الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق: قلب الشرق الاوسط .. ح 2

عباس موسى الكعبي

2021 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


تاليف: ريتشارد كوك
ترجمة: عباس موسى الكعبي

الحلقة 2:

وصل قطار الأحداث الذي انطلق باقتحام مضيق هرمز قبل ثلاثة قرون تقريبًا إلى نهايته الحتمية. وسرعان ما انتشر الخبر بان الإنجليز والهنود قادمون. تجمعت القوات التركية على وجه السرعة وانطلقت باتجاه مجرى النهر من البصرة. وفي غضون ذلك ، وصل ما تبقى من الفرقة السادسة من الهند. وفي يوم 17 تشرين الثاني/ نوفمبر هُزم الأتراك تمامًا، وفتح الطريق نحو البصرة.
تم احتلال البصرة في الحادي والعشرين من نفس الشهر. وتراجعت القوات التركية نحو مدينة القرنة، وهي بقعة تقع عند تقاطع نهري دجلة والفرات والمكان الذي من المفترض أن يضم موقع جنة عدن التوراتية.
كانت القوات التركية مدعومة بشكل سيئ ، وخطوط اتصالها كانت طويلة وغير مخدومة بشكل كافٍ. ولم تجد القوات البريطانية والهندية صعوبة كبيرة في سحق تلك القوات في أعالي نهر دجلة، وتأمين استسلام القرنة يوم (9 كانون الأول/ ديسمبر).
في غضون ذلك ، تم ارسال تعزيزات تركية كثيفة عاجلة من بغداد وعلى ضفتي نهر دجلة. احدى الارساليات سلكت الضفة اليسرى بهدف مضايقة القوات البريطانية الهندية الموجودة على تلك الضفة، وتهديد خط أنابيب النفط القادم من جنوب بلاد فارس؛ والاخرى على الضفة اليمنى بهدف إثارة قبائل المنتفق القوية في مدينة الناصرية ، وبالتالي تهديد ميسرة الجيش الغازي. لكن القوات التركية ، رغم ضخامتها، لم تكن قوية بما يكفي لإحداث مشاكل مؤثرة بالقوات الغازية، بل تركت الغزاة دون مضايقة حتى ربيع عام 1915.
وهكذا أنتهت المرحلة الأولى من الاجتياح البريطاني ، حيث أصبح ميناء البصرة وساحل الخليج وخط الأنابيب في أيدي الجيش الغازي، الذي واجه مجموعة ضبابية من القوات التركية والقبائل العربية الخاملة التي لا تملك عمليًا أي وسيلة نقل.
على الرغم من سوداوية الراحل السيد "بونار لو" وتصريحاته العديدة، حيث:"تمنى لو لم نذهب إلى هناك" ، إلا انه لم يتم حتى وقت كتابة هذه السطور توجيه انتقاد جاد بشأن الحكمة من وراء غزو بلاد ما بين النهرين من وجهة النظر البريطانية. كانت الأسباب الرسمية المقدمة لبدء الحملة ثلاثة: أولا، حماية خط أنابيب النفط وحماية محطة تابعة لشركة النفط الأنجلو-فارسية في جنوب بلاد فارس والخليج ، وهي حماية حيوية بالنسبة للبحرية البريطانية، وثانيا، احتلال البصرة ومحيطها بهدف جعل تلك الحماية فعالة وذلك من خلال تأمين واحتواء ميناء العدو الرئيسي، وثالثا، "الانطباع الأخلاقي" المراد ايصاله للسكان المحليين، والذي كان يعتقد أن صداه سيصل الى الحدود المصرية، وربما يكون له بعض التأثير على موقف السكان المسلمين في الهند. في الواقع ، كما رأينا ، كان غزو البريطانيين لبلاد الرافدين أمرًا لا يمكن تفاديه، فقد بات أمرًا حتميًا بسبب تولي البريطانيين زمام الامور في منطقة الخليج (العربي)، وبسبب اكتشاف النفط في جنوب بلاد فارس ، وأخيراً بسبب انحلال الإمبراطورية التركية، و من ثم العلم بأنه عاجلاً أم آجلاً، إذا كان البريطانيون غير مستعدين للتدخل في بلاد ما بين النهرين ، فلن تكون هناك ثمة قوى أخرى راغبة أو حتى حريصة على القيام بذلك. فإذا لم يقم البريطانيون باحتلال سواحل بلاد ما بين النهرين في عام 1914، لكانوا مجبرين على القيام بذلك في فترة لاحقة من الحرب العالمية. وربما لم يكن الغزو اللاحق بتلك السهولة أو بذلك النجاح.
في هذه الأثناء ، لم يكن وضع القوة الصغيرة في مقابل مدينة القرنة أمرا مريحًا بأي حال من الأحوال. فلم يكن بالإمكان التأكد من قدرات القوات التركية ، التي عُرفت بإعادة تجميع قواتها بشكل تدريجي، وليس بالامكان التأكد من ولاء العرب داخل الأراضي المحتلة، لان نجاح الاجتياح لم يتم التأكد منه بعد.

يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البريك العنابي.. طبق شعبي من رموز مدينة عنَّابة الجزائرية |


.. بايدن يعلن عن خطة إسرائيلية في إطار المساعي الأميركية لوقف ا




.. ارتفاع حصيلة الضحايا الفلسطينيين إثر العمليات الإسرائيلية في


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات بالمحافظة الوسطى بقطاع غزة




.. توسيع عمليات القصف الإسرائيلي على مناطق مختلفة برفح