الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقليلية في الشعر : مقدمة تعريفية

محمد نجيب السعد

2021 / 7 / 31
الادب والفن


تعود أصول الشعر التقليلي إلى المدرستين التصويرية والموضوعية في الشعر، وأكتملت الكثير من ملامح هذا النوع من الشعر في ستينيات القرن المنصرم من خلال أعمال شعراء مثل روبرت لاكس وآرام سارويان وروبرت جرينير . لم يحظى الشعر التقليلي إلا بالقليل من الاهتمام في النقد بشكل عام والعربي بشكل خاص. أستخدم الشعر المعاصر مجموعة متنوعة للغاية من الأساليب ،ويكاد يكون من المؤكد أن الشعر التقليلي يتداخل مع تلك الأساليب وكتبه شعراءٌ كتبوا أيضاً في أساليب وأغراض أخرى . ومع ذلك ، فإن مصطلح "الشعر التقليلي " قليل الأستخدام ويتابعه عمل نقدي محدود جداً بالمقارنة مع الأساليب الشعرية الأخرى . على سبيل المثال وصف آرام سارويان ، ولعله أشهر شاعر تقليلي ، نفسه في مذكراته "أصدقاء في العالم" (2012) في الستينيات بأنه "شاعر تقليلي متفان" . بالإضافة إلى ذلك ، فإن قصائده الشعرية التقليلية التي كتبها في الستينيات والسبعينيات ظهرت في ديوان عام 2007 تحت عنوان القصائد التقليلية الكاملة . غالبًا ما يستخدم النقاد المصطلح ولكن دون الكثير من التركيز عليه. على سبيل المثال ، في مقدمته لأعمال بيتر أنمان P. Inman ، كتب كريغ دوركين يقول أن روبرت جرينير هو أحد الشعراء التقليلين . يلاحظ رون سيليمان أيضًا أن شعر جرينير يمكن وصفه على أنه شعر تقليلي . ويضيف أن مجموعة جرينير الموسومة جمل المجموعة (1978) ، إن "إزالة السياق" يفسر "تقليلية هذه القصائد " . يشير توم أورانج إلى أن مجموعة كوليدج المعنونة فضاء (1970) عبارة عن سلسلة من "التجارب في الشعر التقليلي " . يعتبر ريتشارد كوستيلانيتز الشاعر روبرت لاكس "من بين أعظم شعراء أمريكا التجريبيين ، وهو شاعر تقليلي حقيقي يستطيع نسج قصائد رائعة من كلمات قليلة بشكل ملحوظ" ، بينما يرى سيغريد هوف ، في سيرته لروبرت لاكس أن لاكس يكتب "قصائد تقليلية خالية من كل شيء الا الاساسيات .
إن الاهتمام المحدود بالشعر التقليلي قد يعود الى ثلاثة أسباب رئيسية :شعبيته المحدودة وغياب أي بيان أو مدرسة وصعوبة تحديد خصائص الأسلوب. أن تدني شعبية الشعر التقليلي لا تعود الى كره القراء له بل الى جهلهم به والدليل أن كبار الأسماء في هذا النوع من الشعر أمثال سارويان وجرينير ولاكس هم بالكاد أسماء مألوفة بالمقارنة مع الشعراء الأخرين وكذلك بالمقارنة مع التقليليين في الفن و الموسيقى . إلا إن الوضع بدأ يتغير إلى حد ما مع نشر بعض الكتب النقدية المهمة حول الشعر التقليلي . ومن أهم هذه الكتب النقدية الدراسة التي وضعها مارك بوتا بعنوان نظرية للتقليلية (2017) ، التي تستند الى أطروحة الدكتوراه قدمها في العام 2011 ، وفيه يستكشف مجموعة متنوعة من الأعمال التقليلية بضمنها الشعر التقليلي . تتضمن أطروحة دكتوراه كارين ألكساندر "التقليلية في الكتابة الأمريكية في القرن العشرين" (2005) فصولًا تتناول روبرت كريلي وجرينير وسارويان ولاكس. علاوة على رسالة الدكتوراه التي كتبها الشاعر التقليلي جيمس ديفيز وتضمنت جزئين الأول مجموعة من القصائد التقليلية مشفوعة في الجزء الثاني بدراسة نقدية .في حين تدرس سلسلة التدوينات لكيرتس فافيل تحت عنوان التقليلية أهم الشعراء التقليليين. توجد بعض المقالات القصيرة الأخرى حول هذا الأسلوب مثل كتاب كارل يونغ ، بالإضافة إلى كتاب بوب كروغمان ، والذي يدرس الشعر التقليلي من وجهة نظر بصرية. علاوة على ذلك مقال جان بايتنس الذي يفترض أن الشعر التقليلي في كينونته يعتمد على الفلسفة مما أدى الى فشله .
بالأضافة الى عدم وجود بيان شعري تقليلي عمد الشعراء التقليليون الى عدم أستخدام المصطلح الا في حالات قليلة .على سبيل المثال سارويان الذي استخدم مصطلح تقليلي في عنوان ديوان له ذكرناه سابقاً، ويقول يونغ: "لقد بلغ شعري نضجه في الستينيات ، ومثل كثيرين آخرين كتبت الشعر التقليلي" . لكن آخرين يتجنبون الأشارة الى المصطلح . على سبيل المثال ، عندما سُئل لاكس عن شعره قال: "لا أسميه شعراً تشكيلياً Concrete . وصف أحدهم بعض قصائدي بأنها "مجردة". أرى ذلك مناسباً "
يؤكد جان بايتنس أن الشعر التقليلي ليس معروفًا كثيراً. وهو يعتقد أن الأسلوب معيب بطبيعته لأن الشعر التقليلي لا ينجح أبدًا في تحديد" معاييره الأساسية "بسهولة مثل الفنون التشكيلية" ، وبالتالي ليس له حضور واضح. تبدو وجهة النظر هذه معقولة بالنظر إلى مدى ندرة تعامل الدراسات النقدية مع الشعر التقليلي . ومع ذلك ، فإن الأمر الأكثر إثارة للجدل هو أنه يعتبر أيضًا أن الشعر التقليلي " خادم الفلسفة" ويعتقد أنه لا يمكن فهم الشعر التقليلي بشكل تجريبي . ومع ذلك ، فإن العلاقة بالفلسفة تبدو غريبة . صحيح أن الشعر التقليلي يحتوي على العديد من ( الفلسفات) ، ربما أكثر من أي نوع آخر من الشعر ، بسبب طبيعته المفتوحة ، الا أن الشعر يبقى هو الأصل لا التابع أو الخادم لتلك الفلسفات . وبشكل عام لا تعتمد القصائد التقليلية على المعرفة السياقية الخارجية من أجل فهمها ،على العكس من بعض القصائد التي تتطلب من القارئ إجراء بعض الأبحاث من أجل فهم النص، وهي في العادة متوفرة بكثرة ، كما يحدث مثلاً مع قصيدة الأرض اليباب لأليوت. أو أن بعض الشعراء يوظفون الهوامش لتزويد قراءهم ببعض المعلومات السياقية . ناهيك أن العديد من القراء يميلون إلى التعامل مع الشعر التقليلي دون أمتلاك أرضية تسهل عليهم التعامل مع هذا النوع من الشعر ،لكن هذه مشكلة ثقافة عامة ولا علاقة لها بالأسلوب.
في حين أنه من المفيد لكتابة الشعر التقليلي وقراءته وجود مجموعة من القواعد ، فإن وضع تعريف محدد للشعر التقليلي مع رسم تأريخ واضح له مفيد بشكل كبير خاصة في أطلاع القراء على هذا الشعر و شعراءه . يمكن الأستشهاد في هذا الصدد بما كتبته مارجوري بيرلوف في موسوعة برينستون الجديدة للشعر والشعرية (1993) تحت عنوان التقليلية، هو الخطاب النقدي الوحيد المنشور حول هذا الموضوع في ذلك الوقت. تبدأ المقالة بتعريف للمصطلح " التقليلية هي مبدأ الاختزال المتعمد ، سواء بالاسلوب او المعنى ، فيما يتعلق بحجم أو مقياس أو نطاق نص شعري معين ". ربما كانت بيرلوف تفكر بقصيدة عزرا باوند المعنونة "في محطة مترو ":
أطياف هذه الوجوه في الزحام؛
بَتَلاتٌ على غصنٍ رطب أسود.
عن هذه القصيدة يقول باوند" "كتبت قصيدة من ثلاثين سطراً ، وأتلفتها لأنها كانت عملاً تعوزه ما نسميه شدة ثانوية . بعد ستة أشهر كتبت قصيدة بنصف هذا الطول ؛ و بعد عام ، كتبت قصيدة من جملة واحدة على طراز الهوكو ". الا أن الأختزال ليس خاتمة المطاف .فقد أضافت بيرلوف أفكارًا حول ما يمكن أن تعنيه التقليلية الشعرية : “التقليلية ليست مصطلحًا يستخدم للإشارة إلى أي قصيدة قصيرة: فهو لا يطبق ، على سبيل المثال ، على الهايكو أو الإبيغرام. أن التقليلية مصطلح أطلق في وقت متأخر من القرن العشرين على قصائد ترى أن القلة والشدة وقول القليل عندما تتوفر فرصة لقول الكثير والاختزال هي رموز للأصالة الشعرية.”
يمكن الوصول الى هذه المواصفات من خلال التخلي عن الصفات والأستعارات وتقديم الأشياء كما تبدو في الواقع.يصف لاكس في مذكراته عملية كتابة قصيدة بأنها"البحث والتسمية والنظر والتسمية،لا أكثر من ذلك". بليك موريسون في مقال له عنوانه "دفاعًا عن التقليلية " (1976) ُعرِّف الشعر التقليلي على أنه شكل قصير لا يُتوقع من القارئ أن ينشغل فيه كثيراً بلغة القصيدة . أضاف موريسون أن: مساهمة الستينيات الحقيقية في تقليلية ما بعد الحرب ، جاءت على يد عدد من الشعراء - إيان هاميلتون ، وديفيد هارسنت ، وهوجو ويليامز ، ومايكل فرايد ، وكولين فالك ، ومن دوجلاس دن وبيتر ديل. بالنسبة لموريسون ، فإن تقليلية هؤلاء الشعراء تتميز بـ "قلة الكلام" التي تشبه تقليلية صموئيل بيكيت. ومع ذلك ، على عكس أعمال بيكيت ، فإن هؤلاء الشعراء لا يولون أهمية كبيرة للغة. علينا أن نتذكر أن التقليلية كانت إلى حد ما في مهدها عندما كتب موريسون مقالته. بالنسبة لموريسون ، يتميز الشعراء الذين درس أعمالهم بـ "الإيجاز". كما أنهم لا يستخدمون "جرأة شعرية في غير محلها". يبدو أن موريسون يفهم الوظيفة الأساسية للشعر ، بغض النظر عن العصر ، في نقل المعلومات . يعتقد أن التقليلية ناتجة عن معلومات من تجارب شخصية صغيرة تستدعي شكلاً قصيرًا – مما يعني أن الموضوع الذي يكتب عنه الشعراء التقليليون لا يستحق الكثير من الاهتمام. وهو يستشهد بقصيدة "حظر التجول" لإيان هاميلتون:
انه منتصف الليل
وبيتنا الصامت يستمع
إلى آخر أصوات الناس الراجعين إلى منازلهم.
نستلقي بجانب النافذة ذات الستارة
نتساءل
لماذا فعلوا ذلك .
تعتقد فيرونيكا فورست طومسون ، وهي تتحدث عن القصائد المكتوبة على شاكلة "حظر التجول" أن العديد من القصائد المعاصرة لا تتطلب منا سوى إدخال القصيدة في عالم خطاب معروف ، واعتبارها انعكاسًا لمشاكل مألوفة المعايير، وبسبب العمل التفسيري الذي فرضته ، ونمنحها هيئة تأمل عميق من نوع ما.
لا تشجع "حظر التجول" قراءها على استكشاف اللغة المستخدمة في القصيدة. علاوة على ذلك ، لا يبدو السياق مهمًا بشكل خاص ، بل إن الغرض الرئيسي من "حظر التجول" هو الاعتراف بـ "التأمل العميق" للشاعر وحساسيته وعبقريته (على الرغم من أن هذه الحساسية والعبقرية غير واضحة جداً ). قال موريسون شيئا مشابهاً ل "حظر التجول":هذا هو نوع القصيدة التي كما قال لاركن ، "لا تترك المجال لأي شيء يقال " ، ومن المحتمل أن لا تسر القراء الذين يتعاملون ذهنيًا فقط مع الشعر ، حيث يستمدون متعتهم من التعامل مع الأعمال الشعرية المعقدة .
يعتبر مقال موريسون مثالاً واضحاً على مطاطية مصطلح الشعر التقليلي . يعتقد ديفيز أن الشعر التقليلي يتطلب درجة أكبر من التعامل مع اللغة مما تتطلبه قصيدة مثل "حظر التجول". " ما أُسميه الشعر التقليلي يتألف من الأسماء الملموسة والكلمات اليومية والجمل البسيطة (وكذلك الجمل المتشظية أو تلك التي تعاني من خلل قواعدي ) ، والتي لا تستخدم المجاز ، والتي ليس لها سياق واضح ومع ذلك تسمح ببناء سياق بسهولة. يرى ديفيز أن قصيدة "حظر التجول" هي "قصيدة قصيرة" . ويضيف أن الشعر التقليلي يظهر إهتمامًا متزايدًا بالكلمات وكذلك الصور مما يؤدي الى زيادة التركيز على الدلالات المادية بالإضافة إلى المدلول . بمعنى آخر أن "الاهتمام المتزايد" يخلق شكلاً من أشكال البطء والأستقرار " ؛ على سبيل المثال ، وفقًا لهوف ،نجد في كثير من شعر لاكس إن وضع "سطور قصيرة للغاية كلمة لكلمة ، مقطع لمقطع ، أحدهما تحت الآخر ... يجبر القارئ على التباطؤ" . بالنسبة لراتكليف ، "أحد أسباب تحقيق البطء هو زيادة المسافة بين الكلمات في سطر معين" . وهذا يعني أنه في الشعر التقليلي ومهما كان الأسلوب المستخدم يتوفر للقاريء الوقت المناسب للبطء والاستقرار .
حاول بعض الشعراء التقليليين جعل الدال هو المحور الوحيد للقصيدة ، حيث تكون وظيفة الدال أستبطانية أو أن تُقرأ بالعلاقة مع دلالات أخرى ، على مستوى مادي بحت. يمكن أن نجد بعض الأمثلة في ديوان كووليدج المعنون "فضاء". حيث نقرأ على غلاف الديوان "" للوهلة الأولى ، تبدو قصائد كلارك كوليدج وكأنها أستعراضات مستغلقة لكلمات تبدو وكأنها غير مترابطة رتبت على الصفحة في أنماط لا معنى لها . لكنك أن واصلت القراءة يصبح للقصائد فعالية غريبة ، وفي النهاية تبدأ في رؤية الكلمات نفسها بطريقة جديدة ومبهجة تمامًا." أن تراكيب كوليدج مختزلة ، وتركيبها النحوي غير موجود . هذا يترك انتباهنا مفتوحًا للطرق التي يمكن أن تصبح بها الكلمات أدوات لنظام مرئي وترتيب صوتي مجرد ولكن ليس بلا معنى. ما يحدث هنا هو انعكاس لتجربة القراءة العادية. يعود العقل إلى التجربة الموحدة للكلمات كبنية. تدعونا تجارب كوليدج إلى اعتبار الكلمات كأشياء ، ككائنات ذات أنماط موجودة خاصة بها لا يمكن تفسيرها الا إنها رائعة " يتشجع القارئ ، وربما الكاتب ، على قبول الكلمات كحقائق مادية. ربما يركز القارئ على الخصائص الطباعية والخطية والصوتية للقصيدة ، أو لا يعبأ بتلك الأشياء مطلقاً بحيث أن القصيدة لا تقول شيئاً. يتناول مقال ستيف ماكافري "موت الموضوع " (1977) بعض قصائده بالإضافة إلى تلك التي كتبها آخرون والتي يمكن أن يطلق عليها عمليًا قصائد تقليلية .يقول مكافري أن " من خلال التخلص من الترسانة النحوية للغة ، وتحرير الأجزاء لتكون مستقلة ، ودعوة القارئ ليصبح جزء من جوهر النص تشّرع أبواب الاحتمالات الكاملة للغة على مصراعيها." بالنسبة لمكافري ، فإن الترسانة النحوية تخفي اللغة عن عمد مما يجعل النص الشعري وعاء للمعلومات التي تنتقل من الكاتب الى القاريء. يقترح ماكافري بديلاً يتم فيه استخدام اللغة بطريقة غير تقليدية وتجريدها من "ترسانتها " مما يؤدي إلى نصوص تتطلب مشاركة القراء إلى الحد الذي يجعلهم يدركون "جوهر النص" - الوجود كلغة ، كقصيدة - ويصبحوا صانعي المعنى. بالنسبة إلى ماكافري ، تركز هذه الكتابة على "الدال بدلاً من المدلول ".
كما قلنا تعود جذور الشعر التقليلي الذي يركز الانتباه على كل من الدال والمدلول الى التصويرية و الموضوعية . في مقالته المعنونة "التصويرية " يتذكر فلينت البيان التصويري كما صاغه عزرا باوند و هيلدا دوليتل وريتشارد أدلينجتون ، خاصة الأشارة الى أن الشعر يجب أن يكتب بأستخدام "المعالجة المباشرة لـ" الشيء "، سواء أكان ذاتيًا أم موضوعيًا" وأن الشعراء يجب "ألا يستخدموا مطلقًا أي كلمة [لا] تساهم في المعالجة ". في نفس العدد من مجلة شعر طالب عزرا باوند في مقالته عن الأشياء التي يجب على الشاعر التصويري الا يفعلها بالامتناع عن استخدام تعبير مثل" أراضي السلام القاتمة " لأنها تجعل الصورة باهتة. وتمزج التجريد بالملموس . إنها تنبع من عدم إدراك الكاتب أن الموضوع الطبيعي هو دائمًا الرمز المناسب ". يشير ويليام كارلوس ويليامز إلى مسألة مماثلة في قصيدته "الربيع والجميع" عام 1921 - وهي قصيدة طويلة مكتوبة بمزيج من الشعر والنثر - " أن تكرار الشيء دون تسميته سيلبد الأحساس و يقود الى الأحباط . بعبارة أخرى ، يقترح باوند ووليامز أن الشعر يجب أن يخلو من اللغة المجازية . ومع ذلك ، لم تكن كل القصائد التصويرية قادرة على تحقيق هذا الهدف. كما يشير السكندر: "كما هو الحال مع أي حركة ، لم يرق الشعر التصويري دائمًا إلى المعايير التي حددتها بياناته" . ومع ذلك ، هناك عدد من القصائد الناجحة للغاية كتبت تحت راية التصويرية . قصيدة باوند "في محطة مترو" - التي نوقشت سابقًا - هي رمز من رموز التصويرية . السطر الأول من القصيدة " أطياف هذه الوجوه في الزحام "، إذا أفترضنا على أنه لا يحمل أي علاقة واضحة بالسطر الثاني - يمثل المعالجة الذاتية ، بسبب كلمة أطياف . في حين أن السطر الثاني " بَتَلاتٌ على غصنٍ رطب أسود" يمكن اعتباره علاجًا موضوعيًا ، حيث قد يصف السطر شيئًا موصوفًا حرفيًا وليس مجازيًا. علاوة على ذلك ، فإن الفاصلة المنقوطة في نهاية السطر الأول ربما يشير الى أن السطر الثاني هو استعارة توضح ما حدث من قبل. وبغض النظر عن هذه العيوب المحتملة في القصيدة - فيما يتعلق بالأجندة التصويرية - يتجلى الغموض والتعقيد في اختيار مدروس للغة من جانب باوند يسمح في قراءة القصيدة على مستوى الدال والمدلول.
تشابهت أفكار الموضوعيين كثيراً مع أفكار التصويريين . في مقالته "الإخلاص والموضوعية" ، يصف لويس زوكوفسكي الشعر الموضوعي بمصطلحات مشابهة للشعر التصويري : يجب أن يكون الشعر صادقًا وغير درامي ، ويجب أن يفكر الشعراء "بالأشياء كما هي موجودة". يقدم تشارلز ألتيري بعد ذلك تفسيراً أكثر وضوحاً للموضوعية في مقالته "التقليد الموضوعي" في حين أن التصويرية تهدد بجعل كتابة الشعر مجرد وظيفة وصفية لصنع صور إدراكية" كان الموضوعيون قادرين على تحويل "التقنيات التصويرية إلى أساليب تستند إلى مفاهيم المجال والقياس و" الشكل المفتوح "في خدمة مبادئ الإخلاص والموضوعية" . بالنسبة إلى تشارلز ألتيري يتحقق "التحرير" من خلال إستراتيجية التأليف ، ولا سيما الكولاج ، الذي "يُمكِّن الصور من أن تصبح شكلاً من أشكال التفكير" . يعتقد ألتيري أنه من خلال استخدام قصائد الكولاج يمكن أن يكون لها "أبعاد ترابط معقدة " وبالتالي فهي مقاومة للتفسيرات المحدودة. تشترك التصويرية والموضوعية في عدم الثقة بشاعرية تسعى جاهدة من أجل "التوليف الديالكتيكي" .
قصيدة ويليامز "خطوط" المنشورة عام 1921 هي واحدة من أنجح قصائده وتجسد أهداف التصويرية و الموضوعية :
خطوط
الأوراق خضراء باهتة ،
الزجاج مكسور ، أخضر زاهي .

تحاول القصيدة أن تكون صادقة ، بدلاً من أن تكون مجازية / رمزية. ليس من الواضح تمامًا ما يعنيه ويليامز في القصيدة - الغموض موجود عمدًا وهو جزء من صدق القصيدة. تحول المسؤولية إلى القارئ الذي، بدلاً من أن يلعب دور المحقق ويكشف عن مجموعة مشفرة من المعاني ، يحدد معنى خاص به ويخلق معنى بديلاً للقارئ والكاتب كشريكين متساوين ومتزامنين داخل منتج لغوي .
تتوقف "خطوط" على الطريقة التي يتعامل بها القارئ مع أدوات التنقيط بين الأسطر. تؤثر هذه الأدوات على كيفية إدراك اللون اعتمادًا على تصورنا للشيئين - "الأوراق" LEAVES و "الزجاج" GLASS - حيث يمكن أن يكون الزجاج إما وعاء للشرب أو الزجاج بشكل عام.
يمكن تحليل القصيدة بالطرق التالية:
• الأوراق "خضراء باهتة " اللون. الزجاج "أخضر زاهي ".
• يُنظر إلى الأوراق في البداية على أنها "باهتة " ولكن بعد تفكير من المتكلم (أو بعد تغيير الضوء) فهي "خضراء". والزجاج "أخضر زاهي".
• يُنظر إلى الأوراق في البداية على أنها "باهتة " ولكن بعد تفكير من المتكلم (أو بعد تغيير الضوء) فهي "خضراء". الآن ، بعد مزيد من التفكير ، تصبح الأوراق "خضراء زاهية". لون الزجاج غير معروف.
• هناك أوراق مختلفة - بعضها "باهت" ، وبعضها "أخضر" والبعض "أخضر زاهي". لون الزجاج غير معروف.
•الأوراق "خضراء باهتة" ، الزجاج مكسور. ينتج هذان الجسمان معًا "اللون الأخضر الزاهي ". لون الزجاج غير معروف.
أن غموض ويليامز النحوي - بطريقة مشابهة للكولاج - يخلق "أبعادًا ترابط معقدة " . هذه النتيجة ، إضافة إلى إيجاز القصيدة ، تجعل هذه القصيدة واحدة من أوائل القصائد التقليلية .
في حوالي الستينيات من القرن الماضي ، كُتبت مجموعة ضخمة من القصائد التقليلية بشكل منتظم من قبل العديد من الشعراء بما في ذلك لاكس وكريلي وسارويان وكوليدج وجرينير . يقول إدوارد ستريكلاند في كتابه المعنون أصول التقليلية (2000) أن التقليلية الفنية والموسيقية ظهرت قبل التقليليات الأخرى " التقليلية الأدبية ظهرت بعد ذلك ، في أواخر الستينيات والسبعينيات. تأثرت الأعمال المبكرة لسام شيبرد بالجمالية التقليلية ، وكذلك الشعر التقليلي " . عادةً ما يكون الشعر التقليلي لكل من لاكس وكريلي وسارويان وكوليدج وجرينير وأندريه قصيرًا جدًا ، ويستخدم لغة يومية شائعة ، ومفتوحًا للغاية من حيث السياق ولكنه سياق غني أيضًا. إن أقصر نوع من القصائد التقليلية القصيدة المكونة من كلمة واحدة . خصص العدد 25 من مجلة الشاعر والفنان التقليلي إيان هاميلتون فينلي Poor Old Tired Horse (1967) لهذا النوع من القصائد . تحتوي قصائد تقليلية أخرى على أكثر من كلمة واحدة. يعتقد أنه كلما قل عدد الكلمات المستخدمة في القصيدة التقليلية كلما كان السياق أكثر انفتاحًا. بمعنى أخر "الأقل هو الأكثر". بعض القصائد التقليلية تستخدم جملة واحدة ( الجملة / القصيدة ). لا يزال الشعر التقليلي يكتب من قبل الكثيرين اليوم و ما زال يتطور . في الآونة الأخيرة ، كما هو الحال مع جميع أنماط الشعر الأخرى، استخدم الشعراء المعاصرون التقنيات الرقمية كوسيلة لاستكشاف الشكل.
Saroyan, Aram (2012). Friends in the World: The Education of a Writer. An Air Book .P.44
Saroyan, Aram.(2007) Complete Minimal Poems. Ugly Duckling.
Dworkin, Craig.(2013)((No Medium. MIT. xiii
Silliman, Ron. ( 1997) The New Sentence. Roof. P 87 . quoted in: http://writing.upenn.edu/library/Silliman-Ron_The-New-Sentence.pdf . Accessed 2/7/2021
Orange, Tom. (2013)“Afterword.” A Book Beginning What and Ending Away, by Clark Coolidge, Fence Books.P.517
Kostelanetz, Richard( 1999). “On Robert Lax.” ABCs of Robert Lax, edited by David Miller and Nicholas Zurbrugg, Exter, Devon, England : Stride Publications. pp. 183.quoted in
http://labos.ulg.ac.be/cipa/wp-content/uploads/sites/22/2015/07/alexander.pdf . Accessed on 4/7/2021
Hauff, Sigrid(2007). A Line in Three Circles: The Inner Biography of Robert Lax. Waitawhile. PP 94
See for example James Meyer(2001) Minimalism Art and Polemics in the Sixties Kenneth Baker (1991) Minimalism: Art of Circumstance K. Robert Schwartz (1998) Minimalists (20th Century Composers) Wim Mertens (1998) American Minimalist Music.
Botha, Marc(2017 ) A Theory of Minimalism. Bloomsbury, 2017.
Alexander, Karen. “Minimalism in Twentieth Century American Writing.” PhD thesis. UCL, 2015. Quoted in Davies (2013).
