الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقائق على خلفية القرار الدولي 1701 القاضي بوقف إطلاق النار على الساحة اللبنانية

سحر حويجة

2006 / 8 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


منذ بداية الحرب على لبنان، كان واضحاً إن هذه الحرب ليست صراعاً بين حزب الله وإسرائيل فحسب، بل صراعاً تمتد آثاره وتداعياته من داخل لبنان ، إلى العمق الإقليمي ، ومن ثم إلى العالم بأسره ، بدا المجتمع الدولي متفرجاً على لعبة الموت والدمار التي فاقت مشاهدها، كل وصف و كل تصور . كان المجتمع الدولي ينتظر نتائج هذه الحرب ، وما قد تفرضه من معادلات جديدة، من أجل استثمارها سياسياً، على اعتبار الأسباب السياسية هي الأسباب الحقيقية لأي حرب، هكذا على مرجل غليان الحرب وتصعيدها ، كانت التصريحات والمشاورات تجري ببطء وانتظار اللحظة المناسبة، وما تعطيه من وقائع جديدة، أو محاولة في تعديل وقائع الحرب نفسها بقوة القرار الدولي .
جاء قرار مجلس الأمن 1701 لوقف إطلاق النار ، وأعمال مناقشته ودرسه جارية، في جلسات الأطراف و الحكومات المعنية مباشرة، إسرائيل والحكومة لبنانية وحزب الله، وقد تمت الموافقة المبدئية عليه، لكن اللافت في الموقف إن كل طرف من هذه الأطراف، اعتبر أنه حقق من خلال القرار انتصاراً يلبي شروطه وأهدافه . ووضع تحفظاته التي تبدو كألغام يمكن لها أن تفجر القرار وتنسفه ، أو تعيقه وتبرر عدم ا لالتزام به، هنا يجب التأكيد على حقيقة إن الهزيمة في الحرب، هي تطويع طرف ما وتنازله عن شروطه كلها أو بعضها، أما و مازال يدافع عن أهدافه ، فهو لم ينهزم، وكان واضحاً إن حرب الإرادات، سيطرت بقوة على هذه الحرب.
الأهمية الأولى للقرار الدولي ، هو تحريك الواقع والدفع به نحو تسوية وحل ما ، هذا يتفق مع أهداف جميع أطراف الصراع والمعنيين به ، القائم على رفضهم المطلق العودة إلى الوضع الذي كان قائماً قبل الحرب، فإذا كان الهدف الإسرائيلي من هذه الحرب يهبط ويصعد وفقاً لسير المعركة، لكنه يسعى مباشرة اتجاه تحقيق هدفين، هدف إضعاف حزب الله لأقصى درجة ممكنة، ضرب عوامل القوة لديه من العتاد والأسلحة، وإعادة الاعتبار للجيش الإسرائيلي بعد الهزيمة التي أدت إلى انسحابه من الجنوب، إلى جانب أهدافاً أخرى متصلة به ، فصل المسارات بين حزب الله وسوريا وحماس، وتمهيد المجال لتطبيق القرار 1959 القاضي بنزع سلاح حزب الله، على اعتبار إن إسرائيل الطرف القادر، والمستفيد الأول من تحقيق كل أو بعض هذه الأهداف، يمكن اعتبار ذلك الحد الأدنى لأهداف إسرائيل، هذا المطلب يتوافق مع رغبة المجتمع الدولي. الهدف الثاني تقويض دعائم المجتمع اللبناني، والدولة اللبنانية برمتها، عبر تدمير البنية التحتية اللبنانية، وتأثيرات ذلك على وضع الشعب، والحكومة للبنانية، التي تؤدي إلى تشرذم وانقسام المجتمع اللبناني، و تهدد بأزمة عميقة مستفحلة ، إلى حد دفعه اتجاه حرب أهلية ، حتى يتحول سلاح حزب الله إلى الداخل، والإلهاء بترميم البنية الداخلية سوف يمتد مرحلة طويلة، نتائجها مدمرة أكثر في حال تقاعس المجتمع الدولي عن دعم لبنان .
في المقابل حزب الله كان مستعداً بل يسعى إلى هذه الحرب ، هدفه التحدي و إظهار قوته المستهتر بها بعد صدور القرار 1959 ، هذه القوة التي تجاوزت توقعات إسرائيل والمجتمع الدولي ، وبررت فرض شروطه في الساحة الداخلية اللبنانية. قوته العسكرية لم تتراجع بعد تحرير الجنوب، بل على العكس من ذلك فقد تعززت بفعل مجموعة عوامل: أهمها 1 ـ الانسحاب السوري من لبنان: ساهم في تحول دور حزب الله إلى الواجهة السياسية، و أخذ يلعب دوراً واضحاً في التوازنات السياسية على صعيد الداخل اللبناني، وتمسكه ودفاعه عن سلاح المقاومة ليس بهدف الاحتفاظ بهذا السلاح أو حماية لبنان فحسب ، بل من أجل لعب دور على مستوى قضية الشرق الأوسط ، من خلال رفض أي حل منفرد، مع إسرائيل، واستعادة الحقوق بالقوة . 2 ـ وصول قيادة متشددة في إيران: أخذت تترجم مشروعها على أرض الواقع، في أحد بنوده يسعى إلى التصعيد العلني المستمر ضد إسرائيل، يعتبر ذلك من أهم وسائل الدعاية وكسب التعاطف الشعبي العربي مع المشروع الإيراني، وحزب الله يعتبر القاعدة الأمامية الأساسية لتحقيق هذا الهدف، هذا ينسجم مع مشروع حزب الله الخاص، أغدق هذا عليه الدعم، وعزز قوته عدة وعتاداً ليكون قوة عسكرية أثبتت الحرب إنها كبيرة، وعمل جاهداً ليثبت أنه قوة ردع وحماية ، والتأكيد على استمرار توازن الرعب بين إسرائيل والمقاومة ، إضافة إلى إن ضرورة استمراره، وشرعيته مستمرة سواء استطاع دحر العدو، أو حتى لو اجتاحت إسرائيل لبنان فهو الطرف الوحيد القادر على التحرير، مهمته هذه تبقى قائمة مهما بلغ من الضعف. إضافة إلى ذلك يعتمد حزب الله، على إن الخسارات الكبيرة التي لحقت به يمكن تعويضها ، خاصة إنها لا تتأثر بانهيار الدولة اللبنانية، أو ضعفها، فقوته المادية متأتية من قوة الدعم القابلة للاستمرار والتجدد، طالما بقيت الأطراف الداعمة قوية ، الخطر الوحيد المحيق به، يتلخص باحتمال تفاقم الأزمة وعدم القدرة على إدارتها على الصعيد الداخلي اللبناني ، لكن أيضاً فاقت كل التوقعات هذه الحرب التي فرضت شروطها الصعبة ، ونتائجها الكارثية المباشرة على مناطق و أهل الجنوب، نتيجتها كان الدمار ، وتقطيع الأوصال بين الجنوب والعمق اللبناني، التي قطعت أسباب الحياة من الطعام ومياه الشرب ، ودفعتهم إلى التشرد واللجوء، والهرب، هذا سينعكس على المقاومة حيث يتزايد الخوف من نفاذ المؤن التي تحتاجها المقاومة ، ومن الحماية ، أحد عوامل قوة المقاومة، إضافة إلى أن سلاح الصواريخ قابل للاستهلاك مع مرور الأيام ، كل هذه المواقف لخصت موقف حزب الله بالدعوة إلى وقف إطلاق النار، والتوافق مع الحكومة اللبنانية ، مسجلاً تراجعاً في مواقفه السابقة .تحت ضغط الأمر الواقع، في عدم قدرته على تحمل نتائج حرب طويلة، ستشل كل مرافق الحياة في المجتمع لبناني، وتدفع به إلى الهاوية .
الدولة و الحكومة اللبنانية، بعد تحقيق وقف إطلاق النار، ستكون ا لمسؤول الأول الذي يتحمل تبعات إعادة بناء ما دمرته الحرب، وقد تقهقر الوضع اللبناني عشرات السنين إلى الوراء، ما تعجز عنه إمكانياتها، وهي بحاجة لدعم دولي ، وعربي مشروطاً بحلول سياسية . لذلك أتت المطالب لبنانية المتمثلة بالنقاط السبع ، ليس من موقع القوة، بقدر ما هي الحل الوحيد الممكن، موقف تمليه الضرورة . هي المطالب نفسها من أجل تأمين الاستقرار لإعادة البناء و ضمان عدم عودة البلاد إلى دائرة الحرب مرة ثانية، تحقيق الشروط اللبنانية مجتمعة من تحرير الأسرى، إلى إعادة مزارع شبعا، و خرائط الألغام، مطالب تشكل حولها إجماعاً لبنانياً ، وإلحاق أقل الخسائر السياسية على الأطراف اللبنانية . وقائع تؤكد حقيقة إن الحكومة ليست قادرة على تحقيق مطالبها بدون قوة حزب الله، بل مازال يحتفظ بأهميته من أجل استخدامه قوة ضغط، وحزب الله يعتمد على إن عامل الزمن شرط تحقيق الشروط اللبنانية، في أسوأ الحالات سيبقى جزءاً أساسياً من القوة العسكرية القادرة والمدربة، الشرط الأول بالنسبة لأطراف الحكومة اللبنانية، ضد حزب الله، هو فصل مسار حزب الله عن الأطراف الإقليمية الأخرى، وقبول حزب الله إظهار الالتزام بهذا المبدأ، تفرضه الظروف الموضوعية، حيث إن النظام السوري لم يسمح له القيام بأي دور سياسي فعال، كما كان يأمل لاستعمال نفوذه على حزب الله، بل تم الطلب منه الإملاء للشروط الدولية، للكف عن دعم حزب الله، والضغط عليه ، وبدا حرص سوريا على التنكر لأي دعم ومساندة لحزب الله .
أما إيران حيث كانت الحرب أكبر مختبر لقدراتها الصاروخية، كانت حريصة على عدم التدخل أو تحمل أي مسؤولية في هذه الحرب، لما لذلك من تبعات.
يبقى أن نقول إن انسحاب إسرائيل من المناطق التي احتلتها ، ونشر الجيش اللبناني مع القوات الدولية، كأهداف يمكن تحقيقها بقوة الأمر الواقع، أما قضية مزارع شبعا والأسرى اللبنانيين ، ستكون مؤجلة إلى زمن لاحق ، هذه القضايا لن تتحقق بقوة الأمر الواقع ، بل الطريق لحلها سيكون مشروط عبر مفاوضات تشترك فيها الحكومة لبنانية، وهذا أمراً مازال مرفوضاً من حزب الله والحكومة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير