الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-طريق الشعب- أول صحيفة عراقية تُطبع على الورق الخفيف!

سمير طبلة
إداري وإعلامي

(Samir Tabla)

2021 / 7 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


طبعت منظمة بريطانيا للحزب الشيوعي العراقي نسخاً من "طريق الشعب" للمرة الأولى على الورق الخفيف بعد تصغيرها لتصبح بحجم اليد الواحدة، والتي كانت تصلها من كردستان، حيث المقر الرئيسي لصدورها في ثمانينات القرن الماضي. ووضع الرفيقان الراحلان يعقوب قوجمان (ابو سلام) وكلير مشعل (أم حقي) كل امكانيات مطبعتهما في لندن تحت تصرف الحزب.
أوجز هنا طباعتها في كردستان:
عاد الرفيق الراحل عبدالرزاق الصافي (ابو مخلص)، له الذكر العطر دائماً، وكان حينها عضو المكتب السياسي للحزب، ومشرفاً على الإعلام المركزي للحزب في كردستان، أواسط العام 1985، من اجتماع لقيادة الحزب مع قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي)، ليعلمني ان الراحل طيب الذكر، أيضاً، فلك الدين كاكائي، عضو المكتب السياسي للبارتي، والكادر الشيوعي السابق، الذي بقى وفياً لشيوعيته حتى أيامه الأخيرة، اخبره بضرورة شراء طابعة آي بي أم، التي تطبع الحروف بأربعة احجام.
لمسؤوليتي عن مطبعة الحزب المركزية، كلفني الراحل ابو مخلص بالتوجه لمدينة الرضائية بالغرب الايراني، عبر قرية شنوة الإيرانية، التي تواجد للحزب مقر فيها مع مجموعة آلاي شورش المنشقة عن الاتحاد الوطني الكردستاني (اليكتي)، والقريبة، نسبياً، من مقر المكتب السياسي للحزب في خواكورك، بالاراضي العراقية، بالمثلث الحدودي العراقي – الإيراني – التركي.
وجدتها فرصة لعلاج بعض اسناني المنخورة! زيارة وتسيارة! منحني الرفيق الطبيب ابو كوران، له الصحة والسلامة، التقرير الطبي بضرورة معالجة اسناني، وتوجهت لقرية زيوة. ومنها اخذني رفيق مُكلف بالتوصل لمدينة الرضائية، التي تبعد ساعات عن قرية زيوة، للإطلاع على الطابعة المنشودة لشرائها. تذوقت، بلذة حينها، الجلوكباب، بعد حرمان 5 سنوات، قضيتها حتى ذلك الوقت بالحركة الانصارية!
وفي المحل الكبير نسبياً لبيع أدوات الطباعة، وكان يديره آذري، اطلعني على الطابعة المنشودة وسعرها بحدود الألف دولار، فوجدت بجانبها جهاز استنساخ (فوتو كوبي) له قابلية تصغير وتكبير النسخ المصورة. جربته لأهتفت بداخلي "وجدّتها!". وعدت مسرعاً لقرية زيوة بصحبة الرفيق المعني، كاتباً على عجل رسالة الى المكتب السياسي، اعلمه بأن الطابعة المنشودة جيدة، ولكن ما يهمنا تنظيم الداخل وتسهيل اموره، وجهاز الاستنساخ يخدمنا كثيراً لهذا الهدف. وذكرت تحفظي ان سعره (4 آلاف دولار) سيكلف الحزب مالياً. وأضفت ان طابعاتنا اليدوية تفي بالغرض. لأتلقى جواب المكتب السياسي العاجل بعد أيام، بخط يد الرفيق الراحل ابو مخلص، بالموافقة على شراء جهاز الاستنساخ.
طرتُ فرحاً بهذه الموافقة، وسارعت لشراء الجهاز مع مستلزمات طباعية أخرى، جاوزت كلفتها ما يقارب 6 آلاف دولار، ولم يفتْ صاحب المحل إلا ان يغشني ببعض المواد المنتهية الصلاحية، كعادة التجار في إيران، على ضحالة قيمتها!
وعالجت بعض اسناني المنخورة بالحشوة عند طبيب الأسنان، مع وجبة دسمة اخرى للجلو كباب! لأعود مسرعاً لمطبعة الحزب مع "كنز" يخدم رفاق الداخل، بعد ان اعدّدت صندوقاً خشبياً ضخماً (هودج) يناسب حجم جهاز الاستنساخ لحمايته اثناء النقل.
اوصلتني السيارة لآخر طريق سالك قرب الحدود العراقية – الإيرانية، حيث التقيت بمقر مؤقت للبارتي يقوده الراحل عبدالمهين البارزاني ( اصبح لاحقاً محافظاً لأربيل بعد 1991).
أعارني الراحل عبدالمهين بغلاً، بهدف نقل جهاز الاستنساخ، بعد ان قضيت الليلة مع بيشمه ركَته بالحديث الشيق، الذي لم يخلُ من "قفشات". إذ كنتُ اتحدث اللهجة الكردية البهدينية، بحكم تواجدي لسنوات بالمفارز القتالية بمنطقة بهدينان. إلا ان لكنتي كانت مشابهة للكنة مسيحيي بهدينان للكردية.
سألني - بالكردية طبعاً - أحد بيشمه ركَة حدك عن أصلي، فأجبته بأنني عربي من بغداد. فتح فاه متعجباً. وقال: "أقسم بالله انت مسيحي"، أجبته بعناد مازحاً "أقسم بالله انني عربي ومسلم!". فرد غاضباً كعادة الفلاح الكردي لإثبات رأيه: "اقسم مئة مرة بالقرآن، انت مسيحي". اجبته متحدياً ومازحاً بالطبع "أقسمُ مئة مرة بالقرأن، اني مسلم وعربي"، فاستشاط غضباً متحدياً "بالطلاق، انت مسيحي!". وجدت ان الأمر وصل للقسم بالطلاق، والفلاح الكردي يعني ما يقول هنا، فهدأت من إنفعاله للتنازل عن طلاقه(!): "أمزح معاك، رفيق. أنا مسيحي!" وأضفت بعبي "بس لا تطلق مرّتك، مروتك"!
وفي اليوم التالي، وبعد نزول حاد لجبل شاهق عدتُ، فرحاً، لمقر المكتب السياسي بخواكورك مع "الهودج"، لأستلم سلاحي وأعود لمقر الإعلام المركزي، الذي يبعد مسافة 3 ساعات مشياً عن مقر المكتب السياسي.
مبشراً رفاقي، منهم الراحلين طيبي الذكر أبداً: ابو مخلص، د رحيم عجينة وزوجته بشرى برتو. والاحياء لهم الصحة والسلامة وطول العمر مفيد الجزائري ورضا الظاهر ويحيى علوان وأخرين، بفائدة هذا الجهاز لرفاقنا بالداخل. لنسهر الليل على طباعة الجريدة على ورق (الرايز) الخفيف جداً. حشر جهاز الاستنساخ فإضطرّرنا لوضع الورقة الخفيفة مع ورقة اثقل منها ملاصقة لها. ونجحت الطباعة. لتصدر "طريق الشعب"، أول صحيفة عراقية تُطبع على الورق الخفيف وبحجم لا يتجاوز حجم الكف الواحدة (10X15 سم).
لتشهد اواسط عام 1985 طباعتها بالعراق، لأول مرة، بما يقارب المئة نسخة، وفي مقر الإعلام المركزي للحزب الشيوعي العراقي وفي الاراضي العراقية.
مجداً شهداء الصحافة الشيوعية العراقية!
ولتبقى "طريق الشعب" صوتاً مخلصاً وصادقاً و... مدوياً دفاعاً عن مصالح شغيلة اليد والفكر بعراقنا المنكوب!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تستحق عليه كل الثناء
طلال الربيعي ( 2021 / 7 / 30 - 21:31 )
انجاز بطولي ورائع وتستحق عليه كل الثناء!

اخر الافلام

.. فرنسا: القيادي اليميني المتطرف إريك زمور يتعرض للرشق بالبيض


.. وفد أمني إسرائيلي يزور واشنطن قريبا لبحث العملية العسكرية ال




.. شبكة الجزيرة تندد بقرار إسرائيل إغلاق مكاتبها وتصفه بأنه - ف


.. وزير الدفاع الإسرائيلي: حركة حماس لا تنوي التوصل إلى اتفاق م




.. حماس تعلن مسؤوليتها عن هجوم قرب معبر -كرم أبو سالم- وتقول إن