الثورة كانت تبنى المدارس والمصانع والمعامل والمستشفيات والوحدات الصحية ومراكز الشباب ، وتستصلح الاراضى الزراعية ، ولكنها كانت تفعل كل ذلك بمعزل عن مشاركة الناس الحقيقية ، فيما تبنى وتزرع ، فانهار هشيما تزروه الرياح عند اول عاصفة .

كان رجال الثورة يعتبرون انفسهم الادرى والاعلم والامهر من كل القادة والسياسين المدنين، مما أفسح المجال لاصحاب الثقة دون اصحاب الرأى الحر والكفاءة ، وهكذا حل الانتهازيون واصحاب المصالح ممن يعرفون من اين تأكل الكتف ، لتصبح الفهلوة والمكيدة والرشوة والنظرة الضيقة ، محل مصلحة الوطن العليا .

ترى هل نتعلم من اخطاء ثورة يوليو ومنجزاتها ، فنضاعف الانجازات ونتلافى الاخطاء ، ام ان التاريخ الماكر ، يأبى الا ان يكرر نفسه بكل حذافيره .

ان اى نظام ايا كان، يجب لاستمراره وتطوره ان تكون له طبقة تحمية، فاذا كان النظام يرمى الى الاصلاح ولم تكن هناك طبقة تساعدة وتحميه من تجاوز المعايير الاساسية فى الديمقراطية ، وفى الشفافية والمسائلة التى يجب ان تطال الجميع فيه ، فانه سينهار كبيت من ورق عند اول عاصفة.

فى تقديرى انه لم توجد حتى الان واعتبارا من 1936 تاريخ ولادة اول دستور مصرى مع كل العوار الذى شابه .

اقول لم توجد طبقة سياسية حامية للديمقراطية ، او حتى مساندة تقف فى وجه من يحاول الاعتداء على القيم الاساسية للدستور، القيم التى كانت فى عقل وقلب المؤسسين الاوائل فى فصل السلطات .

لقد راينا قبل الثورة ، كيف كانت الاحزاب تتصارع وتتقاتل فى سبيل المناصب والهبات ، وكيف كان القادة يبيعون ضمائرهم، اذا تعارضت ومصالحهم الخاصة .

رأينا كيف كانت الاحزاب تميل الى الملك ، اذا كان ذلك فى مصلحتها ، حتى لو ديست مصالح الوطن العليا ، رأينا مكرم عبيد كيف خان الوفد ومبادئة الديمقراطية، عندما اختلف مع الزعيم مصطفى النحاس ، وذهب للملك بكتاب اسماه " الكتاب الاسود" يعدد فيه مثالب وفضائح من كان يعمل معهم وشريكهم.

بل رأينا كيف خان الوفد نفسه مبادئة وقبل تاليف الوزارة تحت اسنة الرماح للمحتل الانجليزى ،التى اجبرت الملك على القبول بحكومة الوفد.

راينا كيف كان كل حزب ينكل بمعارضيه من عمد وموظفين ويطيح بهم من وظائفهم اذا تولى الحكم ، ويفعل الحزب الاخر الفعل ذاته اذا تولى الحكم ، مما دمر الدولاب الحكومى وترك ارثا قبيحا حتى الان ، فى عدم استمرارية العمل بنفس الكفاءة ، بصرف النظر عن الحزب الحاكم

لم تكن لدينا طبقة سياسية حامية للديمقراطية وواعية غير خائفة ، تقول للرئيس عبد الناصر بكل وضوح وشفافية ، ان الدولة فى سبيلها للانهيار بتغلغل العسكريين فى كل مفاصل الدولة دون خبرة ، او خبرة مستحيلة .
وان الدكتاتورية وغياب الرأى الاخر ، ومبدأ الفصل بين السلطات له سيقضى على الثورة ومنجزاته ، وهو ما تحقق بالفعل اثر تولى السادات الحكم دون مجهود يذكر .

عبد الناصر اعترف صراحة بمسؤليته عن هزيمة 1967، وحتى لو كان الاعتراف مسرحية ، فقد كان فى مكنة هذه الطبقة لو وجدت ، وصدقت النوايا وغلبت مصلحة الوطن ، فى اجبارعبد الناصر على العودة لمسار الديمقراطية .

فقط عشرون الف رجل ، سياسين ، كتاب ، ادباء، فنانين ،وزراء سابقين لا يجمعهم سوى انهم مؤمنين بالديمقراطية، ترفع لعبد الناصر عريضة ، تشرح الاوضاع بصدق وامانة ، كما فعلها خالد محمد خالد فى مؤتمر الميثاق ، ولكنه كان صوت وحيد صارخ فى البرية .

ولهذ اقول اننا كنا ومازلنا غير مخلصين لهذا الوطن ولا للقائمين عليه ، حتى الان نحن نفتقد هذه المسؤلية المجتمعية العليا .
ان ذكرى ثورة يوليو ما زالت تؤكد ان شعبنا ملتحما مع قيادته ، يستطيع ان يتقدم عشرات الاعوام فى سنوات قليلة ، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وتعليميا.

فقط يكون الكل حكاما ومحكومين شركاء فى قارب واحد ،الديمقراطية شرط التقدم والنهضة فى عالم مضطرب، بل ومعادى لنهضة مصر وتطورها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة- | #مراسلو_سكاي


.. استشهاد الصحفي بهاء عكاشة بقصف إسرائيلي استهدف منزله بمخيم ج




.. شهداء ومصابون جراء غارات إسرائيلية استهدفت مربعا سكنيا بمخيم


.. نشطاء يرفعون علم عملاق لفلسطين على أحد بنايات مدينة ليون الف




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تحقق مطالبها في أكثر من جامع