الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مزيّفون دون أن ندري

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 8 / 3
الادب والفن


لطالما سألت نفسي: هل أنا مزيّفة؟ كان الجواب .لا. أعبّر حقيقة عما يدور في ذهني، لا أهتم لما يقول النّاس. لم أفكّر يوماً أن الزّيف هو الحقيقة بنظر من يزيّفها ، نحن لا نعرف أنّنا مزيفون إلا بعد أن نراجع أنفسنا .
في مرّة كتبت مقالة حنين لدمشق، وبينما كنت أكتبها كانت أضلعي تلتهب بالحنين، ودمعي ينزل ، فخرج معي نصّ أدبي جميل لولا أن فيه بعض الأخطاء اللغوية، لكنّه كان نصّاً مزيّفاً. لماذا؟ لأنّني عند وصولي من دبي إلى بوابة المطار عومل جميع ركاب الطّائرة كالبهائم، وجلبوا من خلفهم وفداً كان قد أتى لزيارة السيدة زينب. الوفد إيراني ، دفعونا إلى الخلف ، و أدخلوهم، ويبدو الفقر قد أكل جزءاً منهم . أخذت تاكسي المطار بعد أن فُرجت، كنت أنظر في الطّريق فأراه خراباً، أقول لنفسي: قد يحاول السائق اختطافي في طريق آخر، لكنه هو . طريق المطار. تستطيع أن تراه بشكله الصحيح، أو المزيّف .
وذهبت إلى دمشق لأروي حنيني ، و أشبع ناظري من الحضارة، و أرتوي بشمّ الياسمين، كانت وجهتي جسر الرئيس ، هناك رأيت كابول تزهو بالفقر و التخلّف . قطعت زيارتي بعد أسبوع وعدت إلى دبي و أنا أقول: لو استطعت أن أبقى في دبي سوف أبقى، لكنني لا أضمن الإقامة . لا بأس سوف أبحث عن أيّ بلد غير سورية . لكن إن لم أوفق سوف أعود.
نحن نقرأ لنزار قباني ، ونسمع فرقة الطريق، ونقرّر أننا نشبههم واقعون في حبّ دمشق ، لا يخطر لنا أن قصيدة نزار حماسية، وهو نوع من التسويق، وفرقة الطريق كانت بحاجة لهذه المساحة فغنت لها. إنّه التسويق!
أما أنا أيّها السّادة، فقد تربيت على المبادئ الصارمة ، و الالتزام المعيب، لذا فإنّني كالمسمار، لا أحضر، ولا أغيب. هي تربية الفقراء، و إيمانهم، وبينما يسعى ذلك الشاعر للشتم كنوع من الفلفل من أجل الترويج نحمله على أكتافنا، نجعله بطل كرة القدم في الأولمبياد، وبالتدريج نلعن من يقترب منه، وليس المقصود نزار ، فقد قرأت لنزار في سنين المراهقة حيث كان ممنوعاً على الشيوعيين القراءة له، فقط لمحمود درويش . . . وغيره، و إذ بالجميع كما الجميع، ونحن نخزّن في أذهاننا ذلك الفكر الشعبوي ، ويمكننا من خلال التزييف كتابة مقالة عن محمد الماغوط بطريقة أجعله ثورياً مثالياً اللاوياً" إلهي" ، وسيرضى عنّي أهل مدينتي ، وربما فعلت ذلك، لكن كنت مقتنعة بالذاكرة الشعبوية المزيفة.
نظرت لنفسي -أنا المستقيمة، الجدية، الثورية، الحقيقيّة- فإذ بي مزيّفة. كلهم عملوا على مصالحهم ، وبقيت أصواتهم تلعلع بالاستقامة و المبدئية إلا أنا.
ليس هنا الموضوع ، لكن ماذا تفعل عندما تكتشف أن كل مبادئك ليست إلا كذبة؟
هنا أرغب أن أورد مثالاً ليس عنّي ، وهو عن الثورجيين الذين دعموا درعا، ولا شكّ أن قلبي مع المحاصرين في درعا لأنهم فقراء، و الأغنياء لا يموتون. كانت نتيجة الحصار واضحة وضوح الشّمس، لكن من يتجرأ بقول الحقيقة أمام تلك الثورة الشعبوية المتضامنة مع درعا،كان سوف يشتم ، و اليوم صمتوا كي يتباكوا بعد يوم أو أكثر.
أغلبنا مزيّف دون أن يدري ، لكنّك عندما لا تستطيع القراءة لشخص، أو الاستماع إليه، فأنت كشفته دون أن تدري. .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر


.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب




.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو