الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انا بحكي عشان بكره اولادي يعيشوا بكرامه - نزار بنات-

صبحي البدوي
كاتب

(Sobhi Albadawi)

2021 / 8 / 1
القضية الفلسطينية


مقدمة

يعتبر مفهوم الكرامه الانسانية من اهم المفاهيم الانسانية التي نالت اهتمام المجتمعات المتقدمة والناهضة منها، وينال اهتمام المؤسسات الرسمية والمدنية والمفكرين واصحاب الرأي أيضا. ويعتبر اساسا للقوانين العالمية المناصرة لحقوق الانسان وقضاياه . تنص هذه المعايير على احترام كرامة الفرد القائمة على اسس أخلاقية والتي تنفي كل مفاهيم الالغاء والدونية. ففي الحالة الفلسطينية لا يزال الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الاسرائيلي يواجهون ازمة كرامة انسانية. بالمقابل دخلت الشخصية الفلسطينية بحالة اشتباك دائم للدفاع عن الحرية وكرامة الانسان الفلسطيني بغض النظر عن السلطة الحاكمة.


مفهوم الكرامه
ناقش العديد من المفكرين والمنظرين موضوع الكرامه الانسانية ومن بين هولاء عالم الاجتماع الالماني يورغن هابرماس الذي ركز على المفهوم من منظور براغماتي وربطه مباشرة بحقوق الانسان كمصدر اخلاقي لكرامة الانسانيه وبناءا عليه يقول ان دفاعنا عن حقوق الانسان ينبع أساسًا من الدفاع البشري لمقاومة الاستبداد والقمع والاذلال. ببساطة يرتبط فهموم حقوق الانسان تلقائيًا بكرامة الانسان والقيم الانسانية الأخلاقية ، حيث ينص مفهوم الكرامه على ان جميع البشر يولدون أحرارًا ومتساوون قي الحقوق ويرتبط الناس مع بعضهم ارتباطا اخلاقيا ويتعاملوا مع بعضهم البعض بروح الاخاء. وبناءا على هذا النص ان الاجراءات الاحادية الجانب التي تتخذها السلطات الحاكمة لاعتقال الاشخاص بشكل غير قانوني او معاملة الناس بشكل غير انساني او تعريضهم عن قصد لخطر الاذى بما في ذلك الموت هو حرمانهم من قيمتهم كبشر. القيمه في هذا السياق لا يجب ان تفهم فيما يتعلق بالسعر حيث يمكن استبدالها بشي اخر ذي قيمه معادلة بدلا من ذلك . وهنا يجب فهم القيمة حسب طرح اوغست كانط " ان كل شي له اما ثمن او كرامه " مع الإشارة ضمنًا الى ان الكرامه الإنسانية ليس لها ثمن ومن ثم ان الاعتراف بالكرامة الانسانية يعني ان الدولة لا تستطيع ايذاء او قتل اي فرد لخدمة الطبقة الحاكمة او غاية اخرى ( هابرماس 2012). من حيث السياسة حثت كرامة الانسان على عدم جواز الهجمات المتفشية والممنهجة على السكان المدنيين وبالتالي القيود الاساسية على سيادة الدولة وهكذا برزت مقومات الكرامة الانسانية كحلقة وصل بين القانون الدولي والسياسة والاخلاق التي تدعم نهجًا اكثر تركيزًا على الفرد . افترض كانط (2011) ان الكرامه الانسانية هي سمة تضع حياة البشر فوق كل شي ويضيف ايضآ ان هناك اشياء لا ينبغي مناقشتها لانها تنبع من ارادة حرة وعاقلة.


