الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس: أسبوع على قرارات 25 يوليو

سعيد هادف
(Said Hadef)

2021 / 8 / 1
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


مضى أسبوع على تونس 25 يوليو، أجرى خلالها قيس سعيد جملة من التصريحات السياسية المطمئنة للداخل وللخارج، وجملة من النداءات ذات البعد التضامني الاجتماعي كما أجرى بعض التغييرات في بعض المناصب وعين وزيرا للداخلية ونجح في كسب الدعم الشعبي والأممي.
إن ما أقدم عليه الرئيس التونسي كان خطوة غير متوقعة. فبعد شهور من الانسداد السياسي، وتعاظم احتجاجات الشارع، ماذا كانت تنتظر الطبقة السياسية في تونس، وعلى رأسها المشيشي رئيس الحكومة والغنوشي رئيس مجلس النواب؟
بعد انسداد قنوات الحوار، وتدهور الوضع الاقتصادي والصحي للبلاد، وتحول جلسات البرلمان إلى حلبة صراع؛ كان لابد من فعل شيء ما، كأن يستقيل الرئيس قيس سعيد مثلا، أو يستقيل رئيس الحكومة، أو يستقيل رئيس مجلس النواب.
الرأي العمومي التونسي كان ينتظر حدثا يخرجه من حالة الترقب التي طالت، وعبّر الشارع عن غضبه عبر عدد من الاحتجاجات وأدلت تنظيمات سياسية وحقوقية ونقابية برأيها في ما آل إليه وضع بلدهم، وكان لابد أن يحدث شيء ما.
لقد تعطلت لغة الحوار بين مؤسسة الرئاسة والمؤسستين: التنفيذية والتشريعية، وكانت كل مؤسسة تنتظر من الأخرى أن تبادر إلى فعل شيء ما، ربما كان البعض يراهن على استقالة رئيس الدولة قيس سعيد، لكن قيس سعيد ظل يتحرك بحثا عن مخرج من المأزق الذي أنتجته ظروف تجاوزت إرادة كل صانعي القرار في تونس، فكان الذي كان.
كان الاجتماع الطارئ بقصر قرطاج (25 يوليو)، ليعلن قيس سعيد أنّه قرّر "عملاً بأحكام الدستور، اتّخاذ تدابير يقتضيها (..) الوضع، لإنقاذ تونس، لإنقاذ الدولة التونسيّة ولإنقاذ المجتمع التونسي".
اتّخذ الرئيس التونسي قيس سعيّد قراراً بتجميد كلّ أعمال مجلس النوّاب، معلناً أنّه سيتولّى السلطة التنفيذيّة.
قرارات الرئيس التونسي جاءت في يوم الجمهورية التونسية، وهو يوم تقليدي للاحتفال والاحتجاج في جميع أنحاء الدولة، كما جاءت في ظرف سياسي محتقن ووضع اقتصادي متدهور، وحالة نفسية متأزمة جراء جائحة كورونا.
وفي تونس العاصمة، ورغم حواجز الشرطة المنتشرة على مداخل العاصمة ووسط المدينة، تجمّع مئات الأشخاص بينهم كثير من الشبّان، أمام البرلمان.وردّدوا شعارات معادية للتشكيلة الحكومية التي يعتبرون أنّ وراءها حزب النهضة، وهتفوا "الشعب يريد حل البرلمان". كذلك، حملوا لافتات كتب عليها "تغيير النظام".
وتدفق عشرات الآلاف من التونسيين إلى شوارع العاصمة بعد فترة وجيزة من إعلان الرئيس التونسي قيس عن القرارات الحاسمة والمفاجئة التي اتخذها، وذلك تعبيرا عن دعمهم لهذه الخطوة التي استنكرها منتقدوه ووصفوها بأنها انقلاب. واحتفل أنصار سعيد بقراره وبالسقوط المتوقع لحركة النهضة الإسلامية والتي تعد أكبر حزب في البرلمان وخصمه السياسي الرئيسي.
بالموازاة، تجمع عدد من أنصار حركة النهضة في مواجهة أنصار رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد، مطالبين بإسقاط ما نعتوه بـ"الانقلاب". وحاول أنصار النهضة وائتلاف الكرامة اقتحام بوابة البرلمان فيما تم تغطية المنطقة بتعزيزات أمنية مكثفة تطبيقا لقرار رئيس الجمهورية القاضي بتجميد أشغال البرلمان. وقال رئيس كتلة حركة النهضة بالبرلمان عماد الخميري، في تدوينة على صفحته الرسمية على "فايسبوك" أمس الإثنين، إن "شعب تونس شعب حر والانقلاب على الشرعية وعلى الدستور مرفوض ولن يمر". وشهدت ساحة البرلمان التونسي بباردو، أمس الإثنين، مواجهات بالحجارة والقوارير بين عدد من أنصار حركة النهضة وعدد من أنصار رئيس الجمهورية. وتدخلت الوحدات الأمنية لفض هذه المواجهات. وقام أنصار حركة النهضة باقتحام مقر البرلمان.
وفي أول رد فعل خارجي، أعلن المتحدث باسم الحكومة التركية إبراهيم قالن، رفضه لما وصفه بـ "تعليق المسيرة الديمقراطية وتجاهل الإرادة الديمقراطية للشعب في تونس". وقال قالن في تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي بموقع تويتر، "ندين المبادرات التي تفتقر إلى الشرعية الدستورية والتأييد الشعبي".
وفي ذات السياق، أكد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن "الانقلاب" على إرادة التونسيين والمؤسسات المنتخبة واتخاذ إجراءات أحادية "أمر خطير ولا يجوز شرعا".
إنه انقلاب في نظر البعض. لكن على من انقلب الرئيس؟ وكيف ينقلب وهو يشغل منصبه كرئيس منتخب؟ هل انقلب على العملية الديمقراطية؟ لكن ما قام به حدث في سياق كانت فيه تونس على حافة الفوضى؟ وما قام به استوحاه من المضامين التي ينطوي عليها الدستور التونسي؟ وفي جميع الأحوال ومهما كانت قراراته صادمة لخصومه فتلك القرارات لها ما يبررها واقعيا ودستوريا، وما على الخصوم سوى الانخراط في البحث عن حلول تساهم في إعادة الاعتبار للسياسة التي تعرضت إلى التشويه بدل محاولة تبرئة ذمتهم من خلال استهداف رئيس الدولة.
رأى متابعون أن هناك من كان يدفع في هذا الاتجاه، ولاسيما من بعض البرلمانيين، معتبرا هذه المستجدات بغير المشجعة، وأن ما أقدم عليه قيس سعيد ليس قانونيا. بل بعضهم لم يستبعد أن تدخل تونس في نفق طويل من الصراع المسلح، واندلاع حرب أهلية.
بينما رأى البعض أن قرارات الرئيس كانت حركة تصحيحية للثورة التي انحرفت عن مسارها، وأن قرارات الرئيس جاءت من أجل وضع حد للأزمة التي تقع مسؤوليتها على حركة النهضة التي أفشلت خططا حقيقية بسبب تبعيتها إلى جهات خارجية وداخلية لا يهمها مصلحة الشعب التونسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