الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الافكار الاسلامية القادمة ستكون ذات صبغة شرق آسيوية ؟

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

(Magdy Abdel Hamid Elsayed)

2021 / 7 / 30
العولمة وتطورات العالم المعاصر


ظل الفكر الإسلامى لمنطقة الشرق الأوسط لفترة طويلة مميزا للفكر الإسلامى بصورة عامة ، ولكن مع عصر عولمة الثقافة بدأت تظهر للعلن ثقافات دول ومجتمعات إسلامية ليست عربية ، وكان من حسن حظ تلك الثقافات عدم اتباعها بصورة عامة للصور الحديثة المتشددة - المسلحة غالبا - التى جاءت من منطقة الشرق الأوسط وحاولت غزو العالم مثل صور داعش والقاعدة والجماعات الإسلامية والتكفير والهجرة وهى صور سنية بالأساس وكذلك صورة الحرس الثورى الإيرانى وحزب الله اللبنانى الشيعى. وبالطبع عند ملاحظة الفكر الإسلامى فى دول شرق آسيا فإننا لا نتوقع أن يكون ذا طبيعة واحدة ، فالإسلام فى إندونيسيا يختلف عن الإسلام فى كل من ماليزيا وتايلاند وسنغافورة وبورما والصين والفلبين وكمبوديا وفيتنام وبروناى وجميعهم يختلف بالطبع عن الإسلام الهندى فى كل من الهند نفسها وكشمير وباكستان وبنجلاديش ونيبال . إن المسلمين العرب لا يكادون يشكلون ربع مسلمى العالم وبالتالى فهناك صور إسلامية غير عربية بدأت تظهر فى شرق آسيا تختلف كثيرا عن الإسلام الباكستانى والبنغالى الذى يحاول الاقتداء بالمذاهب العربية الشرق أوسطية خاصة بعد انفصال الأحمدية الهندية ( القاديانية ) عن الإسلام ، وهذه الصور بدأت فى الظهور عالميا فى دول جنوب شرق آسيا خاصة فى إندونيسيا وماليزيا وتايلاند وسنغافورة التى تتسم بصورة عامة بطابع سنى صوفى يختلف كثيرا عن الطابع السنى المتشدد لمنطقة الشرق الأوسط . إن الاختلاف التاريخى فى انتشار الإسلام فى جنوب شرق آسيا عبر التجارة بصورة أساسية عنه فى دول منطقة الشرق الأوسط وحتى حدود الهند التى دخلها الإسلام بالغزوات والحروب المباشرة جعل إسلام دول جنوب شرق آسيا لا يميل للعنف خاصة أن تلك الدول كان لها باع بالفعل قبل الإسلام فى ديانات إنسانية مسالمة مثل البوذية وبعض المذاهب الهندوسية . إن الكثير من دول شرق آسيا مثل ماليزيا وتايلاند وسنغافورة وحتى إندونيسيا تتسم بحالة من التعايش الغريب بين الإسلام والبوذية والمذاهب الهندوسية وهى حالة سلمية حتى وإن انتابتها تطورات عنيفة نادرة فى ميانمار والفلبين . الآن بدأت دول شرق آسيا تتميز عن منطقة الشرق الأوسط فى علمانية إسلامها ليس على الطريقة الغربية بفصل الدين عن الدولة ولكن بتجديد المفهوم الدينى ليناسب المجتمع دون تشدد ، فالأحوال الشخصية والمعاملات الاقتصادية فى تلك الدول - والتى هى عصب الحياة- تكاد تكون الآن قدوة لتغييرات الأحوال الشخصية والتعاملات الاقتصادية التى ستكون فى المنطقة العربية لإنها تتغير مع تغيرات العولمة العالمية ومع تغير المجتمعات ولا تميل إلى التعقيد الموجود فى منطقة الشرق الأوسط الذى يجعل المجتمع متشددا بصورة واضحة ، والتغيير ليس فى مجال الأحوال الشخصية والاقتصادية فقط بل امتد إلى السياسة أيضا ، فقد استطاعت حليمة يعقوب أن تصل إلى رئاسة سنغافورة وهى مسلمة وزوجها مسلم ولا يمثل المسلمون إلا سبع سكان سغافورة ، ومنذ أن بدأت حليمة رئاستها وهى توضح أن الإسلام فى