الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرئيس التونسي يقود ثورة تصحيحية في مواجهة تحالف الإخوان مع الليبراليين

عليان عليان

2021 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


الرئيس التونسي يقود ثورة تصحيحية في مواجهة تحالف الإخوان مع الليبراليين
بقلم : عليان عليان
جاءت خطوة الرئيس التونسي قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو (تموز ) الجاري، بتفعيل المادة (80) من الدستور ،ر لتضع حداً لحالة الشلل والفشل الذي تعيشه تونس على غير صعيد منذ قيام الثورة عام 2011 ، إذ أنه بموجب هذه المادة أقدم على سلسلة إجراءات متتالية عبر أوامر رئاسية ، تضمنت إعفاء رئيس الحكومة والمكلف بإدارة الداخلية هشام المشيشي ووزير الدفاع إبراهيم البرتاجي ووزيرة العدل حسناء بن سليمان، ووزير الدفاع الوطني، حسناء بن سليمان، والوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة، وذلك ابتداء من يوم الأحد 25 يوليو 2021".
كما تضمنت هذه الإجراءات تجميد عمل البرلمان وكل اختصاصات المجلس النيابي لمدة (30) يوماً ،ورفع الحصانة عن جميع أعضائه ، وتولي رئيس الجمهورية رئاسة النيابة العامة والسلطة التنفيذية ، حيث أكد الرئيس قيس سعيد أن هذه القرارات ليست تعليقاً للدستور .
ولم تتوقف الأمور عند الإجراءات سالفة الذكر ، بل تعدتها إلى إنها خدمات مهمات مدير القضاء العسكري والمدير العام للشركة التونسية للكهرباء والغاز، ومدير التلفزيون ووكيل الدولة العام، وإنهاء مهمات الكاتب العام للحكومة، ومدير ديوان رئيس الحكومة، والمستشارين لدى رئيس الحكومة، وعدد من المكلفين بمأمورية في ديوان رئيس الحكومة.
إجراءات تصحيح المسار
إجراءات الرئيس التونسي قيس بن سعيد تعيد وضع الثورة التونسية على السكة الصحيحة بعد عشر سنوات عجاف، وتضع حداً للتحالف الفاسد بين الغنوشي والليبراليين الذي أفقر الشعب ، وحال دون تكافؤ الفرص ورهن البلاد لصندوق النقد الدولي ، وحول تونس إلى دولة فاشلة على كل الصعد بما فيها الصعيد الصحي في مواجهة وباء كورونا.
البعض ينتظر الخطوة المقبلة للرئيس قيس سعيد ، ونأمل أن تكون في الاتجاه الصحيح بإعادة الاعتبار للحريات ، لكن على قاعدة فتح ملفات الطغمة الفاسدة التي نهبت تونس وأفقرتها وعلى قاعدة محاسبة أولئك الذين رفضوا تمرير قانون تجريم التطبيع في البرلمان ضد العدو الصهيوني ، وعلى قاعدة كشف التنظيم الإرهابي الذي اغتال القائدين التقدميين شكري بلعيد ومحمد البراهمي ، والذي وجهت أصابع الاتهام بشأنه للإخوان المسلمين ، ومحاسبة المسؤولين عن تجنيد آلاف التونسيين والتونسيات للمشاركة في الحرب التكفيرية الإرهابية ضد سورية.
ما يطمئننا حتى اللحظة مصداقية الرئيس ، فهو التزم بشكل صارم ببرنامجه الانتخابي قبل أن يفوز بالانتخابات بنسبة 73 في المائة من أصوات الناخبين التونسيين، ناهيك أنه وقف موقفاً صلباً مع القضية الفلسطينية ومع المقاومة الفلسطينية ، وهو الذي جاهر بصوته الجهوري بأن " التطبيع خيانة وطنية" ، وهو الذي كافح في مواجهة الخراب الاقتصادي ولوضع حد للارتهان لصندوق النقد والبنك الدوليين .
قد يزعم البعض بأنه أقدم على هذه الإجراءات بدعم إماراتي وسعودي ومصري وهذا ينطوي على ظلم كبير للرئيس ، ولم يعرف عنه منذ توليه موقع الرئاسة ، أن ارتهن لأي من تلك الدول ، في الوقت الذي ارتهن فيه الغنوشي للعثمانية الأردوغانية ، وارتهن فيه الليبراليون من شاكلة حزب " قلب تونس " للغرب الإمبريالي ، وظلوا في السياق العملي الدولة العميقة التي تنتمي لعهد البائد زين العابدين بن علي.
إجراءات سعيد ضبطت على ساعة الشعب الثائر
صحيح أن السيسي ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد قد يفركون أيديهم فرحا في سياق الاستثمار الإقليمي ضد الإخوان في تونس، وهذه مسألة تخصهم ولا تعني أن قيس سعيد ضبط ساعته على خططهم وتوجهاتهم .
بل أن كل المؤشرات تشير وتؤكد ، أن إجراءات الرئيس ضبطت على ساعة الشعب الثائر فمظاهرات الابتهاج التي عمت كافة المدن التونسية بمئات الألوف ،أكدت أن الرئيس بإجراءاته الثورية استند إلى ما يلي :
1-إلى قاعدة شعبية عريضة جداً في مواجهة تحالف الفساد والتبعية ، الذي شكل من خلال أغلبيته في البرلمان ( أولاً) غطاءً لكل الجرائم السياسية والاقتصادية ووضع البلاد تحت طائلة نهب المال العام والمديونية الهائلة ، وشكل (ثانيا) وغطاءً لإفقار الشعب وتجويعه وتركه يرزح تحت طائلة البطالة ، وشكل (ثالثاً) غطاءً سياسياً للحيلولة دون تمرير وإصدار قانون يجرم التطبيع مع العدو الصهيوني ، وللحيلولة دون إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سورية.
2-إلى دعم القوات المسلحة التي كانت أداة وطنية تنفيذية لهذه الإجراءات ولم يسند إليها أي موقع في السلطة في المرحلة الانتقالية.
3- إلى دعم أهم تنظيم نقابي سياسي ألا وهو (الاتحاد العام للشغل) الذي اعتبر إجراءات الرئيس تتفق تماماً مع الدستور في ضوء استشارة المكتب التنفيذي للاتحاد لجهابذة القانون في البلاد.
4- إلى دعم عدد من القوى السياسية الوازنة في البلاد وعلى رأسها " حركة الشعب" مع ضرورة الإشارة إلى أن بعض القوى السياسية التي أصدرت اعتراضاً مبكراً على هذه الإجراءات ،خشية منها على مسألة الحريات أو الجنوح نحو الديكتاتورية وحكم الفرد عادت لتعلن تأييدها لها.

الديمقراطية الاجتماعية
لقد اشتعلت ثورة طبقية بأبعاد وطنية في تونس عام 2011 على خلفية شرارة إحراق المناضل ألبوعزيزي لنفسه ، ثورة كان الشعب التونسي يختزنها في صدره ، ثورة رفعت شعارات الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ، وما حصل أن الثورة الشعبية التي قامت بها الجماهير الشعبية بقيادة الاتحاد العام للشغل ، وبقيادة اليسار الذي اكتوى بنار المعتقلات في عهد الديكتاتور زين العابدين بن علي ، حصد نتائجها عبر صندوق الاقتراع الإخوان المسلمون والأحزاب الليبرالية على مختلف مسمياتها " الحزب الدستوري ، قلب تونس ..ألخ".
صحيح أن الثورة التونسية ومن خلال صندوق الاقتراع أنجزت مسألة الحريات ، لكنها لم تحقق هدف الكرامة والعدالة الاجتماعية ، فالشعب الذي قدم التضحيات لم يحصل بالكاد على لقمة العيش ، ولم يحقق ما كان يصبو إليه من تحسين ظروفه المعيشية ، أو الحصول على فرص العمل ، أو الحد الأدنى من الرعاية الصحية ، في حين استثمر نتائجها حيتان الفساد والكومبرادور ، الذي رهنوا البلاد والعباد لصندوق النقد الدولي ، ونهبوا المال العام على نحو غير مسبوق في دول العالم الثالث.
ننتظر من الرئيس قيس بن سعيد أن يضع الأولوية للديمقراطية الاجتماعية ، دون إغفال مسألة لحريات السياسية ، والتي بدونها تفقد الحريات قيمتها ، فالديمقراطية السياسية ليست " هايد بارك" للنقاش والثرثرة ، وليست أداة للاستعباد الطبقي ، وتفقد أهميتها بالنسبة للجماهير الشعبية إذا لم تستد إلى ديمقراطية اجتماعية ، تضع حداً للفقر والمجاعة والمرض والارتهان للمراكز الامبريالية.
لقد خطا الرئيس قيس سعيد خطوات هامة حتى الآن لتصحيح المسار يمكن البناء عليها وأبرزها :
1-استعادة المال المنهوب من السراق المقدر بأكثر من (13) ألف مليار دينار تونسي
فقد أعلن الرئيس عن عزمه لإجراء صلح جزائي مع المتورطين في نهب المال العام، إذ أكد خلال استقباله رئيس اتحاد الصناعة والتجارة، على ضرورة عودة الأموال المنهوبة إلى الشعب ،مبيناً أن اجراءات الصلح الجزائي تتعلق بأكثر من 460 رجل أعمال، مشيراً إلى أن أكثر من 13 ألف مليار دينار تونسي هي الأموال التي في ذمة رجال الأعمال الـ460، ومحذّراً بقوله إن "من يفكر في إتلاف أو حرق ملفات أو وثائق يتحمل مسؤوليته.
2- فتح القضاء التونسي تحقيقاً بشأن 3 أحزاب بينها "حركة النهضة"، بشبهة تلقّيها تمويلاً خارجياً.
3- تولي الرئيس ملف النيابة العامة يتيح المجال لكشف الجرائم الاقتصادية والسياسية والأمنية التي ارتكبت بحق تونس منذ عشر سنوات ، وعلى رأسها جريمة اغتيال القائدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي ، وفي هذا السياق، أعلنت هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي أن تولي الرئيس التونسي رئاسة النيابة العمومية "إجراء قانوني سليم "، وأعلنت عضو الهيئة إيمان قزارة تقديم شكاوى جزائية ضد وزيرة العدل المقالة حسناء بن سليمان، على خلفية "تسترها على المجرمين"- وفق تعبيرها- واتهمت وزيرة العدل بحماية ما سمتها "المنظومة الإخوانية المتنفذة داخل الأجهزة القضائية".
الخشية من الديكتاتورية
لقد أصدر حزب النهضة والأحزاب الليبرالية، سلسلة بيانات تعبر عن خشيتها من أن تؤدي هذه الإجراءات إلى العودة إلى حكم الفرد ، لكن تصريحات سعيد تؤكد التزامه بالحريات السياسية على قاعدة تصحيح المسار السياسي والاقتصادي ، مبيناً أن إجراءاته هي في إطار الحقوق والحريات ، وأن ما تم اللجوء إليه من اجراءات جاء وفق الدستور وليس خارج الدستور، مضيفاً "إذا وجدتم صعوبات فإنها ليست صعوبات مقصودة وربما إذا قصدها البعض للإساءة للرئاسة التونسية".
باختصار شديد فإن إثار موضوعا الديكتاتورية من قبل قيادات حزبي النهضة وقلب تونس هو مجرد فزاعة ، كون هذه الإجراءات تمس مصالحها الطبقية على الصعيدين السياسي والاقتصادي .

انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستشرق إسرائيلي يرفع الكوفية: أنا فلسطيني والقدس لنا | #السؤ


.. رئيسة جامعة كولومبيا.. أكاديمية أميركية من أصول مصرية في عين




.. فخ أميركي جديد لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؟ | #التاسعة


.. أين مقر حماس الجديد؟ الحركة ورحلة العواصم الثلاث.. القصة الك




.. مستشفى الأمل يعيد تشغيل قسم الطوارئ والولادة وأقسام العمليات