الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسمع بالمَعِيدي خير من أن تراه

جعفر المظفر

2021 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


وأما المَثَل (إسمع بالمَعِيدي خير من أن تراه) فقد قيل عن رجل من قبيلة مَعَدْ كان يدعى بن ضمرة الدارمي وكان النعمان بن المنذر قد إستعظمه لحكمته وبديع قوله فلما قدم عليه ورآه دميما قال المثل الذي ظل خالدا. وهذا يخلق مقدما إختلافا في المعنى المقصود بهذه الكنية التي اخذت بعد ذلك منحى شعبيا لتوصيف المستوى الثقافي والإجتماعي المتدني للشخص وقد كان ذلك غير بعيد مطلقا عن مهمة حماية السلطة لدى جهة عينها من خلال الحط من قيمة العنصر الآخر.
وقد جرى إستعمال الكلمة خطأ في المثل أعلاه حيث صار يُقصد فيها (المِعدان) الذين هم في الأصل الغالبية من سكان اهوار العراق الجنوبية حيث ينسب البعض اصولهم إلى السومريين, ويراهم آخرون بقايا لسكان العراق الآراميين القدماء, بينما يعتبر آخرون تسميتهم مشتقة من كلمة (مئدانا) الآرامية الملتقية مع كلمة "الشروﮔية" والتي تعني الساكنين في الشرق, يوم كان العراق شرق الدنيا.
والكلمة كانت نشأت في الأصل كتوصيف دلالي جهوي شأنه في ذلك شأن كلمة (الغربية) التي تطلق على سكان العراق في مناطقهم المعروفة التي تشمل الأنبار وصلاح الدين وغيرها, غير أن الكلمة, مئدانا أو الشروكية, سرعان ما تحولت من مفردة لغوية إلى توصيف إجتماعي غرضه التقليل من شأن من تطلق عليه.
وإذ تتدخل السياسة والصراع على السلطة والتفكير والسلوك العنصري والطائفي تتحول اصول هؤلاء لكي تكون هندية ويكون أهلها في الأصل مجموعة من الهنود كان قد جلبهم (محمد القاسم) مع الجواميس التي حملها من هناك لتربيتها في العراق.
وهذه الإختلاق والتشويه المتعمد والمتوارث هو خلاف لما تعودنا قراءته عن الفاتحين المسلمين الذين كانت غنائمهم في الدرجة الأساسية تنحصر في المال والعبيد والنساء ولم تتفرع أبدا للإهتمام بجلب الثروات الحيوانية أو النباتية كالجاموس أو ورد القرنفل.
علما أن محمد القاسم نفسه كان قد عزل من ولاية السند وأوتي به مكبلا إلى دمشق بأمر من الخليفة ثم عذب حتى مات وفي قصته من المهد إلى اللحد لم يذكر عنه أنه جاء بقطار ملئه هنودا وجواميس وحط بهم في أهوار العراق.
وللمعلومات المضافة فإن محمد بن القاسم الثقفي قائد أحد جيوش الفتح ومشهور بكونه فاتح بلاد السند. كان والده القاسم الثقفي واليًا على البصرة، وهو ابن عم الحجاج بن يوسف الثقفي الذي قام بتعيين أخاه بذلك المنصب فور تسلمه حاكمية العراق فإنتقل الطفل محمد مع أبيه وقضى طفولته وشبابه في مدينة البصرة التي كانت على مدار التاريخ من أروع المدن العالمية من حيث جمال طبيعتها وخيراتها وموقعها ومنتدياتها ومدارسها الثقافية. وما دام محمد القاسم من البصرة فهو معرض أيضا لأن يكون (معيدياً) بحكم هويته الجهوية!! لكن المفردة كان إستعمالها في الغالب قد تضاعف كإحدى الإسقاطات الثقافية للخطاب الطائفي السني الشيعي الذي تقدر له أن يضيف على حياتنا مصائب لا تعد ولا تحصى ومنها أنه جعلنا صيدا سهلا للجيران.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: المرشحون للانتخابات الرئاسية ينشطون آخر تجمعاتهم قبيل


.. رويترز: قطر تدرس مستقبل مكتب حماس في الدوحة




.. هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب لن ترسل وفدها للقاهرة قبل أن


.. حرب غزة.. صفقة حركة حماس وإسرائيل تقترب




.. حرب غزة.. مزيد من الضغوط على حماس عبر قطر | #ملف_اليوم