الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم مارا 2015(يوميات الباصق في وجه الأدب)

بلال سمير الصدّر

2021 / 8 / 2
الادب والفن


الحكاية تبدأ من عام 1991،عندما قام المخرج (Mike Figgis) بتحقيق جزئية قصيرة بعنوان مارا من فيلم تلفزيوني بعنوان:الرجال والنساء:ليس هناك قواعد للحب
وفي عام 2015 قام باعادة تشكيل هذه القصة بدعوى تحقيق رؤيته الفنية الخاصة،مغيرا ومضيفا بعضا من الموسيقى التصويرية وشيئا من ابعاد القصة السينمائية متعمدا الاختصار أكثر واضفاء رؤية اكثر تكثيفا على الشخصيات نفسها...
الفيلم مقتبس عن رواية هنري ميلر القصيرة(ايام هادئة في كليشيه)،وهي القصة التي تبدو الأكثر رواجا سينمائيا،وتلعب دور العاهرة او شبه العاهرة الممثلة جوليين بينوش،بينما يلعب دور هنري ميلر سكوت جالن.
يقدم المخرج شخصية الكاتب هنري ميلر بهيئة متوازنة منضبطة،وهي هيئة مخالفة للصورة الهستيرية المعهودة والتي ألفناها من خلال تقديمه في السينما،او على الأقل لم نعتد عليها بالنسبة للمعالجة السينمائية المتعلقة بشخصية هنري ميلر كرجل ملتصق دائما في رواياته،أو في ثرثراته كرجل عابث كوميدي الى درجة التهريج...أي تلك الصفات التي تصلح لرجل هستيري متسكع كثير الفحش يدعي بانه كاتب...

القصة باختصار،هي التقاء هنري ميلر بعاهرة تمتلك شيئا من الاختلاف،محاطة بحزن شديد وتبكي من دون سبب،ويخلص المخرج هذه القصة من تبعياتها الغاية في الفحش،ويحولها الى شيء أكثر شاعرية...شيء من لقاء عرضي من خلاله ممكن قول الكثير.
فمن الممكن القول عن كلا الرؤيتين انهما عن تحطيم بصقات الأدب..تحطيم الواقع البورنوغرافي الصريح المقرف...فيلم عن اللحظة التي تحدث امامنا،وفيلم عن ماضي اللحظة التي بالكاد نشعر بها...
الرؤية الأولى للفيلم كانت أكثر تركيزا على اللقاء العرضي المختلف عن التقاط عاهرة،حن تحقق الصدفية التقاء عاهرة بولندية من الحي اليهودي برجل طيب وهو امر يدفعها الى البكاء.
هل هو فيلم عن القسوة الانسانية المختفية خلف الظواهر العرضية...؟
هي القصة التي تحدث عنها ميلان كونديرا،التي تروي شذرة أو جزءا من وراء حجاب قصص أخرى كثيرة مرتبطة بالضرورة مع بعضها البعض ولكننا لا نعرف عنها شيئا...لانعرف عنها اي شيء
اللقاء،او الالتقاء،هو عن الحب والمال في حد ذاته قيمة مهملة في الفيلم...
الالتقاء يخص مارا التي تعاني الاضمحلال الى درجة الشفقة على النفس...الى حد الاستسلام أمام عالم لايشعرها أكثر من نكران ذاتها....

وعندما يهم هنري ميلر باعطائها المال تقول له:أنت ترتكب خطأ
وهنا يقول هنري ميلر الجملة الأكثر بروزا في الرواية:ألم يعاملك أحد باحترام أبدا...
هذه القسوة تضفي عليها البكاء،تضفي عليها ان هذا الرجل ليس سوى لحظة تفاؤلية في عالم النكران...هي الآن لاتستطيع سوى الذوبان أكثر...الذوبان في عالم ليس من تاريخها في شيء
هنري يركض على صوت بكائها الى عالمه المثالي...الشوارع
هي تغوص اكثر في عتمة الشارع الخلفي
هنري لايمتلك سوى فكرة الهرب...الواقع لا يحتمل أكثر من ذلك
بالنسبة للرؤيا التي قال عنها المخرج بأنها-ربما-تحقق رؤيته الفنية،وهي رؤية-كما قلنا-حققها مونتاجيا عام 2015،أي بعد حوالي ربع قرن من الرؤية الأولى،وهي تعتمد على الاختصار أكثر،وهذا يعني ان العالم لحظي أكثر...أي ان العالم متدثر داخل هذا اللقاء العرضي وكل ما غيره يستحق الاندثار.
وعلى ان مارا هي اكثر ثقة بنفسها،أقوى نوعا ما من الشخصية الأولى،على ان هذا لم يؤثر على مسار الفيلم كثيرا،وكانت نهاية مارا 2015 أقل حسما ومفتوحة أكثر من النهاية الأولى.
فان كانت الرؤية الاولى تشير الى انفصال نهائي بينهما،فالثانية تنتهي عند هذه الجملة:أنت ترتكب خطأ
مستبعدة مشهد الحسم النهائي بركض هنري ميلر الى الشارع واختفاء مارا في عتمة الشارع الجانبي.
الرؤية الثانية كانت شاعرية أكثر،وتحاول ان تشير الى عالم يتعلق بشخصين فقط،وان كانت هذه الرؤية أجمل بكثير من الرواية،ولكنها من ناحية سينمائية ليست جذابة كثيرا وتقع في خانة التكرار والتسطيح،وهناك عبق من الميلودراما تحيط الفيلم برمته...
مع كل الاحترام،فالرؤية الأولى-بالأخص النهاية-كانت أفضل من الرؤية الثانية الشخصية للمخرج.
أيام هادئة في كليشيه ربما قد تكون بصقة غير عنيفة في وجه الأدب...بصقة أقل حدة من كل ثلاثيات هنري ميلر كثيرة الكلام.
والعنصر الانبثاقي هو ربما اهم ما يميز هذه القصة القصيرة...
19/5/2021
اعيدت الكتابة في تاريخ 2/8/2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي: تصفيق حار لفيلم -المتدرب- الذي يتناول


.. إخلاء سبيل الفنان المصري عباس أبو الحسن بكفالة مالية بعد دهس




.. إعلان آيس كريم يورط نانسي عجرم مع الفنان فريد الأطرش


.. ذكريات يسرا في مهرجان كان السينمائي • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الفنان السعودي سعد خضر لـ صباح العربية: الصور المنتشرة في ال