الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفحات منسية من تاريخ مناضلي الشعب العربي الاهوازي حافظ كريم المحسني

جابر احمد

2021 / 8 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


كتبت في مضى سلسلة من المقالات تحت عنوان "صفحات منسية من تاريخ مناضلي الشعب العربي الاهوازي "تناولت فيها السيرة الذاتية لبعض مناضلي شعبنا وهذه الكتابة لم تكن نقلا عن أشخاص او مصادر تاريخية وإنما هي نتاج معاشرة وعمل سياسي مشترك مع هؤلاء المناضلين وذلك منذ ان وضعت اللبنات الأولى لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الاحواز عام 1968 التي اتخذت في بداية الامر من كل من العراق والكويت مقرات لنشاطها ومن ثم بعد معاهدة الجزائر التي تم توقيعها بين العراق وإيران عام 1975 وتجميد نشاطها في العراق انتقل الكادر المتقدم من قيادات الجبهة الى كل من سورية و لبنان حيث ومارست الجبهة نشاطها السياسي والإعلامي حتى سقوط نظام الشاه في عام 1979 حيث عاد جميع كوادرها الى ارض الوطن وساهموا في الحراك السياسي لأبناء شعبنا الذي انبثق عقب هذا السقوط .
ان الكتابة عن السيرة الذاتية للمناضلين الاهوازيين ما تتضمنه من أحداث تتيح المجال للمواطن والناشط الاهوازي الاطلاع على تاريخ نضاله السياسي بكل ما فيه من ايجابيات وسلبيات ، كما من شانها ان تساهم في رسم طريق نضاله المستقبلي حيث كل ما نشاهده اليوم من وعي سياسي واجتماعي لدى المواطنين الاهوازيين انما هو نتاج تراكم ثقافي وسياسي قدمه أولئك الإبطال من أبناء شعبنا الذين ضحوا بأنفسهم من اجل قضية شعبهم العادلة .
ان سياسية الضم والإلحاق ومحاولات الأنظمة التي تعاقبت على دفة الحكم في ايران خلال العقود الثمانية الماضية الهادفة الى صهر المجتمع الاهوازي في بوتقة الثقافة الفارسية والقضاء على هويته العربية بشتى الوسائل والسيل قد باءات بالفشل وبالتالي لم تستطيع هذه السياسية ان تنال من عزيمة المواطن الاهوازي ومن إيمانه بقضيته العادلة ولغل ما نشاهده اليوم تحدي و المتمثل بانتفاضة الماء خير دليل عما نقول .
ان شعبنا العربي الاهوازي من الناحية السياسية وبحكم العوامل المشتركة التي تربطه بالعالم العربي تفاعل مع جميع الإحداث الكبرى التي شهدتها المنطقة العربية فعلى سبيل المثال تأثر بالثورة المصرية بقيادة جمال عبد الناصر عام 1952 وأيضا بالثورة التي حدثت في العراق بقيادة عبد الكريم قاسم في العراق عام 1958 ، كما تأثر فيما بعد بالحراك الفلسطيني الذي تأسس عام 1958 وأيضا الإحداث المرة التي شهدنها المنطقة ومن بينها نكسة حزيران عام 1967 ،حيث كانت هي الأخرى لها تأثير كببر على نفسية المواطن الاهوازي وهذا ما تؤكده الإحداث حيث شاهدنا تأسس أول تنظيم سياسي في إقليم الاهواز او عربستان عام 1958 وذلك تحت اسم " اللجنة القومية العليا لتحرير عربستان " .
من هذا المنطلق ومن هذه المشاعر القومية المشترك كان أبناء عربستان او الأهواز سباقون في تلبية الواجب القومي ،فعندما حدثت نكسة حزيران عام 1967 واشتداد ساعد الثورة الفلسطينية فيما بعد تطوع عدد من العربستانيين والتحق بصفوف الوطنيين العرب من اجل الدفاع عن قضايا أمتهم المصرية و لعل ما ننقله هنا للسيرة الذاتية لاحد الجنود المجهولين وهو المغفور له حافظ كريم المحسني الذي وافته المنية يوم الاثنين المصادف 19/ 7 / 2021 خير دليل عما نقول .
ولد المغفور له حافظ كريم المحسني في مدينة الفلاحية او الدورق ويبلغ من العمر ما يقارب ما بين 72 أو 74عاما ( تقدير العمر تم من قبل الكاتب ) كما ترعرع و شب في هذه المدينة ، ورغم ان إقليم الأهواز يمتلك 80% من النفط و 60% من المياه و34% من إنتاج الفولاذ 46% من إنتاج السكر 80% من الطاقة الكهربائية المائية في ايران تنتج في إقليم الاهواز (مصدر الإحصائيات أسبوعية رضوان الصادرة بالفارسية في 11 خرداد 1388 شمسي الموافق 1 حزيران 2009 ) إلا ان الغالبية العظمى من المواطنين العرب وخاصة الشباب منهم محرومين من الحصول على فرص العمل ، لذلك فأنهم يغادرون وطنهم ويذهبون نحو الكويت مشيا على الإقدام، وكان المغفور له حافظ من بين أولئك الشباب الذين غادروا البلد مرغمين من اجل الحصول على فرصة عمل خارج البلاد ، لذلك قصد الكويت وعندما وصل واستقر فيها عمل خياطا لدى احد أصحاب محلات الخياطة وبقي يمارس هذه المهنة ولكن عندما حلت بالعرب هزيمة الخامس من حزيران عام 1967 وتم فتح باب التطوع للعرب للالتحاق بصفوف الجبهات سرعان ما لبى السيد حافظ كريم هذا النداء و ذهب للسفارة المصرية بالكويت معرفا نفسه لديها طالبا الالتحاق بصفوف المقاتلين دفاعا عن الأراضي العربية المحتلة.