الكرامه والحرية

ان المنعطفات الغير مشروعة مثل الانتهاكات اليومية التي يتعرض لها الانسان الفلسطيني والتي تعيق من تحقيق الحرية كحاجة انسانية تفرض علينا اعادة فهم الفهم للعلاقة الانسانية ما بين الحريه والكرامه. منح سارتر ( 1961) مفهوم الحرية الوجودية مفهوما اخلاقيا من خلال ربطه بمفاهيم الكرامة الغير مشروطة ، اي ان كرامة الشخص معترف بها من قبل الاخرين عندما يتم دعمهم في قدرتهم على تحديد وجودهم ومن هنا تتجسد الصلة بين كرامة الانسان وحقوق الانسان حيث تتشكل العلاقة على اساس حرية الفرد اي الحرية المتمثلة في حق الانسان في تقرير مصيره وهنا تصبح الحرية شرط اساسي ووحيد لتحقيق الكرامة الإنسانية ( 2012). لا يعني هذا ان الشعوب الخاضعة للاستعمار او التي خضعت للاستعمار ليس لها كرامه ، بل العكس الحريه والكرامة يشكلان شرطان اساسيان للبقاء ولا يكتملان بدون الدفاع عن الحرية والسعي نحو تقرير المصير. وما ارمي الوصول اليه ان الكرامه هي حالة انسانية متاصلة وبالتالي يجب علينا بذل جهود بطولية للدفاع عنها لان الكرامة لا تكافئها اي قيمة يمكن استبدالها حسب كانط. وهنا اراد ان يقول لنا كانط ان الكرامة عامل اساسي لحياة الانسان وحريته وتطوره السياسي والاجتماعي والاقتصادي وأيضًا لبناءه الاخلاقي. تماشيا مع كانط فانه يقترح علينا انه لا يمكن تسعير قيمة الذات او قيمة الاخرين لانها لا تقدر بثمن كون إرتباطها الوثيق بالفضيلة والنزاهة الاخلاقية والمعرفة والحكمة وايضا الحب والثقة والتسامح، وهنا يتفق كانط مع توما الاكويني في مفهوم الكرامة وعلاقتها بالقيمة الجوهرية للانسان اي على اساس الخير نفسه المتبادل بين الناس والذي لا يمكن استبداله بغير الخير. يمكن القول ان توما الاكويني قد بنى الاساس الفكري ليؤيد كرامة الانسان على انها شمولية غير مشروطة لكل الناس بغض النظر عن مكانتهم الدنيوية. وهنا نعود لما نادى به نزار بنات " اي نحيا بكرامه" وهنا اراد ان يقول لنا انه يطالب باللامشروط ، اي ان كرامة كل شخص هي جوهر الحياة البشرية التى تنبع من حرية الانسان نفسه. الحرية التي تتطلب تعريفا اساسيا للذات وفهم الوجود الانساني كخاصية انسانية لكرامة البشر. الكرامة الغير مشروطة عند نزار كانت الدافع وراء نقده المستمر للمحسوبية والفساد والظلم وكان يشدد على الحرية والمقاومة باعتبارهما شرطان اساسيان للكرامة وعندما تغيب المقاومة او المثل الاخلاقية في المجتمع تغيب كرامة الفلسطيني . وهنا يقول لنا نزار ان الفعل الاخلاقي وتعرية الفساد ومطالبة الطبقة الحاكمة كان دفاعا عن الكرامة. هذا الفعل الاجتماعي الاخلاقي الذي يدور حول اشراك المصلحة العامة على الخاصة والفضيلة على الرذيلة . مما لا شك فيه اختار نزار ان يرتقي فوق طبيعتنا وذهب بنا الى المكانه الرفيعة والتي تنص على ان البشر خلقوا احرارا وان الدفاع عن الكرامة سمة الانسانية وما عدا ذلك يتناقض مع مفاهيم البشرية.

الكرامة وحقوق الأنسان

موضوع كرامة الانسان وحقوقه هو تحد مستمر لجميع العاملين في هذا المجال. احيانا نعتقد اننا نعيش في جبهة مزدوجة للدفاع عن مفهومين مرتبطين ببعضهما البعض واحيانا اخرى نريد الفصل لاننا نختار تغليب الكرامة على حساب حقوق الانسان. هذا الطرح يعزز مفاهيم لدنيا تنص على ان من لا كرامة له لا حقوق له او بطريقة اخرى وكأننا نقول خذ كل الحقوق واترك لنا الكرامة. هذا الطرح كان يترد في الشارع الفلسطيني " ان الاحتلال الاسرائيلي اخذ كل شي ولم يقدر على استلاب كرامة الفلسطينيين " وكان هذا النص يعزز مفهوم الفصل بين المفهومين، اي زيادة الوعي الشخصي بكوننا رعايا للدفاع المستمر عن كرامة الانسان. يحق لنا ان نعتقد ان هنا قد يتصالح مفهوم الحقوق مع مفهوم الكرامه لان كلاهما ليس سلعة اختيارية ولكنهما ضرورة هيكلية لوجود الانسان واستمراره. وعند نزار بنات كانت حالة الدفاع عن الحقوق تكمن في الية الدفاع عن الكرامة الانسانية . يعني الكرامة عند نزار كانت تسير على مسارين من التفاهم يكمل كل منهما الاخر . هذا المسار العلائقي الذي وحد مفهوم الانتماء للانسان وخلق طريق جديد ومشتبك حتى يضمن كرامة الاخر.

الخاتمه

يعد مفهوم الكرامه من المفاهيم الاكثر تداولا بين علماء الاجتماع والسياسة حيث ركز الكثير على ان كرامة الانسانية هي خاصية ميتافيزيقية يمتلكها جميع البشر كأساس اخلاقي. بالمقابل سلوك البعض قد يتنافى مع المفهوم احيانا ويعمل على خرقه احيانا اخرى كقوى مضادة تعزز الغاء الاخر وطمس كرامته. هذا المفهوم يعزز غريزة الدفاع التي كان يتحلى بها نزار لقناعته المطلقة ان مفهوم الكرامة يجب ان يكون قادرا على شرح حقيقة الانتهاكات ولا ينبغي فصلها عن الواقع. باختصار هذا ما كان يدفعه للحديث عن الكرامة في المقام الاول. بلغة اخرى اراد نزار ان يرسم العلاقة بين الكرامه الانسانية والمفاهيم البشرية والتي تقود في اتجاه فهم كرامة الانسان على انها للنبلاء وهكذا يجب ان نرى انفسنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار


.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟




.. يديعوت أحرونوت: إسرائيل ناشدت رئيس الكونغرس وأعضاء بالشيوخ ا


.. آثار قصف الاحتلال على بلدة عيتا الشعب جنوب لبنان




.. الجزائر: لإحياء تقاليدها القديمة.. مدينة البليدة تحتضن معرض