شرق آسيا لا يتبع نهائيا الطريق المتشدد الشرق أوسطى بل طريق العلمانية الشرق آسيوية . أما الثقافة الإسلامية فهى محل دراسة العالم الآن فى جنوب شرق آسيا حيث بدأت البعثات التى أرسلت إلى الأزهر منذ سبعين عاما تؤتى ثمارها فى وصول الإسلام الوسطى والثقافة الوسطية الإسلامية إلى تلك المجتمعات سواءً على المستوى الشعبى أو المستوى الرسمى ، وأيضا كان للثقافة البوذية والهندوسية دور كبير فى جعل المسلمين هناك يهتمون بالحكمة والأمور الروحانية أكثر من الاهتمام بالصراع المذهبى ، ومع الحكمة والروحانية والسلمية والمسالمة يمكن للقواعد المذهبية أن تتغير قليلا فى إطار الدين لتناسب المجتمع لإن الهدف الأسمى لأى دين هو راحة الناس والمجتمعات ، فالمذاهب الإسلامية المختلفة والدراسات المقارنة للمذاهب الإسلامية التى تتم فى دول شرق آسيا جعلت كل الأمور الدينية فى كل العصور لها وجود تاريخى ، فالأحوال الشخصية متعددة التصورات عبر المذاهب المختلفة التى يمكن أن تناسب كل العصور ولا تحتاج إلى التشدد المذهبى – الوحيد غالبا- الذى تتميز به المجتمعات العربية الإسلامية .
إن الإسلام فى جنوب شرق آسيا والذى بدأ فى الظهور منذ القرن التاسع الميلادى وتطور حتى القرن السابع عشر الميلادى سوف يشهد صعودا كبيرا خلال السنوات القادمة مع وصول دول جنوب شرق آسيا إلى قمة العالم الاقتصادية خاصة مع وصول إندونيسيا إلى رابع أو خامس أقوى اقتصاد عالمى قبل عام 2035 وكذلك صعود مكانة تايلاند وماليزيا وسنغافورة وفيتنام ، ولا يجب ألا ننسى بالطبع صعود الهند إلى ثانى أو ثالث أكبر اقتصاد عالمى أيضا بعد عام 2035 ، حيث أن الإسلام الهندى أصبح إسلاما مختلفا عما نراه فى منطقة الشرق الأوسط فهو قد تأثر كثيرا بالهندوسية والبوذية والصوفية حتى لو أتى إلينا بالقرآنيين وبالأحمديين ومن قبلهم السيخ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الايمان بالترهيب والخوف من القتل ليس ايمانا!!
سهيل منصور السائح ( 2021 / 7 / 31 - 07:28 )
اخي الكريم بعد التحية. ان اسلام الاعاجم جاء نتيجة الغزو المسلح والارهاب وليس بالدليل والاقناع وكل ايمان باي مبدا ياتي بالقوة وليس بالدليل يبقى ايمانا شكلي وهذا هو اسلام الاعاجم لذى ترى ان الدول الاسلامية التي ذكرتها لا تعير اهتماما للاحكام الاسلامية لانها كانت تعتنق اديانا قبل اسلامها كـ البوذية والهندوسية ذات الطابع التسامحي وهذا ما جعلها تنحو للتسامح وما ايمناها بالاسلام الا من باب الوراثة لا غير ومن شب على شيء شاب عليه. اخي الكريم. ان القاء نظرة فاحصة على الدول العربية الاسلامية وبالاخص تلك التي كانت تحت الاحتلال الغربي قبل استقلالها لا تطبق الاسلام الا في الطقوس وهذا دليل واضح بان الدين اصبح هوية لا غير. ومما جعل الشعوب الاسلامية وبالاخص المثقفة منها ترفض الاحكام الدينية هي ثورة المعلومات التي كشفت المستور وما كان بسمى حقيقة سابقا اصبح خرافة.اخي الكريم دوام الحال من المحال والتطور هو سنة الحياة. اما المنظمات الاسلامية الارهابية التي ترغب باعادة الزمن الى القرن الاول الهجري فهذا وهم وغير قابل للتحقيق وان حاولت بالترهيب وجز الرقاب واليك ما حدث في سوريا والعراق وافغانستنن اكبر دليل.

اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل