الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من معرفة أسباب الفشل يبدأ النجاح

المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)

2021 / 7 / 30
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


يتطلب تحقيق النجاح في تغيير أوضاع السودان ووقف التدهور المستمر في معيشة غالبية كادحيه تجنب تكرار الأخطاء التي أفشلت التغييرات السابقة، وذلك بمعرفة أسباب فشل الحلول السابقة وطبيعة ضعف نتائج النضالات والتغييرات المدنية أو العسكرية التي تمت.

1- التاريخ:
منذ مائة عام وإلى الآن فشلت النخب المدنية في المركز في إحداث تغيير جذري أو حتى متوسط في أوضاع معيشة مجتمعات السودان، بل من تدرج إلى تدهور، وكذا في الفترة الحاضرة فشلت قوات الحركتين البطلتين في تحرير أقاليم تمركزها أو إنطلاقها، وأيضاً فشلت نخب المركز والهامش معاً أو بتفرق في تعطيل ولو سبب واحد من أسباب التفاوت المعيشي في السودان !


2- الفشل:
من هذا الفشل صار وجود نخب المركز ونخب الهامش سواء المدنية أو العسكرية وجوداً بلا فائدة اجتماعية ووطنية محسوسة منه في أحوال المعيشة أو في الوضع العالمي للدولة السودانية التي تزيد كل يوم مؤشرات تدهورها !


3- التغيير الشكلي:
ضد هذا الفشل يبدو ان دخول الحركتين العسكريتين لعبة النخب الليبرالية في المركز سيكون مثل دخول الأحزاب التي أسست تلك اللعبة، أي إنه سيكون دخولاً عبثياً لن يغير شيئاً كثيراً في أسس وأشكال ديكتاتورية تماسيح السوق ومفاقمة هذه الديكتاتورية حالات التفاوت الطبقي والإقليمي والجندري في السودان !


4- كالذين من قبلهم:
سيكون دخول كبراء الحركات المسلحة الجزء المركزي لإدارة الدولة جزءاً من اللعبة الليبرالية مثله كمثل دخول كبراء الأحزاب المتواصل فيها منذ فترات ماضية حيث سيحصل القادمون الجدد على بعض المناصب والوعود التي دأبت دولة الإستعمار الداخلي والتبعية للإستعمار الحديث على صرفها واستهلاكها. ومن منصات الإعلام سيخاطب قادة الحركات بعبارات موجبة تجمعات الجماهير وسيدبجون خطابات إلى دول العالم ومؤتمرات "المجتمع الدولي" عن بداية تحقق السلام والعدل وعن الحاجة إلى الدعم والمساعدة!


5 - بقاء وتجدد المصيبة:
في الواقع المعاش بعيداً عن الوعود الزائفة والآمال الموهومة والخطب الرنانة ستبقى أوضاع معيشة غالبية الكادحين تحت سيطرة تماسيح السوق السوداني وسيطرة تماسيح السوق العالمي سواء كان شكل الحكم حزبي الرئاسة أو كان شكلاً عسكري الرئاسة، وسواء كان شكل المقاومة والنضال ضد ديكتاتورية السوق أو ضد أحد أشكال حكمها نضالاً عسكرياً أو كان نضالاً حزبياً ومدنياً.


6- الجزئي لا يولد الكلي:
(أ)السبب المنطقي لإنعدام فائدة التغييرات المحدودة إن النظرة المحدودة والفكرة الجزئية والهدف الجزئي والحركة الجزئية والتعاملات الجزئية، بحكم إنحصار ومحدودية طبيعتها لن تنتج حلاً شاملاً متكاملاً.

(ب) أما السبب الآيديولوجي لفشل الأفكار والتغييرات الجزئية في حل الأزمات المتداخلة فيرتبط بضعف تصور طبيعة وجود وتداخل هذه الأزمات تظنه وجوداً مستقلاً مفرداً بالإمكان معالجته بصور مفردة تنتظر فيه كل أزمة حل الأزمة الأخرى !

(ج) كذلك من أسباب الفشل الحذر من "التحليل الطبقي" وإرتباط هذا الحذر بفكرة حل الأزمات المتشعبة والمتداخلة بعقد صلح وإتفاق سلام تضمنه بعض الدول ! أي فكرة إنهاء أزمة التفاوت وصراعاتها لكن مع إبقاء الجذور الطبقية الداخلية والإقتصادية الدولية التي أنتجت هذه الأزمة.


7- ضرورة الوعي:
(أ) الضروري في المرحلة الحاضرة ان تدرك نخب حكم المركز ونخب المقاومة في الهامش طبيعة أوهام الليبرالية الإثنية، وطبيعة أوهام الليبرالية التجارية، فالمساواة الإثنية لا تتحقق بإعترافات نظرية حقوقية بتعدد وتنوع الجماعات الإثنوثقافية بينما تتركز مناصب الحكومة والوزارات والجيش والشرطة والأمن وملكيات الثروة في جماعة إثنوثقافية واحدة معينة ! كما إن حرية التملك التجاري تؤدي لتفاقم التفاوت الطبقي والإقليمي.

(ب) مهم في المرحلة الحاضرة ان تأخذ كل قوة في الباقي من السودان عظات وعبر من ما حدث في السودان وفي تاريخ كثير من مجتمعات العالم، حيث لم يحقق أي وهم من الوهمين الإثني أو التجاري حرية للمجتمعات من التفاوت والاستغلال، ولم يحقق في غالبية المجتمعات إخاء أو مساواة في حقوق المعيشة، بل كل عناصر وأشكال النخب تتبادل تجديد وإدارة النظم التي تنتج الأزمات وتفاقمها.