بعد ان وافقت السفارة المصرية على طلبه غادر الكويت متجها الى القاهرة وبعد وصوله مباشرة تم ضمه الى جيش التحرير الفلسطيني في مصر الذي كان يقاتل الى جانب أشقاءه في الجيش المصري وقد روى لي بعد الاجتماع به كيف انه أصيب بشظايا قصف الطائرات الإسرائيلية ، كما شاهدت بعض الحروق على جسمه وقد قال لي أنها نتيجة إصابته بقنابل حارقة ألقتها عليهم الطائرات الإسرائيلية ورغم الجراح التي ألمت به إلا انه بعد التماثل للشفاء عاد الى جبهة القتال ليقاتل الى جانب أشقاءه الفلسطينيين وقد استمر مرابطا في جبهات القتال حتى وفاة الرئيس جمال عبد الناصر عام 1970 .
بعد وفاة لراحل جمال عبد الناصر وتسلم المرحوم الرئيس أنور السادات مقاليد الأمور اتخذ قرارا يقضي بترحيل المتطوعين العرب عن مصر وبما ان المغفور له حافظ كريم لم يكن بالإمكان تسليمه الى ايران فقد تم ترحيله مع عدد من المقاتلين العرب الى اليمن الجنوبي التي أعلنت استعداها لقبولهم، وعند ما وصل الى عدن استقر في حي من إحياءها يسمى بحي الشيخ عثمان وبدأ يمارس مهنته القديمة وهي الخياطة لدى احد أصحاب المحلات ،كما انه تواصل مع بعض أقاربه عبر البريد معلمهم بأنه فعلا مقيم في اليمن الجنوبي او ما يعرف آنذاك باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية .
كما أشرت سابقا انه بعد عقد اتفاقية الجزائر بين العراق وايران وخروج قيادة الجبهة الشعبية من العراق أقامت الجبهة و بمساعدة الإخوة في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين علاقة مع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وعلى أثرها سافر بعض الكوادر القيادية في الجبهة ومن ضمنهم الكاتب الى عدن وقد التقوا مع بعض قيادات الحزب الاشتراكي اليمني ولعل من أهم نتائج هذه الزيارة بالإضافة الى السماح بممارسة النشاط الإعلامي قدم الحزب الاشتراكي مساعدات لا تنسى للكوادر القيادية في الجبهة من بينها تزوديهم بجوازات سفر يمنية .
بعد استقرار بعض الكوادر القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير الاحواز – عربستان - في اليمن الجنوبية قام احد الإخوة من قيادة الجبهة وهو المغفور له احمد خضير المعروف بأبي عارف والذي كان على تواصل مع أسرة الفقيد حافظ بالبحث عنه وبعد فترة حدد مكان تواجده وبما أنهم من مدينة واحدة و يعرف أسرته ويعرفه شخصيا فكان اللقاء بينهم وبعد فراق طويل فرحة لكل الاثنين وبعد ذلك اتخذت الإجراءات الأولية لنقل الفقيد حافظ من عدن ومن ثم ترتيب عملية عودته الى الكويت ،فتم تزويد حافظ بجواز سفر خليجي بعدها توجه الاثنان أبو عارف وحافظ من عدن الى بيروت و من ثم عن طريق البر الى دمشق حيث استقر وساكن في بيوت إخوته من أعضاء وكوادر الجبهة الشعبية .
بعد ان استقر حافظ في دمشق اتخذت الإجراءات من قبل الإخوة في قيادة الجبهة لترتيب الى الكويت( على ما اعتقد عام 1977 ) وبالفعل سافر حافظ من دمشق الى بغداد عبر الطريق البري من ثم ذهب الى البصرة ومنها الى الكويت حيث وصل بسلام وذلك بعد ان تركها عام 1967 .
استقر حافظ في الكويت وبدأ يبحث عن فرصة عمل خاصة و ان بعض من أبناء عمومته يقيمون هناك ،كما ان المعلومات التي تلقيتها فيما انه بعد اندلاع الحرب العراقية عام 1980 ترك الكويت متجها الى العراق في محاولة منه للالتحاق بالمقاتلين الاهوازيين في العراق فتوجه عبر معبر سفان الى البصرة ومن ثم عرف نفسه للسلطات العراقية الذي سلمته الى الإخوة الاحوازيين المتواجدين في قاطع البصرة ، ولكن بعد فترة من تواجده أصيب بمرض عضال فادخل الى المشفى وبعد ان تلقى العلاج المؤقت عاد حافظ الى الكويت .
انقطعت عني أي أخبار تتعلق بحافظ منذ عام 1977 حتى علمت وعبر وسائل التواصل الاجتماعي انه فارق الحياة يوم الاثنين الموافق 19 / 7 / 2021 وذلك تزامنا مع انتفاضة تموز التي فجرها أبناء شعبنا العربي الاهوازي الأبي .
الرحمة لروحه الطاهرة و لكل شهداء شعبنا .
ملاحظة : عريستان، الاهواز ـ الاحواز هي أسماء تطلق على المنطقة العربية الخاضعة ألان للسيطرة الإيرانية وتطلق عليها ايران اسم خوزستان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص