الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقاً إن الفقر عار!

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 7 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


ذلك المرض المزمن الذي يسمى الفقر في سورية ليس وليد اللحظة ، فسورية رمادية بلا ألوان منذ البداية، لكن هناك نمط حياة يناسب ذلك الفقر المدقع، أو الطبيعي. طبعاً لا أتحدّث عمّن يعتبرون أن سورية هي بلد الياسمين وخمسة آلاف عام حضارة . أتحدث عن سورية ألف عام تخلّف ومثلها من الفقر، ثم ثمانية عقود من الفقر و القتل والاضطهاد ، منذ وصول البعث للسلطة، و البعث يكون أحياناً ظالماً عندما يستلم السلطة، ويصبح مظلوماً عندما ينقلبون عليه، وكلّه بعث بدون أيّة فلسفة أخرى فالأحزاب الداعمة يمكن إزالتها بجرة قدم .
بالنسبة لي أعتبر أن الفقر عار نمارسه بسبب قلّة حيلتنا واستسلامنا ، يمكننا أن نكون مستوري الحال ، يمكننا أيضاً مغادرة المكان كعمال وعاملات، وهناك متّسع في هذه الكرة الأرضية ، قد لا يمكننا اللجوء لأن للدول شروطها، ولكن إن أمكن لم لا؟
يردّد البعض أننا "كنا عايشين" ، وهم ليسوا فئة الموالين للنظام فقط بل أولئك المعارضون الأشدّاء الذين يتحدثون عن التّضحية برفاهيتهم، وبعضهم استلم منظمة حقوق إنسان ، أو غيرها، ويربح الكثير ، وهنا علينا أن نتحدّث عن الدّاخل السوري، حيث الفقر المدقع. لا. لم يتغير شيء، فالفقراء هم الفقراء ، و الأغنياء لا زالوا أغنياء ، الفقر و الغنى لايخدعان المشاهد، فتلك العوائل التي نزحت من درعا عوائل فقيرة، و أولئك الذين يتصدون للنّظام شباب فقراء لا قيمة لحياتهم، وعندما يتم التوافق بين البكوات ستكون باصات الذل جاهزة لنقلهم لأماكن أكثر إذلالاً، ينتقلون من سطوة النظام إلى سطوة الإسلاميين .
مصيبتنا كانت مع الموظف الذي يعتبر نفسه قد ضمن مستقبله من الوظيفة، فعاش على الحد الأدنى ، وبدأ في بناء المستقبل، و المستقبل بالنسبة له هو بيت يأويه هو وعائلته، لكن لن يكون هذا في عام أو عامين، إنه يستغرق حياة الموظف كاملة . صحيح أنه ليس في الوظيفة عمل إنتاجي، بل إنها تشبه البطالة، لكن عدد الموظفين في المنطقة الوسطى في سورية كان كبيراً بسبب الانتماء إلى البعث بينما في منطقة الجزيرة السورية كان العمل الموسمي هو الأساس.
ماهو الوضع اليوم؟ إنّه مثل الأمس ، فالمطاعم، و المسابح، وحفلات الأعراس هي نفسها، و الجوع هو نفسه. نحن جميعاً كنا جائعين من أجل أن نوفّر لأبنائنا الدراسة و اللباس، لكننا " جميعاً " نكابر، ونتحدث عن ارتفاع وانخفاض الدولار!
كانت النساء في الماضي ماهرات في تصدير القمصان، وابتكار طبخات تعتقد أنها مليئة باللحم. الموضوع برمته يعتمد على تلك الإنسانة التي خلقت، وبيدها مكنسة، نذرت نفسها للأسرة ، فمرتب زوجها تصنع منه المعجزات كما أنّها تعطيه الحق في شراء السيجارة لأنها جزء أساسي من الرجولة، لن أنسى أن بعض من كانوا يملكون السيارات، ومع أنهم في مرحلة ما لم يكونوا يملكون ثمن البنزين، لكن يوجد في سيارتهم سيجار كوبي فاخر، هم لا يستعملونه إلا كمظهر، وربما تبقى السيجارة معهم عاماً ، أو أكثر.
نعم ياسادة. كنا مهمشين وفقراء ، لكننا نجونا ، بقيت الأغلبية الغير ناجية. إنها الفرقة الكافرة-أعني الفرقة الفقيرة-. حتى اليوم لا زال البعض يخرج في رحلة جماعية غير مكلفة إلى البحر على سبيل المثال، أو إلى عيد النوروز ، أو غير ذلك ، ويجلس في عين الشمس هو و أولاده، يعودون ويتحدثون عن جمال الرحلة، وروعة البحر. جربت هكذا رحلة ،يمكنك أن تعتبرها نوعاً من التعذيب .
ربما لا توافقوني الرأي، لكن أقول أن الأغنياء لا يموتون إلا صدفة، ولا يتحمسون للكرامة و الوطن لأنهم هم جزء من تلك الكرامة التي يتوجب على الفقراء تقديمها حتى لو عن طريق التضحية بالنفس. حقاً إن الفقر عار !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة