الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاطعة الأنتخابات: البديل الأضعف

محمد حسين النجفي
رئيس تحرير موقع أفكار حرة

(Mohammad Hussain Alnajafi)

2021 / 7 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أعلن السيد مقتدى الصدر مقاطعته للانتخابات القادمة، تبعه في ذلك الحزب الشيوعي العراقي. قراران يتسمان بالشجاعة، وتَحمل في طياتها إدانة واضحة لجدوى الانتخابات وللعملية الديمقراطية برمتها. وعلى الرغم من ان هاتين الحركتين في طبيعة تكوينها وأهدافها غير مُتجانستين، إلا انهما عملا معاً تحت سقف أئتلاف "سائرون" في الانتخابات الماضية، وحققا نجاحاً يُذكر. موقف كهذا يتطلب الجواب على السؤال الحقيقي: ما العمل بعد عدم المشاركة في الانتخابات؟
الكل يتفق من أن العملية السياسية ومنها الانتخابات، فاسدة ومنخورة حتى العظام، وأن الآمال في إحداث تغيير في تركيبة مجلس النواب المُقسم محاصصياً شبه مستحيلة. ولكن هل أن المقاطعة هي الحل الأفضل؟ للأسف الشديد لا اعتقد ذلك. لأن مقاطعة الانتخابات من قبل بعض الجهات، سوف يمنح الفرصة للجهات الأخرى ان تَستغل ذلك لتسد الفراغ، وبذلك ينحصر الأستحواذ على السلطات والثروات بأيادي أقل ويتركز الفساد بيد سلطة تكون منفردة بمقومات البلد.
الصدريون يختلفون عن الشيوعيون من حيث العدد والعدة والقدرة على التأثير على ما يجري في الحكومة والشارع، حتى ان لديهم اتصالات إقليمية سواء من خلال أجهزة الدولة او من خارجها. وفي النهاية سنرى ان الصدر والصدريين سوف يتراجعون، ويشاركون بالانتخابات لثلاثة أسباب: أولها لأن الآخرين سيطلبون منهم ذلك، فعلى سبيل المثال السيد الكاظمي اعلن عن اسفه لعدم مشاركة الصدر وهذا يعني مطالبته بأن يشارك. والسبب الآخر ان النواب الصدرين سيضغطون على الصدر للتراجع عن موقفه، فإن تعنت فإن غالبيتهم سوف ينشقون عنه ويرشحون تحت مكونات انتخابية جديدة بأسماء اخرى او يندمجون مع أئتلافات وقوائم مستعدة لأحتضانهم. أما السبب الثالث والمهم فإن عضوية مجلس النواب، إمتيازات وحصانة وحماية وتغطية، وليست واجب وطني كما هو مفروض. النيابة ليست وظيفة عالية الدفع والمخصصات فقط، وإنما شركة قابضة عملاقة للعديد من المشاريع والمقاولات والعلاقات والزيجات والسفرات والعلاجات، التي لا يمكن في اي حال من الأحوال ان يستغني عنها النواب الصدريين طواعية لوجه الله.
يبقى دور الحزب الشيوعي الذي يأخذ كل قراراته من مفهوم المصلحة العامة، والوطن اولاً، مناهضاً للفساد والمحاصصة والطائفية، التي لا تلقى استجابة في صناديق الأقتراع للأسف الشديد رغم تأييدها من قبل المثقفين والواعين. لذا يرى الشيوعيون ان حظهم محدود جداً ضمن ظروف قانون انتخابات يراعي فيه الأقوياء، ضمن بيئة معظم الأصوات توزع إما طائفياً او عرقياً او عشائرياً او مناطقياً أو بتفاعل عاملين او أكثر من هذه العوامل، وليس على اساس البرامج ألاقتصادية والأصلاحات ألاجتماعية ورفع مستوى التعليم والثقافة وتحسين الرعاية الصحية وتحقيق العدالة الأجتماعية والى آخرما ينادي به اليسار والتيار الديمقراطي العلماني والمخلصين في العراق.
إن مقاطعة الانتخابات من قبل بعض الأحزاب سوف لن تُلغي الانتخابات او حتى لن تُقلل من شأن نتائجها، لأنها سوف تمنح فرصة للآخرين للأستحواذ على مقاعد أكثر كما ذكرنا. واذا رجعنا للسؤال الأول: ما العمل وما هو البديل؟ ان الشيوعيين ومجموعة شباب تشرين، ما زالوا ينشطون في المطالبات والمظاهرات والوقفات ألاحتجاجية، وقدموا في ذلك العديد من التضحيات والشهداء خاصة في مدن بغداد والنجف والناصرية. إنه نشاطاً جماهيري له دور عظيم في خلق الوعي لدى الشباب، ولكنه لن يكون عاملاً حاسماً، إن لم تشارك به كل المحافظات من دهوك حتى الفاو، وبزخم عالٍ كما حدث في مصر عدة مرات. وهذا ليس مقدراً له ان يحدث حالياً لأنقسام الشارع العراقي قومياً وطائفياً بشكل مكبل للأيادي والعقول بأغلال حديدية للأسف الشديد.
أما الحل الآخر هو ان تستفاد مجموعة منْ هُم في السلطة حالياً، مع مجموعة من قطعات الجيش، وبأسناد خارجي، تغيير السلطة كما حدث سابقاً في مصر والجزائر وما يحدث حالياً في تونس. وهناك احتمالات قوية تشير الى إمكانية حدوث مثل هكذا حركة وتسمى تصحيحة وضد الفساد، وسيرحب الشعب بها ويفرح نتيجة يأسه من الواقع المرير، الى حين ما تنكشف الأوراق من جديد، ويعيد التاريخ نفسه.
لا يمكننا ان نستخف بالأسباب التي دعت الشيوعي أعرق الأحزاب العراقية، والكتلة الصدرية وهي اكبر الكتل البرلمانية، ولا يمكن ان نستنكر أو نؤيد قرار مفصلي كهذا، ولكن في اعتقادي ممكن ان نحاورهما، ونطرح رأينا المتواضع. في اعتقادي ان المشكلة الأساسية هي مجلس النواب، لأنه ليس سلطة تشرعية فقط، وانما سلطة تختار السلطة القضائية والتنفيذية أيضاً. فإن كانوا فاسدين فسيختارون من مثلهم. الحل ان يشارك الصدريون والشيوعيون والعلمانيون والمستقلون في الأنتخابات ويتعلمون كيف يفوزوا بمقاعد كافية للتحكم في البرلمان، او على الأقل يُكونوا كتلة معارضة قوية بشرط ان لا تشترك في السلطات التنفيذية كي تصبح رقيباً شعبياً على الدولة. معنى ذلك ان تنأى كتلة المعارضة عن ألاشتراك بأي منصب رئاسي او وزاري او حتى اداري عالي، كي تبقى قادرة على ان تقوم بدورها الإشرافي في التشريع والمراقبة والمحاسبة.

#الانتخابات العراقية #مقاطعة_الانتخابات #الصدريون #الشيوعي_العراقي #البرلمان_العراقي #محمد_حسين_النجفي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق


.. فرنسا: لا هواتف قبل سن الـ11 ولا أجهزة ذكية قبل الـ13.. ما ر




.. مقترح فرنسي لإيجاد تسوية بين إسرائيل ولبنان لتهدئة التوتر


.. بلينكن اقترح على إسرائيل «حلولاً أفضل» لتجنب هجوم رفح.. ما ا




.. تصاعد مخاوف سكان قطاع غزة من عملية اجتياح رفح قبل أي هدنة