8- الحل:
يبدأ الحل بتجميع استراتيجي متنوع لثوريي الفئات الكادحة في المدن والأقاليم. وهو تجميع يقتضي ترك الأفكار والقوى والنظم المرتبطة بتغييرات جزئية، وذلك إلى حين توفر ظروف تناسب تغليب فائدة تلك الأفكار والقوي الأقل إجتماعية على أضرارها ذات الأنانية القبيلية وعلى ضرر أعمالها ذات الاحتكار أو ذات المضاربة التجارية.


9- لوازم الحل:
مهم كسر الأوهام الليبرالية التي تزعم بتركيزها على الإثنية حل أزمة التهميش و"الهامش" بدون إلغاء أسسها الطبقية ! ومهم إلغاء الأوهام الليبرالية في شكلها السياسي الزاعمة تحقيق الوحدة الوطنية بإبقاء العلاقات الطبقية والتجارية الممزقة وحدة المجتمعات وبالإعتماد على "الديموقراطية الليبرالية" التي تعزز وتصون استثمار الانسان لموارد وحقوق أخيه الإنسان.


10- أساس عام للتغيير:
مهم لتحقيق تغيير جذري متكامل التخلص من أوهام اللعبة الليبرالية التي زادت الامبريالية تغذيتها في الفترة منذ السبعينيات إلى الألفينات ولم تحقق في أي دولة دخلتها أي تحسنا متوازن مستدام في معيشة غالبية سكانها بل زيادة التدهور والديون.


11- ضرورة انتقاد النظرات والأعمال الجزئية:
الإشارة إلى فشل النظرات والأفكار والسياسات الجزئية تخفف الأزمة الشاملة التي تزيد بأي نشاط جزئي لا يلغي عناصر وعلاقات تفاقمها، سواء كان ذلك النشاط الجزئي مدنياً أو كان نشاطاً مسلحاً حربياً مقاتلاً، فالجزئية في النظر وفي النضال وفي التعامل الحكومي مع الأمور الرئيسة في أعمال وعلاقات المعيشة تعد جزءاً أصيلاً من اللعبة الكبرى لنخب السودان والعالم، وارتباط نشاط هذه النخب طوعاً أو كرهاً بلعبة توليد الإستعمارين لبعضهما "الاستعمار الداخلي" و"الإستعمار الحديث".


12- ضد الليبرالية:
(أ) ضرورة رفض اللعبة الليبرالية كونها في غالبية دول العالم الثالث وشرق أوروبا لعبة إستعمارية الأصل والدعم والمسرح والنتائج وهي تستديم صورها المعيشية والديبلوماسية بالتلاعب بالنخب وأفكارها وردود فعلهم على قراراتها الاقتصادية الغرب أوروبية المحور.

(ب) يتحقق رفض الأوهام الليبرالية بمنطق أن إلغاء مقومات أحد الاستعمارين الداخلي أو الحديث يتطلب إلغاء مقومات الإستعمار الآخر، لا يمكن تأجيل بداية القضاء على واحد منهم، بل التغيير الجذري يتطلب التخلص منهما، بما في ذلك تعطيل المحور الرئيس لـ"الديموقراطية الليبرالية" أي حرية التملك والتجارة وسيطرة الرأسماليين على معيشة غالبية الكادحين، ومن ثم ضرورة هدم الجوهر الواقعي للعبة "الديموقراطية الليبرالية" وهو إستثمار الإنسان لأخيه الإنسان.


13- التغيير الجذري الوطني الديموقراطي:
(أ) كسر هذه المخاطر بالتغيير الجذري الشامل المتكامل ذو الديموقراطية الشعبية والتنمية المتوازنة يوكد ضرورة الثورة الوطنية الديموقراطية وهدمها أهم أسس وأشكال ديكتاتورية تماسيح السوق، وبالتحقيق الثوري للتغيير الجذري تنكشف الأوهام البرجوازية الزاعمة إما إمكان تعايش الكادحين مع عقارب وثعابين وتماسيح السوق ! أو إمكان تعديل الظل رغم إعوجاج عوده !

(ب) بحكم طبيعة وجودها وإرتباطه بزيادة حرية التملك والنشاط التجاري لا تستطيع فئات البرجوازية الكبيرة وشرائح البرجوازية الصغيرة تحقيق تنمية متوازنة في بلد ضخم كالجزء الباقي من السودان. لذا يصعب منطقاً وواقعاً حل الأزمات المتداخلة بتعويل على تصورات البرجوازية وأفكارها العجيبة التناقض الزاعمة إلغاء شكل الأزمات (الإقتصادية الإجتماعية السياسية الثقافية) ومنع آلامها عن معيشة غالبية الكادحين لكن مع إبقاء جذورها الطبقية الداخلية ! ومع تأجيل تغيير العلاقات الإقتصادية الدولية التي تولدها !

(ج) الخلاصة العامة لضرورة الإهتمام بالتغيير الجذري إنه ليس بالإمكان تحقيق بعض أهداف الحرية والإخاء والسلام والعدالة بترك جذور الإستعمار الداخلي وبإبقاء كل آليات الإستعمار الحديث، وتبرير هذا الترك والإبقاء المسموم بزعم إن الحلول الجذرية ستأتي في المستقبل، بينما الحقيقة الواقعية الموكدة منذ الآف السنين إن معالم المستقبل تبدأ من الحاضر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب المجلس الوطني الثاني لحزب النهج الديم


.. رسالة بيرني ساندرز لمعارضي هاريس بسبب موقفها حول غزة




.. نقاش فلسفي حول فيلم المعطي The Giver - نور شبيطة.


.. ندوة تحت عنوان: اليسار ومهام المرحلة




.. كلمة الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي الرفيق جمال