Davies, James (2013) Stacks: Minimalist Poetics. PhD thesis. Univ. of Roehampton. أعتمدت كثيراً على هذه الدراسة في إعداد المقال https://pure.roehampton.ac.uk/ws/portalfiles/portal/1004929/Davies_James_Final_Thesis.pdf

Faville, Curtis. “Minimalism.” Compass Rose.
https://www. compassrosebooks.blogspot.co.uk/2009/02/minimalism-as-ultimate-conceit-part1.html. Accessed 30 April 2021
Young, Karl. “MINIMALISM AND ITS EXPANSIONS." The Thing.
https://www.thing.net/~grist/ld/young/ky-mnml.htm. Accessed 19 May 2021.
Grumann, Bob. “MNMLST POETRY”. The Thing.
https://www.thing.net/~grist/l&d/grumman/egrumn.htm. Accessed 20 May 2021.
Baetens, Jan. “Enough of This So-Called Minimalist Poetry.” SubStance, vol. 34, no. 2, January. 2005, pp. 66–74.
Young, https://www.thing.net/~grist/ld/young/ky-mnml.htm.
Davies PP 114
Baetens PP 70
Perloff, Marjorie(2012) . “Minimalism.” The New Princeton Encyclopedia of Poetry and Poetics. Princeton University Press, pp. 788-789
Pound, Ezra (1913) In a Station of the Metro. https://www.poetryfoundation.org/poetrymagazine/browse?contentId=12675. Accessed 23/7/2912
Pound . Vorticism.” The Fortnightly Review. https://www.fortnightlyreview.co.uk/vorticism. Accessed 1 July 2021.
Perloff PP 788
Hauff PP 125
Morrison, Blake. “In Defence of Minimalism: (Henry Reed).” Critical Quarterly, vol. 18, no. 2, 1976, pp. 43–52. https://ar.booksc.org/book/15253943/8bffd5.Accessed 23/7/2012
Hamilton-Finlay, Ian (ed.). “Poor Old Tired Horse number 25.” https://ubutext.memoryoftheworld.org/vp/POTH033_poor_old_tired_horse_25.pdf Accessed 24/7/2021 .
Forrest-Thompson, Veronica. (2016) Poetic Artifice. Shearsman, PP 99.
Morrison PP 49.
Davies PP 125
Haufe PP 123
Ratcliffe, Stephen.(2000) Listening to Reading. SUNY, PP 60
Coolidge, Clark. (1970) Space. New York, Harper & Row. http://eclipsearchive.org/projects/SPACE/ Accessed 12/6/2021
McCaffery, Steve. “The Death of the Subject: Implications of Counter-Communication in Recent Language-Centered Writing,” Davies PP 117-118
Flint, F. S. “Imagisme.” https://archive.org/details/jstor-20569729/page/n3/mode/2up Accessed 3/7/2021
Pound. “A Few Don’ts by an Imagiste.” https://www.poetryfoundation.org/poetrymagazine/articles/58900/a-few-donts-by-an-imagiste
Williams, William Carlos. (2000) Collected Poems Volume 1. Carcanet.
Alexander, PP 19
Zukofsky, Louis. “Sincerity and Objectification.” https://www.jstor.org/stable/20577923 Accessed 6/7/2021
Altieri, Charles.(1979) “The Objectivist Tradition.” Chicago Review, Vol 30, no. 3, pp. 5-22. Rpt. The Objectivist Nexus, eds. Rachel Blau DuPlessis and Peter Quartermain (1999): 25-36.
Williams PP 159
Altieri PP 13
Strickland, Edward. (2001) Minimalism: Origins. Indiana University Press.
Hamilton-Finlay, Ian (ed.). “Poor Old Tired Horse number 25.” https://ubutext.memoryoftheworld.org/vp/POTH033_poor_old_tired_horse_25.pdf. Accessed 12 June 2021.
For example Walker, Nathan. “Action Score Generator.” Nathan Walker. https://www.nathanwalker.co.uk/actionscoregenerator. Accessed 23 March 2021.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا